كشف برنامج “شفرة” الذي بثه تلفزيون “العربي” أمس عن تعرض بريطانيين للتعذيب والسجن وانتهاكات لحقوقهم في الإمارات، وأدلى الضحايا بشهاداتهم حول ما تعرضوا له من مأس تكشف الوجه السلطوي والقمعي لـ”دولة السعادة”، من خلال استغلال النفوذ وتلفيق التهم والسجن دون تحقيق والضرب والتعذيب في مراكز الشرطة والحرمان من أي حقوق مادية وقانونية كشركاء لإماراتيين، وفضحت وفاة بريطاني تحت التعذيب النظام القمعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقائع صادمة
روى ضحايا ومحامون بريطانيون وقائع صادمة، فبينما تشكلت صورة زاهية عن “دولة السعادة”، والفرص الواعدة ونمط الحياة فيها، قبل زيارتها، تحولت الصورة إلى جحيم ومشاعر كراهية، حيث بات لكل واحد منهم حكاية مؤلمة، وكابوس يعيشونه كل يوم، إذ جاءوا شركاء في أعمال تجارية مع مواطنيين، أو العمل في وظائف، أو حتى سياحة، ليبدأ فصل طويل من المعاناة وانتهاك الحقوق والزج بهم في السجون ومواجهة أقسى صنوف التعذيب، فمبجرد أن تبدأ الشركات في جني الأرباح يلجأ الإماراتيون إلى تلفيق التهم، واستغلال النفوذ وتوجيه تهمة “خيانة الأمانة”.
ويروي ديفيد هيج، رجل أعمال ومدير ناد سابق، أنه لم يكن يتصور أن يكون أحد الضحايا في دبي التي قضى فيها 10 سنوات، إذ تم استدراجه بزعم تسوية مالية، وانتهى به المطاف في مركز شرطة وتعرض للتعذيب والضرب والصعق الكهربائي في مختلف أنحاء الجسد، وكسر عظمة وجهه، وتحرشوا به واغتصبوه، وهو لم يرتكب مخالفة ولكن تعرض لانتهاكات جسيمة. ويقول المحامي توبي كدمان إن ما تعرض له هيج سبب له أضراراً نفسية وانتهاكا لحقوقه وهو أحد ضحايا الانتهاكات في الإمارات، وتحدث هيج في نادي الصحافة في سويسرا كاشفا ما تعرض له وأسس منظمة تضم ضحايا الانتهاكات في الإمارات.
انتهاكات جسيمة
جاري بلاك، دخل في شراكة مع زوج ابنته الذي يعمل في جهاز أمني، والذي استغل نفوذه وأساء حق الزوجية وكان يعاقر الخمر، وحتى طفلته لم يحن عليها، ونجح بلاك في المغادرة لكن شريكه الإماراتي وزوج ابنته، لفق له قضية “خيانة الأمانة”، وانه اختلس 250 ألف دولار، ولم يمنح حق الدفاع في مواجهة اتهام لا أساس له من الصحة وصدرت إدانة غيابية في حقه، وطلب تسليمه بموجب اتفاقية التسليم المبرمة بين البلدين ولكن قاضي محكمة ادنبرة رفض تسليمه إلى الإمارات، وكان هذا الحكم إدانة للقضاء الإماراتي، وبات هذا الحكم وثيقة قضائية مهمة تحدثت عن الانتهاكات في الإمارات.
وجد مقتولاً
كانت مشاجرة بينه وبين عاملة في فندق برج العرب، وتم احتجازه في مركز الشرطة، ووجد فيما بعد مقتولا وادعت شرطة دبي أنه ضرب رأسه بالجدران، لتعدل الرواية اإلى اختناقه اثناء التقيوء وأنه يتعاطى الحشيش، أرسلت الجثة إلى بريطانيا، ولا تزال القضية مفتوحة أمام الطب الشرعي البريطاني، كانت تلك حكاية برادلي بروان.
حالة أخرى، الناشطة لويزا وليم، سبق ان كرمتها حكومة دبي، لكنها اتهمت بسبب منشور على فيسبوك بجمع تبرعات دون ترخيص، وفي الحقيقة كأن خطأ في ترجمة دعوتها لـ” التطوع” في ماراثون فسرت على أنها دعوة لـ”التبرع” واجبرت على توقيع أوراق لتقر بجرم لم ترتكبه، وتعرضت لاستجواب قاس خلال 10 ساعات وخرجت بكفالة، ولم تراع إصابتها بسرطان الكلى، ورفض سفرها رغم سوء حالتها الصحية، ولكن بعد حملة إعلامية وتدخل مسؤول كبير 2017 سمح لها بالمغادرة بعد أن عاشت تجربة مروعة، شاب آخر أراد تبديل عملة ولكن بسبب شكوك في صحة ورقة مالية أخذ من عائلته التي لم تعرف عنه شيئا عدة أيام بعد أن زج به في السجن.
رفض الرد
رفضت السفارة الإماراتية في لندن الرد بأي شكل من الأشكال أو استلام شكاوى المئات من ضحايا التعذيب والانتهاكات في الإمارات، والتي تركها أصحابها على الارض أمام مدخل السفارة، أما وزارة الخارجية البريطانية فكان ردها مكتوباً حول الموقف الرسمي إزاء ما يتعرض له البريطانيون من انتهاكات، وما هي أوجه الدعم في مواجهة الأحكام الجائرة التي تصدر في الإمارات، وتركز الرد على أنها تقدم الدعم لكافة البريطانيين دون تمييز وتأخذ الادعاءات والانتهاكات محمل الجد وأنها تعارض سحب الجواز من أي مواطن. اما المتحدث الرسمي يعكس من خلال صفحته الرسمية المودة للإمارات، ولا يوجد اي ذكر لأي من الحالات. وفي المحصلة عبر الضحايا عن صدمتهم، وأن شعورهم تجاه “دولة السعادة” تحول إلى “كراهية”.