موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تدعم إعلامياً عصابات مسلحة في غزة كبديل لفصائل المقاومة

1٬796

في مشهد يعكس إعادة إنتاج لسياسات الخراب التي مارستها في اليمن وليبيا والسودان، تعمل الإمارات اليوم على تصدير نموذجها التخريبي إلى قطاع غزة عبر الترويج والتلميع لمجموعة عصابات مسلحة كبديل لفصائل المقاومة.

وتشهد الساحة الغزية – المنهكة أصلاً بحصار خانق وعدوان إسرائيلي مستمر –محاولة زرع ميليشيا محلية بقيادة شخصية مثيرة للجدل: ياسر أبو شباب، الذي يروج له إعلام أبوظبي باعتباره “قائد غزة الجديدة”، بينما يراه الشارع الغزي شخصاً منبوذاً فاقداً لأي شرعية وطنية أو اجتماعية.

صناعة “حفتر غزّي”

تؤكد وثائق أمنية مسربة أن اسم ياسر أبو شباب ظهر لأول مرة في تقارير دائرة الأمن القومي الإماراتية نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024، بوصف محدد: “شخصية بدوية من رفح، عدو لحماس، سجل إجرامي في تجارة المخدرات والعنف، يمكن أن يتحول إلى حفتر غزّي”.

هذا التوصيف يختصر الرؤية الإماراتية: استنساخ تجربة اللواء الليبي خليفة حفتر، الذي استُخدم كأداة عسكرية لتحقيق مصالح أبوظبي في ليبيا، لكن بنسخة غزية تزرع الفوضى وتستنزف المقاومة.

طحنون بن زايد… عقلية “القوة القذرة”

في اجتماع مغلق داخل قصر أبوظبي، طُرحت فكرة البحث عن “بديل” للمقاومة في غزة بعد اجتياح رفح الإسرائيلي.

وعندما اعترض بعض المسؤولين على اختيار شخصية مثيرة للجدل بلا ولاء سياسي أو شعبي، جاء رد طحنون بن زايد – مستشار الأمن الوطني وأبرز مهندسي العمليات السرية: “من قال إننا بحاجة إلى قديس؟ نريد من لا يخاف من الدم”.

بهذه العبارة، وُضعت معايير انتقاء القائد الميداني للمليشيا الجديدة: فساد مطلق، قطيعة مع المجتمع، عداوة صريحة للمقاومة، واستعداد لاستخدام العنف بلا حساب.

معايير “أبوظبي” لاختيار الأداة

المعايير التي اعتمدت في اختيار ياسر أبو شباب لم تكن عسكرية بقدر ما كانت سلوكية وسياسية:

خلفية جنائية تتيح ارتكاب أعمال بطش دون وازع.

عداوة معلنة مع حماس لضمان الاصطدام المباشر مع المقاومة.

انعدام أي انتماء حزبي يمنع تحكم أي جهة محلية به.

شبكة خارجية في رفح المصرية للاستفادة من قنوات التهريب والتجنيد.

ولإضفاء غطاء “شرعي” على المشروع، أسندت مهمة الترتيبات المالية والإدارية لشخصيات فلسطينية محسوبة على السلطة في رام الله، وفي مقدمتهم محمود الهباش.

تحالف ثلاثي: أبوظبي – رام الله – تل أبيب

لم تكن الإمارات وحدها في هذا المشروع، بل جاء ضمن رعاية ثلاثية الأبعاد:

أبوظبي: التمويل والتخطيط، عبر جهاز الأمن بقيادة طحنون بن زايد.

رام الله: الغطاء السياسي عبر شخصيات نافذة في الأجهزة الأمنية للسلطة.

تل أبيب: المستفيد الاستراتيجي، التي سمحت بتمدد المشروع في مناطق الانهيار الأمني.

أما محمد دحلان، الذراع الأمني السابق في غزة والمستشار الحالي لأبوظبي، فقد تولى دور “المحرّك عن بعد”، مستفيداً من علاقاته الأمنية وخبرته في إدارة الميليشيات.

الإعلام الإماراتي… أداة التلميع والتضليل

إلى جانب التمويل والتسليح، لعب الإعلام الإماراتي دوراً مركزياً في تلميع صورة ياسر أبو شباب وتسويقه كـ”قائد التغيير في غزة”.

منصات ومواقع ممولة من أبوظبي – بعضها يعمل تحت لافتات “إغاثية” أو “إنسانية” – بثت تقارير تمجّد “القيادة الجديدة” وتربطها بوعود “غزة آمنة ومستقرة”. لكن هذه الرواية لم تصمد أمام الحقائق على الأرض، حيث ارتبط اسم أبو شباب بقطع طرق المساعدات، وفرض الإتاوات، وبث الرعب في الأحياء المهمشة.

والمشروع لم يكن يهدف إلى تشكيل جيش معلن، بل “قوة خفيفة غير مرئية” تتخفى خلف واجهات مدنية.

المهام الموكلة إليها شملت:

اعتراض قوافل الإغاثة ومنع وصولها إلى مستحقيها.

ترهيب النشطاء والمتضامنين مع المقاومة.

نشر الفوضى في المناطق النائية لتعطيل أي جهود للتعافي الاجتماعي.

كل ذلك جاء متزامناً مع سياسة التجويع والحصار الإسرائيلي، لتكتمل معادلة الضغط على سكان غزة: القصف من الجو، الجوع من الحصار، والفوضى من الداخل.

استنساخ النموذج السوداني

النموذج الذي تحاول الإمارات ترسيخه في غزة يشبه إلى حد كبير تجربة قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي في السودان: مليشيا ممولة ومسلحة، تعمل خارج سلطة الدولة، وتنفذ أجندات راعيها الخارجي.

لكن في غزة، الهدف المباشر هو ضرب المقاومة الفلسطينية من الداخل، وإضعاف أي إمكانية لعودة الوحدة الوطنية.

ويرى مراقبون أن ما يجري ليس مجرد مغامرة عابرة، بل جزء من استراتيجية أوسع ترى في المقاومة عقبة أمام إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني وفق مصالح أبوظبي وتل أبيب.

وفي ظل غياب موقف عربي موحد، وتواطؤ أطراف فلسطينية رسمية، يجد هذا المشروع بيئة خصبة للنمو.