ينتاب الغضب أركان النظام الإماراتي في ظل التقارب القائم بين تركيا والجزائر وسعي البلدان لوقف الصراع في ليبيا التي تنشر فيها أبو ظبي الفوضى والتخريب.
وعلمت إمارات ليكس أن ولي عهد أبو ظبي الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد أمر ببدء وضع خطط لتعطيل التنسيق التركي الجزائري الحاصل.
وشهدت العلاقات التركية الجزائرية تطورًا على الأصعدة كافة، فهناك مؤشرات على وجود توافق في الرؤى حول قضايا المنطقة، مثل دعم حكومة الوفاق الليبية ورفض التصعيد من قبل اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وبدا هذا التوافق واضحا في تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي اعتبر طرابلس خطا أحمر، وأعلن ذلك بشكل واضح أثناء انعقاد المجلس الأعلى للأمن منذ أيام.
وجاءت زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حديثا إلى الجزائر لتعكس عمق العلاقات التركية الجزائرية، حيث حرص البلدان على تبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية وحل الأزمات، وفي المقدمة الأزمة الليبية.
ويتوقع مراقبون أن تسفر الزيارة المرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الجزائر عن توسيع دائرة التعاون الثنائي لأعلى مستوى، لتشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والعسكرية والأمنية، كما يتوقعون الإعلان في وقت لاحق عن تأسيس مجلس للتعاون الإستراتيجي.
ويقول مراقبون إن التعاون التركي الجزائري على كافة المستويات ليس وليد اليوم، وإنما هو نتاج علاقات تاريخية بين البلدين شهدت تطورا في محطات كثيرة خلال العقود الماضية.
فالعلاقات الاقتصادية بين البلدين تنمو بشكل ملحوظ في السنوات الماضية، وتُرجم ذلك في رفع التبادل الاقتصادي من 3.3 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار خلال العام الجاري.
والتعاون بين تركيا والجزائر قد ينعكس إيجابا على التنسيق بينهما في الملفات الكبرى في المنطقة، خاصة مع التغيرات العالمية السريعة، كما أن المجلس الإستراتيجي الذي يجري التحضير لتأسيسه يقوي الارتباط الإستراتيجي ويعزز العلاقات التاريخية بين الشعبين الجزائري والتركي.
وعن أثر الاتفاق التركي الجزائري على الملف الليبي، يرى المراقبون أن الجزائر بموقفها السياسي ورصيدها عند الشعب الليبي مؤهلة لأن يكون لها دور في التسوية، وأن التعاون الجزائري التركي يعزز الحلول السياسية ويوفر على دول المنطقة “دفع فاتورة مكلفة جراء التصعيد واللجوء إلى الخيار العسكري”.
وتملك الجزائر أوراق ضغط كثيرة يمكن أن تستخدمها في الملف الليبي بشكل إيجابي من أجل تسوية الأزمة، كالعمق الشعبي والثقافي للجزائر، والثقل الجغرافي والعسكري، والمكانة المهمة في الاتحاد الأفريقي.
وتدعم دولة الإمارات ميليشيات مجرم الحرب خليفة حفتر بالمال والعتاد العسكري في محاولته الانقلاب على حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في ليبيا.
ولا يقتصر التدخل الإماراتي في ليبيا على الدعم العسكري واللوجستي، بل وصل إلى الوجود المباشر، فشيدت قواعد لقواتها التي تضرب أهدافا لحكومة الوفاق الليبية وأرسلت آلاف المرتزقة.
وبحسب مصدر عسكري، قصف الطيران الإماراتي الكلية العسكرية في طرابلس السبت الماضي، مما أسفر عن مقتل 30 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 16 آخرين، بينهم مدنيون.
ويرى مراقبون أن إقامة الإمارات قواعد عسكرية تعكس نيتها الاحتلالية وتعزيز نفوذها الدائم في ليبيا، رغم زعمها محاربتها للإرهاب والتصدي لأطماع إقليمية في ليبيا، لا سيما بعد إسقاط قوات حكومة الوفاق أكثر من طائرة مسيرة إماراتية.
وتم الكشف عن أماكن تمركز القوات الإماراتية في ليبيا، التي تنتشر شرق البلاد في قاعدة الخادم بمنطقة الخروبة، كما انتقل جزء منها إلى قاعدة الجفرة، حيث تم تأسيس غرفة تحكم قبل أن تقصفها في يونيو/حزيران قوات الوفاق.
وأغلب القوات الإماراتية موجودة في غرف التحكم والسيطرة، ويقتصر دورها على تسيير الطائرات المسيرة وبعض الخطط الإستراتيجية، وتقديم الدعم اللوجستي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، التي تفتقر إلى الإمكانات والخبرة.
والإمارات كانت تحاول في السابق التكتم على إرسالها عسكريين، حيث زعمت أن عددا من ضباطها قتلوا في حادث تصادم، لكن نبأ مقتلهم في قصف قاعدة الجفرة كشف حقيقة الوجود العسكري الإماراتي في ليبيا.
ويشمل الدعم الإماراتي اللوجستي، كمولدات الطائرات والطائرات المسيرة والعتاد والمدرعات من نوع تايغر الروسية، يصل إلى قوات حفتر عبر ميناء جدة السعودي، وأن المدرعات ظهرت في فيديوهات عديدة.