موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

معتقلا رأي ينهيان حكمهما التعسفي في الإمارات دون الإفراج عنهما

383

أنهي معتقلا الرأي عبدالعزيز المهيري والمعتقل عبدالله الجابري فترة محكوميتهما التعسفية بشكل كامل بعد أن قضوا حكمًا بالسجن لـ 10 سنوات في سجون النظام الإماراتي دون الإفراج عنهما.

وذكرت أوساط حقوقية أن المعتقلين المذكورين المنتهية أحكامهم كغيرهم من معتقلي الرأي تعرضوا للعديد من الانتهاكات، منها الاختفاء القسري والحبس الانفرادي والحرمان من التمثيل القانوني وأنواعٍ من التعذيب النفسي والجسدي.

وجدد مركز الإمارات لحقوق الإنسان مطالبته للسلطات الإماراتية، بالإفراج الفوري عنهما وعن جميع المنتهية أحكامهم وما يزالون رهن الاعتقال التعسفي دون مسوّغ قانوني.

وشدد على أن “تمديد احتجاز المعتقلين لأجل غير مسمى بعد انتهاء محكومياتهم يُظهر ازدراء صارخ لسيادة القانون، فإن لجميع هؤلاء المعتقلين عائلات يجب أن يعودوا إليها”، داعيا السلطات الإماراتية إلى لإفراج عن المنتهية أحكامهم وإيقاف احتجازهم التعسفيّ بشكل فوري.

والشهر الماضي، وجهت مراكز حقوقية دعوات لأبوظبي تطالبها بسرعة الكشف عن مصير معتقلي الرأي الذين انتهت أحكامهم خلال شهر يوليو الماضي، وسرعة الإفراج عن جميع المعتقلين المنتهية محكومياتهم، والذين وصلوا إلى أكثر من 45 معتقلاً حتى الآن وترفض أبوظبي الإفراج عنهم.

ولم تكتفِ السلطات الإماراتية باعتقال كفاءات من أبناء الإمارات بينهم المدرسين والوعّاظ والحقوقيين والأكاديميين، وتعريضهم لجريمة الاختفاء القسري، ومن ثم تقديمهم لمحاكماتٍ شكلية هزلية خرجت بأحكام جائرة قاسية عُرفت إعلاميًا بقضية “الإمارات94” امتدت أحكام بعضها لـ 10 سنوات.

ازدادت وتيرة الانتهاكات لتصل ذروتها بتعنّت السلطات في الإفراج عن المعتقلين رغم انتهاء محكومياتهم، وتبرير استمرار اعتقالهم التعسفي بوجودهم فيما وصفته بـ “مراكز المناصحة” بعد انتهاء مدة أحكامهم دون تقديم أي سندٍ قانوني واضح وصريح، في انتهاكٍ واضح واستمرارٍ في سياسة التنكيل بالمعتقلين وتبرير تغييبهم تعسفيًا داخل السجون.

بالرجوع إلى الأساس القانوني لوجود تلك المراكز نجد أنه تم إرساءها ضمن قانون مكافحة الجرائم الإرهابية رقم 7 لعام 2014، حيث جاء تعريفها في أول مادة من القانون بأنها: “وحدات إدارية تهدف إلى هداية وإصلاح من توافرت فيهم الخطورة الإرهابية أو المحكوم عليهم في الجرائم الإرهابية”.

واستندت السلطات في تبريرها لتقديم تلك المراكز وسبب تكوينها إلى المواد 1، 40، 48، 66 من مواد قانون مكافحة الإرهاب حيث يتم الزجّ بالمعتقلين بعد انتهاء أحكامهم بحجة “توافر الخطورة الإرهابية” التي تعرّفها المادة 40 من قانون مكافحة الإرهاب أنها ” الشخص يعتبر بمثابة تهديد إرهابي إذا تبنّى المعتقدات المستمدة من أيديولوجيات أو قيم أو مبادئ الجماعات المتطرفة فكريًا، ويبدو أنه من المحتمل أن يرتكب جريمة إرهابية”.

وأمام هذا التعريف الغامض، نضع تساؤلًا عن الحد الذي يكون فيه الشخص أمام احتمالية ارتكابه “جريمة إرهابية” وكيف يمكن تقييم ذلك! وهو الواضح جليًا أن هذا التعريف يعطي صلاحيات لا متناهية وغير محددة للسلطات لاحتجاز الأفراد استنادًا لأسباب غامضة.

وبموجب المادة رقم 1 من قانون مكافحة الإرهاب قدمت مراكز المناصحة ماهية برامجها بأنها: ” تهدف إلى تنوير وإصلاح الأشخاص الذين يعتبرون أنهم يشكلون تهديدًا إرهابيًا أو المدانين بارتكاب جرائم إرهابية”، لكن لم توثّق أي حالة فعلية قُدمت لها مشورة فعلية أو برنامج واضح لإعادة تأهيل أي من المعتقلين المحتجزين.

القانون في مراكز المناصحة لا يطلب بشكل واضح وصريح من القضاء تحديد سقف زمني لمدة احتجاز الأفراد بداخلها، ولا وجود لبرنامج زمني يظهر المدة التي سيقضيها الفرد بداخل المراكز أو المراحل التي سيمر بها.

إلا أنها فقط تطلب تقديم تقرير دوري عن الشخص المحتجز كل ثلاثة أشهر، ومن ثم للمحكمة أن تقرر إخلاء سبيل الفرد أو إبقاءه داخل المراكز، وهو ما يزيد من احتمالية تعمّد السلطات من عدم تحديد سقف زمني للاحتجاز لاستمرار سياستها في التنكيل بالمعارضين من السياسيين والمدوّنين والمطالبين بالإصلاحات السياسية في البلاد.

وتتضاعف خطورة هذه الخطوة مع عدم استقلالية القضاء الإماراتي والتحكم الكامل للسلطة التنفيذية به، وهو ما أكّده تقرير نشره مجلس حقوق الإنسان في 5 مايو 2015 للمقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاة والمحامين غابرييلا نول بشأن دولة الإمارات العربية المتحدة تحت عدد A/HRC/29/26/Add.2.

والذي أبدى قلقه بأن أعضاء من السلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة يؤثرون في أحيان كثيرة في أعضاء النيابة العامة، واصفًا التقرير أوجه القصور في تحقيق العدالة وإعمال حقوق الإنسان في الإمارات أنه من شأنه تغييب صور العدالة من استقلال للقضاء ونزاهته والشفافية والكفاءة في إقامته بين مختلف إمارات الدولة السبع.

المادة 40 لم تسمح لأي من الأفراد المحتجزين المنازعة القضائية أو التظلم في قرار إيداعه في مركز المناصحة، أو الدفاع عن كونه لا يشكل أي خطرًا إرهابيًا، ويمثل الحرمان من عدم كفالة الطعن أو التظلم قضائيًا خرقًا واضحًا لأحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي ما تزال السلطات الإماراتية ترفض المصادقة عليه إلى تاريخ كتابة هذا التقرير.

ولم يتم توثيق أي وجود لمراكز مناصحة تختلف عن أماكن الاحتجاز الرسمية مثل “سجن الرزين، سجن الوثبة، ومراكز الاحتجاز التي تتبع لجهاز أمن الدولة”.

وهو ما يناقض تمامًا حديث السلطات عن إنشاء المركز الوطني للمناصحة في مدينة أبوظبي عام 2019 الذي يضم أطباءً نفسيين وأخصائيين واجتماعيين، وتبقى إلى اليوم فكرة وجود مراكز المناصحة لا تتعدى كونها تبريرًا لاستمرار السلطات في التنكيل بالمعتقلين واستمرار احتجازهم تعسفيًا دون أي سند قانوني عادل.

وواصلت المنظمات الحقوقية والدولية استنكارها لاستمرار السلطات الإماراتية في احتجاز معتقلي الرأي رغم انتهاء فترات محكومياتهم بحجة المناصحة معتبرةً الأمر “استخفافًا” بسيادة القانون كما وصفه مجلس جنيف للحقوق والحريات في بيانٍ نشره في مايو 2020، مؤكدًا وجود شبهات خطيرة تنتهك فيها السلطات الإجراءات القانونية وضمان المحاكمات العادلة.