يواصل النظام الحاكم في دولة الإمارات حظر الحريات عبر الانترنت بما في ذلك منع التواصل والمكالمات المجانية المنتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
وأعلنت “اتصالات” الإماراتية عن إيقاف جميع خدمات BlackBerry في الدولة والتي تشمل خدمات التراسل (الماسنجر)، وخدمة تبادل رقم التعريف الشخصـي Pin to Pin، وخدمة إنترنت بلاك بيري، وخدمات بلاك بيري للبريد الالكتروني، وذلك اعتباراً من 10مارس 2020.
ويفرض النظام الإماراتي رقابة مشددة على الانترنت في ظل استثمار الدولة على نطاق واسع في التكنولوجيات الجديدة والذكاء الاصطناعي.
يأتي ذلك بعد الجدل الذي أثاره تطبيق للمراسلة مؤخرا في الإمارات ما أبرز المراقبة المشددة للانترنت في الدولة التي تعرف بسحق أي معارضة وفرض قيودا مشددة على الحريات.
وتستضيف دبي المكاتب الإقليمية لعدد من مجموعات الانترنت العملاقة مثل غوغل ويوتيوب، ويمكن الوصول إلى معظم الخدمات العامة عبر الانترنت.
وتعرض اللافتات الدعائية في شوارع المدينة حول “اكسبو 2020” الذي تستضيفه الإمارة صورا لرجال آليين ورجال فضاء.
لكن بالنسبة لملايين من المقيمين الأجانب، فإن اجراء مكالمات عبر تطبيق “واتساب” أو “سكايب” مع عائلاتهم خارج الإمارات ليس أمرا بسيطا. فالمكالمات المجانية عبر الانترنت المنتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، ما زالت محظورة في الإمارات.
ويقول عامل باكستاني في دبي “لأتمكن من الاتصال بأسرتي اقوم كل شهر بشراء هذه البطاقة”. ويعرض العامل البطاقة التي تحتوي على رمز وصول لشبكة خاصة افتراضية (في بي ان)، وهو نظام يسمح بالالتفاف على الحجب.
ومن أجل تجنب هذا “الصداع”، اختار آخرون اللجوء إلى تطبيق “توتوك” الذي صممته شركة إماراتية للتواصل مع عائلاتهم.
ويؤكد عامل مصري أنه يفضل استخدام هذا التطبيق للتواصل مع زوجته وبناته اللواتي بقين في بلاده، موضحا “استخدم توتوك لأنه التطبيق الوحيد الذي تعمل فيه مكالمات الفيديو بشكل صحيح”.
وشهد “توتوك” رواجا سريعا في الشرق الأوسط حيث تفرض عدة دول، قيودا أو حتى تمنع، غالبية خدمات الاتصال عبر تطبيقات مثل واتساب.
لكن منصّتي “آبل” و”غوغل” أزالتا التطبيق بعد نشر صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرا يتهم أجهزة الاستخبارات الإماراتية بإمكان الوصول المباشر إلى الرسائل والمحادثات عبر الفيديو أو حتى إلى البيانات المتعلقة بالموقع الجغرافي لحامل الهاتف، بالإضافة إلى النفاذ لكاميرات الهواتف والميكروفونات.
وفي كانون الثاني/يناير، أعلن القيّمون على التطبيق إدراجه مجدداً على “غوغل بلاي ستور” بعد سلسلة من “التحديثات” الخاصة بالتطبيق، بالأخص آلية أكثر وضوحاً تتيح للمستخدمين السماح بنفاذ التطبيق إلى بياناتهم ولوائح الأرقام الهاتفية.
إلا أن غوغل عادت وحذفت التطبيق ما يثبت إدانته بالتجسس، فيما لا يزال “توتوك” غير متوافر على “آبل ستور”.
ويرى الباحث في مختبر سيتزن لاب المتخصص في الأمن السيبراني بيل مارزاك أن شركة “آبل” تعد “أكثر “احتراما لخصوصية العملاء”.
ويشير مارزاك إلى أن قضية توتوك “فريدة” من نوعها “لأنهم يحاولون تطوير هذا التطبيق الذي تم تصميمه ليستخدمه ملايين الاشخاص في العالم”.
ويوضح “على حد علمي، هذه الحالة الوحيدة التي يوجد فيها تطبيق للمراسلة تم تطويره من قبل جهة استخباراتية”.
ويرى مارزاك أن الإمارات قد تتجه نحو ما وصفه ب “النموذج الصيني” من التسلط الرقمي المتمثل في الرغبة لأن تصبح قوة في مجال التكنولوجيا ولكن تستخدمها أيضا كأداة للمراقبة والسيطرة.
وتحظر لوائح الاتصالات في الإمارات الاختراق غير القانوني والمراقبة الجماعية بأي شكل من الاشكال لكن النظام الحاكم يخرق ذلك بشكل علني ويفرض قيودا مشددة على المحتوى المنشور على الانترنت.
وتصنف منظمة “فريدوم هاوس” غير الحكومية الأميركية الانترنت في الإمارات ب “غير الحر”، مشيرة إلى وجود “قيود ورقابة ومراقبة” على الانترنت بسبب “روابط وثيقة بين الحكومة وشركات الاتصالات”.
ورأت منسقة الأبحاث في فريدوم هاوس آيمي سليبويتز أن “الإمارات تمارس درجة عالية من القيود والمراقبة عبر الانترنت”. وأضافت “يجب أن يتمتعوا بشفافية أكبر بشأن فرض قيود على المحتوى والكف عن استهداف منتقدي الحكومة”.
ويحظر القانون الإماراتي استخدام الانترنت بهدف” التخطيط أو التنظيم أو الترويج أو الدعوة لمظاهرات أو مسيرات” أو “التحريض على الدخول إلى غير دين الإسلام” أو “الدعوة إلى اعتناق أو ترويج المبادئ الهدامة مثل المثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي”.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2018، أيّدت محكمة اماراتية حبس الناشط الحقوقي الاماراتي أحمد منصور لمدة عشر سنوات على خلفية انتقاده السلطات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.