موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مساعدات الإمارات إلى غزة غطاء إنساني لمخطط التهجير الإسرائيلي

1٬203

بينما تستمر إسرائيل في حرب الإبادة والتدمير في قطاع غزة، تتحول مساعدات إنسانية تقدمها الإمارات إلى أداة سياسية خطيرة، تمنح الاحتلال غطاءً إنسانيًا لواحدة من أفظع جرائم العصر: التهجير القسري.

ومنذ بداية الحرب المستمرة منذ أكثر من 22 شهرا على غزة، سعت إسرائيل إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، أبرزها تدمير مدينة غزة وشمالها وإجبار السكان على النزوح جنوبًا.

وفي هذا السياق، برز الدور الإماراتي كأحد أبرز المحركات التي تتخفى خلف شعارات “الإغاثة” و”الدعم الإنساني”، بينما تسهم عمليًا في تمهيد الطريق أمام مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.

مساعدات موجهة حسب مخطط الاحتلال

رغم المظاهر الإنسانية، فإن تركيز الإمارات على مشاريعها في جنوب قطاع غزة دون شماله المدمَّر ينسجم بشكل كامل مع الرؤية الإسرائيلية التي تسعى إلى إعادة رسم الخريطة السكانية.

فالمساعدات التي تعلن عنها أبوظبي – سواء سفن الإغاثة التي تنطلق من ميناء خليفة في أبوظبي أو مشاريع المياه التي افتتحتها ضمن عملية “الفارس الشهم 3” – تتركز كلها في مناطق مثل خان يونس والمواصي، وهي مناطق أُريد لها أن تتحول إلى “مناطق آمنة” مؤقتة وفق الخطاب الإسرائيلي.

آخر هذه الخطوات تمثل في إبحار السفينة الإماراتية التاسعة محملة بسبعة آلاف طن من المساعدات الغذائية والطبية إلى ميناء العريش المصري، قبل إدخالها إلى جنوب غزة.

وتزامن ذلك مع تدشين خط مائي جديد يربط محطات تحلية إماراتية في مصر بخزانات في خان يونس، بطاقة إنتاجية تصل إلى مليوني جالون يوميًا، لتغذية مئات آلاف النازحين.

وتأتي هذه المشاريع، رغم أهميتها على المستوى المعيشي، منسجمة مع أهداف الاحتلال في تثبيت وجود النازحين في الجنوب، بدل تمكينهم من العودة إلى بيوتهم في الشمال.

اتفاقيات سرية مع إسرائيل

المفارقة الأبرز تكشفت مؤخرًا حين كشفت مصادر دبلوماسية عن اتفاق مباشر بين الإمارات والحكومة الإسرائيلية لتمويل مشاريع في جنوب القطاع عبر جمعية الهلال الأحمر الإماراتي.

وبينما الهدف المعلن لهذه المشاريع هو تحسين الأوضاع الإنسانية، فإن الهدف الخفي يتمثل في تجهيز مناطق إيواء دائمة للمهجّرين قسريًا.

ونهاية الشهر الماضي أكد تقرير هيئة البث الإسرائيلية أن وفدًا رسميًا برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر زار أبوظبي سرًا قبل أيام، حيث التقى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وكبار مستشاريه.

وبحسب الهيئة الإسرائيلية فإن اللقاء المذكور لم يكن لمناقشة مساعدات إنسانية مجردة، بل لتنسيق مشاريع “إغاثية” ذات بعد جيوسياسي، تمهد لمرحلة إعادة توزيع السكان في القطاع.

مشاريع “إنسانية” بوجه سياسي

تكشف القراءة الدقيقة لطبيعة المشاريع الإماراتية للإغاثة الإنسانية في قطاع غزة التي تُسوَّق إعلاميًا على أنها مبادرات إنسانية، أنها أدوات سياسية متكاملة.

المستشفى الميداني في رفح: الذي تم الاتفاق على إنشائه بإشراف مباشر من الاحتلال، يبدو في ظاهره دعمًا طبيًا، لكنه عمليًا جزء من خطة إدارة التجمعات السكانية النازحة، وإعادة تنظيم حياتها تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.

مشروع إمداد المواصي بالمياه: والذي يضمن كميات يومية تصل إلى 20 لترًا للفرد، يخدم نحو 600 ألف شخص في المنطقة. لكن تنفيذه تحت إشراف إسرائيلي مباشر يجعله أداة للسيطرة والتحكم، ويكرّس واقعًا جديدًا في الجنوب.

هذه المشاريع، ليست استجابة إنسانية بريئة، بل أدوات لإدارة التهجير القسري وتثبيت التقسيم الجغرافي والديموغرافي للقطاع.

تبييض صورة إسرائيل

في العمق، تحاول إسرائيل والإمارات عبر هذه المشاريع تمرير رسائل سياسية مزدوجة. إسرائيل تريد أن تظهر بمظهر من يسمح بالمساعدات، رغم أنها المسؤول الأول عن مأساة غزة، بينما تستفيد الإمارات من الترويج الإعلامي لنفسها كـ”منقذ إنساني”.

وتضخ القنوات الرسمية الإماراتية تغطيات واسعة لكل شاحنة أو محطة مياه تدخل الجنوب، متجاهلة أن هذه المشاريع تُنفذ تحت رقابة أمنية إسرائيلية، وأنها جزء من خطة أوسع لتهجير سكان الشمال والوسط. بهذا الشكل، تتحول أبوظبي إلى أداة لتجميل صورة الاحتلال وإعطائه غطاءً سياسيًا وأخلاقيًا أمام الرأي العام الدولي.

وقد تحولت منطقة المواصي، التي تضم مئات آلاف النازحين المهرجين قسرا، إلى مركز ثقل في خطة الاحتلال. وتساهم مشاريع الإمارات في هذه المنطقة، من المياه إلى المساعدات الغذائية، في تحويلها إلى “محور استقرار مؤقت” يُبقي السكان في ظروف بائسة، لكن خاضعة للإدارة والسيطرة.

ويحذر المراقبون من أن هذه المنطقة قد تكون مقدمة لتقسيم غزة عمليًا إلى شمال مدمّر غير صالح للحياة، وجنوب مُهيأ ليكون مستقرًا مؤقتًا، بانتظار تنفيذ خطة التهجير الكبرى خارج حدود القطاع.

الإمارات.. من التطبيع إلى الشراكة التنفيذية

منذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، انفتحت أبوظبي على إسرائيل في مختلف المجالات، من الاقتصاد إلى الأمن. لكن الخطوة الأخيرة في غزة تعكس انتقال الدور الإماراتي من مستوى “الشريك التطبيعي” إلى “المشارك التنفيذي” في أجندة الاحتلال.

وباتت جمعية الهلال الأحمر الإماراتي، التي يُفترض أن تكون مؤسسة إنسانية، تعمل عمليًا كذراع سياسية – أمنية، تساهم في إعادة تشكيل الواقع الديموغرافي في غزة.

ويؤكد المراقبون أن هذا التحالف الجديد لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل يفتح الباب أمام تداعيات إقليمية عميقة. فالمشروع الإسرائيلي – الإماراتي يعكس اصطفافًا جديدًا في المنطقة تقوده الولايات المتحدة، هدفه إعادة ترتيب أولويات الشرق الأوسط على حساب الحقوق الفلسطينية.