موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إسرائيل في قلب منطقة القرن الإفريقي بفضل صفقة سرية مع الإمارات

1٬240

كشفت مصادر مطلعة عن صفقة سرية أتاحت لنخبة من الفنيين العسكريين الإسرائيليين التمركز في إقليم بونتلاند، شمال شرقي الصومال، تحت غطاء “مستشارين أمنيين” تابعين للإمارات.

وبحسب المصادر فإن هذه العملية، التي جرت في مارس الماضي، لم تقتصر على التعاون الاستخباراتي فحسب، بل تضمنت نشر منظومة رادار متقدمة تابعة لمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية الشهيرة “القبة الحديدية”.

وأوضحت المصادر أنه جرى التوصل إلى اتفاق ثلاثي غير معلن بين أبوظبي وتل أبيب وأحد زعماء بونتلاند المحليين، بعيدًا عن علم الحكومة الفيدرالية في مقديشو يسمح بنصب رادار إسرائيلي من طراز ELM-2084 في مطار مدينة بوصاصو، وهو رادار يُعد حجر الأساس في تشغيل منظومات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية.

ويتمتع الرادار بقدرة رصد واسعة تصل إلى 470 كيلومترًا، ما يمنحه القدرة على مراقبة الأجواء الممتدة من السواحل اليمنية وحتى عمق البحر الأحمر وخليج عدن.

وسيمنح ذلك إسرائيل ميزة استراتيجية غير مسبوقة، بحيث يمكنها تتبع الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية القادمة من الأراضي اليمنية، خصوصًا تلك التي يطلقها الحوثيون.

الغرفة المشتركة بين أبوظبي وتل أبيب

تقول المصادر إن الفريق الإسرائيلي الذي وصل بدايةً عبر البحر الأحمر تولى تشغيل الرادار ضمن غرفة عمليات مشتركة ضمت ضباطًا من جهاز أمن الدولة الإماراتي.

هذا التعاون لا يقتصر على مراقبة الأجواء اليمنية، بل يشمل أيضًا دمج البيانات الملتقطة مع شبكة الرادارات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، مما يعزز مظلة دفاعية تغطي الملاحة في البحر الأحمر وحماية الموانئ الإسرائيلية في إيلات وأشدود.

والوجود الإسرائيلي في بونتلاند لم يكن ليتم دون التسهيلات الإماراتية، إذ تمتلك أبوظبي نفوذًا واسعًا في الإقليم عبر استثمارات في الموانئ ومشاريع أمنية. هذا النفوذ مهد الطريق لانتزاع أراضٍ من السيادة الصومالية وتوظيفها في خدمة أجندات إقليمية ودولية.

جغرافيا تتحول إلى ورقة ضغط

تكمن خطورة الصفقة – وفق المراقبين – في البعد الجغرافي. فالقرن الإفريقي يُعد نقطة ارتكاز استراتيجية تربط بين البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

والسيطرة على جزء من هذه الرقعة الحساسة تمنح إسرائيل حضورًا مباشرًا في منطقة طالما تنافست عليها القوى الكبرى، من الولايات المتحدة والصين، مرورًا بتركيا وروسيا وإيران.

وبهذا، لم يعد التطبيع بين إسرائيل والإمارات مجرد اتفاقيات سياسية أو اقتصادية، بل انتقل إلى مستوى الدمج العسكري الكامل، حيث يتم ربط أنظمة الرصد والإنذار المبكر بين تل أبيب وأبوظبي، وتمديدها إلى أراضٍ خارج حدودهما الجغرافية.

تهميش السيادة الصومالية

الأخطر في القضية أن الخطوة جرت دون علم أو موافقة الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو، التي تعاني أصلًا من ضعف السيطرة على الأقاليم الفيدرالية. استخدام الأراضي الصومالية كقاعدة للرادارات الإسرائيلية يفاقم الانقسام الداخلي، ويضعف قدرة الدولة على فرض سيادتها.

ويؤكد محللون أن الاتفاق بين أبوظبي وأحد زعماء بونتلاند يكرس واقعًا خطيرًا: تحويل الصومال إلى ساحة نفوذ تتقاسمها قوى إقليمية، بعيدًا عن مصالح الشعب الصومالي نفسه.

كما أن الوجود العسكري الإسرائيلي في القرن الإفريقي ستكون له انعكاسات عميقة على الأمن الإقليمي:

تصعيد ضد الحوثيين: الرادار الجديد سيجعل إسرائيل طرفًا مباشرًا في مراقبة الصواريخ اليمنية، مما قد يبرر لاحقًا تدخلات عسكرية أو ضربات وقائية.

تأزيم البحر الأحمر: إدخال طرف جديد في معادلة الأمن البحري قد يزيد من الاحتكاكات مع إيران وحلفائها.

إضعاف الصومال: تجاوز الحكومة الفيدرالية يقوض مساعي إعادة بناء الدولة الصومالية بعد عقود من الفوضى.

سباق نفوذ دولي: الخطوة قد تستفز قوى أخرى مثل تركيا وقطر، ما يفتح الباب أمام سباق تنافس جديد على الموانئ والسواحل الصومالية.

من التطبيع إلى التحالف العسكري

منذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، توسعت الشراكة بين الإمارات وإسرائيل من المجالات الاقتصادية والتكنولوجية إلى التعاون الأمني والاستخباراتي.

لكن نشر رادار “القبة الحديدية” في بونتلاند يمثل نقلة نوعية، إذ يضع إسرائيل فعليًا في قلب القرن الإفريقي، ويمنحها أداة مراقبة استراتيجية تتجاوز حدودها الإقليمية.

هذا التطور، بحسب مراقبين، يعكس مرحلة جديدة من العلاقات الإسرائيلية-الإماراتية، حيث لم تعد أبوظبي مجرد حليف سياسي لتل أبيب، بل شريك عسكري يوفر لها قواعد عمليات متقدمة في مناطق بعيدة عن حدودها.

وعليه فإن الصفقة السرية بين إسرائيل والإمارات في بونتلاند ليست مجرد خطوة تكتيكية، بل تحول استراتيجي يضع الصومال والقرن الإفريقي في قلب صراع إقليمي ودولي جديد.

إذ أن وجود رادار “القبة الحديدية” في بوصاصو يعكس انهيارًا لمفهوم السيادة الوطنية في الصومال، ويؤكد أن إسرائيل، بدعم إماراتي، باتت تتمدد إلى واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم ويمهد لمرحلة قد يكون عنوانها: إسرائيل في القرن الإفريقي… من التطبيع إلى التمركز الميداني.