موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

وزير “التسامح” الإماراتي يعترف بالقمع السياسي وتقييد الحريات العامة

189

عملت الإمارات على الترويج لصورتها الخارجية من خلال تعيين وزير للتسامح في العام 2017، لكن الوزارة وبرامجها ظلت شاهدة زور على القمع الحاصل في البلاد وإدانة حرية الرأي والتعبير بدلاً من التسامح معها.

واعترف وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك آل نهيان في مقابلته الأخيرة مع وكالة (اسوشيتد برس) الأمريكيّة بالتضييق على المساجد والقمع السياسي المتفشي في البلاد لكنه يعتبر ذلك جزءاً من إجراءات لمواجهة التطرف، وحتى “لا تصبح الأمور أسوأ”.

كانت مقابلة “آل نهيان” جزء من حملة التسويق التي تقوم بها السلطات لاستقبال الباب فرانسيس في أراضي الدولة خلال شهر فبراير/شباط القادم. وقال الوزير إن “الزيارة البابوية الأولى على الإطلاق إلى شبه الجزيرة العربية ستساهم في بناء الجسور في وقت تتزايد فيه النزعة القومية وعلمانية حول العالم”.

الأجانب يشكلون الغالبية العظمى من سكان الإمارات العربية المتحدة، ويسمح للهندوس والمسيحيين واليهود بأماكن العبادة. مع ذلك قمعت السلطات المعارضة السياسية، ووضعت نشطاء حقوق الإنسان في السجون وحاربت حرية الرأي والتعبير.

وقال “آل نهيان” إن وزارته “تهدف إلى بناء الجسور وكسر الجدران التي يحاول بعض الناس إقامتها للاختباء وراءها”.

وكشف “آل نهيان” أن مهمة وزارته ليست التسامح بين الإماراتيين وتضييق فجوة الخلافات والرأي بين الحُكام والسلطات، بل تقتصر “بالتواصل مع المقيمين في الإمارات من مختلف الأديان والخلفيات من أجل جعلهم يشعرون بالأمان والاحترام”.

تُقدم قوانين سيئة السمعة بموادها الفضفاضة الكثير من الشعور بعدم الأمان للإماراتيين، إذ أن أي تعبير بسيط عن الرأي سيضعهم في السجون السرية ويتعرضون للتعذيب، بما في ذلك قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب حيث أن رأي على شبكات التواصل الاجتماعي وانتقاد للسلطات وللأجهزة الأمنية قد يضع صاحبها عشرات السنوات في السجون بعد محاكمات سياسية واضحة تفتقر لأبسط شروط العدالة.

تعريف التسامح

وقال آل نهيان متحدثاً في مجلسه بأبوظبي: “تعريفنا للتسامح هو أن نفهم الآخر، أن نتحدث مع بعضنا البعض، وفي نفس الوقت نحتفظ بفروقنا الخاصة”.

وأضاف “إنها فسيفساء جميلة، اختلافاتنا، سواء كانت في دياناتنا أو ثقافاتنا أو عاداتنا الأخرى”.

لا يعني الوزير التسامح مع الرأي والانتقاد وثقافة الإماراتيين وآرائهم والاستماع لهم، بل مع الدول الأخرى ومع رجال الأعمال والوافدين في أمور مخصصة ليس من بينها حرية الرأي والتعبير أو الانتقاد.

وأعلنت الإمارات عن عام 2019 كعام لـ”التسامح”، وشجعت القطاعين العام والخاص من أجل الالتزام بذلك لتكون الإمارات منارة من المنارات العالمية.

وعلقت وكالة اسوشيتد برس إنه وعلى الرغم من الضغط العلني للبلاد من أجل التسامح، تواصل الحكومة قمع نشطاء المعارضة، لا سيما الأفراد أو الجماعات المشتبه في صلاتهم بما يعرف بأفكار “الإسلام السياسي”، وتعتبر الإمارات جمعية الإصلاح وهي جمعية إصلاحية خيرية موجودة منذ تأسيس الدولة بأنها منظمة إرهابية وتعتبرها تهديدًا لنظام الحكم في البلاد.

حظر حقوق الإنسان

وكان أعضاء بارزين من الجمعية قد طالبوا بمجلس وطني (برلمان) كامل الصلاحيات، إلى جانب عشرات المفكرين والأكاديميين والناشطين ليبراليين وعلمانيين.

لكن السلطات قامت بحملة قمع منذ 2011م وحتى اليوم واعتقلت معظم الموقعين على تلك العريضة وعرضتهم للتعذيب والمحاكمات السياسية والانتهاكات المستمرة، بالتزامن مع قمع الأصوات التي تعبر بحرية عن رأيها وتستخدم شبكات التواصل من أجل الانتقاد.

وقالت اسوشيتد برس إن جماعات حقوق الإنسان محظورة في الإمارات، كما أن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، محظورتان من إجراء البحوث في الإمارات، كما يتم حظر الأحزاب السياسية.

وأضافت الوكالة أن الإمارات تقوم بمراقبة المساجد بإحكام، وتتطلب جميع الأنشطة خارج أوقات الصلاة الاعتيادية ترخيصًا. كما أن الأئمة يتلقون رواتبهم من الحكومة الجهة الوحيدة التي تقوم بتعيين هؤلاء بشروط معينة.

وتقوم السلطات بتجريم أي محاولة لتأمم المسلمين في المسجد خارج من قوائم من تم إعطائهم ترخيصاً، أو يلقون “محاضرة” توعوية في المسجد دون ترخيص مماثل.

اتهام الإماراتيين بالنزوع نحو التطرف

وأكد آل نهيان وجود هذه القيود والانتهاكات، لكنه برر قيام جهاز أمن الدولة بتقييد بعض الجمعيات والجماعات والسيطرة على المساجد يأتي من أجل ضمان الحماية من الأفكار المتطرفة و “الأشخاص الذين يرغبون في تطوير أجندتهم الخاصة واختطاف ديننا وتشويهه”.

وقال للوكالة الأمريكية: “إذا لم يتم السيطرة على هذا، صدقوني، سيكون هناك وضع أسوأ”.

طوال تاريخ الإمارات الحديث لم تكن المساجد إلا منارات اعتدال ووسطية ولم تكن يوماً متطرفة، بل إن الانغلاق والمحاصرة لمن يرتادون المساجد ومنع أي فعاليات لتلك المساجد هو الخطر ذاته. التطرف بحد ذاته “شاذ” ودخيل على الإمارات وشعبها، وهذا التعميم في التعامل مع كل الإماراتيين بكونهم ينزعون نحو التطرف، يسيء لكل المواطنين وللحُكام والشيوخ.

كما أن هذه المراقبة الشديدة والممارسات السيئة بحق المواطنين الإماراتيين وحرية لقاءاتهم في المساجد ومنع فعاليتهم إلا بالحصول على ترخيص يخضع لاشتراطات واسعة ورفض دائم، ينتهك دستور البلاد الذي يؤكد حرية ممارسة العبادات الدينية. كما أن تجريم الانتقاد والرأي والتعبير جريمة تنتهك الدستور والأعراف المتبعة بين الإماراتيين كمواطنين وحُكام.

ففي وقت تقوم السلطات ببناء الجسور مع الأخرين من المقيمين وغير المقيمين من الديانات والجنسيات والدول الأخرى، تقوم بهدم الجسور مع المواطنين الإماراتيين مستخدمة “التسامح” كغطاء وواجهة براقة لإخفاء القمع وتبرير الجرائم بحق مواطني الدولة؛ فهل يحتاج المواطنون إلى رعاية “أجنبية” لقضاياهم حتى تنظر لها السلطات؟!