موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

وثيقة تكشف: عقد استعمار جديد مقابل تمويل الإمارات للانفصال في اليمن

756

كشفت وثيقة رسمية مسربة عن عقد استعمار اقتصادي في جنوب اليمن، تموّله دولة الإمارات تحت غطاء “الانفصال” لتكريس تقسيم البلاد.

وتأتي الوثيقة المؤرخة في السادس من يونيو 2021 وموجّهة من العميد سعيد المضبر، رئيس ما يسمى *بخلية الوحدة الخاصة باليمن*، إلى قيادة العمليات المشتركة الإماراتية مباشرة، في سياق يعكس تبعية كاملة للقرار اليمني الجنوبي للممول الأجنبي.

ويظهر مضمون الوثيقة أن أبوظبي لا تكتفي بالوجود العسكري، بل ترسم معالم اتفاق اقتصادي يتيح لها استغلال ثروات الجنوب لعقود طويلة، مقابل تمويلها للمجلس الانتقالي الجنوبي في مسعاه لفصل الجنوب عن الشمال.

اتفاقية الانفصال: تمويل مقابل الثروة

يبدأ التقرير بالإشارة إلى اتفاق مبرم بين ما يسمى بالقيادة العليا والمجلس الانتقالي الجنوبي، يقضي بأن تتكفّل الإمارات بتمويل مشروع الانفصال الكامل، فيما يتولى الانتقالي سداد التكاليف عبر استخراج الثروات المعدنية في المحافظات الجنوبية.

بمعنى آخر، جرى تحويل الجنوب إلى منجم مفتوح، يمول مشروعاً سياسياً انفصالياً من ثروات اليمنيين أنفسهم.

ما يظهر في الوثيقة هو صفقة كاملة الأركان: الإمارات تدفع الفاتورة السياسية، والانتقالي يرد الدين من باطن الأرض، في تجسيد واضح لعلاقة تبعية اقتصادية – سياسية عنوانها “استقلال مزيف” مرهون بالتمويل الخارجي.

ويؤكد التقرير أن الفرق الميدانية الإماراتية نزلت إلى محافظة المهرة، وأجرت عمليات استكشاف معدني واسعة النطاق، ركّزت بالدرجة الأولى على الذهب والمعادن النادرة.

لكن الفريق واجه، وفق الوثيقة، “عراقيل اجتماعية وأمنية”، وهو توصيف يخفي وراءه رفضاً شعبياً واسعاً من أبناء المهرة، الذين أدركوا أن ما يجري ليس استثماراً ولا تنمية، بل نهب منظم لثرواتهم تحت غطاء مشاريع استكشافية.

ويعترف التقرير بأن الحالة الاجتماعية في المهرة “رافضة لأي عون أو نشاط إماراتي”، وهو اعتراف صريح بأن المجتمع المحلي يرى في أبوظبي قوة احتلال اقتصادي وليست شريكاً تنموياً.

ويشير التقرير كذلك إلى أن الشيخ علي سالم الحريزي، أحد أبرز الشخصيات الوطنية في المهرة، يقود تحركاً شعبياً لمقاومة محاولات النهب، وهو ما تصفه الوثيقة بأنه “عقبة أساسية أمام تنفيذ الخطة”.

رشوة رسمية: مليون دولار لمعين عبدالملك

تكشف الوثيقة عن اتفاقية خطيرة مع رئيس حكومة الشرعية معين عبدالملك، وصفت بأنها “مربط الفرس”، إذ سمحت لفريق الاستكشاف ببدء الأعمال الميدانية رسمياً.

الاتفاق تم توقيعه مع شركة تعمل تحت الباطن لصالح شركة “دبي ثان” للتعدين، ويتضمن التنقيب عن الحجر الجيري في المهرة واستخراجه وتصديره للخارج، مقابل إنشاء ميناء في منطقة قشن.

لكن الأخطر أن الاتفاقية نصّت على منح معين عبدالملك ووزير النقل في المجلس الانتقالي مليون دولار لكل منهما، كمكافأة شخصية مقابل تسهيل الصفقة ومنح الشركة حق التنقيب والتصدير لمدة خمسين عاماً كاملة.

هذا يعني أن الثروة الوطنية تم بيعها مقابل رشوة سياسية، وأن عقد الاستغلال يمتد نصف قرن ليجعل من الجنوب *محمية اقتصادية إماراتية بالكامل.

رخصة قديمة تُستغل في مشروع جديد

تشير الوثيقة إلى أن شركة ثاني دبي للتعدين حصلت عام 2005 على رخصة من الرئيس الراحل علي عبدالله صالح للتنقيب عن الذهب في حضرموت.

وتسمح إحدى فقرات تلك الرخصة بتوسيع نطاق العمل، وهو ما استغلته أبوظبي بعد عام 2015 لتوسيع أنشطة الشركة نحو المهرة، بحكم مجاورتها لحضرموت.

وبذلك، تحولت رخصة قديمة إلى غطاء قانوني مزيف لعمليات نهب جديدة تُدار عبر صفقات سرية مع مسؤولين في الحكومة الحالية.

والتقرير يذكر تشكيل فريق من “الخبراء الدوليين” يضم مصريين وفلسطينيين وسوريين وبرازيليين وأوكرانيين، إلى جانب إماراتيين، لتنفيذ مهام الاستكشاف ورسم الخرائط وتحليل العينات.

كل ذلك تم بإشراف مباشر من القيادة الإماراتية، وكأن المهرة أرض بلا سيادة.

ويصف التقرير نتائج أعمال الفريق بأنها “مشجعة للغاية”، إذ توصل إلى احتياطات ضخمة من الذهب والمعادن، منها:

* 24 مليون طن من الذهب

* 850 ألف طن من الزنك

* مليون طن من الحديد

* 12 مليون طن من النيكل

* بالإضافة إلى كميات كبيرة من الرصاص، الفضة، النحاس، الكوبالت، التيتانيوم، والكوارتز.

وتظهر هذه الأرقام أن المهرة تمتلك ثروة معدنية هائلة يمكنها أن تغير اقتصاد اليمن بأكمله، لكنها تُستغل اليوم في صفقات تحت الطاولة لصالح مشروع انفصال تموّله الإمارات وتديره من خلف الكواليس.

الإمارات والاحتلال الاقتصادي الكامل

في الفقرة الختامية من الوثيقة، يوصي العميد المضبر بضرورة إقامة المعسكرات الإماراتية في مواقع وجود الثروات لتأمينها، وهو ما يؤكد صحة التقارير السابقة عن تمركز القوات الإماراتية في مناطق جبل النار بالمخا وحضرموت والمهرة، قرب مواقع التعدين والموانئ الجديدة.

والوثيقة، بما تتضمنه من تفاصيل مالية وجغرافية وأمنية، لا تترك مجالاً للشك:

نحن أمام عقد استعمار جديد يربط مستقبل الجنوب اليمني بثروة تُنهب وسلطة تُباع، تحت مسمى “التحرير والانفصال”.

فما يُقدَّم كتمويل سياسي هو في الواقع شراء طويل الأمد للثروات اليمنية، وما يُسمّى شراكة تنموية ليس سوى واجهة لهيمنة اقتصادية شاملة، تمهد لتحويل الجنوب إلى مستعمرة موارد، يحرسها وكلاء محليون، وتديرها شركات إماراتية تحت غطاء شرعية مزيّفة.