كشفت مصادر مطلعة ل”إمارات ليكس” عن صفقة عسكرية سرية أبرمت حديثا بين دولة الإمارات وإسرائيل بغرض دعم حليف أبو ظبي في ليبيا خليفة حفتر ومحاولة تعويض ما تكبده من هزائم متتالية في الفترة الأخيرة.
وقالت المصادر إن الصفقة العسكرية تضمنت شراء الإمارات طائرات (الدرونز) من دون طيار مزودة بقنابل وصواريخ لتعزيز ميليشيات حفتر بها. ولم يعرف على الفور قيمة الصفقة لكنها تقدر بمئات ملايين الدولارات.
وبحسب المصادر فإن الإمارات لجأت على عجل لإبرام الصفقة المذكورة مع إسرائيل بعد مفاوضات مكثفة من أجل معالجة العجز والضعف لديها في هذا المضمار لاسيما في ظل التفوق الكاسح لتركيا ودعم أنقرة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
وأضافت المصادر ذاتها أن مباحثات جارية عبر قنوات سرية بين الإمارات وإسرائيل لإبرام المزيد من الصفقات العسكرية لصالح ميليشيات حفتر وأن أبو ظبي على استعداد لدفع الملايين مقابل ذلك.
وبهذا الصدد كشف المصادر أن طائرة المساعدات التي سيرتها الإمارات إلى مطار (بن غوريون) الإسرائيلية الأسبوع الماضي نقلت وفدا إماراتيا للتفاوض على إبرام المزيد من الصفقات مع تل أبيب.
وانتشرت تقارير إعلامية خلال الأيام الأخيرة عن بدء ميليشيات حفتر في ليبيا استخدام طائرات (الدرونز) من دون طيار في شن هجماتها التي غالبا ما تستهدف المدنيين في العاصمة طرابلس ومناطق أخرى من البلاد.
ومؤخرا أعلنت حكومة الوفاق عن رصدها وصول عدة طائرات شحن عسكرية قادمة من الإمارات، إلى إحدى القواعد بمدينة المرج الخاضعة لسيطرة ميليشيات حفتر.
وذكر المركز الإعلامي لعملية “بركان الغضب”، التي أطلقتها حكومة الوفاق؛ أن برنامجا لتتبُّع حركة الملاحة الجوية رصد رحلات لطائرات شحن عسكرية انطلقت من قاعدة سويحان العسكرية الجوية في أبو ظبي إلى قاعدة الخادم الجوية الإماراتية الواقعة بمنطقة الخروبة جنوب مدينة المرج (شرقي ليبيا).
وأضاف البيان أن بيانات تسجيل الطائرات تعود لثلاث رحلات من طراز اليوشن. وسبق أن أعلنت القوات الحكومية رصد رحلات طيران شحن عسكرية أجنبية عديدة، دخلت المجال الجوي الليبي، وهبطت في قواعد عسكرية تحت سيطرة مليشيات حفتر.
ويشار إلى أن إسرائيل تصنع نوعين من الطائرات الكبيرة بدون طيار، والنوع الأول هو من طراز ‘إيتان’ الذي يبلغ طول جناحيه 26 مترا والنوع الثاني هو من طراز ‘هرمس 450′ القادر على حمل ذخيرة ويستخدمه الجيش الإسرائيلي في عمليات الاغتيال.
وخلال السنوات الأخيرة ظهرت إسرائيل على خريطة الدول المتميزة في صناعة الطائرات بدون طيار المقاتلة وغير المقاتلة على السواء، وعملت على تصدير طائرات الدرونز لأساطيل جوية مهمة لدول مثل ألمانيا والهند.
وسبق أن أظهر تقرير جديد أن إسرائيل هي أكبر مصدر للطائرات من دون طيار في العالم وأن حجم هذه الصادرات يشكل 10 بالمئة من الصادرات الأمنية الإسرائيلية.
وذكر موقع صحيفة ‘هآرتس′ العبرية أن بحثا أجرته شركة الاستشارات ‘بروست أند ساليفان’ أظهر أن إسرائيل صدرت خلال السنوات الثماني الأخيرة طائرات منها إلى عدة دول في العالم بمبلغ إجمالي وصل إلى 4.6 مليارات دولار.
ويشكل تصدير هذه الطائرات نسبة 10 بالمئة من الصادرات الأمنية الإسرائيلية، ومعظم هذه الطائرات استخدمت لأغراض عسكرية وقسم صغير منها لأغراض أمنية مثل وزارات أمن داخلي ولأغراض الحراسة داخل المدن.
ومطلع عام 2011، سلمت شركة الصناعات الجوية والفضائية الإسرائيلية (IAI) 12 طائرة بدون طيار إلى روسيا بموجب عقد تم توقيعه سابقا بين الطرفين بقيمة 400 مليون دولار يمنح الروس حق تصنيع الطائرة على أراضيهم.
وقد استخدمت موسكو هذا النوع من الطائرات في دعم نظام بشار الأسد في سوريا لاحقا لقمع ثورة الاحتجاجات الشعبية وتمكينه من البقاء في الحكم.
وفي 19 أيار/مايو الجاري دشن النظام الإماراتي مرحلة جديدة من التطبيع العلني مع إسرائيل بعد أن هبطت لأول مرة طائرة شحن تابعة لشركة طيران الاتحاد الإماراتية، في رحلة مباشرة من أبو ظبي في دولة الاحتلال.
وقالت صفحة “إسرائيل تتكلم العربية” التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية إن الطائرة تحمل على متنها مساعدات إنسانية للتعاطي مع وباء كورونا بعثت بها دولة الإمارات للسلطة الفلسطينية وقطاع غزة من خلال منظمة الأمم المتحدة وبالتنسيق مع إسرائيل”.
وذكرت الصفحة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية نسقت عملية هبوط الطائرة في إسرائيل، متأملة أن تكون هذه الرحلة “فاتحة خير مبشرة بتدشين رحلات تجارية تحمل سياحا إلى إسرائيل”.
وفي وقت سابق بثت قناة عبرية فيديو يوثق قيام مسؤول رفيع دولة الإمارات من الأسرة الحاكمة بإرسال طائرته الخاصة إلى المغرب، لإعادة مجموعة من الإسرائيليين الذين كانوا عالقين هناك بسبب إغلاق الحدود ووقف الرحلات الجوية إثر تفشي فيروس كورونا.
وأوضحت القناة 12 العبرية أن الحكومة الإسرائيلية توجهت سرا لحكومة الإمارات، مطالبة إياها بالتدخل والمساعدة في إعادة الإسرائيليين من الإمارات.
وأرسل أحد الأمراء لم يكشف اسمه حتى الآن، طائرته الفاخرة، لإعادة هؤلاء الإسرائيليين، بحسب القناة، التي قالت إن حكومة أبو ظبي طلبت منهم بالتحفظ وعدم كشف الأمر.
لكن عدد من الإسرائيليين تمكنوا من تصوير الطائرة من الداخل، حيث بدت بكامل زخرفتها، وملاءمتها لرجال الأعمار، وأن أجزاء منها مطلية بالذهب.
ورغم أن الإسرائيليين على متن الطائرة حرصوا على التحدث بالفرنسية، بالإضافة إلى الدارجة (العامية) المغربية، فإن شريط الفيديو الذي بث يظهر أحد الأشخاص وهو يتحدث بالعبرية.
وقالت القناة العبرية إن هذه الخطوة تندرج ضمن التطور في العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، سواء تلك السرية، أو بوادر وخطوات التطبيع العلنية بين الطرفين.
وأحدث الفيديو موجة غضب بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهاجموا دولة الإمارات التي تدعم الانقلابين والفوضى في الوطن العربي وتتعاون مع إسرائيل سرا وعلانية.
وخلال السنوات الأخيرة رصدت تسريبات وصحف ودوريات متخصصة تعاظماً بالتعاون الإماراتي الإسرائيلي، ذهبت أبوظبي في الشق العسكري منه إلى حد المشاركة في مناورات كان سلاح الجو الإسرائيلي طرفاً فيها.
وفي السياق ذاته فإن صحيفة “معاريف” العبرية كشفت في 8 يونيو 2019، تفاصيل العلاقات الخاصة والتعاون الاستخباري والأمني العميق بين “إسرائيل” وإمارة أبوظبي.
وأبرز معلّق الشؤون الاستخبارية في الصحيفة، يوسي ميلمان، أنّ هذه العلاقات تتعاظم بسبب طابع المصالح المشتركة التي تربط الطرفين.
وأشار إلى أن أبوظبي تبني علاقتها بـ”إسرائيل” كإمارة مستقلة لا بوصفها ممثلة لدولة “الإمارات”، وهذه العلاقة تقوم على عقد صفقات سلاح، حيث تبيع “تل أبيب” للإمارة عتاداً استخبارياً وتكنولوجياً.
وتقول الصحافة العبرية إن تجمع الصناعات العسكرية وشركة “إلبيت” للمنظومات المسلحة يرتبطان بعلاقة وثيقة بأبوظبي، وبحسب “معاريف” فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يرتبط بعلاقات خاصة ببن زايد، يسمح لـ”إسرائيل” ببيع تقنيات عسكرية تعتمد على التكنولوجيا الأمريكية لأبوظبي.
هذه التقنيات تمثلت في بيع شركة “NSO” الإسرائيلية أبوظبي برنامج التجسس “بيغاسوس”، الذي يتيح لجهاز أمن الدولة اختراق الهواتف الشخصية لمن تعتبرهم معارضين للنظام، والحصول على معلومات منها، بالإضافة إلى شراء منتوجات شركة “فيرنت” الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج العتاد الاستخباري، ومن ضمنه تقنيات التنصت.
وتؤكد الصحيفة أن العلاقات السرية بين أبوظبي وإسرائيل توثقت قبل 15 عاماً، لكن “المؤسستين الأمنية والاستخبارية في تل أبيب حرصتا على إحاطة هذه العلاقات بالكتمان الشديد”، وأسهم رجل الأعمال الإسرائيلي متاي كوخافي، في تدشين علاقات الطرفين، كما ذكر متفاخراً خلال محاضرة ألقاها في سنغافورة بدوره في تطوير هذه العلاقات.
وقال كوخافي إن شركته “لوجيك” (مقرها إسرائيل) زودت أبوظبي بعتاد أمني لتأمين الحدود وحقول النفط، فضلاً عن تقديمها استشارات أمنية، كما استعانت بخدمات جنرالات في الجيش والاستخبارات الإسرائيلية في إدارة أنشطتها داخل أبوظبي، مشيراً إلى أن “رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق عاموس مالكا، وقائد سلاح الجو الأسبق إيتان بن إلياهو، عملا باسم شركته داخل أبوظبي”.
وتقوم طائرة خاصة بنقل الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين من قبرص إلى أبوظبي، بحسب كوخافي، الذي أكد أن “العشرات من الجنرالات ورجال الاستخبارات الإسرائيليين زاروا أبوظبي ضمن أنشطة شركته في حي مكون من الفلل داخل الإمارة.
وبحسب مجلة “إنتليجنس أونلاين” الفرنسية المتخصصة في قضايا الدفاع، فإن الإسرائيليين الذين يتولون إدارة صفقات السلاح والاستشارات العسكرية مع أبوظبي في الوقت الحالي هم: دفيد ميدان، الذي تولى في السابق قيادة شعبة تجنيد العملاء في جهاز الموساد “تسوميت”، وآفي لؤومي، مؤسس شركة “أورانيتكوس”، المتخصصة في إنتاج الطائرات دون طيار.
كما يمتد تاريخ التعاون بين الإمارات وإسرائيل إلى مجالات عدة، منها العسكري والأمني والسياسي، لكن العداء لجماعة الإخوان المسلمين وحركة “حماس” الفلسطينية وتيارات الإسلام السياسي، يعتبر حجر الزاوية في هذه العلاقة الشائكة بين الطرفين، حيث سعت الدولة الخليجية لإنهاء أي نشاط داعم للمقاومة الفلسطينية على أرضها.
وتقول صحيفة “معاريف” العبرية إن هذا العداء دفع محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، إلى بناء تحالف مع كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ومن أجل تحقيق هذه المصالح الخاصة بالإمارة- يقول يوسي ميلمان- ظل بن زايد يعمل على مدى عقدين من الزمن على عملية شراء مكثفة للأسلحة والمعدات الدفاعية، التي تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، معظمها من الولايات المتحدة، وعلى هذه الخلفية تطورت علاقاته مع “إسرائيل”.
وبعيداً عن الصحافة والإعلام، جرت اللقاءات السرية بانتظام بين كبار المسؤولين الإماراتيين والإسرائيليين، التي كشف عنها السفير الأمريكي السابق لدى “تل أبيب”، دان شابيرو، وكانت تتم من خلال الاتصالات الهاتفية، أو وجهاً لوجه في كثير من الأحيان.
وشكك كثيرون بمصداقية السلطات الإماراتية حينما أعلنت أنها تجري تحقيقاً في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس، محمود المبحوح، التي جرت بتعاون سري بين شرطة دبي وعناصر من الموساد، عام 2010، بحسب ما كشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين العام الماضي.
التواطؤ الإماراتي – الإسرائيلي في عملية اغتيال المبحوح أظهر الدور الواضح لضاحي خلفان، قائد شرطة دبي سابقاً، لا سيما عند دخول عملاء الموساد إلى دبي قادمين من أوروبا، يومي 18 – 19 يناير 2010، لتحدث الجريمة في أحد فنادق المدينة، ويخرج بعدها بسيل هائل من التصريحات كشف خلالها تفاصيل الجريمة، نافياً عن أجهزته الأمنية تهمة التقصير .
وذكر كوهين في تغريدة عبر “تويتر” أن المبحوح دخل دبي، يوم 18 يناير 2010، بجواز سفر مزور؛ لأنه كان خائفاً من السلطات الإماراتية، ومن ثم أبلغ ضاحي خلفان محمد دحلان القيادي المفصول في حركة فتح، والأخير بلغ المخابرات الأمريكية (CIA)، ليقوم الأمريكان بإبلاغ الموساد، حيث أعطاهم خلفان كرت غرفة المبحوح، وبعدما نفذ الفريق الجريمة، وانتظر قائد شرطة دبي خروجهم من البلاد صرح أن الموساد من نفذ العملية.
ولم تكن عملية اغتيال المبحوح هي الأولى التي نفذها عملاء مخابرات إسرائيلية في دولة الإمارات، كما يذكر عميل متقاعد في العمليات السرية في الموساد تحت اسم “مايكل روس”، الذي ذكر أنه يتفق مع الرأي القائل إن أكثر من عملية نفذت في دبي، وهذا التأكيد يفتح تاريخ العلاقات المشبوه بين البلدين.
ويشير العميل المتقاعد إلى الدور الذي مارسته سلطات أبوظبي في هذه العمليات ودول أخرى بالقول: “هناك جوانب عديدة وفاعلون دوليون لهم علاقة بالعملية مقارنة بما يتبدى للعين المجردة”.
توالت الأحداث بسرعة في العالم العربي بعد اغتيال المبحوح، وفتحت دولة الإمارات العديد من جبهات الصراع، منها محاربة “حماس” علناً، وكذلك الحركات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي.
تفرُّد بن زايد في حكم البلاد، وعلاقاته المشبوهة مع إسرائيل وتحكمه بمصير أكثر من مليون مواطن، بدأ ينعكس سلباً على المجتمع، ودفع 133 حقوقياً وأكاديمياً وإصلاحياً إماراتياً في البلاد إلى المناداة بعملية إصلاح جذرية في مؤسسات الدولة، وانتخاب مجلس تشريعي اتحادي يشرف على عمل الحكومة.
لكن هؤلاء الـ133 الذين ينتمون للتيار الإسلامي، دفعوا ثمن مطالبتهم بحزمة الإصلاحات الداخلية، ويبدو أنهم ارتكبوا “خطأ فادحاً” بنظر بن زايد، ليشن جهاز أمن الدولة عمليات أمنية واسعة هي الأعنف في تاريخ البلاد ضد هؤلاء الإصلاحيين وعوائلهم، وتقام لهم محاكم خاصة وجردوا من أبسط حقوقهم.
ومنذ نحو عقد من الزمن يقطن قادة ومقربون مما يعرف بـ”تيار الإصلاح” الإماراتي السجون، حيث أقيمت لهم محاكمات وصفت بـ”الهزلية” انتهى بهم المطاف بتجريدهم من أبسط حقوقهم المدنية والاجتماعية، وسحب الجنسية والمواطنة، ومواجهة أحكام لا تستند إلى أرضية واضحة سوى معارضتهم لإدارة البلاد من قبل شخص واحد.
وبعد الحملات الأمنية على تيار الإصلاح داخلياً، أشعلت أبوظبي حرباً على ما بات يعرف بـ”تيارات الإسلام السياسي” والحركات الإسلامية، خارجياً وفي العام الإسلامي، منها دعم الانقلابات العسكرية والتمرد ضد حكومات انتخبت ديمقراطياً في مصر وليبيا وتونس واليمن، كما تتزعم أبوظبي “الثورة المضادة” لثورات الشعوب العربية التي عرفت بـ”ثورات الربيع العربي” منذ عام 2010.
ويتورط النظام الإماراتي بتعاون مشبوه مع إسرائيل في التجسس والمراقبة خاصة عبر مجموعة “إن إس أو” (NSO) وتطبيقاتها وكذا بعض الشركات الإسرائيلية التقنية الأخرى.
ومنذ أقل من أسبوعين، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، كشفت منظمة العفو الدولية عن اختراق ومحاولات تجسس على ناشطين مغربيين معارضَين هما “المعطي منجب”، المؤرخ والباحث الأكاديمي المعروف، و”عبد الصادق البوشتاوي”، المحامي الحقوقي وناشط حقوق الإنسان في البلد الشمال أفريقي.
وقد أتت تلك المحاولات كأحدث الإضافات المعلنة لسلسلة التجسس التي تنطلق رأسا من الأراضي المحتلة عن طريق شركة التقنيات الشهيرة “إن إس أو” (NSO)، وهي شركة إسرائيلية تُنتج عددا من برامج التتبُّع والمراقبة يأتي على رأسها أحد أحدث برامج الاختراق والتجسس في العالم والمعروف باسم “بيجاسوس”.
والمذكور المذكور سيئ السمعة استُخدم مرارا في تتبُّع والتجسس على عدد من أهم نشطاء وحقوقي الشرق الأوسط، ومنهم الحقوقي الإماراتي الأشهر والمعتقل حاليا “أحمد منصور”، وكذا الصحافي السعودي ذائع الصيت عالميا “جمال خاشقجي” قبيل قتله في قنصلية بلاده العام الماضي.
وعلى مرِّ الثلاثة أعوام السابقة سلَّط تورُّط “بيجاسوس” الضوء على الشركة الإسرائيلية ونشاطها وتعاونها مع الأنظمة القمعية والديكتاتورية في العالم والتي تستفيد من تقنيات الشركة في تتبُّع أهم معارضيها واختراق أجهزتهم الإلكترونية الشخصية.
وبينما تُنكر الشركة دائما ذلك التعاون مؤكِّدة أن سياستها الرسمية تضمن مكافحة الأنشطة الإجرامية بأنواعها كافة، فإن تقارير مختلفة تؤكِّد باستمرار تورُّط الشركة الدائم في تلك الحلقة التجسسية، ولم يكن آخرها تحذير أصدره عملاق البحث والتقنية “غوغل” أوائل الشهر الحالي لمستخدمي نظام “أندرويد” ذائع الصيت للهواتف المحمولة بتوخي الحذر لأن هواتفهم مُعرَّضة للاختراق من قِبل تقنيات “إن إس أو” (NSO) (تمت تسمية الشركة في تحذير غوغل).
وعلى عكس قرنائهم في كثير من أنحاء العالم ذي الأنظمة المدنية، لا يمتلك شباب وفتيات إسرائيل اختيارا بعد بلوغهم سنّ الثامنة عشر عاما سوى أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بجيش الاحتلال، وهي قاعدة لم يكن المجند “شيليف هوليو” استثناء منها شأنه شأن زملائه الذين خدم معهم في الصفوف الأمامية حول قطاع غزة وغيره من الأراضي المحتلة.
وعلى الرغم من أنه لم يكن مرتبطا بالصناعات التقنية أو الأمن السيبراني في حياتيه المدنية أو العسكرية، فإن الأعوام القليلة لما بعد إنهاء هوليو الخدمة العسكرية كانت فاصلة في تحوله من شاب عادي إلى شريك مؤسس في واحدة من أكثر شركات الأمن السيبراني الإسرائيلية إثارة للجدل في العالم.
هدف “هوليو” بعد الخدمة العسكرية إلى الدخول في قطاع التجارة الإلكترونية الواسع وصناعة ثروته الشخصية؛ وهو شيء تخصَّص فيه الجنود الإسرائيليون بخبرات إما عسكرية وإما تقنية مُكتَسبة من أداء الخدمة في الصفوف الأمامية للجيش، أو في وحدات النخبة من أمثلة 8200 و”أمان” وغيرهما، وفي حين لم يمتلك هوليو أية خبرات تقنية، كما أخبر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بنفسه في مقابلة نادرة من نوعها أُجريت مطلع العام الحالي، فإن هذا لم يمنعه هو و”نيف كارمي” و”عمري ليفي” من تأسيس شركة التقنية المتخصصة في الأمن السيبراني “NSO Group”.
نشأت “إن إس أو” على أنقاض شركة “كوميوني-تك” (CommuniTech) التي كان قد أسّسها من قبل كلٌّ من هوليو وليفي أيضا لمساعدة شركات الهواتف الذكية والجديدة على العالم حينها.
ففي وقت كانت فيه تلك الصناعة الناشئة تحتاج إلى الكثير من وقت شركات الهاتف لتدريب وتعريف عملائها بكيفية تثبيت البرامج الأساسية الخاصة بالتعامل مع منتجاتها، خرجت شركة “كوميوني-تك” بحل يُمكِّن شركات الهاتف من إرسال رابط إلى عملائها، ومن خلاله تقوم الشركات بالولوج إلى الهاتف نفسه وتثبيت برامجها، بما يُوفِّر الوقت والجهد على الجميع.
وقد استلزم الأمر قليلا من الوقت بعد ذلك لتتحوَّل “كوميوني-تك” إلى “إن إس أو”؛ بعدما هجر كلٌّ من هوليو وليفي الأولى لتأسيس الثانية، وكذا ليتحوَّل المنتج الهادف لمساعدة الناس إلى منتج يتجسَّس عليهم بعدما انتبه الشريكان للفكرة البسيطة القائلة إنه يمكن فعل الكثير بهاتف محمول تمتلك القدرة على الولوج إلى بياناته كافة بدون علم صاحبه، وبمقابل مادي أكثر بكثير.
كانت البداية من المكسيك، حيث زعم مؤسسا “إن إس أو” (NSO) أن برنامج “بيغاسوس” (Pegasus)، وهو منتجهم الرئيس، ساعد في القضاء على العديد من الشخصيات الأساسية الفاعلة في عصابات المخدرات الكبرى هناك.
ويمتلك “بيغاسوس” القدرة على التسلُّل إلى الهواتف المُستهدَفة من خلال رابط مزيف يتم إرساله إلى الهاتف ومن خلاله يتم الولوج لبيانات صاحب الهاتف كافة، بداية من الرسائل والمكالمات، ومرورا بالموقع الجغرافي الخاص به، وليس انتهاء باستخدام الكاميرا والميكروفون لتسجيل المحادثات والحوارات التي تتم في نطاقه، ثم أصبحت تقنية “بيغاسوس” بعد ذلك قادرة على التحدث عن نفسها في أرجاء العالم كافة، خاصة في دولتَيْ الإمارات والسعودية.