موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

بالفيديو/ قتل علياء عبد النور تعذيبا.. حلقة ضمن مسلسل جرائم الإمارات بحق النساء

617

فور الإعلان عن وفاة معتقلة الرأي في سجون النظام الإماراتي علياء عبد النور وهي مكبلة اليدين والقدمين على أحد أسرّة مستشفى توام في العين حيث الحراسة الأمنية المشددة، حتى تفجرت موجة واسعة النطاق من السخط والغضب في أوساط الإماراتيين والخليجيين والعرب والمنظمات الحقوقية.

وأفردت وسائل إعلام عربية ودولية تغطية إعلامية واسعة لحادثة قتل علياء تعذيبا، فضلا عن مئات التغريدات التي تترحم على روح شهيدة الإمارات وتندد بجرائم النظام الإماراتي.

وتوفيت علياء عبد النور المعتقلة الإماراتية بسجون أبو ظبي،  بعد صراع مع المرض داخل السجن، ورفض سلطات أبوظبي الأمنية والتنفيذية إطلاق سراحها للعلاج، فيما قال نشطاء إنها توفيت جراء التعذيب.

وتسرب تسجيل لعلياء عبد النور في شهر مايو 2018، تفيد بتعرضها للتعذيب والحرمان من العلاج، حيث اكتشف الأطباء إصابتها مجددا بمرض السرطان الذي شفيت منه في 2008، بحسب مراكز حقوقية دولية.

ورغم وضعها الصحي السيء، أبقت سلطات أبو ظبي عليها في السجن في ظروف سيئة ودون علاج الأمر الذي زاد من سوء حالتها بعد استشراء مرض السرطان وشل حركتها.

وكان الأمن الإماراتي اعتقل عبد النور في 29  يوليو 2015، واحتجزها في مقر سري حيث عانت من التعذيب وسوء المعاملة. وأُدينت بتهم متعلقة بالإرهاب عام 2017، في قضية شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة، بحسب منظمة هيومين رايتس ووتش.

وعبر نشطاء وناشطات على “تويتر” عن مشاعر غضب وسخط غير مسبوقين إزاء سلطات أبوظبي على استشهاد علياء عبدالنور، محمّلين إياها المسؤولية الكاملة عن إزهاق روح المعتقلة منذ يوليو 2015.

وخلال الأسابيع الماضية، برز اسم علياء عبدالنور مع تصاعد مطالبات منظمات حقوق الإنسان بالإفراج عنها، وطلبات عائلتها بتدخل المجتمع الدولي لدى السلطات الإماراتية للإفراج عن ابنتهم علياء، لإتاحة الفرصة لها لتلقي العلاج من مرض السرطان الذي انتشر في جسدها بسبب الإهمال الطبي الذي تلقاه في معتقلها.

أول أربعة أشهر من اعتقال علياء كانت في ظل إخفاء قسري. مقيدة، بلا تواصل مع أسرتها، ولم تصدر السلطات أي بيانات أو تُفصح عن أي معلومة عن علياء، حتى اُعلن فجأة عن محاكمتها، وصدور حكم ضدها بالسجن عشر سنوات.

وعلى الرغم من الشائع عن المعاملة المحافظة في دول الخليج مع المرأة، إلا أن الوضع يبدو مختلفًا في دولة السعادة الكاذبة، فعلياء ليست المرأة الوحيدة التي تعرضت لقمع السلطات الإماراتية، وإنما نموذج لغيرها ممن تعرضن لمصير مشابه، من أبرزهن بنات السويدي والعبدولي، وأخريات اختطفن أو سحبت منهن الجنسيات ومنعن من السفر.

وتعود بدايات قصة علياء (40 عامًا، إلى تموز/يوليو 2015، بعد أن هاجمت قوة أمنية محل إقامتها في الإمارات، وقادتها لمكان مجهول، لتظل مختفية قسريًا نحو أربعة أشهر.

ونشرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، صورة لرسالة كتبتها علياء بخط يدها في آب/أغسطس الماضي، تسرد فيها ما حدث لها منذ اعتقالها دون إذن قضائي، وتعرضها للاختفاء القسري والتعذيب، ومن ثم الاحتجاز، في أماكن غير مناسبة وبطريقة لا تراعي إصابتها بمرض السرطان، الذي كانت قد استطاعت السيطرة عليه في عام 2008 بعد رحلة علاجية في ألمانيا، قبل أن يعود للانتشار مجددًا في جسدها أثناء اعتقالها، وبسبب رفض السلطات تقديم أي رعاية صحية لها.

وتحدثت علياء عن شهور الاختفاء القسري التي تقول إنها ظلت خلالها معصوبة العينين ومقيدة اليدين والقدمين، مع تعريضها لإضاءة قوية لا تنطفئ، حتى قررت السلطات الإماراتية أخيرًا تقديمها للمحاكمة بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد، وحُكم ضدها بالسجن عشر سنوات.

وقد أدان تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 2015 المؤسسة القضائية في الإمارات، ووصفها بأنها غير مستقلة. لكن مطالب أسرة علياء كانت محصورة في تقديم الرعاية الصحية لابنتهم، مع فقدانهم الأمل في الإفراج عنها لتعنت السلطات الإماراتية، ولو بالإفراج المشروط على ذمة الحكم الصادر بحقها، فقط لتلقي العلاج المناسب.

وفي تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، نشرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الإمارات، ما قالت إنها مكالمة صوتية مسجلة بين علياء وأسرتها، قالت فيها علياء: “أشعر بضيق شديد في صدري. إنهم يتعمدون استفزازي، ودون أي سبب، يريدون مني افتعال المشكلات، لا يريدون إلا المشاكل، أنا لا أريد شيئًا، فقط أريد أن أتصل بكم”.

ووسط بكاء الأم والأب المستمر طوال المكالمة التي أجرتها ابنتهما معهما من داخل مقر احتجازها، تابعت علياء: “محبوسة في غرفة لمدة سنة، لا خروج ولا هواء، لا أريد معاملة مميزة. أريد أبسط حقوقي، محرومة من أبسط حقوقي. من حقي أطمئن على أمي وأبي، وأتواصل معكما”.

ومع التدهور الشديد في حالتها الصحية، اضطرت السلطات الإماراتية إلى نقل علياء إلى مستشفى المفرق الحكومي في أبوظبي. لكن وفقًا لتقارير، فإن الوضع لم يختلف كثيرًا عن السجن.

ففضلًا عن احتجازها في غرفة واحدة لا تخرج منها أبدًا، فإنها هناك أيضًا تعاني الإهمال الطبي، ولا يُقدم لها من رعاية صحية إلا الأدوية المسكّنة. وعليه، أبدت تقارير حقوقية خشيتها من تعرض علياء لما أسمته “القتل البطيء الممنهج” على يد السلطات الإماراتية، بحرمانها من حق العلاج المناسب.

“كل شيء ممنوع. لا شمس ولا هواء ولا أكل. ابنتي مصابة بالسرطان، وتقتل في سجون أبوظبي. ماذا فعلت لتقتل؟”، كلمات قالتها والدة علياء خلال مقطع فيديو نشرته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والتي تولي اهتمامًا كبيرًا لقضية علياء.

وتحدثت والدة علياء عن الظروف القاسية التي تتعرض لها ابنتها. وقالت الأم: “ابنتي تواجه الموت، ومرض السرطان انتشر في جسدها، وأصبح جسدها وكأنه قطعة بلاستيك سُكبت عليه مادة كاوية. انتقل الورم الخبيث للجلد والغدد، وأصيب نظرها بضعف، ولم تعد قادرة على الوقوف بشكل طبيعي، وتستمر في السقوط خلال استعمالها دورة المياه”.

وأشارت الوالدة أيضًا إلى سوء المعاملة التي يتعرضون لها لأنهم أسرة علياء، والتضييق والتنكيل المستمر من قبل السلطات الإماراتية لهم.

وبحسب بيان صادر عن ثلاث منظمات حقوقية دولية، هي: منظمة العفو الدولية ومنظمة الكرامة ومنظمة هيومن رايتس ووتش، فإن التعذيب في السجون الإماراتية يُعد “أمرًا شائعاً”. وقد أشار البيان الصادر عام 2013، إلى أن التعذيب في السجون وأماكن الاحتجاز بالإمارات، يُمارس بشكل منتظم. وقد طالبت المنظمات بالتحقيق في شهادات المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب، لكن السلطات الإماراتية رفضت ذلك.

المزيد من الضحايا

لم تكن علياء الأولى، ولن تكون الأخيرة على ما يبدو، فقد انتهجت الإمارات اعتقال النساء والتنكيل بهن على مدار سنوات، وازداد الأمر عقب ثورات الربيع العربي، إذ بدأت السلطات الإماراتية حملة اعتقالات لعدد من الأكاديميين والحقوقيين، فيما عُرف إعلاميًا بقضية “الإمارات 94”. وطالت تلك الاعتقالات 13 امرأة، حصلن لاحقًا على أحكام بالبراءة.

ورغم أحكام البراءة، لكن السلطات الإماراتية لم تتوقف عند استهداف النساء بطرق مشينة. ومن أبرز تلك الحالات الموثقة، اختطاف السلطات الإماراتية لعائشة الزعابي ورضيعها، لنحو خمسة أيام، من عند نقطة حدودية بين الإمارات وعُمان، خلال محاولة الزعابي السفر إلى سلطنة عمان، وذلك في العاشر من كانون الثاني/يناير 2014.

وعائشة الزعابي هي زوجة المستشار محمد بن صقر الزعابي، صاحب الموقف الرافض لقضية “الإمارات 94″، وقد حاولت السلطات الإماراتية الضغط على محمد الزعابي للعودة إلى البلاد وتسليم نفسه عبر اعتقال زوجته.

لكن حملة التنديد باعتقال عائشة الزعابي، وتهديد نشطاء بالتظاهر أمام السفارة الإماراتية في لندن، وضغوط المنظمات الحقوقية، أجبرت السلطات الإماراتية على الإفراج عن عائشة بعد خمسة أيام من اعتقالها.

وفي مثال آخر، اعتقلت السلطات الإماراتية، مرة واحدة، ثلاث شقيقات للحقوقي الإماراتي المعتقل عيسى السويدي. وتعرضت الشقيقات الثلاث للاختفاء القسري لنحو ثلاثة أشهر. وتعرضت الشقيقات الثلاث للاعتقال بسبب تغريدات دفاعًا عن أخيهن المعتقل.

وقالت منظمة العفو الدولية آنذاك، إن الشقيقات الثلاث، تم استدعاؤهن للاستجواب في مركز شرطة أبوظبي في 15 شباط/فبراير 2015، ومن هناك نقلن للحجز في مقر جهاز أمن الدولة، وانقطعت أخبارهن منذ ذلك الوقت ولمدة ثلاثة أشهر، حتى اُفرج عنهن في أيار/مايو من نفس العام.

ويتصاعد الاعتقال، وتستمر سياسات السلطات الإماراتية في اعتقال النساء للضغط على الرجال، ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2015، اعتقلت السلطات أربعة إخوة مرة واحدة، هم أمينة ومصعب وموزة ووليد، ابناء العقيد الإماراتي محمد العبدولي الذي انطلق إلى سوريا للقتال في صفوف فصائل المعارضة.

وأطلقت السلطات سراح موزة العبدولي في أيار/مايو 2016، وتبعها شقيقها وليد، ولكن استمر اعتقال كل من أمينة وشقيقها مصعب، إلى أن تم عرضهما على دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في حزيران/يونيو 2016، وقضت المحكمة في تشرين الأول/ أكتوبر من نفس العام، بالسجن خمس سنوات وغرامة 500 الف درهم على أمينة، والسجن سبع سنوات على مصعب، بالاستناد إلى قانون مكافحة الإرهاب.

وفيما يخص هذا القانون، فقد قالت هيومن رايتس ووتش، إنه يتضمن بنودًا من شأنها تعريض زوجات وعائلات سجناء الرأي للخطر، وفقًا للجزيرة نت.

ولا تتوقف انتهاكات السلطات الإماراتية بحق النساء عند الاعتقال، فهناك أيضًا المنع من السفر، وسحب الجنسية، وهي ممارسة شائعة لدى السلطات الإماراتية ضد معارضيها.

وقد حدث منع السفر مع هادية محمد عبد العزيز، زوجة المعتقل الإماراتي فؤاد الحمادي، إذ منعت من السفر في شباط/فبراير 2014، ثم في آذار/مارس 2016، فيما حدث سحب الجنسية والهويات الخاصة مع ثلاثة من أبناء محمد عبدالرزاق الصديق، الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات في قضية “الإمارات 94”.

وتكرر الأمر أيضًا مع زوجة المعارض عبيد علي الكعبي، في نيسان/ابريل 2016، إذ جردت من جنسيتها بعد إسقاط الجنسية عن زوجها دون محاكمة.