موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

انخراط الإمارات في “الناتو العربي” يثير المخاوف من أهدافه

189

يثير انخراط دولة الإمارات في “الناتو العربي” الذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتشكيلها من عدة دول عربية المخاوف من أهدافه والمخططات التي تسعى واشنطن بالتنسيق مع وكيلها الأمني أبو ظبي لتنفيذها لنشر المزيد من الفوضى والتخريب في المنطقة العربية.

وتعد الإمارات عراب الفوضى والتخريب في منطقة الشرق الأوسط وتتولى تنفيذ مخططات واشنطن للتخريب في الدول العربية وهو ما يخشى أن تتزايد وتيرته من خلال تشكيل الناتو العربي.

وانطلقت مناورات (درع العرب 1) الثلاثاء 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على أرض مصر، وشملت المناورات تدريبات قوات (درع العرب 1)، وتشارك في تلك المناورات، التي تنفذ للمرة الأولى، كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين والأردن، بقطعات من القوات البرية والبحرية وقوات الدفاع الجوي والقوات الخاصة، في حين يشارك كل من المغرب ولبنان بمراقبين فقط… وستستمر التدريبات حتى يوم الأحد 18 نوفمبر/تشرين الثاني بحسب بيان الجيش المصري .

وأثر ذلك تصاعدت التساؤلات “قوات الحلف الجديد الذي بات يعرف إعلاميا بـالناتو العربي” ستحارب من؟ الإجابة الرسمية على السؤال جاءت في البيان الرسمي الصادر عن المركز الإعلامي للجيش المصري، الذي أشار إلى أن الغرض من المناورات أنها، “تأتي في إطار خطة التدريبات المشتركة التي تنفذها القوات المسلحة المصرية مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة، لتنمية العلاقات العسكرية ومواجهة التحديات المشتركة، ودعم جهود الأمن والاستقرار في المنطقة”.

ولدى محاولة البدء تفكيك مواقف الدول الأعضاء في الحلف الجديد لفهم الهدف من إقامته. فالحلف يضم مصر والأردن، والدولتان لديهما علاقات دبلوماسية على أعلى مستوى – وهو تبادل السفارات – مع إسرائيل، وقد وقعتا على معاهدات سلام دائم معها، وهما ملتزمتان بهذه المعاهدات، ولم يحدث أي خرق لهذه الاتفاقات منذ توقيعها.

أما المتبقي من دول الحلف الجديد وهي: الإمارات، والسعودية، والبحرين، فهي تشتغل بوتيرة متصاعدة على التطبيع المعلن والمخفي مع إسرائيل، وخير دليل على ذلك أخبار زيارة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف للمهرجان الرياضي المقام في أبي ظبي عاصمة دولة الإمارات، والزيارة الرسمية التي قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسقط عاصمة سلطنة عمان الاسبوع المنصرم.

هذه هي الزيارات المعلنة طبعا، أما الزيارات السرية لتل أبيب فقد قام بها بعض قادة دول الناتو العربي تقريبا، حيث زاروا تل أبيب وفودا وفرادى، وفقا لما صرح به مسؤول إسرائيلي في لقاء تلفزيوني قبل أسبوع من انطلاق أول مناورات للحلف الجديد.

إذن هدف تكوين الناتو العربي هو مواجهة ايران ومحاولة ضرب نفوذها المتمدد إقليميا في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وأن المحرك والداعم الرئيس لهذا الحراك هما الادارتان اليمينيتان، إدارة نتنياهو في تل أبيب وإدارة ترامب في واشنطن، والغاية واضحة طبعا، استنزاف المنطقة اقتصاديا عبر صفقات التسليح وتأجيج الصراعات الإقليمية لضرب استقرار دول المنطقة وتدميرها، من خلال شن حروب بينية حفاظا على أمن إسرائيل، بالإضافة إلى أن المخطط سيتم طبعا بدون أدنى تكلفة تتكبدها إسرائيل أو الولايات المتحدة.

كما كانت وكالة رويترز قد ذكرت سابقا أن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب تضغط خفية على دول ‏الخليج ‏ومصر والأردن لتشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض، بأنه نسخة عربية من حلف شمال ‏الأطلسي ‏‏(ناتو) أو ناتو عربي لمواجهة إيران‏‎.‎

جاءت مناورات (درع العرب 1) بعد مرور شهر تقريبا على لقاء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والأردن والكويت والبحرين وسلطنة عمان في نيويورك، حيث قال بومبيو في مستهل اللقاء الذي تم على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة “لدينا جميعا مصلحة مشتركة في مجموعة واسعة من القضايا التي لها علاقة بالأمن”.

كما نقلت وكالة رويترز ‎‎في يوليو/تموز الماضي عن مصادر أمريكية القول، إن ثمة خطة لتشكيل «ناتو عربي» ‏يحمل مؤقتا اسم “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”.

وقد أعلن وزير خارجية البحرين خالد بن ‏أحمد آل خليفة اثناء انعقاد القمة الأمنية التي استضافتها المنامة قائلا “إن التحالف الأمني الإقليمي المقترح بين ‏الولايات المتحدة وحلفاء خليجيين ومصر سيكون مفتوحا أمام من يقبلون بمبادئه”، متوقعا تشكيله بحلول ‏العام المقبل.‏

فهل سيكون الحلف الجديد بديلا عن قوات حلف درع الجزيرة؟ وهل ثمة فرق بين الحلفين؟ قوات درع الجزيرة هي قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي تم إنشاؤها عام 1982، سمتها الاتساق والانبثاق من ظروف دول مجلس التعاون المتشابهة، وهدفها حماية أمن الدول الأعضاء في المجلس، وردع أي عدوان عسكري تتعرض له احداها .

لكن هذه القوات فشلت فشلا ذريعا عندما تعرضت الكويت للاحتلال عام 1990 عندما هاجمتها قوات صدام واحتلتها في غضون ساعات، ولم تستطع قوات درع الجزيرة أن تواجه الخطر إلا بعد أن أصبحت جزءا من تحالف دولي قادته الولايات المتحدة، واستطاعت إخراج قوات صدام حسين من الكويت. وبقيت قوات درع الجزيرة تلعب أدوارا محدودة في النزاعات الإقليمية.

وربما كان دورها الأهم هو مشاركتها في قمع انتفاضة الربيع العربي في البحرين، عندما دخلت هذه القوات إلى المنامة لدعم القوات الأمنية البحرينية حينها، كذلك مشاركة قوات درع الجزيرة في التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، التي لم تحقق نتائج ملموسة على الأرض حتى الآن.

ربما يكمن الفرق بين الحلفين (درع الجزيرة والناتو العربي) في انضمام مصر والاردن إلى الحلف الجديد، لكن هل ستضيف المشاركة المصرية والاردنية ثقلا حقيقيا للتحالف الجديد؟ ربما هذا ما عولت عليه إدارة ترامب في سعيها لخلق تحالف عسكري أقوى من درع الجزيرة للوقوف بوجه التهديد الايراني.

لكن في البدء يجب الاشارة إلى أن المشاركة الاردنية هي اقرب للمشاركة الرمزية، إذ هي خارج حسابات القوة الحقيقية، لذلك‏ يتبقى السؤال المحوري حول المشاركة المصرية. فهل سيندفع السيسي في دعمه العسكري للتحالف الجديد إلى حد الاشتراك فعليا في حرب على الأرض، ويقف في صراع حقيقي على الارض مع السعودية ضد ايران؟

المؤشرات لا تعطي انطباعا بهذا الاتجاه الخطير، فرغم الدعم الإعلامي المصري الرسمي الذي يسعى لتصوير الأمر على أن هنالك تطابقا في المواقف المصرية مع السعودية والامارات العربية، على خلفية الموقف المعادي لحركة الإخوان المسلمين،

إلا أن الحقيقة الواضحة أن السيسي بقي حذرا تجاه التورط في نزاعات فعلية على الأرض، وفضّل اللعب على الأمر بنوع من “الفهلوة” وخير دليل على ذلك عدم تورطه في حرب اليمن حتى الان، رغم الاشارات الاعلامية الكثيرة المؤيدة للتحالف الذي تقوده السعودية في هذه الحرب، لكن يبدو أن الامر لا يزيد عن ذلك‏، وكان ثمن هذا الدعم الاعلامي موقفا سعوديا وامارتيا واضحا لدعم الاقتصاد المصري ومحاولة إيقاف تدهوره.

أما الساحة الاخرى المهمة بالنسبة لانشاء حلف عسكري جديد فهي ساحة الصراع السوري، لكن يبدو أن تحالف الناتو العربي الجديد لن يستطيع تغيير قوانين اللعبة على الارض، اذ أن المواقف تسير بوتيرة متصاعدة لصالح النظام السوري وحلفائه الداعمين له، الروس والايرانيين، بينما يشهد المعسكر الأمريكي وحلفاؤه تراجعا واضحا في الأداء، لذلك ربط أكثر من مراقب لشؤون الشرق الاوسط بين إنشاء أو إطلاق الناتو العربي وتصاعد موجة التطبيع مع اسرائيل لخلق ظروف ضاغطة جديدة على ايران وحلفائها تحسبا لما سيتمخض عنه الصراع السوري.

من جانب آخر يبدو أن هنالك من يقرأ زيارة نتنياهو إلى مسقط مؤخرا من زاوية نظر قد تبدو مختلفة، إذ يتوقع الاسرائيليون فشل التحالف العسكري الجديد. وكما هو معلوم أن التحالف الجديد هدفه الرئيس هو مواجهة إيران، هذه الحقيقة باتت لا نقاش فيها، لكن وكما هو معلوم أن مواقف دول الخليج لا يجمعها موقف موحد من إيران، كما انها لا تتفق على كيفية التعاطي معها.

فقد سبق لقطر والكويت أن دعتا إلى الحوار مع إيران لإيجاد حلول لأزمات المنطقة، كما أن لسلطنة عُمان دورا طالما وصف بالحيادي تجاه إيران، خصوصاً أنها رفضت المشاركة في الحلف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، من هنا يرى البعض أن الزيارة ربما جاءت لإيجاد سبل تعاطي تقوم على مواجهة هذه المشاكل وجها لوجه.

ويبقى رهان المراقبين وبعض السياسيين على ولادة الحلف الجديد ميتا رهنا للمقبل من الايام، فهي التي ستبثت إن كان هذا الحلف سيحدث تغييرا في مراكز القوى الاقليمية ويصمد بوجه تغيرات المنطقة، أم سيكون عاملا مضافا يزيد من تعقيد الصراعات فيها وللإمارات المسئولية الأكبر عن ذلك.