صعدت الإمارات مؤامراتها العدوانية في جزيرة سقطري ذات الموقع الاستراتيجي في اليمن عبر تغذية التمر والشقاق بغرض خدمة أطماعها في النفوذ والتوسع.
وأعلنت أربع كتائب عسكرية في الجزيرة بتحريض إماراتي انشقاقها عن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وتأييدها لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم من أبوظبي.
وجاء التمرد بعد يومين من استعادة الشرعية مقر القوات الخاصة الذي كان الانفصاليون قد سيطروا عليه قبل نحو 8 أسابيع، وهو ما يؤجج الوضع في الجزيرة التي ظلت طيلة سنوات الحرب في مأمن من الاضطرابات خلافا لباقي المحافظات اليمنية.
وذكرت مصادر يمنية أن كتائب “الدبابات” و”الدفاع الجوي” و”الشرطة العسكرية” و”نوجد” أعلنت تمردها على الشرعية بشكل كامل، مشيرة إلى أن الكتائب الأربع أنزلت علم الجمهورية اليمنية من معسكراتها، ورفعت الأعلام التي يتخذ منها الانفصاليون شعارا لدولتهم المفترضة في حال أُعيد فك الارتباط بين جنوب اليمن وشماله كما كان حاصلا قبل عام 1990.
ولفتت المصادر إلى أن “المجلس الانفصالي الجنوبي” يمتلك أيضا معسكرين للحزام الأمني، أحدهما في حديبو عاصمة الأرخبيل، والثاني في قلنسية، شرق سقطرى، ويخضعان لإشراف كامل من قبل الإمارات.
من جهته قال مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي إن سقطرى لم تعرف حالات التمرد والاغتيال إلا عند دخول الإمارات بجحافلها متسترة بغطاء المساعدات الإنسانية.
واعتبر الرجبي في تصريحات تلفزيونية أن المؤسسات الإماراتية هناك ما هي إلا غطاء لعمل استخباراتي، ومحاولة للسيطرة على جزيرة سقطرى من خلال شراء الولاءات وتوزيع الأموال على بعض القيادات العسكرية للتمرد، وأوضح أن ما حصل هو تصعيد ورد فعل لإعلان تمردهم.
من جهته، ذهب الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة إلى أن هناك تباينا سعوديا إماراتيا في جنوب اليمن، ومحاولات لترسيم النفوذ بلغت أوجها في اتفاق الرياض الذي لم يتم تطبيقه. وكان من نتائج هذا التباين ما يحدث في المهرة وسقطرى، وهذا الأمر يضعف التحالف والشرعية وكذا القوى الجنوبية، فهو أمر مكلف للجميع.
وأضاف أن عدم الالتزام باتفاق الرياض يعني فتح الباب أمام صراع على الأرض لن يتحمله التحالف.
وأوضح أن المجلس الانتقالي متحالف مع الإمارات ولا يتصرف من تلقاء نفسه، معتبرا أن المسألة أخطر بكثير من خلاف عسكري، بل إن استمرار الوضع على هذا النحو يؤثر على مجمل الوضع اليمني وعلى حملة التحالف الداعمة للشرعية باليمن، ويقود إلى مواجهة عسكرية.
في المقابل، أشار المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية نبيل خوري إلى أنه لا توجد خلافات جذرية بين السعودية والإمارات، واتفاق الرياض مهّد لتقسيم اليمن، فالجنوب اليمني شرقه للسعودية وغربه للإمارات، بينما تبقى الشرعية في حيرة من أمرها؛ خاصة في ظل وجود انقسامات داخلية قد تؤدي إلى مناوشات عسكرية بينهم.
وأضاف أن هناك شعورا بأن السعودية تتخلى عن الشرعية، وقد تتخلى تحديدا عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وهناك ورثة لهادي يتنافسون فيما بينهم لإرضاء المملكة.
والشهر الماضي أبرز موقع أمريكي خوض دولة الإمارات عبر ميليشياتها المسلحة صراعا مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من أجل السيطرة على جزيرة سقطري ذات الموقع الاستراتيجي.
وقال موقع المونيتور إن جزيرة سقطرى أصبحت مركز صراع على السلطة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من أبو ظبي لتنفيذ أجنداتها المشبوهة.
وأشار الموقع إلى تصاعد التوترات في الجزيرة خاصة منذ انشقاق كتيبتين حكوميتين الشهر الماضي وانضمت إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.
وقال الموقع إن الانشقاقات تشير بوضوح إلى أن سقطرى متنازع عليها وأن الاستقطاب سيستمر، على الرغم من جهود السلام التي تقودها السعودية في جنوب اليمن.
وعلاوة على ذلك، وصل المزيد من مشاة البحرية الأمريكية إلى الجزيرة في السابع من الشهر الجاري، مما أثار تكهنات جديدة بأن الولايات المتحدة تريد إنشاء قاعدة عسكرية هناك. كما انتشر بعض جنود المارينز في ديسمبر في الجزيرة الواقعة جنوب شرق ساحل اليمن.
والإمارات جزء من تحالف بقيادة السعودية تشكل في عام 2015 لمحاربة المتمردين الحوثيين في اليمن. لكن العلاقات الائتلافية توترت مع بدء الإمارات دعم حركة المجلس الانتقالي الجنوبي للانفصال. السعوديون يريدون اليمن موحداً.
وشهدت سقطرى وهي أكبر جزر الأرخبيل الذي يحمل نفس الاسم، حالتي تمرد عسكري ضد الحكومة المعترف بها دوليا. وقعت الأولى في أوائل شباط/فبراير عندما تمردت كتيبة خفر السواحل وأعلنت ولاءها للمجلس الانتقالي. رفع الجنود علم دولة الانفصال السابقة في جنوب اليمن وأسقطوا علم اليمن الموحد.
واتهم محافظ جزيرة سقطرى رمزي محروس الإمارات بدعم تمرد الكتيبة، محذرا من أن “هذا الأمر يثير النزاع والانقسام في المحافظة”.
في نفس الشهر، انشقت كتيبة أخرى مما زاد من التوترات في الجزيرة. وقد عمّق تمرد الكتائب العسكرية الانقسامات على سقطرى ويمكن أن يزرع مواجهات جديدة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
واتهم مسئولون يمنيون الإمارات بدفع مبالغ مالية كبيرة من أجل البدء في تمرد في سقطرى لصالح تعزيز نفوذ أبو ظبي وخدمة مؤامراتها.
ومنذ اندلاع الحرب في اليمن في عام 2015، أقامت الإمارات وجودًا كبيرًا في الجزيرة بأنشطتها العسكرية، واستخدمت مشاريع بصيغة إنسانية كستار لخدمة مؤامراتها.
وأقامت الإمارات قواعد عسكرية في سقطري دون تنسيق مع السلطات اليمنية. وفي عام 2018 وصف مسؤولون حكوميون يمنيون الوجود العسكري الإماراتي بأنه “احتلال” و “عمل عدواني”.
وصيف العام الماضي روجت الإمارات أنها ستسحب بعض قواتها من اليمن وتغير استراتيجيتها من النهج العسكري إلى الدبلوماسية لكنها واصلت نشر الميليشيات التي أسستها وأشرفت على تدريبها في مناطق مختلفة من اليمن في مقدمتها سقطري.
سوف يستمر إرث الإمارات حول سقطرى ، وسيواصل الموالون – بما في ذلك الانتقالي – التشاور بشكل وثيق مع أبوظبي محاولة الدفع تدريجيا لتقسيم اليمن عبر فصل جنوب البلاد.
وقال الصحفي السياسي اليمني محمد عبده للمونيتور إن الإمارات تلعب دوراً محورياً في توجيه السيناريو جنوب اليمن. وقال: “الإمارات لاعب كبير في جنوب اليمن وسقطرى، وستستخدم إمكاناتها وإغرائاتها للحفاظ على الأقل على نفوذها في هذه الجزيرة”.
وأضاف عبده إن الانشقاقات الأخيرة للكتائب تشير بوضوح إلى هشاشة الحكومة اليمنية، وقد سمح ضعفها للانتقالي بالظهور كعنصر مؤثر في الجزيرة.
وقال فؤاد مسعد المحلل السياسي المقيم في عدن، للمونيتور إن التمرد الأخير في سقطرى يثبت أن الإمارات تواصل دفع السكان المحليين لمواجهة الحكومة اليمنية. وقال: “الصراع في سقطرى بين الحكومة اليمنية والإمارات، والأخيرة تدفع الانتقالي لتحقيق أهدافها”.
