يعود الاهتمام الإماراتي بليبيا إلى أيام نظام معمر القذافي وهو ليس وليد اللحظة، ونشر موقع “موند أفريك” الفرنسي في تقرير له أن الاهتمام الإماراتي بليبيا ظهر مباشرة بعد رفع العقوبات الدولية التي فرضها مجلس الأمن على ليبيا في 2003، وبعد رفع أميركا عقوباتها الاقتصادية عن العقيد الراحل معمر القذافي عام 2004.
وأورد التقرير أنه قبل أيام فقط من رفع الحظر الأوروبي على بيع الأسلحة لليبيا في أكتوبر 2003، ترأس ولي عهد إمارة دبي آنذاك محمد بن راشد آل مكتوم، وفدا إماراتيا زار ليبيا لإجراء مباحثات مع القذافي حول قضايا اقتصادية وتجارية.
ومنذ ذلك الحين، تواصلت عملية تعزيز العلاقات بين البلدين، حيث بلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية في ليبيا نحو مليار دولار سنة 2008. كما بلغت قيمة الصادرات الليبية، على غرار الوقود المعدني ومنتجات التقطير المستمر إلى الإمارات نحو 130 مليون دولار في 2010.
دعم التدخل الفرنسي البريطاني
وتحدث الكاتب عن تراجع الدعم الإماراتي لليبيا عندما قررت كل من فرنسا والمملكة المتحدة وضع حد للنظام الليبي سنة 2011. ولقي القرار البريطاني الفرنسي دعما من الإمارات، التي قدمت مساعدات مالية لبرامج المساعدات الإنسانية الموجهة للاجئين الليبيين في كل من تونس ومصر.
كما دعمت أبو ظبي عسكريا جهود التحالف البريطاني الفرنسي عبر إرسال نحو 12 طائرة حربية، بينها ست مقاتلات من نوع “ميراج” الفرنسية، للمشاركة في توجيه ضربات جوية في مسرح العمليات العسكرية بليبيا، علاوة على تقديم دعم مادي ولوجستي لبعض الجماعات الثائرة هناك.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، نظمت أبو ظبي لقاء جمع بين ممثلين عن 25 مدينة من جنوب وغرب ليبيا، عبروا عن دعمهم للمجلس الوطني الانتقالي الذي يتخذ من مدينة بنغازي مقرا له. ويعزى هذا التدخل الإماراتي في ليبيا دبلوماسيا وعسكريا إلى اهتمام أبوظبي بالإمكانيات الاقتصادية التي تتمتع بها ليبيا.
خليفة حفتر
وتدخلت الإمارات في ليبيا عسكريا منذ 2011 ودعمت “عملية مكافحة الإرهاب” تحت مسمى عملية “الكرامة” التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مايو 2014، حيث شكل هذا الدعم نقطة تحول هامة في موقف الإمارات من السياسة الليبية.
وشارك سلاح الجو الإماراتي مباشرة ولأول مرة في المعارك المحتدمة بين أطراف الصراع الليبي، من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس، علما بأن طائراتها انطلقت من التراب المصري. وعملت أبو ظبي على استهداف التحالف الإسلامي “فجر ليبيا”.
وبعد مضي بضعة أشهر من هذه العملية، شنت الإمارات غارة جوية عبر قوات خاصة أغلب عناصرها من الإماراتيين استهدفت مخيما “إسلاميا” في مدينة درنة استنكرتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية المتدخلة في ليبيا.
تعقب الإخوان المسلمين
بعد الغارة التي شاركت فيها التي استهدفت طرابلس، اعتقلت الإمارات نحو ثلاثين مواطنا ليبيا مقربين من الإخوان المسلمين. وبعد سلسلة الإيقافات، أدين نحو عشرين مصريا وعشرة إماراتيين والحكم على كل منهم بالسجن خمس سنوات بتهمة محاولة تأسيس فرع محلي للإخوان المسلمين.
ويحتدم الصراع في ليبيا حاليا بين شقين، الدول التي تدعم الإخوان المسلمين وبين الدول التي تطاردهم وأولها الإمارات. وما زالت أبو ظبي تدعم عسكريا ولوجستيا حلفاءها الليبيين في طبرق في انتهاك صارخ للحظر المفروض على بيع الأسلحة لليبيا.
وكانت أبو ظبي نشطة على الصعيد الدبلوماسي أيضا. فقد تمكنت من إقامة علاقات وثيقة مع الممثل الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون، الذي أبلغ وزير الخارجية الإماراتي، في رسالة عبر بريده الإلكتروني كشفت صحيفة “غارديان” البريطانية عن محتواها في 2015، نيته “كسر التحالف بين التجار الأثرياء في مصراتة وبين الإسلاميين” و”نزع الشرعية” عن المؤتمر الوطني العام.
الإمارات أقنعت أميركا بحفتر
وذكر الموقع الفرنسي أن الإمارات تواصل خرق الحظر المفروض على الأسلحة في ليبيا، بينما تعزز، بالتعاون مع روسيا، قدرات قوات حفتر على الصعيد العملياتي.
وعملت أبو ظبي على تقديم حفتر للولايات المتحدة على أنه أفضل شريك لمكافحة “الإرهاب” في ليبيا. ولكنها في الحقيقة تعمل على عزل “الإسلاميين” دبلوماسيا.
وأشار الموقع إلى أن الإمارات تخوض حربا على الحركات الإسلامية في العالم العربي، خاصة الإخوان المسلمين، وهي تواصل تحقيق هذا الهدف عبر التدخل في ليبيا وباقي البلدان العربية، لاجتثاث “الإسلام السياسي”، بحسب ترجمة مواقع على صلة بالأزمة الخليجية.