موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات تهدد ليبيا بحرب أهلية في ظل فشل حليفها حفتر

353

يهدد النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة ليبيا بإغراق في أتون حرب أهلية يقوض استقرار ومستقبل البلاد ويمهد لنهب أبو ظبي ثرواتها ومقدراتها.

وتأتي تهديدات الإمارات في ظل فشل حليفها المجرم الجنرال خليفة حفتر في السيطرة على العاصمة طرابلس التي يقود هجوما عسكريا عليها منذ أسابيع مستغلا في ذلك دعمه سياسيا وعسكريا من أبو ظبي.

ويرى مراقبون أمام الفشل الميداني لمجموعات حفتر، أمام الدفاع الوطني الليبي عن العاصمة، أن أخطر ما يمكن أن تسعى له الإمارات هو تكرار فعلتها في اليمن، وتحويل الصراع مع الشرعية الوطنية إلى حرب أهلية، تضمن لها بقاء خطة عزلها للجنوب اليمني، ليكون إقليما للاستثمار الاقتصادي والجيوسياسي العسكري.

وبالتالي تُدفع ليبيا إلى حرب أهلية مفتوحة، تقوم على أساس الصراع العدمي بين الشرق والغرب، والذي يهدمهم جميعا إنساناً وأرضاً ووطناً للمستقبل والحياة.

وهنا الخطة “ب” الخطيرة للإمارات لو تحقق كسر طرابلس لهجومها، فالإمارات تنظر إلى ميدان ليبيا ضمن خطتها التخريبية في الوطن العربي، والتي تقوم على هيمنتها الكلية على مراكز نفوذ وجغرافيا تجعله الطرف الأقوى، في صياغة المستقبل السياسي للوطن العربي، وتحويله إلى حديقة خلفية، لفكرتها الصراعية مع الحريات، أو مع الجماعات الإسلامية السياسية.

في ذات الوقت أنشأت الإمارات لمواجهتها حركة عسكرية متطرفة، تعتمد في مرجعها العقائدي، وموقفها من الإنسان والحياة، ذات الفقه والمصادر، الذي تعتمده السلفية الجهادية، كأصل تشريعي، يجمع نسختها الراديكالية.

والفارق أن الجامية هنا تلوح بأن التطرف والراديكالية (السلفية) المتوحشة، تنفذ باسم ولي الأمر، الذي يتم التلاعب بتنصيبه، حسب قرار المحور الراعي لهم، كإسقاط مرسي، وتقديس السيسي وقس على ذلك.

إن شعور الإمارات أن خسارة طرابلس، تفتح الباب على فواتير متعددة لخارطتها في الوطن العربي، تجعلها تدفع إلى سيناريو حرب مفتوحة، وهذا بالضبط ما تحتاج حكومة الوفاق لإسقاط أرضيته، وأن تحشد الرأي العام الوطني، وتوجّه أي دعم يأتيها، بعيداً عن التدخل باسم جماعة معينة.

ولم تستقر ليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011، ولم تحقق الثورة أهدافها بعد، إذ سرعان ما تعمّقت الأزمة نتيجة الانقسام السياسي والأمني الذي تغذيه أطراف إقليمية ودولية بناء على مصالحها وأطماعها.

وتأتي دولة الإمارات في صدارة قائمة الدول التي تتدخل في ليبيا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، إذ لا تزال أبوظبي تنتهك القرار الدولي بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، بل ذهبت أكثر من ذلك إلى حد تأسيس قاعدة عسكرية بالقرب من مدينة المرج، موطن حليفها العسكري اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما يواليها نافذون في القطاع النفطي، ونخب سياسية تتطلع لشغل مناصب قيادية.

وكشفت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية قبل يومين في تقرير، عن مشاركة طائرة إماراتية دون طيار في قصف قوات حفتر أحياء بالعاصمة طرابلس، ليلة السبت الماضي، وأشارت نقلا عن مصادر إلى أنّ الطائرة المسيرة انطلقت من منشأة كانت الإمارات تعدّها منذ 2016.

وأمس الخميس، كشفت مصادر عسكرية من مدينة الزنتان، أنّ المنشأة التي تعنيها الصحيفة موجودة في قاعدة الوطية، وسعت الإمارات إلى بنائها في أواخر 2015، إذ كانت القاعدة وقتها تحت سيطرة “كتيبة أبو بكر الصديق” التي يقودها العقيد العجمي العتيري، الموالي لحفتر.

وبحسب المصادر فإنّ “القاعدة الأرضية تم تفكيكها لاحقاً، وعاودت الإمارات بناءها مجدداً، خلال الأشهر الماضية”، مشيرة إلى أنّ قاعدة الوطية اتخذتها عدة دول مركزا لمراقبة سواحل ليبيا.

وأكدت المصادر أنّ “خبراء عسكريين فرنسيين وإماراتيين، شاركوا في غرفة القيادة الرئيسية لقوات حفتر، خلال إدارة معركتها الحالية في اتجاه طرابلس”.

وعن الإصرار الإماراتي على التغلغل في ليبيا ودعم الفوضى، قال المحلل السياسي الليبي عقيل الأطرش إنّ “ليبيا مهمة بالنسبة للإمارات فهي المنافس الأقوى المرشح في شمال أفريقيا ليكون مركزاً اقتصادياً، وبالتالي فالإمارات إما أن تسيطر على المفاصل في هذا البلد وإما أن تدمره”.

ولفت الأطرش إلى أنّ “الهدف واحد بين داعمي حفتر، لكن مصالحهم تختلف في الحقيقة بل وتتضارب في أحيان كثيرة، مما يجعل الصراع مستمراً، حتى لو نجح حفتر في السيطرة على طرابلس، ونتائج هذا الصراع ستكون مدمرة”.

ورغم اعتراف المجتمع الدولي بحكومة “الوفاق” برئاسة فايز السراج، إلا أنّه يلتزم الصمت حيال الاعتداء العسكري الذي بدأه حفتر على العاصمة التي تتواجد فيها الحكومة، منذ 4 إبريل/نيسان الحالي، فحتى الدول المعروفة بميلها لحفتر، تعلن عن استمرار دعمها لحكومة “الوفاق”، وتدعو لاستكمال المسار السياسي بهدف حل الأزمة في ليبيا.

وتعتبر الإمارات من بين تلك الدول التي تكيل بمكيالين، ففي وقت تقدّم فيه الدعم العسكري الواضح لحليفها حفتر، احتضنت في أواخر فبراير/شباط الماضي، لقاء بين حفتر والسراج، قالت الأمم المتحدة إنّه أفضى إلى اتفاق حول إنهاء المرحلة الانتقالية، وتسريع الوتيرة للوصول إلى مرحلة الانتخابات.

ولا يبدو أنّ أبوظبي تعوّل على حفتر ومشروعه العسكري فقط، فهي تدعم شخصيات سياسية فاعلة في المشهد الليبي، سبق وأن طرحت مشاريع سياسية وأعلنت عن انخراطها في جلسات “الملتقى الوطني الجامع” الذي كان مزمعاً عقده في مدينة غدامس الليبية، بين 14 و16 إبريل/ نيسان الحالي، وجرى تأجيله إلى أجل غير مسمى بعد إعلان حفتر الحرب على طرابلس.

ومن بين أبرز تلك الشخصيات، سفير ليبيا السابق في أبوظبي العارف النايض، والذي استقال في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، من منصبه كسفير هناك، وكان أول من أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، في مارس/ آذار 2018.

ويدير النايض الذي بدأ حياته السياسية كمقرّب من السياسي الليبي محمود جبريل رجل الإمارات الأول في ليبيا، عدة مراكز ممولة من أبوظبي، أبرزها “مركز ليبيا للدراسات المتقدمة”، والذي استضاف عدة شخصيات دبلوماسية غربية، وأدار ندوات للحوار حول ليبيا في الخارج، كما تربطه صلات بسياسيين أميركيين.

ويقدّم النايض نفسه كشخصية إسلامية تقدّم الإسلام في نموذجه الليبرالي، ولذا أعلن عضو الكونغرس الأميركي ستيفن كينغ، عن دعمه للنايض، كما أعلن في فترة ترشح الأخير عن “موافقة عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي على دعم الجيش الليبي (قوات حفتر) باعتباره القوة التي تتصدى لجماعات الإخوان المسلمين و”القاعدة” في ليبيا”، حسب قوله.

ولا تبدو خطط أبوظبي منفصلة عن بعضها، فالنايض له ارتباط وثيق بحفتر ومشروعه العسكري، ففي أحد تصريحاته الصحافية، أكد أنّه “خلال فترة عملي كسفير في الإمارات لم أقصّر في دعم الجيش والشرطة في أصعب الظروف”.

وأكد أنّ “حكومة مجلس النواب اختارته مستشاراً للأمن القومي”، مضيفاً أنّه “خلال تعييني مستشاراً للأمن القومي لرئيس الوزراء أنجزت مهمتي بالشكل المطلوب، ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء مطلعان على كل ما قمت به لدعم الجيش والشرطة وكل شيء موثق، ولن أخوض في تفاصيله حتى ترفع عنه طبيعته السرية حفظاً للأمن القومي الليبي”.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد سعت أبوظبي للسيطرة على القطاع النفطي في ليبيا، وأكد مصدر ليبي من لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس برلمان طبرق، أنّ قرار حفتر بنقل تبعية موانئ وحقول النفط إلى مؤسسة نفط موازية في بنغازي، في يونيو/ حزيران الماضي، كانت تقف وراءه شخصيات من دولة الإمارات، مؤكداً أنّ من بينهم ممثلين عن مجموعة “الغرير” الإماراتية.

ولفت المصدر إلى أنّ الإمارات “تمتلك مشاريع عديدة تتقاسم رغبة تنفيذها مع دول حليفة لها كمصر وروسيا وفرنسا”، مضيفاً أنّ “الإمارات وصلت مبكراً إلى النفط الليبي بواسطة تعاقدات رسمية مع النظام السابق، وتحديداً في راس لانوف منذ عام 2009، من خلال شركة (تراسا) للطاقة، وهي شركة لآل الغرير الإماراتية، لتنتج بذلك شركة ليبية إماراتية عرفت باسم (ليركو) لا تزال تحتفظ بحقوقها في راس لانوف حتى الآن”.

كما أشار إلى أنّ “(تراسا) التي يملكها رجل الأعمال الإماراتي عيسى الغرير، لم تتوقّف عن السعي للاستحواذ على شركة (ليركو) بكاملها، وكانت آخر محاولاتها الضغط على الجانب الليبي من خلال دعوى قضائية رفعتها ضد مؤسسة النفط الليبية أمام محكمة غرفة التجارة الدولية بباريس لتعويضها بـ812 مليون دولار، لكنها خسرتها برفض المحكمة طلب التعويض في يناير/كانون الثاني الماضي”.

ولم يتوقف نفوذ الإمارات في ليبيا عند الجانب السياسي والعسكري والاقتصادي، بل ذهبت أبوظبي إلى السيطرة على قطاع الإعلام.

وتؤكد دراسة أعدها ليبيون أنّ أبوظبي تسيطر على 70% من الإعلام الليبي، وأنفقت عليه حتى ذلك الوقت، ما يزيد عن 74 مليون دولار أميركي.

وكشف إعلامي ليبي حضر اجتماعاً موسعاً، في 9 إبريل/ نيسان الحالي، في أحد فنادق القاهرة وترأسه مسؤول بارز في السفارة الإماراتية بمصر، رفقة عدد من الإعلاميين الليبيين، أنّ أبوظبي تسعى لإطلاق فضائية جديدة، وثلاثة مواقع إلكترونية، لتوفير مزيد من الدعم لحرب حفتر الحالية على العاصمة طرابلس.

وقال الإعلامي إنّ الإمارات “ستموّل مشروعاً إعلامياً جديداً، يهدف إلى تشويه قوات حكومة الوفاق، مقابل إظهار حفتر وقواته كجيش نظامي ومخلّص للبلاد، وأنّه لا خيار آخر بديلاً عنه.