الأكاديمي ناصر بن غيث وثلاثة أعوام من الاعتقال التعسفي في سجون بن زايد
يكمل الأكاديمي ناصر بن غيث ثلاثة أعوام من اعتقاله التعسفي في السجون الإماراتية بعد مداهمة منزله وتفتيشه، منهم عام كامل في الاختفاء القسري.
وبعد مرور ثلاثة أعوام على اعتقاله ماتزال الأخبار عن بن غيث قليلة وتكاد تكون معدومة.
بحيث تحرص السلطات على سياسة التعتيم في ما يخص كل سجناء الراي وذلك لإخفاء حقيقة ما يعيشونه من معاناة في السجون.
وبحسب مداولات القضية التي حوكم فيها ناصر بن غيث فقد تمت محاكمته على حقه في التعبير عن الرأي.
إذ كان قد استنكر مجزرة “رابعة” التي ارتكبها نظام الانقلاب المصري ضد معتصمين سلميين وذلك في الذكرى الثانية للمذبحة.
فهد السبهان، محامي “بن غيث”، أكّد أمام المحكمة أن “النيابة تحاكم موكله بسبب آرائه وأفكاره السياسية.
وبخصوص تغريدة “رابعة”، قال المحامي، “إنه لا توجد أي شكوى من القاهرة من قيام موكله بالإساءة للعلاقات بين الدولتين، وبالتالي فإن تهمة ضرب علاقة البلدين والمساس بها هي تهمة باطلة”.
وقد نقلت هذه الدفوع صحيفة “الاتحاد” الرسمية.
ومع ذلك، فإن المحكمة ارتضت أن تحاكم على حرية التعبير.
وقضت في مارس 2017 بالسجن 10 سنوات على الخبير الاقتصادي، بعد أن أدانته بنشر “معلومات كاذبة للإضرار بسمعة ومركز الدولة وإحدى مؤسساتها”.
ووقع على بن غيث عدد من الانتهاكات الإنسانية والحقوقية، وكان أبرزها وأكثر ألماً حرمانه من تشييع جنازة والده في يناير 2016، إذ توفي “بن غيث” الأب، ونجله لا يزال في فترة الاختفاء القسري.
وإثر الحكم الصادر ضده، وبعد إدانات عشرات المنظمات الحقوقية لهذا الحكم، أصدر “بن غيث رسالة من سجنه المعزول في صحراء أبو ظبي، أكد فيها رفضه لحكم الحبس.
وقال: “الحكم جاء ليكشف عن أن لا مكان للرأي الحر في الإمارات”.
وأشار إلى “أن ما تمت محاكمته ليس أفعال ناصر بن غيث وأعماله.
وإنما أقوال ناصر بن غيث وآراؤه التي عبّر عنها بحرية والتي تقتضيها نواميس الطبيعة وتكلفها القوانين الدولية ويقرها دستور الدولة”، على حدّ تأكيده.
وأكد بن غيث أنه يرفض الطعن على حكم محكمة الاستئناف، حتى لا يمنح “الحكم” شرعية في المحكمة الاتحادية.
وذلك كونه واثقاً، من تأييد هذه المحكمة للحكم الصادر ضده، نظراً لتجربة عشرات الناشطين بين المحكمتين.
إذ حوكم بن غيث بموجب مرسوم مكافحة الجرائم الإرهابية، ومرسوم مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وقبل أربعة شهور قالت مصادر حقوقية إماراتية إن إدارة سجن الرزين الإماراتي ترفض السماح لأسرة بن غيث بزيارته أو الاتصال به.
وذلك منذ الإعلان عن دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقاله.
وذكرت المصادر أن أسرة المعتقل الإماراتي تتخوف “من تدهور حالته الصحية، حيث يعاني من إرهاق شديد وهبوط في السكر وارتفاع في ضغط الدم في آخر زيارة له التي كانت في 7/3/2018”.
وفي وقت سابق كشف مركز الخليج لحقوق الإنسان أنّ جهاز أمن الدولة أجبر عالم الاقتصاد الإماراتي الدكتور ناصر بن غيث على إنهاء إضراب عن الطعام بدأ في فبراير/شباط الماضي.
وأشار المركز إلى أنه عِلم أن بن غيث قد أُجبر على إنهاء الإضراب عن الطعام الذي بدأ في 25 فبراير/شباط بسبب تهديدات السلطات بتقييد الزيارات بعد أن أصبحت أخبار احتجاجه معروفة.
وأضاف المركز أن بن غيث أضرب عن الطعام احتجاجاً على الأوضاع السيئة في “سجن الرزين” سيء السمعة في أبوظبي.
وسجن الرزين ذو حراسة مشددة وسط الصحراء وتستخدمه السلطات لاحتجاز الناشطين والناقدين للحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بالإصلاحات.
ورغم العقوبات المغلظة في المرسومين، والانتقادات الدولية الحقوقية الحادة.
إلا أنه وتزامناً مع الذكرى الثالثة لاعتقال “بن غيث” صدر مرسوم بقانون اتحادي رقم /2/ لسنة 2018 باستبدال نصوص المواد (26)، و(28)، و(42) من المرسوم بقانون اتحادي رقم /5/ لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وقد شدّد التعديل وضاعف مدة السجن إلى 25 عاماً لبعض “الجرائم”.
وزاد الغرامات المالية إلى الضعف تماماً أيضاً، في قضايا تعتبر من صميم الحريات العامة ولا سيما حرية التعبير.
وأراد جهاز الأمن في تشديد العقوبات وإعلانها بالتزامن مع الذكرى الثالثة لاعتقال بن غيث.
أن يقول: إنه يفرض سيطرة تامة على حرية التعبير ولن يسمح للناشطين والإماراتيين والمقيمين عموماً، أن يمارسوا حقهم في التعبير عن الرأي والمواقف والاتجاهات.
وإن من يفعل ذلك، فله في بن غيث رادع قوي، إلى جانب تعزيز العقوبات.
وناصر بن غيث خبير اقتصادي ومحلل مالي، يعد من أشهر الخبراء الاقتصاديين على مستوى الوطن العربي.
حصل على شهادة ليسانس الحقوق، ثم حصل على شهادة الماجستير في القانون الاقتصادي.
وتخصص بالتكتلات الاقتصادية في شهادة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة أسيكس البريطانية، ويعدّ هذا التخصص جديدا من نوعه في هذا المجال.