موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

ضربات متتالية لمهرجان “هاي أبوظبي” بعد فضيحة وزير التسامح الإماراتي

283

تلقى مهرجان “هاي أبوظبي” الذي يتزعم تبنيه التبادل الثقافي ضربات متتالية ودعوات واسعة لمقاطعته دوليا على إثر فضيحة اعتداء وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان على موظفة بريطانية ضمن إدارة تنظيم المهرجان.

ومهرجان “هاي أبوظبي” أُقيمت فعّاليات دورته الأولى في منطقة الشرق الأوسط في العاصمة الإماراتية في الفترة الممتدّة بين 25 و28 شباط/فبراير الفائت تحت رعاية ما يسمّى بـ “وزارة التسامح”.

وتستثمر أبوظبي في الفعّاليات الفنّية والثقافية الضخمة لتلميع صورتها عالميًا، وصرف النظر عمّا يحدث خلف البذخ الذي يُراد منه أساسًا التخلّص من الوعي العام بالانتهاكات الحقوقية المتصاعدة في الدولة.

وجاءت فضيحة وزير التسامح لتكشف زيف شعارات أبوظبي في قضية لا تزال تداعياتها مفتوحة، وأحدث صورها قرار إدارة المهرجان تعليق عمل المدير والمؤسس المشارك فيه بيتر فلورنس.

وقالت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية إن الأزمة تتفاقم داخل المهرجان بعد الكشف عن تفاصيل الاعتداء الأسبوع الماضي، مضيفة أن تم تعليق عضوية مدير المهرجان بيتر فلورنس بتهمة التنمر على الموظفين تأتي في وقت يشهد المهرجان أسوأ أزماته.

وأكدت كيتلين ماكنمارا التي أرسلت إلى أبو ظبي من أجل التحضير للمهرجان هناك، أن وزير التسامح نهيان بن مبارك آل نهيان (69 عاما) قد اعتدى عليها جنسيا، قبل أيام من افتتاح المهرجان.

ولعب فلورنس دوراً في ذلك الحادث في شهر شباط/ فبراير لكن التعليق الذي صدر في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر له علاقة بمظالم منفصلة، وجاء بعد تحقيق داخلي في تصرفاته مع الموظفين.

ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع: “هذا أمر يجري منذ وقت” و”دعنا نقول إن بيتر لديه أسلوب معين في الإدارة”. ويمكن أن يواجه بيتر (56 عاما) العزل مع أن القرار بمصيره مرتبط بعودته، حيث قدم طلب إجازة مرضية بعد الحادث ولا يزال مريضا.

وقام بالتعاون مع والديه نورما ورودا بإنشاء المهرجان من مطبخ بيتهم في البلدة الحدودية بمقاطعة ويلز “هاي أون وين” قبل ثلاثة عقود. وموّلا أول مناسبة للمهرجان في 1988 بعد ربحهم بلعبة قمار. ومنذ ذلك الوقت توسع المهرجان ليشمل 30 دولة بما فيها كولومبيا والمالديف. ووصفه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون “وودستوك العقل” في إشارة إلى المهرجان الموسيقي الأمريكي.

وعرف فلورنس بـ”ملك هاي” ومنحته الملكة إليزابيث وسام “قائد الإمبراطورية البريطانية” في عام 2018 للخدمات التي قدمها للفن والثقافة، وهو ليس غريبا عن الجدل. ففي العام الماضي أثار الجدل عندما كان رئيسا للجنة تحكيم جائزة بوكر للرواية، وقرر تقسيم الجائزة بالتساوي بين بيرنادين إيفاريستو أول كاتبة سوداء تفوز بها مع الكاتبة الكندية المعروفة مارغريت أتوود.

وعبر عدد من الموظفين في المهرجان عن قلقهم من تصرفات فلورنس، وتراكمت شكاويهم من خلال تقديم شكوى رسمية بداية هذا العام.

وقالت رئيسة مجلس إدارة المهرجان كارولين ميشل في بيان نهاية الأسبوع: “تم تعليق عمل بيتر فلورنس في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر بانتظار نتائج التحقيق في الشكاوى التي قدمها واحد من موظفينا. وهو في إجازة مرضية ولهذا السبب تأخرت العملية”.

وأضافت أن تانيا هدسون المسؤولة المالية وكريستين فوانتيس لا روتشي، المديرة الدولية تقومان الآن بأعباء فلورنس.

وكانت ماكنمارا قد تخلت عن حقها في إخفاء اسمها عندما اتهمت وزير التسامح الإماراتي بالاعتداء الجنسي عليها، عندما دعاها للعشاء في جزيرة خاصة.

وأرسل فلورنس ماكنمارا (32 عاما) إلى الإمارات للتحضير لافتتاح مهرجان “هاي أبو ظبي” رغم مظاهر القلق حول سجل الدولة الخليجية في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير.

وحصل الاعتداء المزعوم في يوم عيد الحب، حيث اعتقدت ماكنمارا أن الدعوة كانت من أجل التحضير للمهرجان. وكانت وزارة التسامح قد التزمت بكلفة المهرجان وراتب ماكنمارا.

وكانت ماكنمارا على اتصال مع  فلورنس في ليلة الحادث المزعوم وحثها على مغادرة أبو ظبي من أجل سلامتها. وقابلها محققون في الشرطة البريطانية بعد عودتها إلى بريطانيا.

ولكن المهرجان عقد في موعده في 25 شباط/ فبراير، حيث سافر فلورنس إلى الإمارات وشارك المسرح مع نهيان بن مبارك.

ورغم أن ماكنمارا لم تكن راغبة في إلغاء المناسبة، لكنها شعرت بالغضب لنسبة كل العمل ونجاح المهرجان للشيخ نهيان وعدم توضيحه للعاملين في المهرجان سبب رحيلها المفاجئ.

وأخبرت فلورنس في 29 أيلول/سبتمبر أي قبل يومين من تعليقه عن العمل أنها ستكسر الصمت وتقدم قصتها لصحيفة “صاندي تايمز”. ووصف مدراء المهرجان لاحقا تصرفات الشيخ نهيان بـ”خرق مروع وانتهاك شنيع للثقة والمنصب”.

وقدمت ميشيل دعمها الكامل لماكنمارا، وقالت إن المهرجان لن يعود إلى أبو ظبي طالما بقي الشيخ نهيان في منصبه. مضيفة أنه “سخر من واجباته الوزارية”.

إلا أن عددا من الكتاب المعروفين تساءلوا عن طريقة تعامل المهرجان مع الحادث. وفي تغريدة على تويتر للكاتبة كاميلا شمسي، الفائزة بجائزة المرأة للرواية في 2018 والمشاركة المنتظمة في مهرجان هاي قالت: “الاعتداء الجنسي يذهب أبعد من السخرية من الواجبات الوزارية”، مضيفة: “المأساة هنا هي إضعاف ماكنمارا وليس إضعاف العلاقة مع حكومة الإمارات. ولا يمكن تقديم هذا على أنه تفاحة عفنة في مكيال تقوية المرأة”.

وقامت الروائية أهداف سويف التي رشحت مرة لجائزة بوكر وظهرت إلى جانب فلورنس بنشر تغريدة كاميلا شمسي. ولم يقدم فلورنس تعليقا حسب محاميه نظرا للتحقيق الداخلي السري الجاري.

يشار إلى أن رسالة مفتوحة موقعة من عدة مثقفين منهم نعوم تشومسكي وتحالف من أكثر من 40 منظمة غير حكومية منها منظمة العفو الدولية ومنظمة القلم الدولية، كانت دعت حكومة الإمارات لاستخدام فعاليات المهرجان في أبوظبي، لإظهار احترامها لحرية التعبير، بإطلاق سراح كل المدافعين عن حقوق الإنسان الذين اعتقلوا بسبب التعبير عن أنفسهم بسلمية على الإنترنت”، حسب ما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية.

وحسب الصحيفة، فإن الرسالة تسلط الضوء على الازدواجية الكامنة في دعم وزارة التسامح للمهرجان “في بلد لا يتسامح مع الأصوات المعارضة”. مبينة أنه “للأسف تكرس حكومة الإمارات جهودًا أكبر في إخفاء انتهاكات حقوق الإنسان فيها بدلًا من معالجتها وتستثمر كثيرًا في تمويل ورعاية مؤسسات وفعاليات ومبادرات بهدف تصدير صورة حسنة عن نفسها للعالم الخارجي”.