عبرت أوساط دبلوماسية مصرية عن غضب شديد من تمويل الإمارات مشاريع تهدد قناة السويس التي تعد أبرز موارد مصر من النقد الأجنبي إذ يوفر للخزانة العامة نحو 6 مليارات دولار سنويا.
وتعمل الإمارات على تنفيذ مشروعات كبرى، بالتعاون مع دول مثل روسيا، تهدد كلها قناة السويس، أهم ممر مائي في العالم، بحسب ما أوردت صحيفة “العربي الجديد” الصادرة في لندن.
وخصصت أبوظبي أموالاً ضخمة لتمويل هذه المشروعات البرية والبحرية التي تمثل منافسا حقيقيا للقناة المصرية، وتحديا كبيرا لها خاصة من زاوية إيجاد بدائل لنقل النفط الخليجي لأسواق أوروبا وبتكلفة ووقت أقل، وبالتالي فقدان أهم عميل للقناة.
جديد هذه المشروعات ما كشفه موقع “سبوتنيك” الروسي اليوم الاثنين، من أنّ ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، سيزور تركيا خلال أيام، للمرة الأولى منذ 10 سنوات، ويبحث مع الرئيس رجب طيب أردوغان، فتح طريق بديل عن قناة السويس يبدأ من إمارة الشارقة على الخليج العربي ثم موانئ وأراضٍ إيرانية ثم يسير برأ حتى مرسين التركية الواقعة على ساحل البحر المتوسط والقريبة من السواحل الأوروبية وينقل بحراً عبر ناقلات.
وبحسب وسائل إعلام تركية ومنها النسخة المحلية من صحيفة “إندبندنت” وموقع “haber7” الشهير، فإنّ الإمارات قررت بالفعل فتح طريق تجاري إلى تركيا عبر إيران، بهدف تقليص فترة نقل البضائع إلى ما بين 6 و8 أيام بدلاً من 20 يوماً حالياً، وهي الفترة التي تستغرقها عملية النقل عبر الطريق الحالي الذي يبدأ من ميناء الشارقة – مضيق باب المندب – قناة السويس – مرسين.
بل إن السلطات الإيرانية أعلنت قبل 5 أيام أنّ طهران افتتحت بالفعل الطريق التجاري الجديد الذي يربط بين الإمارات وتركيا عبر أراضيها. وكشفت عن عبور أول حمولة تجارية من الشارقة إلى ميناء مرسين التركي.
ليس هذا المشروع الأول الذي تموله أبوظبي ويعد تهديداً حقيقياً لقناة السويس ودورها في التجارة الدولية خاصة نقل النفط الإماراتي وربما الخليجي لاحقاً إلى أوروبا.
فهناك مشروعان آخران تعمل عليهما الدولة الخليجية حالياً، الأول هو مشروع ضخم تنفذه بالتعاون مع دولة الاحتلال وهو إنشاء خط أنابيب إيلات – عسقلان، الذي من المقرر أن يتم عبره نقل النفط الإماراتي ومشتقاته من بنزين وسولار ومازوت إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا، عبر خط ممتد من ميناء إيلات على ساحل البحر الأحمر إلى ميناء أسدود على البحر المتوسط.
وقد وقعت شركتا “أوروبا آسيا بايبلاين” الحكومية الإسرائيلية و”ميد ريد لاند بريدج” الإماراتية الإسرائيلية اتفاقاً بالفعل لشحن النفط من الإمارات إلى القارتين أوروبا وآسيا عبر خط الأنابيب الجديد.
وهذا الخط يهدد أهم مشروعين مصريين يتم من خلالهما نقل النفط الخليجي لأوروبا وهما قناة السويس ومشروع سوميد الشهير، ويفتقد المشروعان أهم عميل لهما وهو شركات النفط والطاقة الخليجية.
أما المشروع الثالث فيتم بالتعاون بين الإمارات وروسيا وهو الذي كشف عنه مسؤولون من البلدين في منتصف شهر يوليو/تموز الماضي عقب توقيع اتفاق بين شركة موانئ دبي، وموسكو لتطوير خط شحن حاويات عبر القطب الشمالي في مسار تروج له موسكو على أنه بديل لقناة السويس.
علما بأن روسيا ضخت بالفعل استثمارات ضخمة لتطوير الممر البحري الشمالي الذي يسمح للسفن بالوصول إلى الموانئ الآسيوية بمدة أقل بـ15 يوماً مقارنة بالطريق التقليدي عبر قناة السويس.
بل إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يروج منذ وقت طويل لهذا الطريق الملاحي على طول الساحل القطبي الروسي باعتباره منافساً لقناة السويس كما تقول وكالات أنباء عالمية.
وخلال حادث جنوح السفينة “إيفرغيفن” في قناة السويس وتعطل الملاحة في الممر المائي في مارس/آذار الماضي استغلت دول، منها روسيا وإيران، الحادث في طرح مشروعاتها على أنّها بدائل أفضل للقناة المصرية، خاصة دولة الاحتلال التي تعمل على مشروعات أخرى لتهديد القناة المصرية منها بناء خط أنابيب بري يمتد عبر السعودية وإسرائيل ليتم تصدير الخام من الموانئ الإسرائيلية إلى أوروبا وأميركا باستخدام البنية التحتية الحالية لشركة خط أنابيب عسقلان إيلات المحدودة (EAPC).
كما طرح وزير الخارجية الإسرائيلي ووزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، خلال زيارته أبوظبي في منتصف العام 2019، مبادرة لربط السعودية والخليج مروراً بالأردن بخط سكك حديدية إسرائيلية وصولاً إلى حيفا.
كما تطمح إسرائيل أيضًا في إعادة تشغيل أنبوب (الموصل – حيفا) الذي كان ينقل النفط الخام من كركوك شمال العراق، إلى فلسطين، عبر الأردن، ولمسافة 942 كيلومترًا، لكنه توقف جرّاء مشاركة العراق في قتال العصابات الصهيونية عام 1948.
قناة السويس تتعرض لتحديات ومخاطر حقيقية حتى من قبل دول تزعم أنها حليفة لمصر مثل روسيا والإمارات، هذه التحديات تفرض على صانع القرار المصري أولاً إدراك حجم المنافسة الشرسة التي تتعرض لها، وتبني مشروعات طويلة الأجل لتطوير الممر المائي وتعميقه وتوسعته وزيادة تنافسيته أمام حركة التجارة الدولية.