تتجه شركة كبرى في الإمارات إلى التصفية في ظل تصاعد أزمة اقتصاد أبو ظبي وانهياره تدريجيا بفعل فساد رموز النظام الحاكم وتأثر الدولة بالحروب والتدخلات الخارجية.
ونصحت “إف.تي.آي” للاستشارات الدولية بأن يسمح دائنو “جي.بي غلوبال” للشركة الإماراتية المتعثرة ببيع أصول مثل مصفاة ومحطات تخزين لسداد ديون تراكمت عليها.
وتتولى “إف.تي.آي” إعادة هيكلة شركة تجارة النفط التي مقرها في الشارقة في الإمارات.وتعاني الشركة التي تعمل في 20 دولة تقريباً في توريد المنتجات النفطية وزيوت التشحيم من مصاعب مالية في العام الجاري.
وفي أغسطس/آب الماضي عينت الشركة رود ساتون، من “إف.تي.آي” للاستشارات رئيسا لإعادة الهيكلة.
وتعرض الشركة ثلاث محطات تخزين للنفط ومصفاة بطاقة 380 ألف طن سنويا في الإمارات للبيع حسب التقرير.
وفي مقدر محطة الحمرية في الشارقة تخزين 204 آلاف متر مكعب من المنتجات النفطية, وتبلغ طاقة محطة الفجيرة 412 ألف متر مكعب. والمحطة الثالثة المعروضة للبيع هي الميناء الداخلي للحمرية.
وقال ساتون في التقرير أنه يُجري ويُقَيِّم مفاوضات بشأن بعض العروض الأولية التي جرى تلقيها لتلك الأصول. وأضاف أنه من المتوقع إتمام بيع الأصول في غضون الأشهر الأربعة المقبلة, بينما قد يتم بيع أصول أخرى على مدى الستة أشهر المقبلة.
وأكدت “جي.بي غلوبال” التقرير الذي سُلِّم إلى الدائنين الرئيسيين، مضيفة أن رد الفعل الأولي “يبدو إيجابياً”.وقالت الشركة في إشارة إلى التقرير في رسالة عبر البريد الإلكتروني “من مصلحة الدائنين السماح لجي.بي غلوبال بتنفيذ ممارسة إعادة هيكلة كاملة للنشاط وعدم اختيار التصفية”.
وقال ساتون في التقرير “يجب إعادة هيكلة شؤون جي.بي بناء على شروط تكون مرضية للدائنين في أقرب وقت ممكن. هذا لضمان الحفاظ على القيمة المتبقية للأنشطة والأصول قدر الإمكان”.
وأضاف أن التقرير يستبعد خيارات مثل إعادة التمويل أو مبادلة الدَين بحقوق ملكية أو الاستحواذ بسبب “مخاوف البنوك إزاء تجاوزات المجموعة في ممارسات التجارة والمحاسبة” وتقلب أسعار السلع الأولية.
كما قال إن الدائنين غير قادرين على التقدم بطلب لإعادة هيكلة بموجب تعيين المحكمة في الإمارات، إذ أن “إلف بتروكيم (الشركة القابضة) أوقفت مدفوعات لمدة تتجاوز 30 يوم عمل على التوالي”.
وجاء في التقرير أنه لتحفيز اقتراح إعادة الهيكلة، تتعهد أسرة جويل، المالكة لـ”جي.بي غلوبال” بسداد 65 مليون دولار للدائنين على مدى ثلاث سنوات من بيع الأصول التي تحوزها كيانات هندية تابعة لها، ونقل عقارات شخصية إلى الشركة المأزومة بقيمة تقديرية تتراوح بين 1.7 مليون دولار و8.8 مليون دولار. ولم يحدد التقرير دائني “جي.بي غلوبال” أو الديون القائمة على الشركة، والتي بتوقع أن تكون كبيرة.
ويعاني الاقتصاد الإماراتي منذ فترة طويلة، من مجموعة من الأزمات المتراكمة لا سيما في ظل اعتماده على الاقتصاد الخدمي والسياحة والعقارات بصورة رئيسية.
ولا يكاد الاقتصاد الإماراتي يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة جديدة، وخاصة منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 والتي أعقبها أزمة كبرى في القطاع العقاري عام 2010 ما زالت تداعياتها سارية حتى الآن.
وأعلنت شركة أرابتك القابضة الإماراتية -وهي أكبر شركة مقاولات فى الإمارات- إفلاسها بسبب وضعها المالي المنهار، وصحيح أن الأزمة الاقتصادية العالمية قضت على النفس الأخير للشركة، لكن الانهيار ذلك خلفه قصة فساد كبيرة، أبطالها مجموعة من رجال الأعمال الذين استغلوا اسم الشركة المساهمة لتحقيق أرباح خيالية، بينهم رجل الأعمال الأردني حسن اسميك.
وأرابتك هي أول حالة تصفية لشركة مدرجة في أسواق المال المحلية الإماراتية، ورغم أن التصفية كانت متوقعة فإن البعض اعتقد أن تغيير مجلس الإدارة كان في إطار إعادة الهيكلة وطرح خيار بديل لاستمرارية الشركة ربما يجدي نفعاً، لكن الخسائر المتراكمة لدى الشركة جاوزت نسبة 97% من رأس مالها.
كما كانت شركة طيران الإمارات هي المحرك الرئيس للارتقاء بدبي من صحراء جرداء إلى ظاهرة حضرية في الشرق الأوسط، جاعلةً المدينة أحد أكبر المحاور بين جميع قارات العالم ومولِّدةً ازدهاراً اقتصادياً دامَ سنواتٍ عديدةً.
لكن الآن، أرغمت جائحة فيروس كورونا والانهيار الاقتصادي الناجم عنها أول عملية تسريحٍ كبرى لعاملي شركة الخطوط الجوية التي تحمَّلت صراعات الشرق الأوسط وصدمات سوق النفط فيما مضى. ونتيجةً لذلك، تصبُّ الشركة المملوكة للدولة آثار خسائرها في اقتصاد مدينة دبي، بحسب تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
إذ اضطُرت الشركة الأم لطيران الإمارات، وهي أحد أكبر مقار العمل في دبي، إلى تسريح عشرات آلاف الموظفين من قواها العاملة المكوَّنة من نحو 100 ألف فردٍ، عقب تعطيل الجائحة نسبة كبيرة من السفر الجوي على مستوى العالم، وهي كبوةٌ هائلةٌ لخطوطٍ جويةٍ طالما تفوقت على منافسيها في الولايات المتحدة وأوروبا من ناحيتي عدد الركاب وحقوق الهبوط.
وأسفر هذا بدوره عن نزوح أعدادٍ كبيرةٍ من المغتربين والمقيمين في دبي والمرتبطين بطيران الإمارات بصورةٍ أو بأخرى؛ مما أدى إلى تقليص حجم الإنفاق في المطاعم والبارات وحتى المدارس الخاصة.
وفي حوارٍ له، صرَّح تيم كلارك رئيس شركة طيران الإمارات، قائلاً: “الأمر شديد الصعوبة على مجال الضيافة؛ أصحاب المطاعم والفنادق”، مضيفاً: “لقد تراجعت أعداد الوافدين على دبي بنسبة كبيرة. وتجمَّدت حركة كل الأنشطة”.
على سبيل المثال، كافيه Rock Bottom بدبي، الواقع بقرب عمارة سكنية يقيم بها مئاتٌ من عاملي طيران الإمارات، كان فيما سبق يعجُّ بالساهرين حتى الصباح الباكر.
أما الآن فيخدم نحو 50 شخصاً فقط في العطلات الأسبوعية، على حد قول ميتيندرا شارما، المدير العام لمجموعة Ramee للفنادق والمنتجعات، المالكة للكافيه إضافة إلى أربعة فنادق أخرى في دبي.
وقد تقلَّص عدد عاملي المجموعة من 1000 إلى 300، في ظل شَغل ما يتراوح بين 10 و15% فقط من غرف فنادقها، مقارنةً بـ95% في هذا الوقت من العام الماضي، كما أوضح شارما.