قالت تقديرات أمريكية إن هجمات جماعة أنصار الله “الحوثي” كشفت فقاعة الأمن في الإمارات، وذلك في وقت دعت واشنطن إلى تجنب السفر إلى أبوظبي على خلفية التصعيد العسكري فيها.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة ساهمت في التصدي لحوالي 90% من الهجمات التي انطلقت من جانب الحوثيين في اليمن خلال الأيام الماضية، ودعت المواطنين الأمريكيين إلى تجنب السفر إلى الإمارات لـ “وجود تهديدات بشن مزيد من الهجمات”.
واعتبر موقع “إنترسبت” أن الهجمات التي شنها الحوثيون مؤخرا على أبوظبي كشفت “فقاعة الأمن في الإمارات”، مشيرا إلى أن تلك الهجمات جاءت نتاجا لـ”تحويل ولي العهد الإماراتي، الشيخ (محمد بن زايد) بلاده إلى محارب نشط في اليمن”.
وذكر الموقع الأمريكي، في تحليل له، أن الإمارات أنشأت نظاما اقتصاديا وسياسيا اعتمد على موقعها كملاذ آمن في منطقة غير مستقرة، ودفع ازدهارها الناس حول العالم للعمل والعيش والاستثمار في البلد الخليجي الصغير والذي يبعد 150 ميلا فقط عن إيران، التي تقع على الطرف الآخر من الخليج.
وأضاف أنه نجاح الإمارات ينظر إليه على أنه “فقاعة من الثروة الباهظة التي نمت وتطورت في الصحراء على مدى عقود قصيرة، بفض مساهمة العمال والمهنيين الوافدين”، إلا أن “هشاشة هذه الفقاعة برزت هذا الأسبوع عندما وصلت الحرب التي ساهمت فيها الإمارات باليمن الفقير إلى أبوابها”.
وأوضح أن التآكل التدريجي للفقاعة الأمنية في الإمارات مرتبط بشكل كبير بالقرار الذي اتخذه “بن زايد”، والذي رسم طريقا حازما للإمارات في السياسة الخارجية، إذ لعب دورا قياديا في دعم التحالف الخليجي للحرب في اليمن، ما أدى لجعل بلده محاربا نشطا في النزاع الذي دمر أفقر بلد بالمنطقة.
وأشار التحليل إلى مشاركة الإمارات أيضا في الحرب الليبية المستمرة منذ عدة سنوات، ما ساعد على تعزيز صورة البلد التي لقبت بـ “إسبرطة الصغيرة”، وأنها قادرة على مواجهة قوى أكبر منها.
هذا التحول في السياسة الخارجية جاء على خلاف السياسة التقليدية التي انتهجها قادة الإمارات، وكانت محافظة في علاقاتها مع بقية الدول الأخرى بالمنطقة، إذ كان القادة مدركين للطبيعة الهشة التي قام عليها نموذجهم الاقتصادي المعتمد على القوى الوافدة، بحسب التحليل.
لكن في ظل “بن زايد”، طمحت الإمارات لكي تتحول إلى قوة كبرى، ولعبت دورا في الحملات العسكرية الأجنبية وتحالفت مع قوى خارج المنطقة مثل الولايات المتحدة لاحتواء قوى إقليمية مثل تركيا وإيران، وظلت محصنة من تداعيات سياستها الخارجية حتى ضربت الصواريخ أراضيها.
ونوه “إنترسبت” إلى خطورة استمرار هكذا وضع بالنسبة للإمارات، فعلى خلاف دول المنطقة التي يعيش فيها مواطنون أصليون، فثروة البلد الخليجي الصغير تعتمد على بقاء ملايين العمالة الوافدة، ولو تأثر الأمن الذي يقوم عليه ازدهار البلد، فهؤلاء الأجانب سيخرجون بسرعة ويعودون إلى أوطانهم الأصلية، حاملين معهم أموالهم ومهاراتهم.
غير أن تحليل الموقع الأمريكي يرى أن قادة الإمارات لا يزال لديهم وقت لتصحيح المسار والعودة إلى الطريق التقليدي في التعامل مع المنطقة والتسويات التي ساعدت على حفظ الأمن المحلي، و”هو النهج الواضح في تعامل سلطنة عُمان مع جيرانها، حيث تلتزم بدور الوسيط بين المتنافسين في الشرق الأوسط”.
و”في غياب هذا التحول، فمن الصعب منع العنف الذي عذب بقية الشرق الأوسط من الوصول إلى أبواب أبوظبي” بحسب التحليل.
وأعلن الحوثيون عن هجومين منفصلين على الإمارات، الأول في 17 يناير/كانون الثاني، وضرب مطار أبو ظبي الدولي ومخزنا للنفط، ما أدى لسلسلة من الانفجارات قتلت عمالا وافدين، وأثار الهجوم غضب الإماراتيين الذين ردوا وضربوا سجنا في مدينة صعدة، شمال اليمن وقتلوا العشرات.
ولم يمنع الهجوم الانتقامي الحوثيين، حيث ضربوا الإمارات هذا الأسبوع بصواريخ باليستية استهدفت قاعدة عسكرية خارج العاصمة أبو ظبي والتي يعمل فيها آلاف الجنود الأمريكيين.
وانتشرت صور الصواريخ المعترَضَة التي أضاءت السماء بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما لخّص بطريقة حية كيف وصل العنف في اليمن إلى الإمارات الثرية.