موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

شهادة معتقلة بسجون الإمارات تفضح زور شعار التسامح في أبو ظبي

353

في مقطع صوتي صادم سُرِّب من سجن الوثبة في أبوظبي، تروي سجينة شابة (تُدعى مريم البلوشي) على مدار دقيقتين و55 ثانية، قصة مروّعة عن الامْتِهَان والتهديد والقَهْر التي تتعرض لها على أيدي ضباط الأمن الإماراتيين وسلطات السجن.

حصل مركز جنيف الدولي للعدالة وحقوق الإنسان على هذا المقطع الصوتي مؤخراً وأقرَّ بمصداقيته.

اعتُقِلت الطالبة مريم البلوشي، البالغة من العمر 21 عاماً، عام 2015. ومثلها مثل الكثيرين ممن اعتُقلوا على أيدي النظام الأمني الإماراتي، تقول إنها احتُجزت في مكان مجهول وأُجبِرَت على توقيع اعتراف زائف قبل أن تُقَدّم -أخيراً- إلى المحاكمة في 2017.

أُدينت مريم بتمويل منظمة إرهابية وحُكِم عليها بالسجن لمدة 5 سنوات. وتقول إن كل ما فعلته هو إرسال الأموال -بنيَّة حسنة- إلى أسرة سورية مكروبة.

وأخبرت القاضي الذي ترأس جلسة محاكمتها، بأنها تعرضت للتعذيب بغية انتزاع اعترافات منها، وأنها حُرِمَت من مقابلة أسرتها ومحاميها. تجاهل القاضي مزاعمها وغضَّ الطرف عنها وحكم عليها.

تشبه قصتها إلى حد كبير العديد من تلك القصص المتكررة التي يرويها آخرون في الإمارات العربية المتحدة، وهي مجموعة من 7 إمارات خليجية أهمها دبي وأبوظبي.

إنه أسلوب عمل دولة تدّعي التحلّي بالتسامح إلا أنها تعاقب أي معارضة بقدر من الوحشية والشراسة يدحض هذا الادعاء كلياً.  لاقى كل من الاقتصادي الدكتور ناصر بن غيث والناشط الحقوقي أحمد منصور، من ذوي المكانة الدولية، نفس المصير الذي لاقته مريم. وحكم على كليهما بالسجن لمدة 10 أعوام بعد اختفائهما -استمر اختفاء الدكتور بن غيث لمدة عام تقريباً- بتهمة “نشر معلومات كاذبة”، وبالتحديد تغريدات انتقدت النظام.

وهنا -مرة أخرى- تجاهل قاضي المحاكمة ادعاءات التعذيب واستخدام الاعترافات المنتَزعة بالإكراه.

أُلقي القبض على ماثيو هيدجز، الباحث البريطاني في جامعة دورهام، في مايو/أيار من هذا العام واحتجز في حبس انفرادي لمدة 6 أشهر تقريباً قبل تقديمه للمحاكمة.

ويبدو أنه اتُّهم بالتجسس بسبب عمله البحثي المتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها الإمارات رسمياً باعتبارها منظمة إرهابية.

إن واحدة من أكثر اللحظات التي تقشعر لها الأبدان في قِصّة مريم البلوشي هي ما حدث لها أثناء استجوابها؛ إذ قالت: “لقد أخبرت المحقق، أثناء التحقيق، أنه سيُخلي طرَفِي عاجلاً أو آجلاً، وحينها سأرفع شكواي ضدكم إلى منظمة حقوق الإنسان ومحمد بن زايد”.

محمد بن زايد هو ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن مريم تقول إن المحقق ردّ عليها بضحكة وقال “إن محمد بن زايد شخصياً هو مَن سمح (لي) بضربك”.

تؤكد مريم البلوشي أيضاً، أن النساء المحتجزات في سجن الوثبة يتعرضن للضرب بشكل دوري، ويهددن بالاغتصاب، ويُحرمن من العلاج الطبي والزيارات العائلية، ويُعاقبن بالحبس الانفرادي على احتجاجاتهن.

وتضيف أنها تحدَّت السلطات في الرسائل التي سطّرتها ووجهتها لهم أن يعدموها “إن كنت خائنة”. وتتحدث أيضاً في هذا المقطع الصوتي عن حالات الانتحار بين السجينات.

إن روايتها المروعة لا تتماشى مع الصورة التي أنفقت الإمارات على ترويجها مبالغ طائلة من المال.

صدر الشريط في نفس الأسبوع الذي استضافت فيه دبي مؤتمر القمة العالمية للتسامح، وهو محاولة باذخة تهدف لتجميل الصورة الترويجية للدولة الخليجية باعتبارها واحة من الانفتاح والتسامح.

وعلى حد تعبير المنظمين: “ستبَحَث (قمة التسامح) من خلال مجموعة واسعة من الأنشطة عن الوسائل والطرق التي يمكن من خلالها أن يصبح الأفراد والمنظمات والأمم أكثر انفتاحاً وتفهماً وتقبلاً لآراء الآخرين ومعتقداتهم، من أجل أن ننعم بتعايش سلمي ونتعاون على توليد أفكار جديدة لبناء مستقبل مزدهر ومستدام”.

وعلى عادة بيانات الأهداف أو المهام، فإن ما جاء في هذا البيان كذب فج، صِيغَ بلا شكٍّ على أيدي أفضل شركة علاقات عامة يمكن  للمال شراؤها.

زعم منظمو الاجتماعات أن القمة ضمت “أكبر تجمع لقادة الحكومة، وكبار الشخصيات من القطاعين العام والخاص، وسفراء عمليات حفظ السلام، وصناع التغيير من جميع أنحاء العالم”.

وهنا يبرز التساؤل: هل فكّر أي من أولئك المندوبين وكبار الشخصيات في مريم البلوشي، أثناء تأهّبهم لخطابات القمة وتمتعهم بالطعام في فندق أرماني دبي ذي الخمس نجوم؟ هل فكر أي من هؤلاء الأكاديميين في السؤال عن زميلهم الموقر الدكتور ناصر بن غيث؟ أو عن ماثيو هيدجز؟ هل استفهم “صناع التغيير” عن مصير أحمد منصور الحاصل على جائزة مارتن إينالز المرموقة، عام 2015، لدفاعه عن حقوق الإنسان؟.