موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

خفايا تآمر الإمارات مع بلير ودحلان لتصفية القضية الفلسطينية

624

تبدو الخطة التي تروّج لها إدارة دونالد ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، عبر “مجلس سلام” دولي يترأسه الرئيس الأمريكي ويتضمّن وجوهاً مثل توني بلير وشخصيات فلسطينية مرشّحة من خارج المؤسسة التقليدية، أقلّ ما توصف به: محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وإعادة تشكيل السلطة السياسية على مقاس جديد يضمن مصالحة مصالح إقليمية ودولية على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية.

فمخطط “مجلس السلام” يفترض تأسيس هيئة إشرافية تضع إطار «اليوم التالي» لغزة: تفكيك القدرات العسكرية للمقاومة، تسليم السلاح، حماية الحدود الإسرائيلية، وتأمين أموال ضخمة لإعادة الإعمار.

وتبدو المسمّيات مرنة — لا إجبار على التهجير، ووعود بحماية حق العودة — لكن المضمون السياسي والعملي يكشف عن مخاطر تحويل إعادة الإعمار إلى آلية لتغيير التركيبة السياسية والديمغرافية للقطاع.

ثلاثية النفوذ المشبوه

وجود توني بلير في قلب هذا المشروع ليس حادثياً؛ فهو شكل على مدى سنوات حلقة وصل بين دوائر القرار الغربية ومحور علاقات ثنائية في الخليج. انتقادات واسعة تلاحقه في العالم العربي والدولي بسبب سجله في سياسات خارجية مثيرة للجدل، لكن دوره الاستشاري والمالي مع أبوظبي يجعل منه غطاءً دولياً مرغوباً لدى من يريدون شرعنة ترتيب جديد في غزة.

الاسم الفلسطيني المحتمل في مركز النفوذ كذلك هو محمد دحلان — القيادي المفصول من فتح والمقيم في أبوظبي منذ سنوات والذي تُنسب إليه علاقات وثيقة مع الإمارة، فضلاً عن شبكة علاقات إقليمية غربية وإسرائيلية.

وبحسب مراقبين فإن طروحات تعيين دحلان أو إشراكه في إدارة “اليوم التالي” تقرأ كوسيلة لإقصاء قوى المقاومة وإحلال قيادة بديلة تُراعي المصالح الإقليمية والدولية.

أما الجهة المالكة لرافعة التمويل والشرط الأمني فهي أبوظبي. لم تكتفِ بتقديم وعود بل دخلت ساحة التمويل عملياً: تقارير رسمية تؤكد منحها ملايين الدولارات لدعم جهود منسقين أممين معنيين بملف إعادة إعمار غزة، ما يجعل للإمارة ورقة نفوذ مباشرة على مسارات التنفيذ وشرط سلوك الجهات المحلية.

أدلة تواصل وعلاقات عملية

لا تظل هذه المزاعم محض تكهنات: تقارير دبلوماسية وإعلامية أفادت بأن أبوظبي ناقشت مع إسرائيل والولايات المتحدة دوراً إدارياً مؤقتاً في غزة، بما في ذلك إمكانية المشاركة في إدارة ما بعد الحرب.

هذه المشاورات — التي جرت على مستوى رفيع — تُظهر أن الحديث عن “إعادة إعمار” لم يَبقَ ضمن حدود الإغاثة الإنسانية بل انتقل إلى شكل من أشكال التحكم السياسي والأمني.

والأسلوب الذي يبدو جلياً في الصياغات السياسة والدبلوماسية هو ربط ضخّ المليارات بشرط وجود «حكومة فلسطينية جديدة»، «قادة مستقلين»، و«أطر أمنية» قادرة على تنسيق التحقيقات وتنفيذ ترتيبات أمنية تتوافق مع معايير الاحتلال. هذا الربط بين المال والشرط السياسي هو آلية ضغط تجريبية: إعادة إعمار تُباع كهبة إنسانية، لكنها تُنفّذ كأداة لإعادة تشكيل السلطة.

لماذا تعتبر هذه الخطة «تصفية»؟

الخطوة العملية لتفكيك بنى المقاومة وتسليم السلاح وإحلال قوى أمنية محسوبة على محور إقليمي واحد، لا تمثّل فقط سيناريو إعادة إعمار؛ بل بمثابة محاولات لتجريد القضية الفلسطينية من أبعادها السياسية والرمزية.

حين يُفرض على غزة جهاز إداري وأمني جديدان لا يملك شرعية شعبية، يُسحب من الفلسطينيين حق تقرير المصير ويُفتح باب التطبيع الإقليمي المباشر والحماية الأمنية التي تخدم الاستراتيجية الإسرائيلية والإماراتية معاً.

وإدخال شخصيات مناوئة أو مثيرة للجدل إلى موقع إدارة غزة سيزيد الانقسام داخل الساحة الفلسطينية ويضعف مؤسسات المرجعية الوطنية (مُثلاً منظمة التحرير والسلطة). كما أن أي مشروع يُبنى على إخضاع المقاومة أو إقصائها سيواجه مقاومة شعبية وسياسية قد تفاقم دائرة العنف بدلاً من تهدئتها.

وما يُعرض اليوم على أنه “خارطة طريق لإيقاف الحرب وإعمار غزة” يحمل في طياته عناصر تحولية تتجاوز الاستجابة الإنسانية إلى صناعة واقع سياسي وأمني جديد في قلب فلسطين.

وجود توني بلير كواجهة، ومحمد دحلان كحل أمني، وتمويل أبوظبي كرافعة تنفيذية، كلها عناصر تُشير إلى مشروع أوسع — ليس فقط لإنقاذ غزة من الدمار، بل لإعادة رسم مستقبلها وفق محاور خارجية قد تُمكن من تصفية قضيتها الوطنية تدريجياً، ما لم تواجهه القوى الفلسطينية والمجتمع الدولي بوضوح وصراحة حول شروط ومضمونات أي خطة إنعاش.