تحولت دولة الإمارات إلى مركز استخباري للقمع الصيني عابر الحدود لاسيما الذي يستهدف قمع أقلية الأويغور المسلمة بما في ذلك احتجاز وترحيل أفراد منهم.
وقال الأكاديمي برادلي جاردين الباحث في معهد كيسنجر التابع لمركز ويلسون لشؤون الصين والولايات المتحدة، إن الإمارات هي الشريك الأقرب للصين في المنطقة، وتضع نفسها كمركز استخباراتي لأجهزة الأمن في بكين—بل وتستضيف قاعدة عسكرية صينية مشتبه بها.
وذكر جاردين في مقال نشرته منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، أنه مع قيام الحكومة الصينية بتوسيع نطاق مراقبتها الجماعية للأويغور خارج حدود الصين، فقد ضغطت على الإمارات لجمع بصمات الأويغور المقيمين في الدولة.
وأشار إلى أنه عندما احتجزت السلطات الإماراتية أحمد طالب، الذي كان يعمل في الإمارات، في عام 2018، أخبر زوجته أمانيسة عبد الله أن الشرطة في دبي أخذت عينة من دمه بناءً على طلب من الحكومة الصينية. وزُعم أنه تم ترحيله بعد وقت قصير من آخر مكالمة هاتفية بينهما في ذلك العام.
وكانت الإمارات ترأست وفدا لممثلي 32 دولة ذات أغلبية مسلمة إلى شينجيانغ العام الماضي، في شمال غرب الصين، لحضور مؤتمر يعرض التنمية الاقتصادية والاجتماعية المفترضة في المنطقة.
في حينه صرّحت وزارة الخارجية الصينية أن الحاضرين عبّروا عن أن “حرية المعتقد الديني والحقوق المختلفة للمسلمين مكفولة على النحو الواجب” وأن الواقع في شينجيانغ “يختلف تمامًا عما تذكره بعض وسائل الإعلام الغربية”، في إشارة مستترة إلى الاعتقال الجماعي لما يصل إلى مليون شخص من عرقية الأويغور.
حملات العلاقات العامة هذه ليست سوى عنصرا واحد افي مجموعة أدوات بكين لتبييض قمعها في أقصى غرب الصين، في مقاطعة تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين.
مع تعميق الصين لعلاقاتها مع الدول العربية، لا سيما المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات، يتعرض الشتات الأويغور في منطقة الشرق الأوسط بشكل متزايد لخطر القمع الصيني المتنامي العابر للحدود.
ففي العام الماضي، طُلب من أربعة إيغور، بمن فيهم أطفال مقيمون في السعودية، الاستعداد للترحيل إلى الصين، حيث من المحتمل أن يتم احتجازهم من أجل “إعادة التعليم” في شبكة شينجيانغ الواسعة من معسكرات الاحتجاز والسجون والمصانع للعمل القسري.
ومنذ عام 2017، شرعت الصين في حملة قاسية لإخضاع المنطقة الشاسعة المتاخمة لآسيا الوسطى وإعادة هندستها، بما يتماشى مع مبادئ الحزب الشيوعي وتاريخ شينجيانغ الفريد وثقافته، والتي حددتها الأقليات العرقية العديدة.
ومع اكتساب الصين المزيد من النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، حيث بلغ النفوذ ذروته الشهر الماضي في الصفقة التي ساعدت في التوسط لإعادة العلاقات بين الخصمين في المنطقة إيران والسعودية.
فقد اكتسبت بكين أيضًا قبولًا دبلوماسيًا، وحتى تواطؤًا، لقمعها للأويغور، في منطقة كان للأويغور فيها قرونا من التواصل والاتصال الديني.
ودأبت سلطات الإمارات على احتجاز أو ترحيل أشخاص من مجتمع الأويغور بناءً على طلب الصين، مع إجبار ما لا يقل عن 292 شخص من الأويغور على العودة إلى الصين من الشرق الأوسط منذ عام 2002.
في حين أن القمع الصيني للأويغور مستمر منذ عقدين من الزمن، إلا أن حجم وشدة ذلك القمع زاد بشكل كبير في عام 2017 مع بداية حملة الصين للاعتقال الجماعي داخل شينجيانغ.
وفقًا لبحث أجرته جمعية أوكسوس لشؤون آسيا الوسطى، تم احتجاز أو تسليم حوالي 1,327 شخصا من الأويغور من 20 دولة منذ بدء حملة “إعادة التعليم”.
وفي الصين، تم تجريم العلاقات الشخصية مع العالم الإسلامي فعليًا، حيث أدرجت أجهزة الأمن 26 دولة ذات أغلبية مسلمة في القائمة السوداء، بما في ذلك جزء كبير من منطقة الشرق الأوسط.
تشتبه السلطات في أي شخص لديه روابط من خلال الأسرة أو الاتصالات شخصية أوالتعليم في المنطقة، وتصنفه على أنه بحاجة إلى “إعادة تعليم”.
وقد امتدت حملة القمع العابرة للحدود ضد الأويغور إلى منطقة الشرق الأوسط من خلال الأنظمة الاستبدادية التي تقترب بشكل متزايد من بكين وفي مقدمتها الإمارات.
يجب على القادة الغربيين الرد على ذلك، والعمل على وضع سياسات من شأنها أن تسمح للاجئين الأويغور وطالبي اللجوء بالانتقال بأعداد أكبر من دول ثالثة أصبحت خطيرة بشكل متزايد، مثل مصر والإمارات.
كما يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تبني تعريف مشترك للقمع العابر للحدود، والاعتراف بالتهديد الذي يمثله، والعمل على محاسبة الجناة وشركائهم من الأطراف الثالثة.
لدى الغرب بالفعل تشريعات واسعة النطاق لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الجرائم بعقوبات قانون ماغنيتسكي التي تم استخدامها لاستهداف المسؤولين المتورطين في الفظائع الجماعية في شينجيانغ.