تعد محاكم الإمارات صوريّة وشكليّة مهمتها تدمير العدالة والحريات ويستخدمها النظام الحاكم في أبوظبي سلاحا لمعاقبة كل من يطالب بالإصلاح والحريات بحسب ما أكد مركز حقوقي.
وقال مركز مناصرة معتقلي الإمارات في بيان اطلعت عليه “إمارات ليكس”، إنه من المقرر أن تنعقد يوم الخميس القادم 18 نيسان/أبريل الجلسة التاسعة من محاكمة “الإمارات 84”.
وبحسب المركز فإنه ستستكمل المحكمة الاستماع إلى الدفوع التي سوف يقدمها محامو المتهمين، لكن الغاية الحقيقية من هذه الجلسة ليست لذلك، بل لاستكمال الإجراءات الشكلية لمحاكمة جماعية تم تقرير نتيجتها مسبقاً، وهي محاكمات تعرف قانونياً باسم المحاكمة “الشكلية” أو “الصورية”.
ويعود ظهور مصطلح “المحاكمات الشكلية” إلى عام 1928، وقد انتشر بشكل ملحوظ في ثلاثينيات القرن العشرين، لا سيما في الأنظمة الشمولية حيث سعت السلطات الحاكمة إلى تعزيز سلطتها والقضاء على التهديدات المتصوَّرة.
تميل المحاكمات الشكلية إلى أن تكون انتقامية وليست تصحيحية، ويتم إجراؤها أيضًا لأغراض دعائية، وهي أحد الأمثلة الشهيرة على الاضطهاد السياسي، وتتسم غالباً بأدلة ملفقة، واعترافات قسرية، وأحكام محددة سلفا، وكلها مصممة لخدمة السلطة الحاكمة.
وتطلق عليها المنظمات الحقوقية اسم “محكمة الكنغر” نسبةً إلى حيوان “الكنغر”، وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة هذه المحاكمات وسرعتها وقلة عدالتها، وهي تسمية مستمدة من موقف الكنغر الذي يضع طفله في جيبه الأمامي بشكل سريع ودون تفكير، مما يُظهر ميزة من عدم العدالة أو النظام في التصرف.
وعند النظر إلى محاكمة “الإمارات 84” بقليل من التمعن فسوف نجد فيها كل خصائص “محكمة الكنغر”، وذلك لأن الجميع يعلم أن الأحكام قد تم تقريرها مسبقًا، وحتى قبل أن تبدأ المحاكمة، وأن الوظيفة الوحيدة لهذه المحكمة هي تقديم الحكم للجمهور بأنه حكم صحيح ودقيق لا خطأ فيه.
في هذا النوع من المحاكمة يتم تصوير المتهمين على أنهم مذنبون بغض النظر عن الأدلة المقدمة، وهو ما حصل فعلاً حتى قبل أن تبدأ جلسات المحاكمة، ومن يتابع تغطية وسائل الإعلام الإماراتية سوف يدرك مباشرة أن الإعلام الإماراتي يتعامل مع المتهمين في قضية “الإمارات 84” بأنهم مذنبون فعلاً.
أما السمة الأهم التي تؤكد أن محاكمة “الإمارات 84” هي محاكمة صورية فعلاً، فهو موضوع الأدلة الملفقة، وكما أشرنا أعلاه فإن المحاكمة الصورية تعتمد بشكل كبير على الأدلة الملفقة أو القسرية لدعم الروايات المحددة مسبقًا مثل الشهادات والاعترافات الكاذبة التي يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو الإكراه.
وإذا قمنا باستعراض الأدلة التي قدمتها النيابة العامة ضد المتهمين في قضية “الإمارات 84” خلال الجلسات الماضية، سنجدها كلها اعتمدت على شهادات كاذبة قدمها ملثمون يعملون في جهاز أمن الدولة الإماراتي، أو اعترافات تم انتزاعها من المتهمين تحت التعذيب.
ورغم أن المتهمين قاموا بالفعل بالإشارة إلى تعذيبهم وإجبارهم للتوقيع على اعترافات، لكن القاضي تجاهل الشكاوى التي قدمها المتهمون.
والحقيقة أن الشواهد التي تؤكد أن محاكمة “الإمارات 84” ليست سوى محاكمة شكلية تم تقرير أحكامها مسبقاً هي أكثر من حصرها، يكفي أن نعلم أن معظم المتهمين كانوا محتجزين قبل المحاكمة لسنوات رغم انتهاء الأحكام القضائية الصادرة ضدهم، ومازالوا محتجزين في سجون انفرادية منذ أكثر من 9 أشهر في انتهاك لأبسط مبادئ العدالة.
وقال المركز إن المحاكمات الشكلية مثل “الإمارات 84” ما هي إلا تحذير للمعارضين المحتملين، وهدفها بث الخوف في المجتمع، كما أن تأثيرها يمتد إلى ما هو أبعد من قاعة المحكمة، فهي تقوض سلامة النظام القانوني، وتقوض الثقة في المؤسسات، وتديم ثقافة الخوف والقمع.
وأضاف أن ضحايا المحاكمات الشكلية ـ وهم غالباً أفراد أبرياء يتم التضحية بهم من أجل أهداف سياسية ـ يعانون من ضرر لا يمكن إصلاحه لسمعتهم، وحرياتهم، و لحياتهم أيضاً، وهي أيضاً تلخص انحراف العدالة لتحقيق أهداف سياسية.
وشدد أنه على على الرغم من الظلم المتأصل فيها، ومعرفة نتائجها مسبقاً، فلا بد أن يتم مقاومتها، وأن تلعب منظمات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان والمراقبون الدوليون دورًا حاسمًا في كشف الحقيقة وراء هذه المشاهد السياسية.
وخلص المركز إلى أن التمسك بمبادئ العدالة والمساءلة وسيادة القانون أمر ضروري لحماية حقوق وحريات جميع الأفراد، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الأيديولوجية، ولا يمكن منع تكرار مثل هذه الانتهاكات الصارخة إلا بمقاومة محاولات التلاعب بالنظام القانوني لتحقيق مكاسب سياسية.