موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

علي الخاجة… أحدث ضحايا التعذيب الممنهج في سجون الإمارات

546

أعلنت هيومن رايتس ووتش ومركز مناصرة معتقلي الإمارات في بيان مشترك أن السجين السياسي الإماراتي علي الخاجة توفي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 داخل سجن الرزين سيئ السمعة، بعد أكثر من 13 عاما من السجن التعسفي المشوب بادعاءات التعذيب وسوء المعاملة وسلب الحقوق الأساسية.

وقالت المنظمتان في بيان مشترك اطلعت عليه “إمارات ليكس”، إن الخاجة، البالغ من العمر 59 عاما، كان أحد أبرز ضحايا محاكمة “الإمارات 94” الجماعية التي استهدفت معارضين سياسيين وناشطين في موجة قمع غير مسبوقة في الدولة.

وقال مركز مناصرة معتقلي الإمارات إن الخاجة عُثر عليه ميتا في زنزانته بعد يوم واحد فقط من إبلاغه بوفاة والده الذي توفي بتاريخ 8 نوفمبر/تشرين الثاني. ورغم وفاة والده قبل عشرة أيام، لم تُخطره السلطات داخل السجن إلا في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، أي قبل يوم واحد فقط من وفاته.

وأشار المركز إلى أن وفاة الخاجة جاءت بعد سنوات من الانتهاكات، بما فيها الإخفاء القسري، والتعذيب، والحرمان من الرعاية الطبية، والحبس الانفرادي المطوّل، والاستمرار في احتجازه بشكل غير قانوني رغم انتهاء مدة حكمه الأصلية.

من جانبها، قالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: “تأتي وفاة الخاجة بعد سنوات من السجن التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة بشكل عام من قبل السلطات الإماراتية، رغم أنه ما كان يجب أن يقضي يوما واحدا في السجن. على السلطات أن تحقق في هذه الوفاة فورا وبشفافية، وأن تقدم تفسيرا واضحا لعائلته والمجتمع الدولي”.

ووفق مركز مناصرة معتقلي الإمارات، تم العثور على جثمان الخاجة صباح 19 نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أن السلطات لم تُبلِغ عائلته إلا في وقت متأخر من مساء ذلك اليوم.

ولم تُجرِ السلطات أي تشريحٍ مستقلّ للجثة، ما أثار مزيدًا من الشكوك بشأن ظروف وفاته. ومنذ الإعلان عن الوفاة، مُنعت عائلات المعتقلين السياسيين الآخرين في سجن الرزين من زيارتهم، وهو ما يعدّ مؤشرا إضافيا على تدهور الوضع داخل السجن.

وكانت “المحكمة الاتحادية العليا” في أبو ظبي قد أدانت الخاجة إلى جانب 68 شخصا آخرين في محاكمة جماعية اعتُبرت جائرة على نطاق واسع، بعد موجة من الاعتقالات التعسفية التي تزامنت مع حملة قمع شديدة طالت المعارضين السياسيين.

وقد انتهكت تلك المحاكمة حقوق المتهمين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، كما تعرض الخاجة خلالها للتعذيب وسوء المعاملة؛ بما في ذلك الضرب، والحبس الانفرادي لفترات مطوّلة، وتسليط الإضاءة الساطعة بشكل مستمر لمنعه من النوم.

وكانت قوات الأمن الإماراتية اعتقلت الخاجة في أغسطس/آب 2012 وسط حملة واسعة طالت النشطاء والمعارضين. وتسببت القضية حينها بموجة قلق واسعة بشأن مستقبل حرية التعبير وتكوين الجمعيات في البلاد.

ورغم انتهاء مدة محكوميته البالغة عشر سنوات في أغسطس/آب 2022، إلا أن السلطات واصلت احتجازه بالاستناد إلى قانون مكافحة الإرهاب لعام 2014، وهو قانون انتُقد بشدة لعدم وضوح تعريفه لمصطلح “الخطورة الإرهابية”، وللسماح باحتجاز الأشخاص إلى أجل غير مسمى في مراكز المناصحة.

يُعرّف القانون هذه المراكز بأنها وحدات تهدف إلى “هداية وإصلاح” من تشتبه الدولة بأن لديهم “خطورة إرهابية”، وهو وصف فضفاض يستخدم لتبرير الاحتجاز التعسفي المستمر. وتقول منظمات حقوقية إن هذه المراكز تُستخدم لمعاقبة سجناء الرأي الذين أنهوا محكومياتهم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، وخلال فترة استضافة الإمارات لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب28)، وجّهت السلطات تهما جديدة إلى ما لا يقل عن 84 متهما، بمن فيهم الخاجة.

وأثارت هذه المحاكمة الجماعية الجديدة انتقادات واسعة بسبب انتهاكات منهجية للإجراءات القانونية الواجبة، بينها تقييد الوصول إلى ملفات القضية، وضعف المساعدة القانونية، وتدخل القضاة في الشهادات، ووجود مؤشرات على محاكمة أفراد مرتين على التهمة نفسها، إضافة إلى ادعاءات موثوقة بوجود سوء معاملة وجلسات سرية.

وتؤكد المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد مانديلا)، على ضرورة توفير رعاية صحية ملائمة للسجناء وإجراء تحقيقات مستقلة وسريعة في حالات الوفاة التي قد تكون غير قانونية، ولا سيما تلك التي تقع أثناء الاحتجاز.

وأكّدت كل من هيومن رايتس ووتش ومركز مناصرة معتقلي الإمارات ضرورة التزام السلطات الإماراتية بهذه المعايير، داعية إلى تحقيق نزيه ومستقل للكشف عن ملابسات وفاة الخاجة، وضمان الرعاية الصحية لجميع السجناء، بمن فيهم المدانون في المحاكمة الجماعية لعام 2013.

واختتم حمد الشامسي، المدير التنفيذي لمركز مناصرة معتقلي الإمارات، قائلا: “وفاة علي الخاجة أثناء الاحتجاز ليست حادثة فردية، بل نتيجة مباشرة لسنوات من التعذيب والإهمال الطبي والاحتجاز التعسفي. حُرم علي من أبسط حقوقه الإنسانية، وحان الوقت لمحاسبة المسؤولين واتخاذ خطوات جادة لحماية سجناء الرأي المتبقين في الإمارات”.