موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة تكشف أخطر شبكات الإمارات السرية في اليمن تحت غطاء إغاثي

742

كشفت دراسة عن واحدة من أخطر القضايا المرتبطة بالدور الإماراتي في اليمن، عبر رصد وثائق رسمية تميط اللثام عن شبكتين تعملان في الظل تحت غطاء إغاثي وواجهة العمل الإنساني: الوحدة الخاصة (T) ووحدة المهام الخاصة (SOC)، وهما ذراعان عملياتيتان تستخدمهما أبوظبي لتشكيل المشهد الأمني والسياسي في اليمن بعيدًا عن القانون الدولي والرقابة الإنسانية.

وقالت الدراسة الصادرة عن مركز عدن هنا للدراسات الاستراتيجية، إن ساحات الإغاثة في اليمن لم تعد مجرد مساحة لتقديم المساعدات أو إنقاذ المدنيين من كوارث الحرب، بل تحولت — كما تظهر الوثائق — إلى غطاء واسع لعمليات أمنية واستخباراتية غير مسبوقة.

فالعمل الإنساني الذي يفترض أن يكون محايدًا، استُخدم من قبل الإمارات كجسر للوصول إلى البنية الاجتماعية والأمنية للمناطق المستهدفة، وتغيير موازين القوى خدمة لأجنداتها الخاصة.

في قلب هذه المنظومة السرية تقف الوحدة الخاصة (T) ووحدة المهام الخاصة (SOC) اللتان تعملان بميزانيات ضخمة ومرتبطة مباشرة بقيادة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.

فهذه الوحدات ليست أذرعاً إغاثية بأي شكل من الأشكال، بل كيانات عسكرية كاملة تدير قواعد وسجون سرية، وتنقل أسلحة، وتنفذ عمليات اغتيال وتصفية، وتموّل مليشيات محلية، وتدير حملات إعلامية لخلق واقع سياسي وأمني جديد في اليمن، خصوصاً في الساحل الغربي وسقطرى وجزيرة ميون خلال الفترة بين 2015 و2020.

وتقدم الدراسة تحليلاً معمقًا لوثائق رسمية موجَّهة إلى حمدان بن زايد آل نهيان، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وتكشف بوضوح أن الهيئة الإنسانية جرى تحويلها إلى واجهة لآلة عسكرية استخباراتية تعمل بلا قيود.

وتظهر الوثائق أساليب دقيقة لاختراق المجتمعات المحلية عبر مشاريع إغاثية ظاهرية، بينما يجري في الخلف عمليات تدريب، إنشاء سجون، تمويل خلايا تجسس، وتوقيع عقود لبناء منشآت ذات استخدام عسكري.

ويكس هذا النموذج، الذي بات علامة مسجلة للدور الإماراتي في اليمن، بحسب الدراسة، أخطر حالة استغلال للعمل الإنساني في النزاعات العربية، حيث تحولت المساعدات إلى أداة للهيمنة وليس للإنقاذ، وإلى وسيلة لإعادة تشكيل معادلة القوة بما يخدم مصالح أبوظبي لا مصالح اليمنيين.

وتبرز الوثائق أن الوحدتين (T) و(SOC) عملتا بميزانيات طائلة قُسمت إلى “أعمال تنفيذية” و”أعمال خاصة”، ما يعكس تخطيطًا طويل الأمد يتجاوز التكتيك إلى مشروع نفوذ ممتد.

وتشير البيانات المالية إلى أن الوحدة الخاصة (T) خُصص لها — في إحدى مراحل عملها — مبلغ خمسين مليون ريال سعودي لعملياتها في الساحل الغربي فقط، وهو رقم يكشف حجم التحرك السري الذي كان يجري تحت لافتة الهلال الأحمر.

أما الوجه الأكثر دموية في هذه الوثائق فيتجلى في نشاطات وحدة المهام الخاصة (SOC)، إذ يرصد تقرير لعام 2016 قائمة اغتيالات جاهزة بأسماء الشخصيات المستهدفة والمبالغ المرصودة لكل عملية، والتي وصلت إلى 30 مليون ريال.

وتتضمن هذه القوائم أسماء مثل شوقي محمد مقبل وحسن علي صالح العورلقي، إلى جانب أسماء المنفذين مثل محمد الورلقي وسالم جندب.

وتتقاطع هذه الأنشطة مع تقارير أخرى، من بينها تقرير “فريق هاني بن بريك” لعام 2017، الذي نفذ بدوره عمليات تصفية تحت إشراف مباشر من الوحدة الخاصة (T).

وترسم هذه الوثائق، التي تعتمد عليها الدراسة، صورة قاتمة لمسار العمل الإنساني الإماراتي، الذي اختُطف بالكامل وحُوّل إلى غطاء لتصفية الخصوم السياسيين والعسكريين في اليمن، وتثبيت مليشيات مدعومة من أبوظبي، والسيطرة على جغرافيا استراتيجية مثل ميون وسقطرى.

وتحذر الدراسة من أن حالة الدمج بين العمل الإنساني والعمليات العسكرية التي تمارسها الإمارات تشكل تهديدًا خطيرًا على مستقبل العمل الإغاثي الدولي، لأنها تخلق سابقة تسمح للدول باستخدام الجمعيات الإنسانية كأدوات تجسس وتنفيذ عمليات نوعية خارج القانون. وهو أمر لا يهدد اليمن وحده، بل يضرب أساس الثقة العالمية بالعمل الإنساني ذاته.

كما تقدم التقارير الدورية المرفوعة من سعيد علي خميس الكعبي — مدير العمليات الإنسانية ونائب رئيس الوحدة الخاصة — صورة واضحة عن البنية التنظيمية والمالية لهذه الوحدات، وتظهر كيف كانت تعمل كمنظومة موازية، منفصلة عن أي معايير مهنية أو رقابية، وتنفذ أجندات سياسية إماراتية مضادة لمصالح الشعب اليمني، ومخالفة للحدود التي يفرضها القانون الدولي الإنساني.

وتؤكد الدراسة أن اليمن لم يكن ساحة للعمل الإغاثي بقدر ما كان ساحة نفوذ خفي تسللت إليه الإمارات تحت غطاء “المساعدات”. وأن الوحدتين (T) و(SOC) تمثلان قلب هذا المشروع السري الذي أعاد صياغة المشهد اليمني بطريقة لا تخدم إلا مصالح القوى الإقليمية المتدخلة، بينما يظل اليمنيون هم الضحايا المباشرون لهذه الشبكات التي عملت في الظل باسم الإنسانية، بينما كانت تمارس على الأرض نقيضها تمامًا.