موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: في الإمارات: أمعاء خاوية لمعتقلي الرأي تحديا لظلم السجان

237

لا يجد معتقلو الرأي وهم بالمئات في دولة الإمارات العربية المتحدة سوى معركة الأمعاء الخاوية لتحدي ظلم سجانهم والتعسف بحقوقهم.

ويضطر هؤلاء إلى اللجوء إلى وسائل شديدة القسوة لإيصال صوتهم للعالم، بحيث يخاطرون بحياتهم لكشف حجم الانتهاكات لحقوق الإنسان في الإمارات.

معتقل الرأي والناشط الحقوقي البارز أحمد منصور يدخل أسبوعه الخامس من الإضراب عن الطعام، رفضاً للحكم الصادر بحقه ورفضاً للانتهاكات وبقاءه في سجن انفرادي منذ اعتقاله عام 2017.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية إن على السلطات الإماراتية الإفراج فورا عن أحمد منصور، الناشط الحقوقي الحائز على جائزة دولية، والذي تدهورت صحته بسرعة مع إضرابه عن الطعام الذي بدأه منذ شهر تقريبا.

وأشارت المنظمة في بيان لها إلى أنه بعد محاكمة غير عادلة، حُكم على منصور في مايو/أيار 2018 بالسجن 10 سنوات لمطالبته السلمية بالإصلاح. قال مصدر مقرب من منصور، المضرب عن الطعام احتجاجا على سجنه الجائر، إن حالته الصحية تتدهور، ويبدو أنه خسر الكثير من وزنه.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية: ” يخاطر أحمد منصور بصحته للفت الانتباه إلى سجنه بدون وجه حق، لمجرد مطالبته بالتسامح والتقدم اللذين تزعم الإمارات أنهما يميّزان مجتمعها. ينبغي للسلطات الإماراتية الإفراج فورا ودون شروط عن منصور ليستمر في المطالبة بالعدالة، التي تفقر إليها المنطقة بشدة”.

وسبق أن خاض الأكاديمي المعروف ناصر بن غيث إضرابا عن الطعام لأكثر من شهر في سجن الرزين الإماراتي سيء السمعة احتجاجا على الانتهاكات بحق معتقلي الرأي في الإمارات.

وفي حينه عاني غيث من تدهور شديد في حالته الصحية بحيث عاني من الإعياء الشديد والتعب بالإضافة لارتفاع في الضغط وهبوط حاد في مستوى السكر.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يعلن فيها ناصر بن غيث الاضراب عن الطعام فقد سبق له يوم 2 أبريل 2017 أن أضرب عن الطعام وتوجّه ببيان للرأي العام من سجن الرزين أكّد فيه على براءته وعلى أنّ محاكمته ليست بمحاكمة عادلة وأنّها قد نالت من حرية الرأي.

وقد أصدرت المحكمة الاستئنافية الاتحادية برئاسة قاضي مصري بجلسة يوم 29 مارس 2017 حكما بحبس بن غيث مدّة عشرة سنوات بتهم تتعلق بحرية التعبير.

فضلا عن ذلك تؤكد مصادر موثقة أن عشرات من معتقلي الرأي دأبوا على خوض إضرابات متكررة عن الطعام لفترات متفرقة للمطالبة بوقف الانتهاكات ضدهم وهو ما يقابل بتعتيم وتجاهل من النظام الإماراتي.

وتتعسف السلطات في دولة الإماراتبمعتقلي الرأي وهم بالمئات في سجونها وذلك باستمرار اعتقالهم التعسفي حتى بعد انقضاء مدة محكوميتهم.

وفي استمرار لنهج الانتهاكات التي تمارسه السلطات الإماراتية لحقوق الإنسان، فإنها ترفض الإفراج عن العديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدونين رغم انتهاء فترة محكوميتهم والتي جاءت نتيجة محاكمات صورية تفتقر لأبسط مقومات العدالة، على خلفية قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير.

ويتم ذلك في وقت تواصل السلطات الإماراتية فيه الترويج لصورة “التسامح” بعيداً عن الواقع المظلم لحقوق الإنسان في الدولة.

ويعتبر استمرار اعتقال الموقوفين رغم انتهاء مدة الحكم الصادر بحقهم ضربا من ضروب الاعتقال التعسفي وخرقا لمقتضيات المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللمعايير الدولية ذات الصلة التي أكّدت على أنّه ” لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفيا”.

وتعمدت سلطات الإمارات الابقاء على عبد الواحد البادي وسعيد البريمي في الحجز بعد أن انقضت عقوبة سجنهما في 5 مارس 2018 وعن  أسامة النجار الذي أنهى عقوبته في 17 مارس 2017 وعن احمد محمد الملا وبدر البحري وعبد الله الحلو وفيصل الشحي الذين أنهوا عقوبتهم في شهر أبريل 2017. كما لم تطلق سلطات دولة الإمارات سراح خليفة ربيعة وعثمان الشحي اللذان أنهيا عقوبتهما في يوليو 2018.

وجميع هؤلاء المعتقلين تم اعتقالهم بطريقة غير قانونية وإخفائهم في أماكن احتجاز سرية تحت التعذيب وسوء المعاملة لانتزاع اعترافات تدينهم ومحاكمتهم دون ضمانات المحاكمة العادلة والحكم عليهم بالسجن بحكم نهائي من قبل دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا.

وقد حكم عليهم بموجب قوانين فضفاضة تعوزها الدقة كالقانون الاتحادي بشأن الجرائم الإرهابية والقانون الاتحادي بشأن جرائم تقنية المعلومات واستمر تعرضهم للإهانة وسوء المعاملة في سجون سيئة السيرة كسجن الرزين والوثبة والصدر وطال التضييق العائلات حين الزيارة.

وتلجأ سلطات الإمارات إلى تصنيف هؤلاء المعتقلين ضمن من تتوفر فيهم الخطورة الإرهابية طبقا لمقتضيات القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن الجرائم الإرهابية لتستمر في احتجازهم بمراكز للمناصحة بسجن الرزين الصحراوي.

ولم يكفل القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن الجرائم الإرهابية للمحكوم عليهم بالإيداع بمركز للمناصحة حق الطعن والتظلم قضائيا وإداريا والاتصال بمحام ولم يحدّد القانون مدة قصوى للإيداع بمراكز المناصحة وتركها مفتوحة لمزيد التنكيل بالمعارضين والمدونين والنشطاء السياسيين وللتغطية على اعتقالهم تعسفيا.

وتزعم سلطات الإمارات أنّ المقصود بإيداع من توافرت فيهم الخطورة الإرهابية بمراكز للمناصحة هو هدايتهم وإصلاحهم طبقا لمقتضيات القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الإرهاب غير أنّ الحقيقة هو استخدام سلطات دولة الإمارات الإيداع بمراكز للمناصحة للتغطية على الاعتقال التعسفي للنشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان ورفض إخلاء سبيلهم بعد نهاية أمد العقوبة.

ولم تكفل سلطات دولة الإمارات للمستهدفين بهذه القرارات سبل التظلم القضائي والإداري الفعّال ضد قرارات الإيداع بمراكز المناصحة بقصد الرجوع فيها كما أنّ اعتماد القانون على معيار فضفاض ومبهم وهو “الخطورة الإرهابية” يسهّل التعسف في استعماله لاعتقال المدافعين عن حقوق الانسان.

كما لا يزال الناشط الإماراتي أسامة النجار رهن الاحتجاز غير القانوني، رغم قضائه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات قبل أكثر من عامين.

قُبض على النجار في مارس / آذار 2014 لنشره تغريدات يستنكر فيها تعرض والده للتعذيب في السجن، ودعوته لإطلاق سراحه وسجناء الرأي الآخرين في الإمارات.

والد أسامة حسين النجار واحد من 94 ناشطًا إماراتيًا تمت محاكمتهم بشكل جماعي في عام 2013 لدعوتهم إلى الإصلاح السياسي في الإمارات بتهم “الإضرار بأمن الدولة”. يقضي حاليًا 11 عامًا في السجن.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حكم جهاز أمن الدولة في المحكمة العليا الفيدرالية، التي لا يمكن استئناف أحكامها، على أسامة بالسجن لمدة ثلاث سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية في البلاد بتهم عديدة تشمل “تحريض الكراهية” ضد الدولة و “تصميم موقع على شبكة الإنترنت يحوي أفكار ومعلومات ساخرة وتشهيرية”.

كان من المقرر إطلاق سراحه في 17 مارس/آذار 2017، ولكن بناءً على طلب النيابة العامة، اعتبرته المحكمة “تهديدًا” للأمن القومي ومددت فترة احتجازه دون تحديد المدة. بعد ذلك بعامين، ظل أسامة خلف القضبان، ولا نهاية لاحتجازه.

في بيان صدر مؤخرًا بمناسبة ذكرى انتهاء مدة العقوبة الرسمية، قالت الحملة الدولية من أجل الحرية في الإمارات العربية المتحدة:

نظرًا لوجود محاكمة في هذا النوع من الاعتقال، يمكن احتجاز الأشخاص المنقولين إلى هذه المنشآت إلى أجل غير مسمى مع الحكومة – بدلاً من القضاء – الذي يصدر العقوبة. ينتهك هذا النوع من الاحتجاز الإداري المعايير الدولية للأصول القانونية بشكل صارخ.

على الرغم من أنه لم تتم إدانته بجريمة إرهابية، إلا أن أسامة محتجز في مركز الاستشارات في سجن الرازين بموجب قانون مكافحة الإرهاب في البلاد. تدعي السلطات الإماراتية أن الغرض من هذه المنشآت هو تقديم التوجيه لأولئك الذين يعتبرون “تهديدًا للدولة”. ومع ذلك، تقول جماعات حقوق الإنسان إن السلطات تستخدم قوانين مكافحة الإرهاب وهذه المراكز المسماة “مراكز المشورة” كذريعة لتمديد احتجاز سجناء الرأي إلى أجل غير مسمى.

وتبقي السلطات في الإمارات عددا من المعتقلين انتهت فترات سجنهم خلال عام 2018 في السجن بحجة أنهم ما يزالون يمثلون خطراً، مع أن الاتهامات كانت متعلقة بالانتقاد على شبكات التواصل الاجتماعي. وهم: عبد الله الحلو وفيصل الشحي وبدر البحري وأحمد الملا وسعيد البريمي وعبد الواحد البادي.

وتتعامل السلطات الإماراتية بدونية مع معتقلي الرأي وتمنع عنهم الحقوق الأساسية في الأكل الجيد والكافي، وتهاجم سجناء في أماكن سجنهم، وتشن غارات على أماكن نومهم في ساعات متأخرة من الليل. وعندما يضطر السجين للإضراب عن الطعام من أجل المطالبة بحقوقه لا يحصل عليها.

وسبق أن طالبت منظمات حقوقية مرارا الإمارات بالإفراج فورا ودون قيد أو شرط عن جميع المعتقلين الذي أنهوا عقوبتهم فورا ودون قيد أو شرط والكفّ عن إيداع معتقلي الرأي بمراكز للمناصحة، والتعجيل بتعديل القانون عدد 7 لسنة 2014 لجعله متطابقا مع المعايير الدولية وتنظيم مراكز المناصحة بضبط تركيبتها وصلاحياتها ووضعها تحت إشراف قضائي نزيه ومستقل وضمان سبل التظلم القضائي وغير ذلك من الضمانات.

كما طالبت المنظمات الحقوقية بالسماح لفريق الأمم المتحدة المعني بالاعتقال التعسفي ولجميع الآليات الأممية وللمنظمات الدولية بزيارة سجون دولة الإمارات وباقي مراكز الاحتجاز من أجل معاينة مدى مطابقتها للمعايير الدولية ومدى احترامها لكرامة المحتجزين.

وانتهاكات الإمارات دفعت بتراجعها على مؤشر الحريات رغم السعي الرسمي للترويج لصورة مثالية عن واقع الحريات بصفة عامة والحريات السياسية بصفة خاصة. وهو ما أكده تقرير منظمة فريدوم هاوس الحقوقية الدولية  حول حال الحريات لعام 2019 والذي صنف الإمارات ضمن الدول ” غير الحرة” ، لتحل في المرتبة 138 عالميا في مجال الحريات من أصل 210 دولة شملها التقرير.

وعلى الرغم من انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان يقدم النظام الإماراتي نفسه كصانع للأمل والتسامح والتعايش، في تناقض وشرخ بين ما يقوله المسؤولون وتقوم به السلطات وما تستخدمه الدعاية الإعلامية.

الصحافة الرسمية مستمرة في هذا الخطاب الذي يحاول تغطية ملف حقوق الإنسان السيء، وتحشد مع هذا الخطاب تصريحات خاصة من دعاة ومسؤولين وباحثين وحتى مقيمين ومواطنين.

في وقت أن السلطات تقوم بالانتهاكات وتقدم نفسها كنموذج للقمع العابر للقارات وتقدم خدمات القمع للمجتمعات الغربية منها مراقبة المسلمين والتضييق عليهم في المساجد.

ومؤخرا نشرت مجلة “لوب لوج ” الأمريكية تقريرا حول الأدوات التي تستخدمها دولة الإمارات للتأثير على الرأي العام في الاتحاد الأوروبي سواء ما يتعلق بترويج الرواية الإماراتية للأحداث وتبييض الصورة المظلمة للإمارات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ومهاجمة تيار الإسلام السياسي.

وقد تم توثيق التدخل الواسع للإمارات في واشنطن، وأظهرت قصص صحفية كيف كان السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، “يوسف العتيبة”، المجهز بـ”شيك على بياض” من ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد”، قادرا على شراء مراكز الفكر المحافظة، وصانعي السياسات السابقين، وفق تسريبات رسائل البريد الإلكتروني للسفير، التي كشفت عن مدى التدخل الإماراتي في خطاب السياسة الأمريكية.

يأتي ذلك في وقت تشير التقارير إلى أن السعودية والإمارات ما زالتا ضمن قائمة أكثر 10 دول على مستوى العالم إنفاقا للأموال على جماعات الضغط في الولايات المتحدة والإعلام الأمريكي لشراء النفوذ، ومحاولات تحسين الصورة.