تتصاعد انتكاسات اقتصاد إمارة دبي في ظل ازمة شاملة دفعتها لخفض الإنفاق وتجميد التوظيف في ظل ركود حاد يتصاعد منذ عامين وبلغ ذروته على إثر أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأصدر دائرة المالية في دبي تعليمات لجميع الهيئات الحكومية بخفض الإنفاق الرأسمالي بواقع النصف على الأقل، وتقليص النفقات الإدارية والعامة بما لا يقل عن 20% إضافة إلى وقف التعيينات الجديدة حتى إشعار آخر.
وتضمنت تعليمات الدائرة لجميع الهيئات الحكومية تعليق جميع مشاريع التشييد التي لم تبدأ حتى إشعار آخر وعدم السماح بأي زيادات في الإنفاق لمشاريع البناء الجارية.
وأوردت وكالة رويترز العالمية للأنباء قبل أيام أن دبي دخلت في مراحل مبكرة من محادثات مع بنوك بشأن خيارات تمويل محتملة، بينما يعاني اقتصادها في ظل تداعيات فيروس كورونا الجديد.
وشرحت المصادر أنّ دبي خاطبت بنوكاً سبق أن أقرضت الإمارة، لمعرفة ما إذا كان من الممكن تقديم تمويل بين 3 مليارات و5 مليارات دولار. وامتنعت دائرة المالية في دبي عن التعقيب.
وتؤثر قيود اجتماعية وعلى صعيد أنشطة الأعمال ناتجة عن الجائحة بشدة على قطاعات حيوية في الإمارة الإماراتية.
وتشير تقديرات محللين إلى أنّ التفشي قد يكلف دبي ما بين 5% و6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إذا استمرت القيود 3 أو 4 أشهر أخرى.
ولم تصدر دبي سندات حكومية منذ 2013، وتجري محادثات مع بنوك، منذ العام الماضي، كما سبق وأوردت “رويترز”، بشأن عودة محتملة إلى أسواق الدين العالمية.
وتلقت دبي مؤخرا ضربة قوية بعد تأجيل المعرض العالمي لمدة عام على الأقل بسبب خطر تفشي فيروس كورونا وهو ما يحمل أخبارا صادمة للإمارة التي أنفقت المليارات وراهنت على إنعاش اقتصادها من مكاسب الحدث.
ويهدد تأجيل المعرض وربما إلغائه بتلاشي آمال دبي بعد أن عولت بأن المعرض سيجذب 11 مليون زائر من خارج البلاد وبالتالي يزيد ذلك من الصعوبات المالية للإمارة عالية الاستدانة.
ويرجح محللون ومصادر في القطاع المالي أن تداعيات كورونا قد تجبر الحكومة على السعي إلى صفقة إنقاذ مماثلة لتلك التي قدمتها لها أبوظبي الغنية بالنفط بعد أزمة مالية في 2009، لكن الآمال في تحقيق ذلك ستواجه بتحديات تهاوي عائدات النفط مع الانهيار الحالي للأسعار.
وكان إكسبو 2020، المفترض أن يستمر من 20 أكتوبر/ تشرين الأول حتى العاشر من إبريل/ نيسان 2021، هو الحدث الكبير الأخير حالياً الذي لا يزال من المقرر تنظيمه من الناحية الرسمية، بعد قرار الأسبوع الماضي، بتأجيل أولمبياد طوكيو 2020 لمدة عام، وهو أول تأجيل من هذا النوع في التاريخ الحديث لهذه الألعاب الذي يمتد 124 عاما.
وأنفقت دبي مليارات الدولارات على البنية التحتية للاستعداد، وكان مسؤولون محليون وآخرون تنفيذيون قد قالوا إن الحدث العالمي سيكون محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي.
وتعتمد دبي على السياحة بشكل كبير، ويزورها نحو 16 مليون شخص سنويا. وكانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية العالمية قد ذكرت في تقرير لها، في فبراير/شباط الماضي، أن قطاع الضيافة في دبي هو الأكثر تعرّضاً لمخاطر كورونا في منطقة الخليج.
ويتوقع أصحاب فنادق شهيرة في دبي، استمرار الأوقات العصيبة شهوراً، وعلى الأرجح 2020 بأكمله، بعد أن كان زار الإمارة أكثر من 16 مليون سائح زاروا المدينة خلال عام 2019.
ويقول جيمس سوانستون الاقتصادي المختص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “كابيتال إيكونوميكس” إنه “في حالة استمرار تلك الإجراءات (الرامية إلى مكافحة الفيروس) نحو ثلاثة أشهر أو أربعة، فستقتطع من 5% إلى 6% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي لدبي”.
ويضيف سوانستون أن دبي هي الاقتصاد الأكثر حساسية في الشرق الأوسط لقيود السفر الناجمة عن فيروس كورونا، وأن الشركات الحكومية قد تضطر للجوء إلى إعادة هيكلة للديون أو طلب مساعدة من العاصمة أبوظبي.
ولفتت تقديرات “كابيتال إيكونوميكس” إلى أن عبء ديون دبي يبلغ نحو 135 مليار دولار (125% من الناتج الإجمالي)، تحل مواعيد استحقاق نصفها تقريباً قبل نهاية 2024.
ومددت إمارة أبوظبي، العام الماضي للمرة الثانية، أجَل قرض بعشرة مليارات دولار قدمته لدبي خلال أزمة الائتمان العالمية التي شهدت انهيار سوق العقارات بالإمارة.
ويزيد تضرر السياحة والطيران والتسوق في الإمارات من مأزق القطاع العقاري، وفق وكالة التصنيف العالمية، التي استبعدت في تقرير آخر نشر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل ظهور فيروس كورونا، أن يُحسن معرض إكسبو 2020، الظروف “القاسية” التي تمرّ بها سوق العقارات في دبي.
وسبق أن أظهر رصد من خلال البيانات الرسمية الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك في دبي، تهاوي الصفقات العقارية في دبي بنسبة 41 في المائة على أساس شهري، خلال يناير/كانون الثاني.
وبلغت القيمة الإجمالية لصفقات شراء ورهن عقارات دبي 16.7 مليار درهم (4.55 مليارات دولار) خلال يناير/كانون الثاني، مقابل 28.3 مليار درهم (7.7 مليارات دولار) في ديسمبر/كانون الأول.
وتأتي الأضرار التي يخلفها انتشار فيروس كورونا لتزيد من الصعوبات المالية التي تعانيها دول الخليج خاصة، بسبب تهاوي سعر خام برنت إلى 23 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ عام 2003، فاقدا ما يقرب من 65 في المائة منذ بداية العام الجاري، في ظل حرب الإنتاج المستعرة بين بلدان منظمة أوبك، وعلى رأسها السعودية، وروسيا في الطرف الآخر.
وقبل أيام أبرز تقرير بريطاني معاناة إمارة دبي في دولة الإمارات من الركود وانخفاض قياسي للطلب بفعل تدهور اقتصادها وأزمة انتشار فيروس كورونا.
وذكر تقرير لصحيفة “فايننشال تايمز” أن موارد دبي تراجعت في وقت تراجعت فيه أسعار النفط الخام وبدأ القطاع الخاص بتخفيض معدلات التوظيف.
وأشار التقرير إلى شركات مناسبات مقرها في دبي أجبرت على تخفيض عدد الموظفين لديها وتقليل ساعات عمل الموظفين المتبقين بنسبة الثلث أو النصف بعدما ضرب فيروس كورونا التجارة في مركز المال والسياحة في الشرق الأوسط.
وتوقف العملاء عن الدفع للموردين أو أغلقوا أعمالهم خوفا من إفلاس محتوم، في وقت يشعر فيه أصحاب كبار الشركات أنه “من الصعب النجاة”.