تصاعدت التحذيرات في الجزائر من مؤامرات الإمارات لإثارة قلاقل إقليمية في ظل التوجس الكبير من وجود أبو ظبي المشبوه في منطقة الصحراء ومحاولتها إشعال فتيل أزمة بين المغرب والجزائر.
ويسود الاعتقاد لدى قطاع واسع من النخب السياسية في الجزائر بوجود علاقة ما بين إقدام دولة الإمارات على فتح قنصلية لها في مدينة العيون، عاصمة إقليم الصحراء المتنازع عليه بين المغرب وجبهة “البوليساريو”، والتطورات العسكرية الأخيرة المستجدة في منطقة الكركرات.
وصرح المستشار الأمني السابق للرئيس الجزائري والمدير الحالي لمعهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة (هيئة تابعة للرئاسة)، عبد العزيز مجاهد، أن “خطوة الإمارات بفتح قنصلية لها في منطقة العيون أمر غير معقول؛ لأن المنطقة لا يوجد فيها أي مواطن إماراتي”.
وأشار مجاهد إلى أن “الأزمة الأخيرة كشفت المستور، وأظهرت لنا الطرف الذي يمكن الاعتماد عليه، ومن هو الحليف والشريك ومن هو خلاف ذلك”.
وذهب مجاهد إلى وضع تفسيرات سياسية تربط هذه المواقف الإماراتية بالموقف الجزائري المعلن من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، والذي اعترض فيه على موجة التطبيع الأخيرة في المنطقة العربية بقيادة الإمارات، ووصفها بالهرولة.
وقال مجاهد إن “الجزائر هي من أدخلت فلسطين إلى الأمم المتحدة. كنا نعلم أننا سندفع الثمن لبعض مواقفنا، ولكن للحرية ثمنا وللاستقلال ثمنا؛ إما نكون أحرارا وأصحاب سيادة وإما نخضع ونركع”.
وفي السياق نفسه، كتب رئيس حركة “مجتمع السلم”، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، عبد الرزاق مقري، تقدير موقف بعنوان: “أينما حلت الإمارات تعقدت الأزمات”، دوّن فيه: “لا يجب أن نعتقد في الجزائر بأنه حين يحط حكام دولة الإمارات رحالهم في المغرب العربي، ويدخلون في مشكلة معقدة بين بلدين شقيقين جارين سيتفقان يوما ما، بأنهم يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم، فهم أوهن وأضعف من أن يقدروا على مواجهة الجزائر، إنما يفعلون ذلك ضمن مشروع صهيوني مسنود أميركيا وفرنسيا لابتزاز الجزائر وإخضاعها”.
وأضاف أن “استعمال السلاح في منطقة الكركرات وانتهاك وقف إطلاق النار هو تصعيد غير مقبول، لم يحدث إلا بعد أن حطت الإمارات رحالها في المنطقة، والقادم على مصير المنطقة قد يكون أسوأ”.
وربطت أغلب التحاليل الخطوة الإماراتية وموقفها الداعم للمغرب بالموقف الجزائري من التطبيع.
وذهب المحامي غرايسية خالد إلى القول إن “الجزائر تحصد ثمار سكوتها عن قيام الإمارات بإنشاء قنصلية في العيون، فأي رعايا إماراتيين هناك لكي تقيم من أجلهم قنصلية؛ هذه الخطوة سياسية”.
وذكر أن “المغرب يريد السيطرة والإمارات تأخذ على عاتقها معركة التأييد الدولي، لكن هدفها أكبر، وهو إشعال حرب بين الجارتين”.
لكن الواقع السياسي يشير أيضا إلى أن تحذيرات النخب السياسية والمهتمة بالقضايا الاستراتيجية في الجزائر من الخطوة الإماراتية في الصحراء، سبقت بكثير التطورات الأخيرة في منطقة الكركرات.
إذ تواترت التحذيرات من الخطط الإماراتية التي تستهدف إثارة قلاقل إقليمية وتعقيد الأزمة في ليبيا، ومحاولة دعم العملية العسكرية الفرنسية في مالي.
كما رفعت في الحراك الشعبي لافتات تحذر من الإمارات، وبرغم طبيعة المواقف الدبلوماسية الجزائرية، التي توصف في الغالب بأنها لا تخضع لردود الأفعال، فإن الكثير من المراقبين يرجحون أن تطرأ على العلاقات الجزائرية الإماراتية برودة سياسية لافتة في الفترة المقبلة.