تبرز انتهاكات جسيمة ترتكبها الإمارات بحق العمالة الوافدة في عيد العمال العالمي لاسيما على إثر تداعيات جائحة فيروس كورونا.
ويحل عيد العمال هذا العام في الإمارات مع استمرار تداعيات جائحة كورونا التي فاقمت أوضاع العمالة سوءاً في ظل سياسات من التمييز العنصري وإهدار الحقوق.
وفي ظل الإغلاقات المستمرة وتواصل إجراءات حظر التجول والقيود المفروضة على الأنشطة الاقتصادية، ارتفعت موجات تسريح العمالة في الإمارات.
وفيما طالت الانتهاكات مواطني الإمارات، فإن العمالة الوافدة تلقت ضربة كبيرة، إذ إن الخسائر الفادحة التي تكبدتها أبوظبي بالتزامن مع تفشي الفيروس، زاد من لجوئها إلى استبدال اليد العاملة الوافدة بالمحلية.
ويقول مراقبون إن المواطنين والمقيمين في الإمارات يعانون من العديد من الأزمات في ظل الوضع الراهن مثل غلاء أسعار السلع والمواد الغذائية وارتفاع أسعار الرسوم والخدمات الحكومية بالإضافة إلى فرض الضرائب.
وأضافوا أن الإمارات تعاني من انخفاض الإيرادات السياحية كما تأثرت مختلف القطاعات والأنشطة التجارية بإجراءات الغلق.
وتسود تقديرات بأن ما يقرب من 900 ألف عامل فقدوا وظائفهم خلال العام الماضي فيما تظهر توقعات بأن العدد أكبر من ذلك.
ويعد العاملون في المهن الحرفية خصوصا المشروعات الإنشائية من أكثر الفئات المتضررة، إذ توقفت مئات المشروعات في البلاد، في ظل تراجع الإنفاق الاستثماري.
تمييز عنصري
وتعاني العمالة الوافدة في الإمارات من انتهاك واسع للحقوق وتمييز عنصري في مختلف المجالات في ظل حظر لجمعيات مستقلة تمثلهم.
ولا ينص القانون الإماراتي على الحق في التنظيم أو الإضراب أو التفاوض الجماعي ولا يسمح للعمال بتشكيل نقابات أو الانضمام إليها.
ويحظر قانون العمل الإماراتي إضرابات موظفي القطاع العام وحراس الأمن والعمال الوافدين.
وفيما لا يحظر القانون تمامًا الإضراب في القطاع الخاص فإنه يسمح لصاحب العمل بتعليق الموظف بسبب إضراب عن العمل.
في القطاع الخاص، يجب على وزارة الموارد البشرية والتوطين وزارة العمل سابقاً، الموافقة على عقود العمل الفردية وتسجيلها.
ولا ينطبق قانون العمل على موظفي القطاع العام أو عمال الزراعة أو معظم العاملين في مناطق تجهيز الصادرات تخضع عاملات المنازل لقانون عمل منفصل ولكن تخضع لرقابة وزارة الموارد البشرية والتوطين.
يجوز لموظفي القطاع الخاص تقديم شكاوى جماعية بشأن منازعات العمل إلى وزارة الموارد البشرية والتوطين، والتي تعمل بموجب القانون كوسيط بين الطرفين.
لكن حالات الاستجابة لمطالب العمال الوافدين في الإمارات لتمكينهم من حقوقهم تعد نادرة جدا.
يمكن للموظفين بعد ذلك رفع المنازعات التي لم يتم حلها داخل نظام محكمة العمل، والذي يحيل النزاعات إلى مجلس التوفيق.
يجوز لموظفي القطاع العام تقديم شكوى إدارية أو دعوى في محكمة مدنية لمعالجة نزاع أو شكوى تتعلق بالعمل.
يسمح القانون لأصحاب العمل بمطالبة الحكومة بإلغاء تصريح العمل، والترحيل لمدة تصل إلى عام، لأي عامل أجنبي يحمل تأشيرة إقامة برعاية العمل.
وفي حين أن القانون لا يحدد صراحة الإضرابات العمالية كأساس للترحيل، يحظر القانون المظاهرات غير المصرح بها أو التعبير عن آراء تعتبر كاذبة أو تحريضية أو ضارة بالصورة العامة للبلاد.
وجهت شرطة أبو ظبي أفراد الأمن الخاص في عدة معسكرات للعمال لمراقبة تجمعات العمال والإبلاغ عما إذا كانوا قد ناقشوا قضايا أمنية واجتماعية ودينية.
لا نقابات مستقلة في الإمارات
في هذه الأثناء فإن النقابات المهنية في الإمارات تعاني من عدم الاستقلالية، وتظل للسلطات صلاحيات واسعة للتدخل في أنشطتها.
على سبيل المثال، كان على وزارة الموارد البشرية والتوطين ترخيص الجمعيات المهنية والموافقة عليها، والتي كانت مطلوبة للحصول على موافقة حكومية للانتماءات الدولية والسفر من قبل الأعضاء.
منحت الحكومة بعض النقابات المهنية ذات العضوية الأكثرية من المواطنين قدرة محدودة على إثارة القضايا المتعلقة بالعمل، وتقديم التماس إلى الحكومة للانتصاف، ورفع المظالم إلى الحكومة.
يتعين على جميع المنظمات التطوعية والمتطوعين الأفراد التسجيل لدى هيئة تنمية المجتمع في غضون ستة أشهر.
قد ينتمي العمال الأجانب إلى جمعيات مهنية محلية؛ ومع ذلك، ليس لديهم حقوق التصويت وقد لا يخدمون في مجالس الجمعيات.
وقد أدى التهديد بالترحيل إلى ثني غير المواطنين عن التعبير عن مظالم تتعلق بالعمل.
تلجأ السلطات الإماراتية إلى قمع أي احتجاجات وإضرابات عرضية للعمال الأجانب وتقوم كثيرا بترحيل المشاركين فيها.
خلال أزمة جائحة COVID-19، غيرت الحكومة الإماراتية لوائح عقود العمل لمنح أصحاب العمل القدرة على خفض الأجور أو منح العمال إجازة غير مدفوعة الأجر بموافقة العمال.
أنتج ذلك استغلال أرباب العمل هذه التغييرات بشكل غير قانوني لخفض الرواتب أو إجازة العمال دون موافقتهم.
حظر العمل الجبري أو الإجباري
يحظر القانون الإماراتي جميع أشكال العمل الجبري أو الإجباري، لكن الحكومة لم تطبق القانون بشكل فعال أو تفرض عقوبات متناسبة، لا سيما في قطاع العمالة المنزلية.
حجبت بعض الشركات بطاقات الصراف الآلي عن الموظفين وسحبت الأموال ودفعت للموظف 35 إلى 40 في المائة أقل من الراتب الإلزامي.
نتيجة للقيود المتعلقة بـ COVID-19 وتدابير توفير التكاليف، أبلغ العمال عن إجازة قسرية بدون أجر أو عدم دفع الأجور.
من الشائع في الإمارات أن يُخضع أصحاب العمل عاملات المنازل الوافدات وعمال البناء وعمال اليد العاملة الأخرى لظروف تعادل العمل الجبري.
كما يظل استبدال العقد مشكلة.
ويعانى العمال من عدم دفع الأجور، والعمل الإضافي غير المدفوع، وعدم منح الإجازة المطلوبة قانونًا، وحجز جوازات السفر ، والتهديدات ، وفي بعض الحالات الإيذاء النفسي والجسدي والجنسي.
وردت تقارير منظمات حقوقية مرارا عن قيام أرباب العمل باغتصاب أو الاعتداء الجنسي على عاملات المنازل الأجنبيات.
ونادرًا ما يتم عرض هذه القضايا على المحاكم، وتلك التي أدت إلى إدانات قليلة رغم أنه في عدة حالات أدت الإساءات الجسدية إلى الموت.
في انتهاك للقانون يحتجز أرباب العمل بشكل روتيني جوازات سفر الموظفين مما يقيد حرية تنقلهم وقدرتهم على مغادرة البلاد أو تغيير وظائفهم.
سجلت الإمارات مئات حالات أصيب فيها عمال أو قُتلوا في مواقع العمل؛ ومع ذلك لم تكشف السلطات عادة عن تفاصيل الإصابات والوفيات في مكان العمل ، بما في ذلك مدى كفاية تدابير السلامة.
كما يستمر ورود أنباء عن انتحار عمال مهاجرين أو محاولات انتحار.
في أغب الحالات ربط المراقبون حالات الانتحار بظروف العمل والمعيشة السيئة، والأجور المنخفضة، والضغط المالي الناجم عن الديون الثقيلة المستحقة لوكالات التوظيف في البلدان الأصلية.