موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

كشف شبكة شركات معقدة تدعمها الإمارات لتمويل ميليشيات التمرد في السودان

882

كشفت منصة استخبارية عن شبكة شركات معقدة تدعمها دولة الإمارات لتمويل ميليشيات التمرد قوات الدعم السريع برئاسة محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” في السودان.

وأظهر التحقيق الذي نشرته منصة (Eekad – إيكاد) عن شبكة شركات مشبوهة مهمتها الأساسية غسيل الأموال وتمويل حميدتي وقوات الدعم السريع وتوفير الدعم العسكري والدعم السيبراني لقواته.

والتحقيق الذي بدأ بشركة واحدة انتهى بالكشف عن شبكة كاملة، بالانطلاق من التدقيق بمقطع فيديو نشرته المخابرات السودانية في 16 يوليو 2023، تضمن اعترافات “خلايا قوات الدعم السريع الإعلامية” حول مسؤولية GSK عن إدارة أنشطة اللجان الإلكترونية للدعم السريع.

لكن التحقيق كشف أن دور الشركة فاق الحرب الإعلامية بمراحل.

فمن خلال البحث الأولي عن GSK وجدنا أنها كانت ضمن قائمة العقوبات التي فرضتها المملكة المتحدة في 12 يوليو الماضي والتي شملت مجموعة من الشركات السودانية.

بريطانيا ذكرت أن العقوبات هي بسبب تمويل الشركات – بما فيها GSK – الدعم السريع والصراع في السودان بالمال والعتاد.

هذه النتيجة كانت خطوة للتعمق في البحث حول تلك الشركة لكشف خباياها، وبالبحث عن الموقع الإلكتروني لـGSK وجدنا أنه مغلق، لكننا عثرنا على نسخ أرشيفية له كشفت أنها شركة خدمات أمنية وسيبرانية، وأن رئيسها التنفيذي هو ” القوني حمدان موسى دقلو” الشقيق الأصغر لحميدتي.

“القوني دقلو” ليس شقيق حميدتي فقط، بل يعمل مسؤول المشتريات في قوات الدعم السريع، والسكرتير الأول ل”حميدتي” قائد القوات، كما تبين أنه كان أحد أعضاء الوفد السوداني المفاوض في السعودية عن جماعة حميدتي مؤخرًا، ما يعني أن شركة GSK هي في الحقيقة تحت قبضة حميدتي.

نسخة أرشيفية لموقع  GSK -الداعمة لحميدتي- تعود إلى 2018  تضمنت أسماء شركات أدرجها الموقع في خانة الزبائن الدائمين، بينها قوات الدعم السريع، و5 شركات فرعية تابعة لشركة الجنيد التي تُعد مجموعة تجارية أنشأها قائد قوات الدعم السريع “حميدتي” وشملتها كذلك العقوبات البريطانية السابقة

تحليل الموقع الإلكتروني لـ GSK كشف ارتباطها ب 3 شركات أخرى من بينها شركتا Tradive وMore Secure SD.

شركة “Tradive” كانت كذلك ضمن العقوبات البريطانية السابقة المفروضة على الشركات السودانية بسبب دعمها بالعتاد العسكري لقوات حميدتي، وهي مسجلة في الإمارات لمالكها “القوني حمدان دقلو” شقيق “حميدتي” الذي سبق أن كشفنا ملكيته لـ GSK كذلك.

تاريخ الشركة وأنشطتها كان مريبًا، فبالبحث المطول وجدنا وثائق مسربة نشرتها صفحة “البعشوم” السودانية، لحوالات مالية من شركة  “Tradive” إلى قوات الدعم السريع بعشرات ملايين الدراهم الإماراتية.

أما الشركة الثانية More Secure SD فقد تم إخفاء مالكها بحذر، ولا وجود لأي معلومات عنه، لكننا وجدنا أن موقعها الإلكتروني قد سجل في السعودية قبل 5 سنوات تقريبًا، في خطوة نرجح أنها لإخفاء أي بصمات إلكترونية تقود إلى الهوية الحقيقية لمالكي الشركة.

الموقع الإلكتروني الخاص بـ More Secure SD مغلق الآن لكننا عثرنا على  نسخة أرشيفية له تعود إلى أبريل 2022، أظهرت أن المقر الرسمي للشركة يقع في الحقيقة في الخرطوم.

النسخة الأرشيفية ذاتها كشفت وثائق وشهادات ترخيص بيّنت أن More Secure SD هي شركة متخصصة في تقديم الخدمات الأمنية والعسكرية السرية داخل السودان وخارجها، لكن ملكيتها لا تتبع أي جهة سودانية حكومية، ما زاد الريبة حولها.

الشركة كانت قد قدمت خدماتها الأمنية لعدة شركات سودانية منها شركة Algned Multi Activities http://CO.LTD وشركة Elgned Mining أو “الجنيد لتعدين الذهب” المملوكة لشقيق حميدتي “عبد الرحيم دقلو” الذي يشغل كذلك منصب نائب قائد قوات الدعم السريع.

أثناء التحليل الدقيق الذي استمر لأشهر لاحظنا تكرار ظهور اسم “عماد الشريف” في تفاصيل التسجيل الخاصة ببعض مواقع الشركات المرتبطة بشركة GSK كموقع  More Secure SD.

لتبين لنا تلك الخريطة  طريق تدفق الدعم من GSK إلى  More Secure  ومنها إلى حميدتي

ومن خلال عمل تحليل متقدم وجدنا أن “عماد الشريف” هو الشخص الذي سجل الموقع الإلكتروني لـ GSK وقد سجلها تحت غطاء شركة أخرى تُدعى Hala Trading Company، ومقرها في الحقيقي دبي.

لكن الغريب أنه لا وجود لشركة Hala Trading Company في المصادر المفتوحة المتاحة ولا حتى في سجل دبي للأوراق المالية، ما يرجح أنه ربما أُلغي ترخيصها لاحقًا أو أُخفيت من القيود الرسمية.

واتضح أن لعماد الشريف موقع إلكتروني يزعم فيه أنه يعمل مستشار تقني، ويقيم في السعودية، ووفقًا لحسابه في LinkedIn فهو سوداني، حاصل على ماجستير أمن المعلومات من جامعة السودان، وعمل لـ3 أعوام ونصف في شركة GSK التي تدعم حميدتي بالمال والعتاد، وترقى حتى وصل لمدير فريق الأمن السيبراني فيها.

من خلال مراجعة حساب “عماد” على Linkedin لاحظنا منشورًا له في منتصف 2020، يُعلن فيه اقتراب إطلاق موقع إلكتروني لشركة أمن سيبراني تُدعى First Shield، وهذه الشركة كانت جزء من الشبكة كذلك، ما برهن لنا أن لعماد الشريف يدًا في عدة شركات تدعم حميدتي بأشكال مختلفة.

بالبحث عن موقع تلك الشركة وجدنا أنه توقف منذ منتصف مايو 2023 وكان ذلك تزامنًا مع ظهور توجهات دولية لمعاقبة الشركات المتورطة في تغذية الصراع في السودان والداعمة لـ”حميدتي”، ما يعني أن للشركة بصمات في دعم حميدتي كذلك.

نسخ أرشيفية لموقع First Shield تعود إحداها إلى نوفمبر 2020 وأخرى إلى مايو ٢٠٢١ كشفت أن “عماد” كان المسؤول عن قسم الأمن السيبراني للشركة، لكن مسماه الوظيفي تغير ليصبح لاحقًا مؤسس الشركة.

تحليل النسخ الأرشيفية لذات الموقع بين تغيير مقر الشركة عدة مرات من دبي إلى الشارقة، وبعدها إلى العاصمة السعودية الرياض.

ما يعني أن الشركة غيرت معلوماتها بشكل متكرر على مدار السنوات، نرجح أن يكون ذلك للتنصل من أي دليل عن علاقة تربطها بشبكة الكيانات الأخرى التابعة لـ”حميدتي”.

تضليل First Shield لمعلوماتها لم يتوقف عند هذا الحد، ففي نسخة أرشيفية أخرى، كان اسم المدير التنفيذي هو “عيسى الموسى”، لكن في نسخة الموقع بتاريخ 8 مايو 2021، لاحظنا حذف اسمه وحل محله “عزام أحمد” كشريك مؤسس، لكن دون تغيير صورة الشخص في النسختين الأرشيفيتين.

وخلص التحقيق إلى وجود شبكة شركات معقدة، حاولت جميعها إخفاء معلومات عن مؤسسيها، ملاكها أو حتى زبائنها، تعود ملكيتها بشكل مباشر أو غير مباشر لحميدتي وإخوانه، وتقدم جميعها الدعم لقوات الدعم السريع ماليًا وعسكريًا وسيبرانيًا.

والأهم أن بعضها قد سجل في دول خليجية عبر سجلات رسمية تمت إزالتها لاحقًا لإخفاء البيانات وطمس أي أدلة قد تكشف خيوط الشبكة الخفية كلها.