منعت ميلشيات النظام الحاكم في دولة الإمارات التي تسيطر على العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية عدن، عقد جلسة طارئة لمجلس النواب اليمني في المدينة، ووضعت عراقيل، وأطلقت تهديدات طالت، إضافة إلى عدد من البرلمانيين، الرئيس عبد ربه منصور هادي، ما اضطر الأخير إلى تغيير مكان انعقاد الجلسة، ليصبح في مدينة سيئون في حضرموت.
وعمدت الإمارات إلى وضع كل العراقيل للحؤول دون الجلسة، ما جعل قيادة المجلس والرئاسة اليمنية يفكرون ببدائل آمنة بعيدا عن هيمنة القوات الإماراتية أو الموالية لها.
وذكرت مصادر عديدة أن الرئيس هادي وقيادة مجلس النواب قرروا عقد الجلسة في مدينة سيئون في مدينة حضرموت، شرقي اليمن، والتي من المقرر أن يستكمل وصول أعضاء مجلس النواب إليها من مختلف المناطق والبلدان الثلاثاء، على أن يعقد مجلس النواب جلسته يوم قبل نهاية الأسبوع الجاري.
ووفق مصدر محلي فإن وحدات عسكرية كثيفة سعودية ويمنية وصلت إلى مدينة سيئون خلال اليومين الماضيين، ومن ضمنها قوات من الحرس الرئاسي، استعدادا لحماية المدينة وأماكن استضافة أعضاء مجلس النواب، وأن استعدادات مكثفة جارية لاستقبال الرئيس هادي في المدينة لحضور الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب.
وبحسب مصدر برلماني فإن الكتل البرلمانية لمجلس النواب اليمني حسمت الخلاف خلال اليومين الماضيين حول القيادة الجديدة لمجلس النواب اليمني، والتي من المقرر أن تخصص هذه الجلسة البرلمانية التي تعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب اليمنية قبل أكثر من 4 سنوات، لاختيار رئيس وأعضاء هيئة رئاسة المجلس النيابي، إثر احتجاز ميليشيات جماعة الحوثي الانقلابية رئيس المجلس يحيى الراعي ووضعه تحت الإقامة الجبرية في العاصمة صنعاء، وممارسة الضغوط عليه وعدم السماح له بمغادرة العاصمة صنعاء حتى للعلاج، خشية انضمامه للحكومة الشرعية برئاسة هادي.
وقد حزم مسؤولو الحكومة الشرعية اليمنية حقائبهم نحو مدينة سيئون في محافظة حضرموت شرقي البلاد، حيث من المقرر أن تعقد أولى جلسات البرلمان اليمني بنسخته المؤيدة للشرعية، في إقرار ضمني، بصعوبة انعقاد الجلسة في المدن التي تنتشر فيها القوات الموالية لدولة الإمارات بما في ذلك مدينة عدن العاصمة المؤقتة.
وأكدت مصادر يمنية مطلعة توافد العديد من المسؤولين بالتزامن مع انتشار أمني مكثف للقوات الحكومية في مدينة سيئون، استعداداً لعقد الجلسة البرلمانية غير المسبوقة، بحضور الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ودبلوماسيين دوليين، وغالبية أعضاء مجلس النواب اليمني، الذين جرت دعوتهم من مدن مختلفة خارج البلاد، بالإضافة إلى الأعضاء المتواجدين في الداخل.
ووفقاً للمصادر، وصلت إلى سيئون قوات من الحماية الرئاسية التي يقودها العميد ناصر عبد ربه منصور هادي (نجل الرئيس) إلى سيئون، لتأمين تواجده في المدينة، كما وصلت قوات سعودية للمشاركة في تأمين انعقاد الجلسة المقرر أن يجري خلالها انتخاب أحد الأعضاء رئيساً للبرلمان، خلفاً للرئيس الحالي يحيى الراعي، والمتواجد في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وحسب المعلومات المتواترة من مصادر قريبة من البرلمان، فقد جرى الاتفاق حول انعقاد الجلسة بعد لقاءات مكثفة لهادي ونائبه الفريق علي محسن صالح الأحمر، بقيادات حزبية، بما فيها الأمين العام المساعد لحزب “المؤتمر الشعبي العام”، سلطان البركاني، والذي يترأس كتلة الحزب في البرلمان، وسط أنباء عن وعود بدعم اختياره رئيساً للمجلس، بعد أن انسحب في وقتٍ سابقٍ من الشهر الجاري، احتجاجاً على ترشيح هادي لشخصيات أخرى، في موقع رئيس البرلمان.
ويعد انعقاد جلسة برلمانية في الشرعية، حدثاً هو الأول من نوعه، منذ تصاعد الحرب في البلاد، إذ لطالما حالت الأيام والشهور دون أن تسفر الجهود الرامية لانعقاد المجلس الأطول عمراً بين برلمانات العالم، خصوصاً بعد أن نزح أعضاء إضافيون من مناطق الحوثيين وانضموا للشرعية عقب أحداث ديسمبر/ كانون الأول 2017، والتي قتل فيها الرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح، وكان البرلمان ما يزال ورقة في يده حاول استخدامها حتى في صراعه مع الحوثيين.
إلى جانب ذلك، يأتي اختيار مدينة سيئون وهي ثاني أهم مدن محافظة حضرموت (المحافظة تحتل مساحة ثلث اليمن)، باعتبارها المحافظة الأكثر ضماناً بالنسبة لقوات الشرعية، وتنتشر فيها وحدات من قوات الجيش اليمني هي ما تبقى تقريباً من الجيش التقليدي، الذي بقي بعيداً عن الحرب.
ويعد انعقاد المجلس فيها إقراراً غير مباشر بوجود عقبات تقف أمام الانعقاد في المدن التي تنتشر فيها قوات موالية للإمارات، وفي المقدمة منها مدينة عدن، بوصفها “العاصمة المؤقتة” التي يجد مسؤولو الحكومة أنفسهم تحديات بالتواجد فيها بشكل دائم.
في السياق ذاته، برزت حملة تحريض من قبل أنصار ما يُعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعوم إماراتياً، ترفض انعقاد مجلس النواب اليمني في سيئون.
وكتب نائب رئيس المجلس القيادي السلفي المقرب من أبوظبي هاني بن بريك، على حسابه بموقع “تويتر” تغريدة ترحب بأي قوات سعودية أو إماراتية في حضرموت وترفض في الوقت ذاته أي حضور لما وصفه بـ”برلمان الزور والكذب”، وأضاف أن “لشراكتنا مع التحالف قواعد لا يفهمها الكثير”.