يمثل جهاز أمن الدولة في الإمارات عنوانا رئيسيا للقمع وانتهاك حقوق الإنسان وسلطة فوق القانون يستخدمها نظام أبوظبي لفرض قبضته الحديدية في الحكم وسحق أي معارضة سلمية.
وبحسب مركز مناصرة معتقلي الإمارات فإن جهاز أمن الدولة في الإمارات تم تأسيسه بموجب أول قانون صدر عام 1974 بأمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكان الجهاز وقتها يتبع لوزارة الداخلية، حيث يتم تعيين رئيسه بترشيح من وزير الداخلية وموافقة مجلس الوزراء.
وبعد عامين، جرت تعديلات على القانون جعلت الجهاز مستقلاً تماماً عن وزارة الداخلية ومرتبطاً مباشرة برئيس الدولة، الذي أصبح يمتلك صلاحية تعيين رئيس الجهاز. كما توسعت صلاحيات الجهاز وهيكلته بدمج شعب المخابرات والأجهزة المشابهة تحت سلطته، وإنشاء فروع له في جميع الإمارات الأعضاء.
بفضل هذه التعديلات، أصبح جهاز أمن الدولة يتمتع بنفوذ واسع، حيث أوكلت إليه مهام حماية رئيس الدولة ونائبه، بالإضافة إلى كبار الشخصيات مثل الوزراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية.
لكن هذا النفوذ استُخدم لاحقاً لفرض سيطرة واسعة على الحياة العامة، بما في ذلك مراقبة النشطاء والمواطنين.
وقد وثّق مركز مناصرة معتقلي الإمارات العديد من الانتهاكات، منها اعتقال عائلات المعتقلين ومنعهم من السفر أو العمل، مثل حالة عائشة إبراهيم الزعابي التي اعتُقلت بشكل تعسفي في 2014، واحتُجزت في الحبس الانفرادي لخمسة أيام دون توجيه اتهامات.
كما مُنعت من السفر في وقت لاحق دون مبررات قانونية، في انتهاك صريح للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
والقوانين التي تُنظم جهاز أمن الدولة، مثل قانون 2003، منحته صلاحيات واسعة تشمل الاعتقال دون قيود قضائية أو شروط شكلية، وتفتيش المنازل دون مذكرات قضائية، واستخدام السلاح لتفريق التجمعات.
هذه الصلاحيات تمثل انتهاكاً للمعايير الدولية، مثل المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحظر الاعتقال التعسفي، والمادة 17 التي تحمي الخصوصية.
كما تم توثيق انتهاكات أخرى مثل احتجاز الأفراد لمدد طويلة دون عرضهم على القضاء، وإبعاد الأجانب لأسباب غامضة، واستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين.
ويتجاوز نفوذ جهاز أمن الدولة الصلاحيات القانونية إلى التدخل في مجالات أخرى مثل القضاء والتعليم والعمل. اشتراط الموافقة الأمنية للتوظيف أو الدراسة يُستخدم كأداة للتمييز ضد المعارضين وعائلاتهم.
حتى القضاة لا يحصلون على ترقياتهم أو تعييناتهم إلا بعد موافقة الجهاز، مما يقوض استقلال القضاء. كما يدير الجهاز سجوناً سرية خارج إطار القانون، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب أو الإخفاء القسري.
ومن خلال مراجعة قانون 2003، يظهر أنه لا ينتهك فقط الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بل يكرّس سلطات واسعة لجهاز أمني يُفترض أن تكون مهمته الأساسية حماية الدولة، وليس التدخل في حياة الأفراد ومراقبتهم.