قالت صحف عبرية إن تداعيات الحرب على قطاع غزة تهدد رهان الإمارات على الاستثمار في إسرائيل.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن كل المؤشرات تدل على أن نتائج الحرب على غزة لن تعمق فقط المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها إسرائيل أصلاً وستفاقم الأعباء على كاهل دافع الضرائب.
بل ستمس بشكل كبير البيئة الاستثمارية وقد تقلّص من رهانات الإمارات تحديداً على مشاريع الطاقة والبنى التحتية الإسرائيلية.
فعلى صعيد التداعيات المباشرة للحرب، قال الخبير الاقتصادي الإسرائيلي جادي لئور إن الكلفة الأولية للحرب على غزة التي تقدر بسبعة مليارات شيكل (حوالي ملياري دولار)، ستزيد مستوى التضخم ونسبة البطالة، مما سيفضي إلى زيادة الأعباء الضريبية على الجمهور.
وأبرز لئور أن ما يزيد الأمور تعقيداً حقيقة أنه لا توجد هناك حكومة (الحكومة الحالية انتقالية)، فضلاً عن أن موازنة الدولة لم تقر بعد.
ولفت إلى أن قدرة إسرائيل على مواجهات التبعات الاقتصادية للحرب على غزة ستكون محدودة، لأنها جاءت في أعقاب تفشي وباء كورونا وما تركه من عجز كبير في الموازنة، نجم عن تأثر القطاعات الإنتاجية واضطرار “الدولة” لتقديم حزم مساعدات بمليارات الشواكل، إذ إن العجز في الموازنة الناجم عن “كورونا” بلغ 200 مليار شيكل (حوالي 60.6 مليار دولار).
وأشار إلى أن شركة “موديس”، إحدى الشركات المسؤولة عن تقدير التصنيف الائتماني للدول، حذّرت إسرائيل مؤخراً من أن بقاء الوضع السياسي الحالي وعدم وجود حكومة وتجنب تمرير إصلاحات اقتصادية سيمس بالتصنيف الائتماني لإسرائيل.
وأشار إلى أن إسرائيل ستكون مضطرة لتمويل إعادة إعمار البيوت والمصانع والبنى التحتية التي تضررت في الحرب وتقديم تعويضات لأصحابها، إلى جانب أن الجيش والشرطة والمخابرات ستطلب حوالي 800 مليون دولار لتعويض المعدات والأسلحة التي تم استهلاكها في الحرب.
أما صحيفة “ذي ماركير” الاقتصادية فقد كشفت أن وزارة المالية الإسرائيلية تلقت حوالي 4600 دعوى تعويض، أكثر من نصفها تتعلق بأضرار لحقت بالمنازل في المدن الإسرائيلية الممتدة من بئر السبع حتى شمال تل أبيب.
ومن ناحية ثانية فإن البيئة الاستثمارية ستضرر إلى حد كبير بسبب تداعيات الحرب وإثر تفجر الأوضاع الأمنية، لا سيما أن انتهاء الحرب لا يعني وقف المواجهات بين فلسطينيي الداخل والجماعات الإرهابية اليهودية.
كما قد تفضي الحرب إلى توفير بيئة تهدد جملة الرهانات التي عقدتها إسرائيل ودولة الإمارات على التعاون بينهما في المجال الاقتصادي والاستثماري، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمشاريع ذات طبيعية استراتيجية يمكن أن تؤثر على الواقع في المنطقة بأسرها.
فبعد صمت طويل، أقر وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شطاينتس، بأن إسرائيل أغلقت منصة استخراج الغاز في حقل “تمار” الذي اشترت شركة “مبادلة للبترول” التابعة لإمارة أبو ظبي ربع أسهمه وبقيمة 1.1 مليار دولار.
وذلك بسبب تعمد الفصائل الفلسطينية إطلاق الصواريخ على حقل الغاز إلى جانب محاولاتها استهدافه بغواصات غير مأهولة.
وصحيح أن العمل في الحقل سيستأنف بعد أن توقفت الحرب، لكن المخاطر باتت واضحة، لا سيما أن بيئة المواجهة والصراع لم يحدث عليها أي تغيير بعد توقف الحرب.
لكن مما لا شك فيه أن الضربة التي تلقتها رهانات الإمارات على الاستثمار في إسرائيل تمثلت في توقف إنبوب “إيلات عسقلان”، الاستراتيجي، الذي ينقل البترول والوقود من إيلات إلى عسقلان ومنها إلى أوروبا، بعد أن تعرض لهجوم صاروخي نفذته “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة حماس، مطلع اندلاع الحرب.
ويكتسب هذه التطور أهمية كبيرة، على اعتبار أن أبوظبي توصلت بالفعل إلى تفاهم مع إسرائيل يقضي بأن يتم تصدير نفطها إلى أوروبا عبر هذا الأنبوب وليس من خلال قناة السويس.
وقد فتح هذا التفاهم شهية إسرائيل لتقديم الخط ليكون أحد البدائل عن قناة السويس، لا سيما بعد حادثة جنوح السفينة في القناة.
في الوقت ذاته، فإن وصول صواريخ المقاومة إلى تخوم “إيلات” وتركزها بشكل كبير على ميناء أسدود، يمثل ضربة استباقية لمشروع السكة الحديد الذي تخطط إسرائيل لتدشينه بالتعاون مع الإمارات.
والذي سيكون مخصصاً لنقل البضائع الصلبة من إيلات إلى “أسدود” أو العكس، وهو المشروع الذي يمثل ثاني المشاريع التي أشار “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي كبديل آخر عن قناة السويس.
فمن الواضح أنه لو اندلعت الحرب الأخيرة بينما كان هذا الخط يعمل للحقت به أضرار كبيرة، لا سيما أن كل مساره سيكون في مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية.