سلط المركز الأوروبي للديموقراطية وحقوق الإنسان، على حملة دولة الإمارات الشرسة على المعارضة، واستغلال أبوظبي نفوذها الإقليمي لتوسيع نطاق القمع خارج حدودها.
وقال المركز في بيان اطلعت عليه “إمارات ليكس”، إن الإمارات استثمرت بشكل كبير في تقديم نفسها كدولة تقدمية، إلا أن وراء هذه الواجهة سجلًا مقلقًا من انتهاكات حقوق الإنسان.
إذ استهدفت السلطات الإماراتية مرارًا وتكرارًا الأفراد لممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، مستغلةً في كثير من الأحيان الأحكام الغامضة لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2014 لخلط الانتقادات بتهديدات أمن الدولة. وقد أدى ذلك إلى اعتقالات تعسفية ومحاكمات جائرة واختفاء قسري وتعذيب.
كما استفادت الإمارات من تقنيات المراقبة المتقدمة لديها لمراقبة وقمع الخطاب الإلكتروني. وقد امتد هذا النمط من القمع الآن إلى ما وراء حدود الإمارات، كما يتضح من تسليم الشاعر والناشط المصري التركي عبد الرحمن القرضاوي من لبنان إلى الإمارات.
في 28 ديسمبر 2024، ألقت القوات اللبنانية القبض على القرضاوي أثناء عودته من سوريا، حيث نشر مقطع فيديو على الإنترنت ينتقد فيه حكومات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر.
دفع الفيديو السلطات الإماراتية والمصرية إلى طلب مذكرة توقيف مؤقتة بشكل فردي صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب ، مما أدى في النهاية إلى اعتقاله.
وقد اتُخذ هذا الإجراء بالإضافة إلى حكم غيابي صدر عام 2017 في مصر، والذي أدان القرضاوي بتهم ذات دوافع سياسية بنشر أخبار كاذبة والإخلال بالأمن العام. في 2 يناير 2025، قدمت كل من الإمارات ومصر طلب تسليم بناءً على اتهامات مماثلة.
وعلى الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة، وافقت الحكومة اللبنانية على التسليم إلى الإمارات في 7 يناير.
وأبرز المركز أنه نظراً لسجل الإمارات الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، فإن قرار لبنان بتسليم القرضاوي ينتهك المبدأ الدولي لعدم الإعادة القسرية، الذي يحظر نقل الأفراد إلى دول قد يتعرضون فيها لمعاملة لا إنسانية.
كما صدر قرار لبنان في غياب معاهدة ثنائية لتسليم المجرمين مع الإمارات، وشمل متهماً لا يحمل الجنسية الإماراتية أو الإقامة فيها، مما يُشير إلى أن هذه الخطوة كانت ذات دوافع سياسية لا قانونية.
وتشير التقارير إلى وجود ضغوط سياسية، حيث تلقى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ضمانات من وزير خارجية الإمارات، الذي وعد بمعاملة القرضاوي بإنصاف، وتعهد بالمعاملة بالمثل في قضايا مماثلة.
وقد تجاهلت الإمارات تطميناتها فور تسليم القرضاوي في 8 يناير/كانون الثاني، إذ تعرّض للاختفاء القسري. ولم تتمكن أسرته من الحصول على أي معلومات عن مكانه أو وضعه القانوني، كما حرمته السلطات التركية من التمثيل القانوني والوصول القنصلي.
وتتزايد المخاوف على سلامة القرضاوي نتيجةً للملاحقة القضائية بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي، ومصيرٍ مماثلٍ لمصير المواطن الإماراتي التركي خلف عبد الرحمن الرميثي.
وقد سُلِّم الرميثي من الأردن إلى الإمارات في مايو/أيار 2023، واختفى قسرًا، ثم خضع لاحقًا لمحاكمة جماعية استهدفت معارضين سياسيين. تفتقر هذه المحاكمات إلى الشفافية والإجراءات القانونية الواجبة، وغالبًا ما تحرم المتهمين من المساعدة القانونية وتُعرِّضهم للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
كما أن قانون مكافحة الإرهاب الذي يُجيز السجن لأجل غير مسمى يُفاقم هذه الظروف المقلقة للمعتقلين.
في 9 مارس/آذار 2025، صادق البرلمان المصري على معاهدة تُسهّل نقل السجناء المُدانين بين مصر والإمارات العربية المتحدة. ونظرًا لسجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان، فإن إمكانية إعادة تسليمه إلى الإمارات تُعرّض القرضاوي لمزيد من خطر الاحتجاز التعسفي المُطوّل وسوء المعاملة.
ويُسلِّط تسليم القرضاوي الضوء على حملة الإمارات الشرسة على المعارضة، مستغلةً نفوذها الإقليمي لتوسيع نطاق القمع خارج حدودها ومواطنيها. وبانتهاكها للقوانين الدولية لحقوق الإنسان، تُعرِّض هذه الإجراءات الأفراد لمعاملة غير عادلة وغير إنسانية. وتُشكِّل هذه القضية سابقةً خطيرةً تُهدِّد حرية التعبير وتُقوِّض حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة.