تورط المكتب الإقليمي لشركة تويتر في دبي مجددا بكل المقالاتفضيحة تواطئ مع دولة الإمارات في غسل انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان عبر إطلاق مسابقة “غرد للتسامح” ضمن أنشطة أبو ظبي الدعائية.
وشارك جورج سلامة رئيس قسم السياسات العامة والعلاقات الحكومية في تويتر لمنطقة الشرق الأوسط بحفل إعلان المسابقة في تواطئ جديد منه في الدعاية لدولة الإمارات بما يناقض مبادئ الشركة العالمية.
يأتي ذلك رغم السجل الحقوقي الأسود لدولة الإمارات التي تعتقل بشكل تعسفي ودون محاكمات عادلة المئات من نشطاء حقوق الإنسان والمدونين والمطالبين بالإصلاح والقضاء على الفساد في الدولة.
وتؤكد منظمات حقوقية أن تجاهل النظام الحاكم في دولة الإمارات مطالب الإفراج عن معتقلي الرأي والنشطاء السياسيين والتضييق على عوائلهم بما في ذلك سحب جنسياتهم ومنع أبنائهم من التعليم والرعاية والصحية يقوض مزاعم “دولة التسامح”.
وتشدد المنظمات الحقوقية على أنه مع تصاعد التحذيرات الحقوقية المحلية والدولية حول مخاطر تفشي فيروس كورونا في السجون الإماراتية وما يشكله ذلك من تهديد على حياة المعتقلين، تواصل الإمارات نهج الاعتقالات السياسية واستمرار توقيف معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين رغم انتهاء فترة حكمهم الجائر، مما يقوض مزاعم الدولة حول كونها “دولة تسامح” وكأن هذا التسامح وجد فقط لغايات ديكورية للترويج الإعلامي الخارجي.
الشيخ نهيان مبارك آل نهيان "سعدت اليوم بإطلاق مسابقة "غرد للتسامح" وادعو الله ان يوفق شبابنا وشباب العالم العربي لكل ما يرسخ التسامح والتعايش والاخوة الانسانية"#غرد_للتسامح pic.twitter.com/8bCpceHchg
— Minister of Tolerance Office (@uaetolerance) July 1, 2020
وتقيم دولة الإمارات شراكة خفية متعددة المجالات مع شركة تويتر وتعمل على استغلالها لصالح سياساتها المشبوهة القائمة على التحريض والتشهير وقمع الحريات داخل الدولة وخارجها.
ويستغل النظام الحاكم في الإمارات استشافة المقر الإقليمي في الشرق الأوسط لتويتر من أجل الاستغلال المشين للشركة وإقامة علاقات مشبوهة مع كبار المسئولين فيها.
يبرز من ذلك جورج سلامة رئيس قسم السياسات العامة والعلاقات الحكومية في تويتر لمنطقة الشرق الأوسط والذي تظهر أنشطته تماهي شامل مع سياسات حكومة الإمارات.
ويقيم سلامة بخلاف المبادئ التوجيهية المعروفة للشركات العالمية لاسيما المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعي، علاقات مثيرة للجدل مع مؤسسات حكومية وأهلية في الإمارات.
وينخرط سلامة في خدمة برامج مشتركة مع الوزارات والجامعات في دولة الإمارات ويسخر نفسه للترويج لها بخلاف أي دولة اخرى في منطقة الشرق الأوسط ما يثير الاستغراب حول طبيعة هذا التعاون الاستثنائي.
ومن ذلك يروج سلامة لأنشطة وبرامج تطلقها هيئة الاتصالات الإماراتية متجاهلا في ذلك ضوابط موقعه ضمن شركة عالمية وأكثر من ذلك ما تفرضه الهيئة الإماراتية من قيود مشددة على حرية الإعلام والانترنت في الدولة.
ويشكل حدة تعاظم التعاون بين الإمارات وتويتر وصمة عار للشركة التي تتماهي بشكل متصاعد وغريب مع سياسات أبو ظبي وتتيح لها مكانة مختلفة عن باقي دول الشرق الأوسط.
وينعكس ذلك بوضوح من عدم إقدام تويتر على حذف حسابات مغردين ومسئولين إماراتيين اتهموا مرارا وتكرارا بالتحريض والبذائة ويقابلون باعتراضات واسعة على رأسهم حساب المدعو حمد المزروعي والذي يعتقد على نطاق واسع أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد هو من يشرف عليه بنفسه ليطلق إساءاته بشكل مشين ومخجل للإماراتيين.
في المقابل فإن تويتر لا تتواني عن حذف آلاف الحسابات لناشطين ومغردين معارضين للإمارات وسياساتها سواء داخل الدولة أو خارجها فضلا عن تجاهلها مسئولية أبو ظبي عن تشغيل حسابات الذباب الالكتروني بغرض التحريض والتشويه.
وسبق أن أطلق مغردون عرب حملات الكترونية متعددة تفضح قمع مكتب “تويتر” في دبي الإماراتية لحرية التعبير وتطالب بإغلاقه بسبب سجل أبوظبي الأسود في انتهاك حقوق الإنسان.
وانتقد الناشطون غلق مكتب تويتر في دبي حسابات لناشطي الربيع العربي، وحذف وسوم ضد أنظمة بعينها في المنطقة رغم أعداد التغريدات الهائلة عليها، خصوصاً أنّ دولة الإمارات الموجود فيها المكتب الإقليمي معروفة بعدائها لحرية الرأي والتعبير، وتدخّلاتها السوداوية في الدول العربية.
وغرد الناشطون في الحملة على وسمي “#هنتكلم” و”#wewillspeak”، اللذين تصدرا قائمة الأكثر تداولاً في مصر ودول عربية أخرى قبل أن يختفيا سريعاً، ما اعتبره الناشطون تدخلاً من إدارة “تويتر” ضدهما.
كما كان أطلق المغردون حملة تدعو إلى نقل مكتب تويتر من دبي إلى دولة عربية أخرى تكفل حق التعبير عن الرأي، عبر عدة وسوم بينها “#نقل_مكتب_تويتر_من_دبي” و#Change_Twitter_Dubai و”#StopTwitterMENAOffice” و”#فساد_تويتر_في_دبي”. وردّ “تويتر” حينها “آسفاً” لإغلاق حسابات مصرية “عن طريق الخطأ”.
ويأتي ذلك فيما تستمرّ الانتقادات لمواقع التواصل الاجتماعي، إثر امتثالها لقوانين وضغوطات دول تتّخذها مقراً لها، تحديداً في المنطقة العربية. ولعلّ موقع “تويتر” صاحب النصيب الأكبر من هذه الانتقادات، كون مقرّه في دبي، وكونه يستنسب في حذف حسابات معارضة، ويُبقي على الكثير من حسابات “الذباب الإلكتروني” التابعة لحكوماتٍ بعينها، ولا يقبل بلاغاتٍ عدّة عن حسابات تتنمّر على شخصيّات حقيقيّة ومعروفة، كون لغتها في التغريدة نفسها “سليمة”.
وارتفعت وتيرة هذه الانتقادات منذ اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصليّة بلاده في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، إثر اكتشاف جاسوس للسعودية داخل “تويتر”، وانتشار معلوماتٍ عن تسليم الشركة معارضين سعوديين.
وقالت منظمة “إمباكت” الدولية لسياسات حقوق الإنسان، في تقرير لها في سبتمبر/أيلول الماضي، إنّ “شركتي فيسبوك وتويتر تُضطران للالتزام بسياسات تفرضها حكومات في الشرق الأوسط عليها مقابل السماح لهما بتقديم خدماتهما داخل حدود بلدانها، الأمر الذي يُهدد أمن وسلامة مستخدميهما بشكلٍ خطير”.
كما شهد “تويتر”، أخيراً، شكاوى عدة تتحدث عن التلاعب بقائمة الأكثر تداولاً لحذف وسوم معارضة، وحذف حسابات ناشطين معارضين، مقابل الإبقاء على حسابات “ذباب إلكتروني” لحكومات، واختفاء وسوم شهيرة، خصوصاً مع اشتعال حروب الوسوم، تزامناً مع حراكات يشهدها الشارع العربي.
ليس بالعربية فقط، إنما أطلق نشطاء وسما آخر موجها لإدارة تويتر باللغة الإنجليزية أيضا وهو #StopTwitterMENAOffice أو “أوقفوا مكتب تويتر بالشرق الأوسط”.
وضمن الحملة، أعاد رواد منصات التواصل تداول تقارير كشفت انتهاكات الحكومة الإماراتية في مجال الخصوصية بأجهزة التجسس، وأبرزها تقرير كشفت عنه وكالة رويترز بداية العام الجاري قالت فيه إن الإمارات عملت على مشروع تجسس سري أطلق عليه اسم “رافين” أو “الغراب الأسود” استهدف قادة سياسيين ونشطاء.
وينتقد نشطاء عبر الوسم مواقع التواصل الاجتماعي التي تمتثل لقوانين وضغوط دول تتّخذها مقرا لها، وتحديداً في المنطقة العربية، وتداول نشطاء تقريرا لمنظمة “إمباكت” الدولية لسياسات حقوق الإنسان يعود إلى سبتمبر/أيلول الماضي.
وارتبط اسم الإمارات بالانقلابات والاغتيالات والمؤامرات والاعتقالات، كما برز أيضاً في قضايا التجسس والمراقبة الإلكترونية، والتي كان أبرزها استخدام مقر شركة “تويتر” بالشرق الأوسط الموجود في دبي لجمع ورصد المعلومات الاستخباراتية.
وبعد حملات الكترونية متعددة للمطالبة بإغلاق مكتب شركة تويتر الإقليمي في إمارة في دبي في دولة الإمارات، تصاعدت ضغوط المنظمات الحقوقية على الشركة الدولية بسبب نفس الأمر.
فقد طالبت منظمة “سكاي لاين الدولية” والتي تتخذ من ستوكهولم ومدريد مقراً لها، موقع “تويتر” بالتحقيق في شفافية عمل مكتبها الإقليمي في إمارة دبي بدولة الإمارات، وطبيعة العلاقات التي تربط المكتب مع حكومات المنطقة وفرض قيود على حسابات المغردين المعارضين.
وقالت المنظمة الحقوقية في بيان لها “إن على شركة تويتر تحمل مسئوليتها في الوقوف على انتهاكات مقرها الإقليمي في دبي، لحرية الرأي والتعبير بحق المعارضين لحكومات دول إقليمية”.
ودعت “سكاي لاين” إلى “فحص ما يصل من معلومات بوجود تنسيق عال المستوى بين أجهزة الأمن في كل من الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل، بشأن ملاحقة وحذف حسابات نشطاء حقوق إنسان وصحفيين ومعارضين لتلك الحكومات”.
ونبهت إلى توارد معلومات حول انعقاد اجتماعات سرية الشهر الماضي بين إدارة منصة “HUB71” التكنولوجية التي أسستها دولة الإمارات في مارس الماضي، ومسئولين كبار في مكتب تويتر في دبي لبحث لتكثيف التعاون بين الجانبين.
وأشارت “سكاي لاين” إلى التعاون الوثيق بين شركة “NSO” الإسرائيلية ودولة الإمارات في استهداف عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وناشطين آخرين في المجتمع المدني، في مناطق متفرقة من العالم خصوصا في الشرق الأوسط، وأبرز تلك الحالات الناشط الإماراتي أحمد منصور.
ووفقا لعدد من التحقيقات الصحفية، والتقارير الحقوقية فإن الشركة الإسرائيلية قامت باختراق هواتف مئات النشطاء حول العالم، وتجسست عليهم لصالح حكوماتهم وهو ما عرض حياتهم للخطر، إضافة إلى الاعتقال أو الإخفاء القسري.
ورفعت شركة “واتس اب” دعوى قضائية فيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية ضد شركة “NSO”، بسبب قيامها باختراق “واتس أب” من خلال استغلال ثغرة أمنية به.
يضاف إلى كل ما سبق أن الشركة الإسرائيلية متهمة بأنها وراء برنامج الاختراق الشهير “بيجاسوس”، وهو ذات البرنامج الذي استخدم في اختراق ومراقبة الناشط الإماراتي المعتقل أحمد منصور.
ونوهت المنظمة إلى ضرورة تحقيق شركة تويتر في خضوع مقرها الإقليمي في دبي، لسياسات تفرضها الإمارات وحكومات حليفة لها في الشرق الأوسط، بما يُهدد أمن وسلامة المستخدمين بشكل خطير.
ولفتت إلى أن التقارير المتواترة التي تحدثت عن دور كبير وواسع للإمارات، باعتقال معارضين سعوديين ومصريين وتعرضهم للتعذيب بعد اختراق حساباتهم الشخصية، على خلفية ما ينشرونه من مواقف على تويتر مقلقة ومفزعة وبحاجة إلى تدخل عاجل.
وافتتح مكتب شركة “تويتر” في إمارة دبي، في 19 أغسطس 2015، بصفته مكتباً إقليمياً للعمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث طالب مغردون ومنظمات حقوقية مختلفة مراراً بضرورة إغلاق المكتب المذكور بسبب دوره في التدخل في سياسات الدول ورصد المعارضين والتسبب في اعتقالهم.