موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

“مؤسسة تكوين”.. الإمعان في عداء الإمارات للثوابت العربية والإسلامية

1٬291

شكل إطلاق دولة الإمارات مؤخرا “مؤسسة تكوين الفكر العربي” إمعانا إضافيا في جر أبوظبي إلى مستنقع جديد من الفشل و في عداء العالم العربي بخطاب مهزوز، يجرد سياسة الدولة من الثوابت.

وروجت الإمارات أن مؤسسة تكوين التي جرى إطلاقها في مصر تستهدف “طرح الأسئلة في المسلمات الفكرية، والحوار، وإعادة النظر في الثغرات”.

وسرعان ما أثارت المؤسسة الكثير من الجدل حول أهدافها، في ظل وجود مشيخة الأزهر التي يترأسها الإمام أحمد الطيب، وتساؤلات أخرى حول من يقف وراءها ومصادر تمويلها، بحسب ما أبرز تحقيق لموقع (uae71) المعارض.

وعلى الرغم من ظهور بعض الشخصيات في مجلس الأمناء إلا أنه لا يُعرف مَن رئيسُه أو مديره التنفيذي أو القائمون عليه من علماء دين وباحثين متمكنين في الفكر الإسلامي.

لذلك لا يعرف من يقود “مؤسسة تكوين”، ولم يكشف موقعها الرسمي عن مصادر تمويلها أو حجم موازنتها، لكنه يشير إلى أسماء بعض أعضاء مجلس أمنائه؛ وهم مجموعة من المتطرفين الذين يماثلون سلوك أبوظبي تجاه اعتبار ما هو “إسلامي” مصدر تهديد محتمل.

وبدون تعريف قيادته التنفيذية؛ يظهر في الموقع أعضاء مجلس الأمناء فقط؛ يتصدرهم الإعلامي المثير للجدل “إبراهيم عيسى” ةالذي اتهم عدة مرات بازدراء الإسلام والتشكيك في ثوابته بما في ذلك قضايا في 2022 و2023.

وكذلك الكاتب “إسلام البحيري” الذي أدين عام 2015 بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وحكم عليه بالسجن لمدة عام.

والكاتب “يوسف زيدان” الذي واجه اتهامات في 2013 مماثلة بازدراء الديانة المسيحية، واتهامات أخرى بازدراء الديانات السماوية والدعوة لأفكار متطرفة.

ويحسب لمؤسسة تكوين أنها جمعت “البحيري” و”زيدان” في مركز واحد رغم تنافرهما والاتهامات التي يسوقها كل شخص ضد الآخر، حيث ينسب كل شخص فيهما لنفسه الفضل في التشكيك بالأحاديث النبوية وأئمة المذاهب الأربعة؛ حتى أن البحيري أطلق على زيدان لقب “يسرية زيدان”  في 2015 في محاولة لتحقيره، لكنه في الوقت ذاته كان يُحقر المرأة العربية بشكل عام.

ويشير الموقع الإلكتروني للمؤسسة أيضاً إلى عضو مجلس أمناء آخر وهو السوري “فراس السواح”، وهو متطرف آخر يعتبر أن “نسخة الإسلام الحالي تشجع على التطرف”.

وتقول مؤسسة تكوين إن هدفها “التنوير العربي”. ولنضع مصطلح “التنوير” بين قوسين؛ إذ أن التنوير لا يمكن أن يُمنح لمقدمي برامج وشخصيات كرست نفسها في وسائل الإعلام لدعم الانقلابات العسكرية وامتداح الجرائم ضد الإنسانية.

وعلى الرغم من أن الموقع الالكتروني لـ”تكوين” لم يكشف مصادر التمويل، إلا أن تصريحات مواربة لكُتاب في المؤسسة تشير إلى أن التمويل قادم من أبوظبي، كما أن الرؤية والأهداف تتسق وأهداف مؤسسات خلال العقد الماضي تدعمها أبوظبي، والتي تركز على “تجديد الخطاب الديني بما يلائم مستجدّات العصر” و”مكافحة التطرف”.

يبرز هنا مركز “هداية” الإماراتي الذي تموله أبوظبي ويخدم أجندتها في الغرب. ويشبه اعتماد مؤسسة “تكوين” على شخصيات متطرفة فيه على ما يعتمد عليه “مركز هداية”؛ حيث يعتمد الأخير على عاملين وباحثين يتبنون أجندة يمينية ومعروفين بعدائهم للمسلمين والمؤسسات الإسلامية من أمثال: “لورينزو فيدينو”، “سارة برزوسكيويتش”، “ماغنوس نوريل”.

كما تبرز أهداف “مؤسسة تكوين” ضد “الإسلاميين والإسلام” ضمن شبكة متعددة الاختصاصات والاهتمامات تخدم سياسات أبوظبي وطموحاتها ومواجهة خصومها؛ مثل “صواب”، و”المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات”، ومنصة “عين أوروبية على التطرف”.

ومنذ عقد ونيف تقوم أبوظبي بإنشاء مؤسسات موازية تهدف للتأثير على الخطاب الإسلامي الوسطي، وتسعى من خلاله لإعادة كتابة الخطاب الإسلامي بما يتوافق مع توجهات السياسة الخارجية، والتي أوصلت إلى التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وما يعرف بـ”الديانة الإبراهيمية”؛ ولذلك لم يكن مستغرباً أن مؤتمر “تكوين” التأسيسي لم تجد أياً من أوراقه تطرقاً للإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزة على يد العدو الصهيوني على الحدود مع مصر.

وتعتبر مشيخة الأزهر أبرز المؤسسات المسؤولة عن تجديد الخطاب الديني ليس في مصر وحدها بل وفي معظم العالم العربي وأفريقيا.

وكان موقف المؤسسة الدينية الأكبر في مصر متشكّكاً بتأسيس “تكوين” ومؤتمرها؛ حيث هاجم العديد من علماء الأزهر “مركز تكوين”، ووصفوه بأنه أول مشروع علني مُنظم للتشكيك في ثوابت الإسلام، ويسعى لنشر الإلحاد والشكوكية وإنكار السنة النبوية بين المسلمين، وذلك تحت دعاوى التنوير والتسامح والفكر الحر.

وعقب الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، المشرف على الفتوى بالأزهر الشريف، على تدشين كيان جديد يحمل بين طياته مهاجمة الثوابت الإسلامية، قائلًا: “سنتخذ ما يلزم بعد الوقوف على الحقيقة”.

وكتب شومان على صفحته في فيسبوك: “تتابع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء حقيقة ما ينشر عن تكوين كيان للنيل من ثوابت الدين وأخلاقيات وقيم الأمة، وسيتخذ ما يلزم بعد الوقوف على الحقيقة”.

من جهته قال عضو هيئة التدريس قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، الدكتور علي محمد الأزهري إن “مركز تكوين يضم أشخاصا يشككون في السنة والعقيدة، وينبغي على مؤسسة الأزهر الشريف أن تنتبه لهذا المصاب الجلل”.

ويثير الدكتور الأزهري ارتباط مركز تكوين باستهداف طلاب الأزهر، إذ يضيف: “خاصة أنني وجدت جمعا من طلاب الأزهر ومن الكليات العلمية والمستحدثة، يجنحون لأقوال هذا الصنف”.

وتابع قائلا إن: “الأزهر عليه واجب الوقت، وينبغي على أرباب الكلمة فيه إعادة النظر في المناهج، وبخاصة مناهج العقيدة والتيارات والشبهات المثارة حول الاعتقاد”.

وخلال العقد الماضي أسست أبوظبي عديداً من المراكز والهيئات شبيهة بمؤسسة “تكوين”، وعُقدت داخل الإمارات وخارجها مؤتمرات كبيرة أُنفقت فيها عشرات الملايين من الدولارات بذات الأهداف والرؤية لمؤسسة تكوين المصرية.

لكن تلك المراكز والهيئات لم تتمكن من الوصول إلى الجمهور، وبمرور الوقت زادت الفجوة معه؛ ويعود ذلك إلى تحقير الأفكار والتيارات الأخرى واتهامها بالإرهاب والدونية، والقراءة المسيسة للتراث الإسلامي التي دائماً ما تحدث انقساماً لدى المتلقين.

كما أن خطى “مؤسسة تكوين” تمضي كما هي المؤسسات السابقة التي أسستها أبوظبي بالإصرار على استخدام الأسلوب الصادم والمستفز والمنفر للجمهور، ومعاداة حركات الإسلام السياسي، وتغييب قضايا مهمة أخرى مثل الحرية والعدالة والديمقراطية والمشاركة السياسية، والقضايا الإسلامية والقومية العربية مثل القضية الفلسطينية.