تم إطلاق أكاديمية جديدة للمؤثرين في الإمارات ووصفت بأنها أحدث محاولة “لتبييض” سجل حقوق الإنسان الأسود في البلاد.
ويقدم البرنامج الجديد، الذي تم تأسيسه بالتعاون بين دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي ووكالة محتوى السفر Beautiful Destinations، تدريباً إعلامياً للطلاب للمساعدة في تعزيز صناعة السياحة في الإمارة، التي أصبحت مركزاً ساخناً للمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة.
ويحصل الطلاب المتقدمون لبرنامج التدريب في الشركة على رحلات طيران وإقامة في شقة فندقية فاخرة بالإضافة إلى دخل مناسب للعيش طوال البرنامج الذي يستمر ثلاثة أشهر.
وسيُطلب من المشاركين نشر تجاربهم في السفر إلى دبي، ثم يُمنحون شهادة من كلية دبي للسياحة. وفي النهاية، يُعرض على “المتميزين حقًا” وظيفة بدوام كامل لدى Beautiful Destinations.
وقال جيريمي جونسي، الرئيس التنفيذي للشركة، لصحيفة نيويورك تايمز إن وكالته “لا تبحث عن مضيفين، ولا نبحث عن مقدمين، ولا نبحث عن أشخاص يريدون بناء مهنة أمام الكاميرا، بل الأمر يتعلق إلى حد كبير بمدى قدرتك على سرد قصة سفر؟.
لكن جماعات حقوق الإنسان والناشطين السودانيين وصفوا هذه الخطوة بأنها مبادرة أخرى من جانب الدولة الخليجية لتحسين صورتها في الوقت الذي تواجه فيه اتهامات بتسهيل جرائم الحرب والإبادة الجماعية في السودان.
وقال عبد الله حلاخه، كبير المدافعين عن شرق وجنوب أفريقيا في منظمة اللاجئين الدولية، إن الأكاديمية هي أحدث محاولة من جانب الإمارات لجذب الأجانب الذين لا يقومون “بفحص نقدي” للبلاد لتبييض سمعتها.
وأضاف لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني: “يقع هذا ضمن نمط العمل المعتاد في دبي… كل شيء فيه يشبه نمط الحياة السينمائي الذي تم إعداده بعناية فائقة”.
وتابع “لكن خلف هذا الواقع المصنع على نطاق واسع، تكمن انتهاكات مروعة لا يمكن إنكارها لحقوق الإنسان في أي مكان لامسه خلال السنوات العشرين الماضية.”
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أحالت الحكومة السودانية الإمارات إلى محكمة العدل الدولية، متهمة إياها بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال مساعدة قوات الدعم السريع، وهي جماعة شبه عسكرية سودانية تقاتلها منذ أبريل/نيسان 2023.
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 12.5 مليون سوداني، بينما اتُهمت قوات الدعم السريع بالتطهير العرقي والاعتداءات الجنسية الجماعية وحتى الإبادة الجماعية. كما تُتهم القوات المسلحة السودانية، حليفة قوات الدعم السريع السابقة التي تحولت إلى أعداء، بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
وقال حلاخه إن سعي الإمارات لمنع ظهور دول ديمقراطية في المنطقة كان وراء تورطها في الحرب.
وأضاف أن “الحرب على الإرهاب سحقت الربيع العربي، وعرقلت ظهور أي حكومة قابلة للحياة في ليبيا، وآخر ما حدث في السودان”.
وقد استثمرت الإمارات – دبي على وجه الخصوص – موارد ضخمة في تنمية المشهد السياحي، في حين توافد المؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإنستغرام إلى شواطئها ونواديها ومنتجعاتها.
وبحسب صحيفة التايمز، هناك 37.9 مليون مقطع فيديو على تطبيق تيك توك يحمل هاشتاج #دبي، يعرض مشاهد وأصوات المدينة.
وشهدت دولة الإمارات رقماً قياسياً بلغ 18.72 مليون زائر دولي العام الماضي، في حين أنفقت الدولة أموالاً طائلة على العديد من الأحداث الرياضية والأندية في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن الإعلانات السياحية التي أصبحت منتشرة بشكل متزايد في العواصم وعلى الإنترنت.
لكن الحملة الإعلامية المكثفة تكذب حقيقة مفادها أن الإمارات العربية المتحدة اتُهمت مراراً وتكراراً باستخدام أساليب خارج نطاق القضاء لقمع المعارضة داخل حدودها، وأن سجلها في مجال حقوق الإنسان تعرض لإدانة واسعة النطاق.
ومنذ اندلاع الربيع العربي عام 2011، سُجن العشرات من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات في محاكمات أدانتها جماعات المراقبة ووصفتها بأنها غامضة.
واستهدفت السلطات أيضًا مسافرين أجانب. اعتُقل المواطنان البريطانيان ماثيو هيدجز وعلي عيسى أحمد في عامي ٢٠١٨ و٢٠١٩ على التوالي، وتعرضا لسوء المعاملة والتعذيب في السجن قبل إطلاق سراحهما.
كما أمضى مواطن بريطاني آخر، ريان كورنيليوس ، البالغ من العمر 70 عاماً ، 16 عاماً في الاحتجاز في الإمارات بتهم “مشكوك فيها” تتعلق بالاحتيال.
وقال محمد جميل، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، إن هناك “مخاوف متزايدة” من أن المؤثرين يساعدون في دفع “الدعاية الحكومية أو تسهيل الأجندات السرية”.
وأضاف “أن العديد من المؤثرين، الذين لا يدركون التداعيات السياسية لمشاركتهم، معرضون لخطر الانضمام إلى حملات تهدف إلى تبييض الممارسات الاستبدادية”.
وتابع “لقد وجد العديد من الأفراد الذين شاركوا في هذه المبادرات بحسن نية أنفسهم يواجهون عواقب وخيمة – من الترحيل ومصادرة الأصول إلى الاحتجاز التعسفي والاتهامات الملفقة التي تؤدي إلى أحكام بالسجن لفترات طويلة، نحث المهنيين العاملين في مجال الإعلام والمحتوى الرقمي والدعوة العامة على توخي الحذر.”
