تتصاعد جرائم ميليشيات موالية لدولة الإمارات في اليمن لتصل حد ممارسة التهجير القسري ضمن مؤامرات أبوظبي لتعزيز فصل جنوب البلاد عن الشمال.
وشهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن خلال الأيام الأخيرة عمليات مداهمات للمحالّ التجارية التي يملكها مواطنون شماليون، وملاحقات لمئات الباعة المتجولين والعمال العاديين في الشوارع بعد إحراق بسطاتهم التي كانت وسيلتهم لكسب الرزق، وجمعهم من كل مكان على متن شاحنات كبيرة تحت تهديدات السلاح المصحوبة بإهانات.
وشهدت عدن عمليات انتهاكات واسعة ارتكبها أفراد الحزام الأمني الذي تدعمه الإمارات بحق مواطنين شماليين، في رد فعل على القصف الذي نفذه الحوثيون على أحد المعسكرات التابعة للحزام الأمني والذي قتل على إثره العشرات من الجنود والقيادات.
وشوهد عشرات المسلحين يقومون باحتجاز المواطنين المنتمين للمحافظات الشمالية بشكل مهين في شاحنات كبيرة، ومن ثم يجري ترحيلهم إلى خارج المدينة، بحجة الحفاظ على الأمن، بعد الهجوم الذي استهدف معسكر الجلاء وأمن مديرية الشيخ عثمان، يوم الخميس الماضي.
وغالبية المحتجزين نازحون أو عمال ضعفاء يملكون بسطات صغيرة، يبيعون فيها الخضار والملابس والمكسرات والقات، وأشياء أخرى ليس لها علاقة بأي أنشطة سياسية”، مشيراً إلى أن “دوافع الحملة مناطقية بدرجة رئيسية، وغالبية أبناء عدن يرفضونها، لأنها غير أخلاقية ولا تمثلهم، لكن ما باليد حيلة”.
واشتكى عشرات اليمنيين من تعرضهم لأعمال عنف ومضايقات وتهجير قسري. وتفاوتت الممارسات بحق المواطنين -التي لا تزال متواصلة حتى اليوم- ونفذت القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات حملات مداهمة لسوق المنصورة في المدينة وقامت بمطاردة العمال وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وتكرر الأمر ذاته أيضا في سوق الشيخ عثمان الذي جرى فيه الاعتداء على ممتلكات العمال.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن الإهانات والتهديدات التي وجهها الجنود للعمال بلغت مبلغا جعلهم يشعرون بالخوف والتفكير بمغادرة عدن بشكل نهائي، كما أكد بعض المواطنين الذين تحدثت معهم الجزيرة نت.
وأشعلت هذه الممارسات ردود أفعال الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا مع انتشار مقاطع فيديوهات لترحيل المواطنين وتعرضهم للضرب والشتائم بطريقة مهينة، كما قالوا.
وحمل مستشار وزير الإعلام في الحكومة الشرعية مختار الرحبي دولة الإمارات مسؤولية كل الجرائم والممارسات التي يتعرض لها أبناء الشمال في عدن، لأن أبو ظبي هي من شكلت ودعمت تلك المليشيات والعصابات في المدينة.
وقال الرحبي إنه حتى الآن لا يوجد موقف واضح من قبل السعودية والتحالف على ما يحدث من جرائم وانتهاكات وتهجير، وأضاف “هناك إشكالية يجب الاعتراف بها، وهي أن عدن ليست تابعة للشرعية، والتي تسيطر عليها هي مليشيا وعصابات تابعة للإمارات”.
وفي أول رد فعل رسمي، أمر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي السلطات المحلية والأجهزةَ الأمنية في المحافظات الجنوبية بوقف أي ممارسات خارجة عن النظام والقانون، ووجهت وزارة الداخلية شرطة عدن بوقف الاعتداءات على أبناء المحافظات الشمالية والعاملين في العاصمة المؤقتة عدن.
وفي السياق، أصدر محافظ تعز نبيل شمسان قرارا بتشكيل لجنة لاستقبال وإيواء المهجّرين قسرا من المحافظات الجنوبية، والتواصل مع منظمات المجتمع المدني الحقوقية، لتوثيق عملية التهجير وفق المعايير الدولية لميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالتهجير القسري.
من جهته دافع نائب رئيس ما يُسمى بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي التابع للإمارات في اليمن هاني بن بريك، والمقرب من ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، عن حملات ترحيل “الشماليين” – المواطنين اليمنيين المنحدرين من المحافظات الشمالية- من مدينة عدن، جنوبي البلاد، في ظل حالة السخط المتزايدة باليمن ضد أعمال النهب والاعتداءات التي تشهدها عدن.
وغرد هاني بن بريك على حسابه الشخصي في “تويتر”، مبرراً الحملات والممارسات التعسفية التي تنفذها قوات ما يعرف بـ”الحزام الأمني” التابعة للإمارات في عدن، واتهم العمال في المطاعم من المحافظات الشمالية بعدن، بـ”الاحتفال”، بمقتل جنودهم، إشارة إلى هجمات الخميس الماضي.
ووصف بن بريك المستهدفين من الحملات بأنهم “لا يحملون أي إثبات”، وزعم أن من يقوم بأعمال النهب والملاحقة التي شهدتها المدينة هم من “الشعب”، وتساءل قائلاً: “من يوقف الشعب”؟
ويعد تصريح هاني بن بريك أول إقرار من قيادي رفيع في المجلس “الانتقالي” المدعوم إماراتياً بالوقوف وراء حملات استهداف عشوائية طاولت المنحدرين من المحافظات الشمالية في عدن، وجرى ترحيلهم والاعتداء عليهم بصورة أثارت ردود فعل واسعة في أوساط اليمنيين، ومن داخل المحافظات الجنوبية ذاتها.
ويعد بن بريك، واحداً من أبرز أذرع النفوذ الإماراتي في عدن ويصفه بعض اليمنيين بأنه رجل الإمارات الأول، حيث ظهر في أكثر من مناسبة بديوان محمد بن زايد، كما ورد اسمه في وثائق تحقيقات مسربة للنيابة كمنسق للاغتيالات التي طاولت خطباء ودعاة في اليمن، خلال الأعوام الماضية.
وشهدت مدينة عدن انفجارين عنيفين، يوم الخميس الماضي، استهدف الانفجار الأول مقر الشرطة في مديرية الشيخ عثمان بسيارة مفخخة أثناء الطابور الصباحي، تبناه تنظيم “داعش”، فيما استهدف الانفجار الثاني عرضاً عسكرياً في معسكر الجلاء غرب عدن بواسطة طائرة مسيرة، تبنته جماعة “أنصار الله” (الحوثيين).
وتمنع قوات الحزام الأمني، في الضالع ولحج (جنوب)، بين الحين والآخر أبناء المناطق الشمالية من الدخول إلى العاصمة السياسية عدن جنوبي البلاد، كما نظمت خلال السنوات الماضية حملات لطرد أبناء محافظات الشمال من الجنوب.