موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مؤامرات الإمارات تستهدف تغيير المشهد الأمني والسياسي في شرق اليمن

745

تشهد محافظة حضرموت منذ مطلع ديسمبر 2025 واحدة من أعقد اللحظات في تاريخها الحديث، مع تحولات عسكرية مفاجئة دفعت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات إلى السيطرة على مساحات واسعة من الوادي والصحراء، في خطوة أعادت رسم ملامح المشهد الأمني والسياسي في شرق اليمن.

وبين صمت سعودي في الساعات الأولى وتحرك دبلوماسي متأخر لإخماد التوتر، بدا واضحًا أن ما حدث في حضرموت يتجاوز كونه تقدماً ميدانياً، ليكشف عمق التباينات بين الرياض وأبوظبي حول مستقبل الجنوب والشرق اليمني.

والبداية كانت باجتياح قوات الانتقالي مدينة سيئون، عاصمة وادي حضرموت، والسيطرة على منشآت سيادية بينها مطار سيئون الدولي والقصر الرئاسي، عقب انسحاب هادئ للمنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة الشرعية.

وقد أثار هذا الانسحاب بدون مقاومة العديد من التساؤلات حول طبيعة الترتيبات التي سبقت التحرك العسكري، وما إذا كان هناك ضوء أخضر غير معلن، أو على الأقل تساهل سعودي مع الخطوة الإماراتية.

ورأت مصادر سياسية أن التقدم السريع للانتقالي يؤكد استمرار مشروع أبوظبي الهادف إلى توسيع حضورها في شرق اليمن، بعد أن عززت نفوذها في عدن وشبوة وسقطرى خلال السنوات الماضية.

أما الارتباك السعودي في المشهد الأولي، فقد بدا دالاً على خلل في منظومة التنسيق داخل التحالف الذي خاض الحرب جنبًا إلى جنب منذ 2015.

وساطة سعودية.. تهدئة أم محاولة لاستعادة النفوذ؟

بعد ساعات من التطورات الميدانية، وصل إلى حضرموت وفد سعودي رفيع بقيادة محمد بن عبيد القحطاني، في تحرك اعتبرته مصادر محلية محاولة لـ”إعادة ضبط” إيقاع النفوذ قبل خروج الأمور عن السيطرة.

ورغم التصريحات الحكومية التي تحدثت عن جهود لوقف التصعيد وتوحيد الرؤية الأمنية، إلا أن اللافت كان حجم الغضب القبلي في المحافظة، الأمر الذي دفع الرياض إلى رعاية اتفاق موسع شمل السلطة المحلية و”حلف قبائل حضرموت”.

والاتفاق ـ الذي سمي بـ”اتفاق الهضبة” ـ تضمّن بنوداً أبرزها انسحاب القوات القادمة من خارج حضرموت، في إشارة واضحة لقوات الانتقالي، ووقف التصعيد الإعلامي، ودمج قوات الحلف في مؤسسات الدولة، مع بقاء لجنة سعودية للإشراف على التنفيذ.

ورغم أن الاتفاق بدا على الورق وكأنه استعادة للنفوذ السعودي، إلا أن الواقع على الأرض أظهر سريعًا أن الأمور أكثر تعقيداً.

الإمارات والانتقالي: سياسة فرض الأمر الواقع

بعد أيام فقط من الاتفاق، شنت قوات “الدعم الأمني” التابعة للانتقالي هجمات على مواقع قبلية في غيل بن يمين، في خطوة مثلت تحدياً مباشراً للوساطة السعودية.

ويقرأ مراقبون هذا السلوك باعتباره جزءاً من استراتيجية إماراتية تعتمد على التقدم السريع وفرض الوقائع قبل بدء أي ترتيبات جديدة، سواء كانت سياسية أو أمنية.

وتسعى أبوظبي من خلال أدواتها المحلية، وخاصة المجلس الانتقالي، إلى رسم خارطة جنوبية تمتد من عدن حتى المهرة، متجاوزة النفوذ التقليدي للرياض في حضرموت والمهرة، وهما المحافظتان اللتان تعتبرهما السعودية جزءاً من عمقها الاستراتيجي والحدودي.

وفي خضم هذه التطورات، برز “حلف قبائل حضرموت” بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش لاعباً مركزياً في المشهد. فالحلف الذي تأسس عام 2013 لتوحيد صوت أبناء المحافظة، وجد نفسه أمام تقدم الانتقالي المدعوم من الإمارات، ما دفعه إلى السيطرة على منشآت نفطية حساسة، قال إنها خطوة لحماية “الثروات الوطنية” من القوى الخارجية.

وبحسب محللين، يدرك الحلف أن الحكومة الشرعية عاجزة عن مواجهة نفوذ الانتقالي، وأن الاعتماد على الوساطة السعودية وحده لا يكفي لضمان توازن جديد. لذلك اتجه إلى فرض أمر واقع مضاد، متكئاً على ثقل اجتماعي وقبلي واسع داخل حضرموت.

لماذا حضرموت؟ سؤال الجغرافيا والثروة

تحظى حضرموت بأهمية استثنائية؛ فهي تشكل ثلث مساحة اليمن، وتضم أكبر موارد البلاد من النفط، إضافة إلى منافذ بحرية على بحر العرب وحدود ممتدة مع السعودية.

وقد جعلت هذه المعطيات المحافظة محورًا لتنافس استراتيجي طويل بين الرياض وأبوظبي، وفق تقارير بحثية عدة أبرزها لمركز كارنيغي ومعهد نيولينز.

وتعتبر السعودية حضرموت فرصة لتعزيز منفذ محتمل نحو بحر العرب بعيداً عن مضيق هرمز، بينما ترى الإمارات أن النفوذ في المحافظة يكرس حضورها الإقليمي في الموانئ وسلاسل الإمداد البحرية. أما النفط، ورغم عدم ضخامته مقارنة بموارد الخليج، فله قيمة سياسية تعزز شرعية القوى المسيطرة عليه.

وبالتوازي مع توتر حضرموت، ظهرت مؤشرات على محاولة الانتقالي التمدد شرقاً نحو المهرة، آخر المحافظات التي لا يزال النفوذ السعودي فيها مستقراً.

ورغم نفي السلطات المحلية وصول قوات الانتقالي إلى الغيضة، إلا أن الترويج الإعلامي للخطوة يعكس رغبة إماراتية في استثمار انشغال الرياض لإعادة رسم خريطة السيطرة شرق اليمن.

ويرى مراقبون أن أي تقدم فعلي للانتقالي نحو المهرة سيضع السعودية أمام اختبار حقيقي، وقد يدفع نحو مزيد من التصعيد إذا لم تُحتوَ الأحداث سريعاً.