تتصاعد المطالب شعبيا ورسميا في ليبيا بقطع كامل العلاقات مع دولة الإمارات على خلفية تدخلها العدواني في البلاد ودعمها ميليشيات مسلحة خارج القانون لنشر الفوضى والتخريب فيها.
وفي أعقاب كشف الأمم المتحدة النقاب عن دور دولة الإمارات الضالع في الإمدادات العسكرية لميليشيات مجرم الحرب خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، تقدم أحد أعضاء المجلس الرئاسي بمبادرة لقطع العلاقات فورا مع الإمارات.
وبعث العضو في المجلس الرئاسي محمد عماري زايد، برسالة إلى رئيس المجلس فايز السراج وأعضائه والوزراء المفوضين في حكومة الوفاق المتمخضة عن اتفاق الصخيرات 2015م، دعا فيها المجلس الرئاسي والحكومة إلى “عقد اجتماع طارئ لقطع كافة العلاقات فورا مع الإمارات واعتبارها دولة معتدية على ليبيا وأنها في حالة حرب معها”.
وحمل زايد، دولة الإمارات المسؤولية عن “التورط في سفك الدم الليبي وانتهاك سيادة ليبيا باحتلال جزء من أراضيها وإقامة قاعدة عسكرية فيها”، بالإضافة إلى اختراق الأجواء الليبية وتنفيذ عمليات قصف.
وقال إن المزيد من الصمت والصبر غير المبرر على إجرام هذه الدولة سيكون تفريطا في دماء الشهداء، وسيكون الرئاسي وحكومة الوفاق مسؤولين أمام الله ثم التاريخ في اتخاذه هذه الخطوة التي أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى لوقف سفك الدم الليبي وانتهاك حدوده من قبل هذه الدولة.
وطالب عماري المجلس الرئاسي على توجيه كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية والسفارات والبعثات في الخارج بملاحقة الإمارات قانونيا في المحاكم الدولية، مثل محكمة العدل الدولية، ومتابعة أنشطة شركات العلاقات العامة العاملة لصالح هذه الدولة.
كما طالب عامري حكومة الوفاق بتوجيه المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية التابعة لها بـ”التعامل مع هذه الدولة كعدو”.
ودعا العضو في المجلس الرئاسي إلى مطالبة الإمارات بدفع تعويضات عما “أحدثته من فساد وضرر لمؤسسات الدولة الليبية”.
واتفاق الصخيرات (2015) أو الاتفاق السياسي الليبي هو اتفاق شمل أطراف الصراع في ليبيا وتم توقيعه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات في المغرب بتاريخ 17 ديسمبر 2015 بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية المندلعة منذ 2014، وقد بدأ العمل به من معظم القوى الموافقة عليه في 6 أبريل 2016.
وتخوض حكومة الوفاق المدعومة من قبل تركيا منذ أكثر من عام صراعا ضد قوات حفتر والذي يحظى بدعم مصر والإمارات وفرنسا وروسيا ويحاول انتزاع العاصمة طرابلس من قبضة “الوفاق”.
دعوة د. محمد عماري زايد للمجلس الرئاسي و حكومة الوفاق لعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لقطع العلاقات مع دولة الإمارات
Posted by د. محمد عماري زايد on Friday, May 15, 2020
كما قال عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس: إن الإمارات “دولة مارقة” لها نصيب كبير في خرق قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بحظر توريد السلاح إلى ليبيا، مشددا على أن أغلب التقارير الأممية لا تخلو من الإشارة إلى تورط أبو ظبي في دعم التمرد على الشرعية في ليبيا.
وأضاف كرموس: “أعتقد أنه لا حاجة للاستدلال بتقارير صحفية أو إعلامية على تورط الإمارات، في حين أن لدينا جهة اعتبارية مكلفة من قبل الأمم المتحدة بموجب القرار 1973 وهي لجنة الخبراء المكلفة بمتابعة تنفيذ هذا القرار من عدة نواحي بينها حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا”.
وذكر أن “هذه التقارير الدورية تحتوي على معلومات كبيرة لإدانة الدول التي تخترق هذا الحظر ومعلومات تفصيلية، فإذا ما قلنا دولة الإمارات نجد أن لها نصيبا كبيرا من هذه التقارير، فعلى سبيل المثال لا الحصر التقرير المقدم من الخبراء لمجلس الأمن بتاريخ 23/2/2015 يشير إلى تسيير دولة الإمارات عن طريق شركة (فيتيران آفيا) لعدة رحلات جوية من قاعدة المنهاد الجوية الإماراتية والمعلومات تؤكد توقف عدد من هذه الرحلات في دولتي الأردن والإمارات وصولا إلى ليبيا”.
وحول مقاضاة الإمارات دوليا أكد أنه ليس من الصعب على حكومة الوفاق مقاضاة هذه الدولة “المارقة” بما يتوفر لديها من أدلة جمعت أثناء الحرب على طرابلس تثبت إدانة عدة دول، ويمكن الاستناد أيضا إلى تقارير أممية معدة من خبراء محايدين ومكلفين رسميا بهذه المهمة.
وشعبيا، أطلق مغردون ليبيون حملة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي خاصة تويتر للمطالبة بقطع العلاقات مع دولة الإمارات على خلفية جرائمها ودعمها ميليشيات مجرم الحرب خليفة حفتر.
وغرد هؤلاء تحت وسم #نعم_لقطع_العلاقات_مع_الامارات الذي حظي بمشاركة واسعة وسط تنديد بانتهاكات الإمارات ودورها العدواني في ليبيا.
وكشف تقرير أممي النقاب عن تسير الإمارات مجموعة من المرتزقة الغربيين إلى ليبيا خلال يونيو/حزيران 2019م؛ بهدف مساعدة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الليبية.
ونشر موقع “بلومبيرغ” الأميركي تفاصل التقرير السري بعدما أطلع عليه مسؤولين دبلوماسيين عقب إعداده من قبل فريق خبراء لجنة العقوبات بمجلس الأمن في فبراير/شباط الماضي.
وأوضح التقرير السري أن المرتزقة المرتبطين بشركتين مقرهما في دبي، سافروا إلى ليبيا في يونيو/حزيران العام الماضي لفترة وجيزة للمساهمة في هجوم حفتر على العاصمة طرابلس؛ بهدف الإطاحة بالحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة.
والمرتزقة الغربيين ينتمون إلى شركتي “لانكستر ستة دي أم سي سي” و”أوبوس كابيتال أسيت”، وكلتاهما مسجلتان في المناطق الحرة بدولة الإمارات.
وقال التقرير إن الشركتين مولتا ووجهتا عملية لتزويد قوات حفتر بمروحيات وطائرات مسيرة وقدرات إلكترونية عبر شبكة معقدة من الشركات الوهمية.
ولم يحدد التقرير هويات فريق المرتزقة الغربيين المؤلف من عشرين شخصا، إلا أنه أكد أن الفريق كان بقيادة مواطن من جنوب أفريقيا.
وتشن ميليشيات حفتر هجومها على طرابلس منذ أكثر من عام، لكنه ظل منذ ذلك الحين معرقلا في أكناف العاصمة، بينما توجهت الحكومة المدعومة من قبل الأمم المتحدة إلى تركيا، وطلبت منها المساعدة العسكرية؛ حتى تتمكن من إحباط الهجوم.
وتعج قوات حفتر بآلاف المرتزقة من السودان وتشاد وروسيا وسوريا، وبحسب تقارير، فإن دولة الإمارات تجري اتصالات مع عدد من الميلشيات الشيعية في العراق لإقناعهم بالالتحاق بمحاور القتال ضمن قوات حفتر مع ووعود بدفع مستحقاتهم المالية.
وكشفت صحيفة ليبية النقاب عن طلب دولة الإمارات من قائد قوة الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، إرسال مئات الجنود السودانيين على وجه السرعة لدعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في قتالها ضد حكومة الوفاق الليبية.
وقال مصدر مطلع لصحيفة “ليبيا أوبزرفر” إن “حميدتي” وافق مؤخرا على طلب إرسال 1200 مقاتل بعد تهديدات إمارتية بقطع الدعم المالي له، رغم المعارضة التي يواجهها من قبل قيادة الجيش السوداني.
ونوه المصدر – الذي فضل عدم الكشف عن هويته – إلى أن “حميدتي” يواجه صعوبة في إقناع مقاتليه للذهاب إلى ليبيا بعد سماعهم بسلسلة الغارات الجوية التي تنفدها قوات حكومة الوفاق الوطني بليبيا بدعم من الحكومة التركية ضد خطوط الإمداد لقوات حفتر.
وأفاد المصدر بأن 350 مقاتلا من قوات الدعم السريع يتواجدون الآن بمنطقة ساوا الإريترية في انتظار نقلهم إلى ليبيا.
وترى قيادات في الجيش السوداني أن المشاركة في حرب ليبيا قد يجر السودان لويلات، إضافة للتبعات القانونية والأخلاقية. حسب الصحيفة.
وخاطبت دار الإفتاء الليبية، هيئة علماء السودان من أجل إنقاذ أبناءهم الذين يقاتلون في صفوف حفتر.
وجاء في البيان أن الشعب الليبي يتعرض إلى أقسى أنواع العدوان والوحشية من “قبل مجرمين انقلابين هدفهم الوصول إلى السلطة على جماجم أبناء الإسلام وتدمير مقدرات البلد”.
وقالت الهيئة إن “الانقلابين حاصروا العاصمة على مدى أكثر من عام ويقومون بأعمال يندى لها جبين كلِّ من له مروءة، من قتل وتمثيل بالجثث، وتنكيل بالأسرى، وقصف عشوائي بالصواريخ والمدفعية على الأحياء السكنية المكتظة والمستشفيات والمرافق المدنية”.
وأوضحت أن هذا العدوان نتج عنه قتل الآلاف، وتشريد مئات الآلاف من السكان وتدمير بيوتهم، إلى جانب التضييق على الملايين من السكان بقطع المياه عنهم وتخريب محطات الكهرباء وإغلاق الموانئ النفطية “ومع هذا العدوان لا زال أهل الحق صامدين في دفاعهم عن دينهم وأرضهم”.
وذكرت أن حفتر والدول الداعمة عندما يئسوا من دخول العاصمة وتكبدوا خسائر الكبيرة في الأرواح والعتاد، لجؤوا مؤخرا إلى جلب مرتزقة من دول شقيقة تربطها بليبيا علاقات أخوة وجوار كالسودان وتشاد “ليقوموا بقتل الليبيين مقابل حفنة من الدنانير”.
وشددت على أن كل من له نخوة ومروءة لا يمكن أن يترك هؤلاء الشباب “يستغلهم أصحاب النفوذ ويبيعونهم إلى الإمارات كما يُباع العبيد في سوق النخاسة، ويُستغل فقرهم وضعفهم وحاجتهم إلى العمل فيُدفعون إلى الموت في سبيل تحقيق نزوات الانقلابيين”.
وناشدت دار الإفتاء الليبية علماء السودان ومن يعنيهم الأمر بأن “يكون لهم موقف من هذا العدوان السافر، ووقف نزيف الدم، والمتاجرة الرخيصة بشبابهم، وتجنيدهم من قبل الإمارات كمرتزقة، يُشترون بالمال، ليلاقوا حتفهم في الصحراء ضمن عصابات الحرابة التي يقودها مجرم الحرب حفتر”.
وختم البيان بضرورة وقوف علماء السودان وعقلائه وأن “يكون لهم موقف نذكرهم به، وهم له أهل، وليس غريبا عن نخوتهم ورحمهم، مساهمة منهم في حقن دماء إخوانهم المسلمين، وإبراء للذمة، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به”.
وتتطلب عودة المشهد الليبي إلى طاولة الحوار، بالإضافة لوقف القتال، تعيين مبعوث أممي جديد خلفاً لغسان سلامة المستقيل منذ مطلع مارس/آذار الماضي، لكن يبدو أن الإمارات تسعى لجعل المنصب شاغراً، فقد مارست ضغوطاً دبلوماسية على واشنطن، وحثتها على الاعتراض على تعيين الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة لشغل المنصب، لأنها تعتبره مقرباً من حكومة الوفاق، بحسب تقرير لـ”فرانس برس” في التاسع من إبريل/نيسان.