موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تهدد تجربة موريتانيا الديمقراطية وتزعزع أمنها الاجتماعي

421

تعيش موريتانيا على وقع تجاذب سياسي حاد بين المعارضة السياسية وأنصار الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الذي وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري عام 2008 أطاح بسيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب.

ومع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في يونيو القادم، بدأ الداعمون للرئيس الحالي؛ من رجال أعمال وسياسيين وزعماء قبائل، التسابق إلى عقد مهرجانات داعمة لبقائه في الحكم، فيما تقف المعارضة الموريتانية صفاً واحداً في مواجهة محاولات تعديل المواد المتعلقة بتجديد فترات الرئاسة، المحصنة وغير القابلة للتعديل.

وتقف دولة الإمارات الداعمة للرئيس ولد عبد العزيز وراء التحرك الدائم لتغيير مواد الدستور لفتح الباب لترشحه لولاية ثلاثة، في مسعىً منها لترسيخ نفوذها في البلاد الذي تغلغلت من خلاله على مدار العقدين الماضيين.

ويعد وقوف الرئيس الحالي مع الإمارات خلال الأزمة الخليجية وحصار قطر، أحد أسباب دعم أبوظبي لولد بن عبد العزيز، وهو ما أثار سخط الشارع الموريتاني وذلك ما دعاه إلى التراجع عن خطوته تجاه الدوحة.

الكاتب والباحث الموريتاني عبد الرحمن ولد غده، يقول: “أينما تجد انقلاباً على الديمقراطية في بلاد العرب فابحث عن أصابع أبوظبي”.

وأضاف ولد غده إن “الإمارات تمكنت خلال عشر سنوات من حكم ولد عبد العزيز من مد نفوذها إلى كل مفاصل الدولة، وضخت أموالاً كبيرة في كل القطاعات، حتى إنها وصلت إلى المؤسسة العسكرية”.

وأوضح أن رحيل الرئيس الحالي يثير قلق الإمارات، وبتأثير مالها السياسي تدفع باتجاه تعديل الدستور ليبقى ولاية ثالثة.

وتابع: “الشارع الموريتاني ساخط من خدمة النظام الحالي لأجندة أبوظبي التي شملت الداخل والخارج، فعلى الصعيد الداخلي مارست أجهزة الدولة عملية إقصاء ضد التيار الإسلامي دون مبرر”.

وأشار إلى أن “الشعب الموريتاني لم يمر بأزمة بين النخبة الحاكمة والإسلاميين على غرار ما حصل في دول عربية أخرى، ومعروف بتوافق مجتمعه وسلامه”.

ولفت إلى أن إغلاق السلطات مؤخراً “مركز تكوين العلماء”، الذي أنشأه العلامة الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو، بعد أن حاصرته قوات تابعة لجهاز الأمن المركزي، جاء بإيعاز من الإمارات؛ “في إطار محاربتها للتيار الإسلامي بعد الربيع العربي”.

يشار إلى أن الولاية الرئاسية الأولى لحكم ولد عبد العزيز شهدت تقارباً مع الإسلاميين، وخاصة مع العلامة الددو، لكن ولد عبد العزيز انقلب على هذه العلاقة إثر التغييرات التي أعقبت ثورات الربيع العربي عام 2010، ووقوف الإمارات في وجهها عبر دعم الثورات المضادة.

وفي هذا السياق أقدمت السلطات الموريتانية عام 2014 على إغلاق “جمعية المستقبل” التي يرأسها الددو، في إطار الصدام بين النظام الحاكم والمعارضة الموريتانية المتمثلة بحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المعروف بـ”تواصل”، والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وتتسرب أنباء بين حين وآخر عن أن الحزب الحاكم يفكر في حل “تواصل” بسبب شعبيته القوية.

ولد غده تابع حديثه بالقول: “على الصعيد الخارجي، معروف أن الأحداث في المشرق العربي ليس لها تأثير كبير في الساحة الموريتانية، لذلك حافظت البلد على علاقة متوازنة مع الدول العربية في المشرق، ومن هنا كان إقحام موريتانيا في الأزمة الخليجية وقطع العلاقات مع الدوحة في اليوم التالي للأزمة بلا معنى ولا مبرر”.

ويردف بالقول: “لا ناقة لنا في الأزمة الخليجية ولا جمل، وهذا السلوك أثار سخط الشارع وهو من أسباب تراجع شعبية الرئيس وصعود التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر الماضي”.

عدة سيناريوهات تبرز أمام السلطة الحاكمة الساعية للتمديد للرئيس ومن ورائها الدول المؤثرة إقليمياً، والمعارضة الحريصة على ترسيخ المسار الديمقراطي في البلاد.

فقوى المعارضة الموريتانية رفضت الدعوات التي تطالب ببقاء الرئيس في ولاية ثالثة، واعتبرتها انتهاكاً صارخاً للدستور، وخروجاً عن مسار الديمقراطية الذي يتيح تداولاً سلمياً للسلطة.

وبهذا الخصوص قال المعارض الموريتاني محمد ولد اعبيدي: إن “ما يهم المعارضة في هذا التوقيت هو الحفاظ على المسار الديمقراطي في البلاد، وعدم السماح بفتح باب التأبيد لأي حاكم كان، الآن أو مستقبلاً، لأن ذلك سيعني انغلاقاً في المسار السياسي يوصل موريتانيا إلى حيث وصلت غالبية الدول العربية، وما السودان عنا ببعيد”.

وأضاف في تصريحات صحفية: إن “الخيار الأفضل حالياً أمام قوى المعارضة هو التوحد في مواجهة محاولات إسقاط المسار الديمقراطي، من خلال الاتفاق على مرشح توافقي قوي يستطيع مواجهة الرئيس ومعه الدولة العميقة، ومن ورائهما الداعمون الإقليميون، في حال تم تعديل الدستور وترشح ولد عبد العزيز لولاية ثالثة”.

ولد اعبيدي أشار إلى أن “أحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يضم 12 حزباً معارضاً، توصل إلى اتفاق مع ثلاثة أحزاب سياسية معارضة أخرى هي: تكتل القوى الديمقراطية، وإيناد، واللقاء الديمقراطي الوطني، بهدف تقديم مرشح موحد لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في صيف 2019″.

وأوضح أن ما يميز تحالف المعارضة ضمه لكل أطيافها، حيث شمل عدة تيارات سياسية؛ يسارية وإسلامية ووطنية، بإمكانها خلق منافسة قوية لولد عبد العزيز في حال ترشحه، أو في حال اختار الحزب الحاكم بديلاً للترشح من داخل النظام”.

يشار إلى أن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة يمتلك أكبر كتلة برلمانية معارضة تتكون من 23 نائباً حصلت عليها خلال الانتخابات التشريعية في سبتمبر الماضي.

في المقابل، فإن الرئيس الموريتاني لم يحسم قراره حتى كتابة هذه السطور بخصوص مطالبة مؤيديه له بالترشح لولاية ثالثة، وآخر موقف عرف عنه تأكيده احترام الدستور الذي لا يسمح له بالترشح ولا يجيز التعديل على هذا البند في نصوصه.

ويرى مراقبون أن بن عبد العزيز قد يلجأ لسياسة الاستخلاف الرئاسي؛ بمعنى ترشيح شخص يحكم من خلاله أو يملي عليه توجيهاته وقراراته.

وتنحصر الترشيحات في ثلاثة أشخاص مقربين من الرئيس، الأول هو رئيس الوزراء السابق يحيى ولد حدمين، والثاني رئيس البرلمان العقيد الشيخ ولد بايه، والاسم الثالث هو الفريق محمد ولد الغزواني، وزير الدفاع الحالي.

ويرى متابعون للوضع الموريتاني أن الصورة ستتضح في شهر مارس المقبل، أو قبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية، حيث سيكون قرار الرئيس ولد عبد العزيز مفصلياً في مستقبل التحول السياسي في البلاد.

ويضع المراقبون فرضية استمرار العسكر في السيطرة على الحكم، ومن ثم استمرار التأثير الخارجي على القرار السيادي، ومنع عودة موريتانيا للمسار الديمقراطي الذي انحرفت عنه، إذ لم تعرف نواكشوط منذ استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1960 انتقالاً ديمقراطياً للسلطة، فغالباً ما كان الحكم ينتقل عن طريق الانقلابات العسكرية.

وسجلت التجربة الوحيدة للانتقال عبر صناديق الاقتراع في 2007 حين سلم العسكر السلطة طواعية لأول رئيس مدني منتخب؛ وهو سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، لكن سرعان ما انقلب عليه الجيش في 2008.