موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الكشف عن معطيات جديدة بشأن قضية فساد كبرى ضربت الإمارات

380

كشفت صحيفة أمريكية معطيات جديدة بشأن قضية فساد كبرى ضربت الإمارات مؤخرا ووصلت إلى المحاكم وسط مطالبات حقوقية بمحاكمة المسئولين في نظام أبو ظبي بتهم الفساد والاختلاس المالي.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن محكمة إماراتية قضت بسجن مسؤولين تنفيذيين بارزين بعد إدانتهما بارتكاب جرائم مالية.

وبحسب أوراق الدعوى ومصادر مطلعة على القضية فقد قضت محكمة الجنايات في أبوظبي بسجن رجل الأعمال الإماراتي خادم القبيسي 15 عاما ومحمد بدوي الحسيني، أمريكي الجنسية، 10 سنوات وإبعاده عن دولة الإمارات.

وكان القبيسي يرأس شركة الاستثمارات البترولية الدولية (آيبيك)، بينما كان الحسيني يدير شركة تابعة لها.

والمحكمة قضت أيضا بتغريم الرجلين معا 300 مليون يورو (نحو 336 مليون دولار) يدفع نصفها لشركة آيبيك، التي وصفتها الدعوى بأنها “الشركة المجني عليها” ويدفع الباقي كغرامة، بحسب بيان صادر عن محكمة الجنايات في أبو ظبي.

ولم يذكر بيان محكمة أبوظبي تفاصيل محددة عن التهم كما لم يشر إلى أسماء المدانين لكن مصادر مطلعة على القضية أكدت أنهما المقصودان بالبيان.

وبحسب بيان المحكمة فقد أدان الحكم القبيسي، الذي أشير إليه بوصف “المتهم الأول”، باستغلال وظيفته والاستيلاء بغير حق على مبلغ 149 مليون يورو، بعد بيعه أسهم مملوكة له لصالح الشركة التي يترأس مجلس إدارتها، مخفيا حقيقة ملكيته لها، بمبلغ 210 مليون يورو، وبقيمة تزيد على قيمتها السوقية.

وأدانت المحكمة المتهم الثاني، الحسيني، في القضية، بتهمة استغلال وظيفته وتسهيل استيلاء المتهم الأول على أموال الشركة.

ورغم إعلان السلطات في الإمارات أن التحقيقات في القضية كانت ضمن تحقيق أوسع من جانب النيابة العامة في أبو ظبي في مزاعم فساد مالي فإن القبيسي قال إنها ترتبط بفضيحة فساد صندوق السيادة الماليزي.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن القبيسي قوله في مقابلة أجراها في شهر يناير الماضي أنه يتعرض لمعاملة غير عادلة ويجري التضحية به باعتباره “كبش فداء” لدور الإمارات في فضيحة فساد صندوق السيادة الماليزي، الذي تقول وزارة العدل الماليزية إن 4.5 مليار دولار سرقوا منه وجرى توزيعها على مجموعة من الأشخاص من بينهم القبيسي والحسيني.

القبيسي قال في المقابلة: “لقد قمت بهذه الصفقة ولكني فعلت ذلك نيابة عن حكومة أبوظبي”، موضحا أنه اضطر لتسليم الأصول إلى الشيخ منصور بن زايد، الرئيس السابق لشركة “آيبيك” والعضو البارز في العائلة الحاكمة لإمارة أبو ظبي.

كما أكد القبيسي أن حكومة أبوظبي تحمله المسؤولية الآن عن كل شيء، مشتكيا من تعرضه لظروف احتجاز سيئة وأنه جرى تقييده في إحدى المرات في نافذة بأحد الممرات وتركه لمدة 24 ساعة.

ويخضع صندوق السيادة الماليزي لتحقيقات تتعلق بغسيل أموال في ست دول على الأقل، من بينها الولايات المتحدة وسويسرا وسنغافورة.

وتقول وزارة العدل الأمريكية إن مسؤولين يتولون مناصب رفيعة المستوى في الصندوق أساءوا التصرف في نحو 4.5 مليار دولار من أموال الصندوق.

ووجهت إلى رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرازق، الذي أنشأ الصندوق السيادي في 2009 وشغل منصب رئيس مجلسه الاستشاري، تهم الفساد في ماليزيا في يوليو2018 على خلفية إدارته للصندوق.

ويطالب مراقبون أيضا بمحاكمة السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبه كونه متورط أيضا في ما وصفت أنها أكبر عملية احتيال في التاريخ. ولكن أبوظبي بدلا من محاكمة فساد العتيبة قامت بترفيعه إلى وزير.

واختتم ملك ماليزيا زيارة إلى الإمارات هذا الأسبوع دون الكشف إن تم التطرق لتورط أبوظبي في فضيحة الاحتيال التي ذهب ضحيتها الصندوق السيادي الماليزي.

ويضرب الفساد أركان دولة الإمارات في وقت تحاول فيه السلطات باستمرار التغطية عليه من خلال مواقف حازمة تقتصر على الجانب الدعائي.

وصرح حارب العميمي رئيس ديوان المحاسبة ورئيس منظمة الانتوساي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد العام الماضي بأن “الدولة تعمل بالمشاركة مع بقية دول العالم على مناهضة الفساد وتجفيف منابعه من خلال سن القوانين والتشريعات وإرساء مبادئ الشفافية والمساءلة وتعزيز أنظمة العدالة الجنائية لملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم بما في ذلك فتح باب التعاون مع دول العالم من أجل تبادل المعلومات وملاحقة الأموال المتأتية من أعمال الفساد”.

ولكن مراقبين يؤكدون أن ديوان المحاسبة الذي نص على أعماله وصلاحياته الدستور تقتصر ولايته وصلاحيته على بعض المؤسسات الاتحادية ولا يستطيع الرقابة على المؤسسات المحلية وهي التي يقول المراقبون إنها تشمل خروقات واسعة من الفساد وعدم الشفافية.

فالعميمي نفسه، ومنذ 2011، يطلق تصريحات للصحافة المحلية ويكررها كل عام، من أن هناك قضايا بمليار درهم فساد، وأنه تم استرداد 200 مليون درهم، ويسكت!

وبحسب “تقرير الثابت والمتحول 2015” الصادر عن مركز الخليج لأبحاث التنمية، فإنه لا توجد في الإمارات جهةٌ مستقلة كلّياً يمكن أن تنشرَ مُعدّلات الشّفافيّة والفساد بنزاهة، ولكن خلال السّنوات الأخيرة اهتمّت الدّولة بكشْف عددٍ من المسئولين المُتّهمين بالفساد المالي والإداري، وقيادات أخرى في القطاع شبه الحكومي، وتمّ تقديم عددٍ منهم إلى المحاكمات.

وأضاف التقرير، كما في باقي الدول فإنّ الفساد في الإمارات يُمارَس بطرقٍ مختلفة، منها الفساد المُباشر، من قبيل تلقّي الرّشاوي، وقد تصاعد معدّل هذه الظّاهرة في السّنوات الأخيرة، وتمّ رصد عددٍ من موظّفي الدّولة، وخاصة في شئون العمل، والهجرة والجوازات والأمن والدّوائر الاقتصاديّة والبلديات.

ومن مظاهر الفساد، وفق التقرير، استغلال المنصب والنّفوذ عبر العقود الخاصة مع مؤسّساتٍ حكوميّةٍ، وبخاصةٍ في قطاعات الإسكان والشّرطة والقوّات المسلّحة، وعقود المُشتريّات والتوريد وغيرها.

وأكد التقرير، هناك تزاوجٌ غير شرعي بين المال والمنصب الحكومي، وهو ما عطّل كثيراً من القرارات الحكوميّة والقوانين إزاء محاربة الفساد، واحتكار الخدمات.

وتابع التقرير، الفساد في الإمارات يتضمّن شقّين: الاتّحادي والمحلّي. وتتضاءل صور الفساد ومعدّلاته في الشّقّ الاتّحادي، وذلك بسبب ارتفاع معدّل آليّات المراقبة والمحاسبة. بينما تزداد حدّته في الحكومات المحلّيّة نظراً لغياب أو ضعف دور المؤسّسات التّشريعيّة والرّقابيّة.

وما يتناقله بعض المستثمرين ورجال الأعمال من قضايا فساد؛ تُشير إلى وجود عمليّات فساد واحتيال غير موثقة، وخاصة في قطاعات البنوك والدّوائر العماليّة والاقتصاديّة والأمنيّة، بحسب التقرير.

ويبقى ما يُعرف ب “الفساد الكبير”، وهو المتعلّق بالنّفوذ السّياسي الممزوج بالاقتصادي، وخاصة فيما يخصّ بأموال النفط وصفقات السلاح والأراضي؛ يبقى هذا الفساد ضبابيّاً، ويفتقرُ إلى المعلومات وجهات المحاسبة المُستقلّة، والتي بإمكانها أداء دور الرّقابة الفعليّة، خلُص التقرير.

ويدفع حكام الإمارات بفسادهم وفشلهم الإداري بالبلاد إلى مزيد من التراجع في ظل تأكيد تقرير دولي تواصل انحدار الإمارات في مؤشر العدالة العالمية ومكافحة الفساد.

ومؤخرا أكد التقرير الدولي الذي أصدرته مؤسسة مشروع العدالة العالمية ومؤشر سيادة القانون لسنتي 2017-2018، أن معدلات الإمارات انخفضت بشكل بارز في الاحصائيات من حيث عامل انعدام الفساد، وتراجع الالتزام بسيادة القانون.

وذكر التقرير أن الإمارات تعاني من تراجع كبير انعدام التمييز وحق الحياة والأمن والمحاكمة وفق الأصول القانونية وحرية التعبير وحرية الاعتقاد والحق في الخصوصية وحرية تكوين الجمعيات وحقوق العمال.

كما أبرز التقرير انحدار المستوى في تعامل الإمارات في الضوابط على سلطات الحكومات ومدى التزام الحكام بالقوانين في ظل سياسة حكام الإمارات الديكتاتورية وقمعهم معارضيهم.

ويقيس التقرير المذكور التزام 113 بلدا في العالم بتكريس مبدأ سيادة القانون مرتكزاً على أكثر من 3 آلاف رأي من طرف خبراء متخصصين، إضافة إلى بحث شمل 110 آلاف أسرة.

ومنذ إصدار مؤشر سيادة القانون الماضي، تراجعت نتائج أغلبية الإمارات بشكل مستمر في المجالات التالية: حقوق الإنسان، الضوابط على سلطات الحكومات والعدالة المدنية والعدالة الجنائية.