شهدت فرنسا تحركا رسميا ضد مرشح دولة الإمارات المسئول الأمني سيء السمعة اللواء أحمد الريسي لرئاسة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول” التي تتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقرا لها.
وأبرزت وكالة الأنباء الفرنسية دعوة مسؤولان محليّان كبيران في فرنسا وزير الداخلية جيرالد دارمانين إلى “اليقظة” إزاء احتمال الرئيسي إلى رئاسة الإنتربول خلال الانتخابات التي تنظّمها المنظمة غدا الخميس في اسطنبول التركية.
وفي رسالة مشتركة إلى الوزير قال لوران ووكيه، رئيس منطقة “أوفيرن-رون-ألب”، وبرونو برنار، رئيس مدينة ليون (وسط شرق) حيث المقرّ العام للإنتربول، إن الريسي المفتش العام في وزارة الداخلية الإماراتية، تستهدفه دعوى تعذيب رفعها ضدّه مشتكون بريطانيون ومنظمة غير حكومية تمثّل معارضاً سياسياً رهن الاحتجاز في الإمارات حالياً.
وكتب المسؤولان المنتخبان في رسالتهما التي اطّلعت عليها وكالة فرانس برس أنّ “ترشيحاً تشوبه شكاوى يمكن أن يشكّل خطراً حقيقياً وقد ينزع الشرعية عن المؤسّسة وإقامتها في ديموقراطيتنا”.
وستجري انتخابات رئاسة الإنتربول الخميس في اسطنبول حيث ستعقد المنظمة الدولية للشرطة الجنائية جمعيتها العمومية الثامنة والثمانين.
والتشيكية ساركا هافرانكوفا مرشّحة أيضاً لرئاسة الإنتربول، المنظّمة البالغ عدد أعضائها 194 دولة.
وفي رسالتهما طلب المسؤولان المحليان من وزير الداخلية أيضاً “توضيحات” بشأن تمويل الدولة لتوسيع مقرّ الإنتربول في ليون.
وجاء في الرسالة “نحتاج من وزارتكم وحكومتكم التزاماً واضحاً” و”توضيح تفاصيل مشروع التوسيع” وتأكيد أنّ مشاركة الدولة “لن تقلّ عن تلك التي عرضت في 2018 وبلغ قدرها 32.5 مليون يورو”، من إجمالي تكلفة المشروع المقدّرة بـ40 مليون يورو.
ومنذ أن كشفت التقارير الإخبارية للمرة الأولى قبل نحو عام عن ترشيح الإمارات الرئيسي لرئاسة الإنتربول، تصاعدت أصوات رفض العديد من المنظمات الحقوقية، لمسؤوليته عن انتهاكات حقوق الإنسان وتعذيب المعتقلين.
ورغم أن بعض ضحايا التعذيب مثل البريطانيين ماثيو هيدجز وعلي عيسى أحمد، قاما بالفعل بتقديم شكوى جنائية ضد الريسي بتهمة “التعذيب” أمام المحكمة المتخصصة في مكافحة الجرائم ضد الإنسانية، إلا أن علاقة اللواء الإماراتي بتعذيب المعتقلين وطبيعة مسؤوليته القانونية عن هذه الجرائم، قد لا تكون واضحة لدى جزء كبير من الناس.
عدم وضوح دور الريسي في هذه الانتهاكات قد يكون مفهوماً إلى حد كبير، فكثير من الناس يجهل ما تعنيه وظيفة “المفتش العام”، والمهام المنوطة بها، وبالتالي فإن البعض قد يعتقد أن مسؤولية الريسي عن الانتهاكات هي أدبية فقط، تتمثل بكونه جزء من منظومة وحشية تمارس انتهاكات حقوق الإنسان.
وأبرز مركز مناصرة معتقلي الإمارات أن الريسي هو المفتش العام بوزارة الداخلية الإماراتية منذ عام 2015، وإحدى المهام الأساسية لهذه الوظفية هي مراقبة الأجهزة الأمنية والتأكد من عدم انتهاكها للقانون.
ووفقاً لموقع وزارة الداخلية فمكتب المفتش العام يتألف من 3 إدارات متخصصة من بينها (دائرة التفتيش، دائرة التحقيق، وقسم المتابعة).
وحسب الموقع أيضاً، فإن دائرة التحقيق تستقبل شكاوى الجمهور ضد الشرطة والأجهزة الأمنية وأعضائها، وتقوم بالتحقيق فيها، ورفع النتائج مباشرة إلى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية لمحاسبة كل من يثبت إهماله أو انتهاكه للقانون.
لكن الريسي وإدارته تجاهلت طوال تلك الفترة -منذ 2015- جميع الشكاوى بشأن التعذيب وسوء المعاملة على أيدي قوات الأمن، ويمكن القول إنها تواطأت وأشرفت على انتهاكات حقوق الإنسان التي كانت تمارسها الأجهزة الأمنية.
وعندما كان يقدم المعتقلون أو أهلهم شكوىً لمكتب الريسي ضد أعضاء الشرطة والأجهزة الأمنية، فإن الرد يأتي من الموظف المسؤول عن استقبال الشكاوى، بأن “المعتقلين يستحقون ما يحصل لهم”، ثم يرمي الشكاوى ويرفض التحقيق فيها.
وبناء على طبيعة الوظيفة المسندة إلى الريسي، فلو تمت إحالته إلى محكمة جنائية في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها أفراد الشرطة في الإمارات، فإنه سيواجه 3 تهم:
الإشراف على تعذيب المعتقلين وانتهاكات حقوق الإنسان، وفي هذه الحالة ستتم محاكمته كأحد مرتكبي الانتهاكات (فاعل أصلي).
التستر على جرائم تعذيب المعتقلين وانتهاكات حقوق الإنسان، وفي هذه الحالة ستعتبره المحكمة شريكاً فيها (شريك في الجريمة).
وفي جميع هذه التهم، إدانة الريسي أكيدة، ومسؤوليته القانونية والأخلاقية واضحة تماماً، فهنا، هو مشرف على جرائم التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها أفراد الأمن، من خلال عدم فعل أي شيء لإيقافها، وبالتالي التشجيع بشكل ضمني على استمرارها.
كما أنه يتستر على هذه الجرائم من خلال رفض التحقيق فيها، وهذا إهمال في أداء الوظيفة، حيث يقتضي مركزه مراقبة سلوك الشرطة والتأكد من عدم مخالفتهم للقانون.
إن هذه الحقائق تؤكد دون شك، أن مرشح الإمارات لرئاسة (الإنتربول)، هو أحد مرتكبي الانتهاكات والمسؤولين قانونياً وأخلاقياً عن جرائم حقوق الإنسان التي تم ارتكابها في الإمارات.