موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تقرير فرنسي: ظروف قاسية يعانيها العمال الأجانب في الإمارات

431

حقوق الإنسان في الإمارات- أبرز تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية الظروف القاسية التي يعانيها العمال الأجانب في دولة الإمارات على إثر أزمة فايروس كورونا وما خلفته من تداعيات اقتصادية قابلتها أبو ظبي بإجراءات تعسفية تشكل الفصل والترحيل.

وروت الوكالة الفرنسية قصة عامل هندي يدعى نور الدين وضع عندما أُصيب زملاؤه التسعة في مقر سكنه بفيروس كورونا المستجد، على متن حافلة توجهّت به نحو مجمّع للحجر الصحي في الإمارات، لينضم إلى العديد من العمال المغتربين الذين يواجهون مستقبلا غامضاً.

وتعتمد الإمارات على ملايين الأجانب ومعظمهم من الهند وباكستان ونيبال وسريلانكا، ويعيش الكثير منهم في مقرّات ومخيّمات بعيدة عن ناطحات السحاب والمراكز التجارية التي تشتهر بها الدولة.

لكن الانتشار السريع للفيروس، إلى جانب تراجع الاقتصادات المتأثّرة بانهيار أسعار النفط، ترك العديد من العمال وبينهم مرضى من دون عمل أو راتب ليرسلوه إلى عائلاتهم كما يفعلون عادة في نهاية كل شهر.

وقال نور الدين، وهو محرّر عقود يتحدّر من ولاية كيرالا الهندية، كان قد دخل المستشفى قبل أن يتم نقله عبر الصحراء إلى مقر الحجر “لا يوجد شيء في غرفتي باستثناء سرير صغير. عليّ أن أتشارك الحمام مع عشرين إلى ثلاثين شخصا”.

وأضاف “لا أعرف ما إذا كان يجب أن أشعر بالسعادة أو بالحزن. لا توجد شبكة إنترنت (واي فاي)، ولا حتى تلفزيون. لكن الوضع في غرفتي (مقر سكنه) كان أسوأ حتى”. على الرغم من حظر التجول الصارم المعمول به منذ أسابيع، فإن الإمارات لا تزال تبلغ عن أعداد متزايدة من حالات الإصابة بالفيروس.

وفي محاولة للحد من معدّلات الإصابة، تم نقل العمال في مدن الخليج إلى مساكن مؤقتة، في حين أقامت السلطات مراكز فحص جماعية، بينما تحلّق الطائرات من دون طيار فوق المناطق التي تكتظ بالعمال لحثّهم وبعدة لغات على عدم التجمّع.

والإمارات هي أكثر من طالب علنا حكومات الدول التي يتحدّر منها العمّال بالمساعدة على إعادتهم إلى بلدانهم، بعدما أصبح الكثير منهم من دون عمل وأجر وسط توقّف شبه تام في الحركة التجارية بسبب إجراءات الحد من انتشار الفيروس.

وقال مسؤولون إنه بحلول تاريخ 20 إبريل/نيسان، أُعيد نحو 22900 مواطن أجنبي على متن 127 رحلة جوية من مطارات مغلقة. لكن الهند، التي يعيش نحو 3.2 ملايين من مواطنيها في الإمارات وحدها، اعتبرت أن إعادة ملايين المواطنين وحجرهم سيكون كابوسا أمنيا ولوجستيا.

وقال وزير الخارجية في بنغلادش أبو الكلام عبد المنعم إن بلاده وافقت، وإن على مضض، على استعادة آلاف من مواطنيها لتجنّب إجراءات عقابية قد تتّخذها دول الخليج بحقّها في المستقبل.

وأوضح “إذا لم نعدهم إلى منازلهم (…) فلن تقوم (دول الخليج) بتوفير وظائف لمواطنينا بمجرد تحسن الوضع”.

وأضاف أن آلاف العمّال الذين لا يملكون أوراق عمل سارية ومئات السجناء سيعودون على مراحل على متن طائرات، وبينها رحلة أقلعت من السعودية الأسبوع الماضي.

وسمحت باكستان بمواصلة عمليات الترحيل، لكنّها حذّرت من صعوبات بسبب افتقار مطاراتها إلى مرافق الاختبار والحجر الصحي.

ودفع ذلك دبلوماسييها في دبي إلى مناشدة الباكستانيين عدم الذهاب إلى القنصلية، بعدما تجمّع عدد كبير من الراغبين بالعودة إلى وطنهم للمطالبة بمقاعد على متن الرحلات الجوية المحدودة العدد.

والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي: “نحن قلقون بشأن إخواننا في الخليج. منع التنقّل وتوقّف الأعمال في الخليج جعل الكثير من الباكستانيين في الخارج بلا مصدر رزق”.

وترى روثنا بيغوم،الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أنّ الوباء كشف بوضوح عن مشكلة تتعلّق بالعمال المهاجرين الذين يعيشون ويعملون في ظروف تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض في الإمارات.

وقالت إنّ محاولات الإمارات الحد من الفيروس تسبّبت في المزيد من المصاعب وسط حد من التحرّك ترك كثيرين من دون غذاء، ما دفع بالعديد من المنظمات الخيرية للتدخل لمساعدة الحكومات على الوصول إلى كافة المتأثّرين بهذا الوضع.

وأوضحت بيغوم “علاوة على ذلك، يتم وضع العمال الذين لا يزالون مجبرين على العمل في حافلات يصعب التباعد الاجتماعي فيها، ويتم إرسالهم إلى مواقع (…) قد لا تتوفّر فيها معدات الحماية ووسائل الصرف الصحي بشكل كاف” في بعض الدول. ويواجه ملايين العمّال مستقبلاً غامضا، بينما تخوض الدول المستضيفة والحكومات نقاشا حول مسألة إعادتهم من عدمه.

وكشف فيروس كورونا أكثر فأكثر عن وضع العمال الأجانب الهش للغاية في الإمارات، حيث تم الإبلاغ عن العديد من حالات إصابة بالفيروس بين مجتمعات العمال الأجانب في ظل ظروف الإقامة الصعبة.

وأبرز تقرير وكالة الأنباء الفرنسية أن عمالا أجانب في الإمارات أصبحوا يموتون بفيروس كورونا من دون من يلقي عليهم نظرة الوداع.

إذ بقيت جثة المواطن الهندي الذي توفّي في دبي جراء إصابته بفيروس كورونا داخل سيارة الإسعاف مقابل غرفة حرق الجثث في انتظار وصول صديق أو زميل يلقي عليه نظرة وداع، لكن بعد ساعة تقريبا لم يظهر أحد.

وبصمت مطبق، بدأ أربعة رجال ارتدوا ملابس الحماية من الفيروس مهمّتهم، فحملوا الجثة التي لفّت بغطاء أبيض إلى غرفة المحرقة حيث تحوّلت في غضون ساعتين ونصف إلى مجرد رماد في علبة فضية.

ويعمل ملايين المغتربين في الإمارات وقد شكلوا على مدى عقود طويلة العمود الفقري للقوة العاملة في مستشفيات ومصارف ومصانع وورش البناء.

وأمضى العديد منهم سنوات طويلة وهم يكدّون في عملهم لإرسال المال لذويهم، حالمين بالعودة يوماً إلى موطنهم لبدء عملهم الخاص أو حتى بناء منزل. لكن حتى وهم جثة هامدة، فإن نقلهم إلى أوطانهم في زمن فيروس كورونا المعدي أمر شبه مستحيل.

ويقول ايشوار كومار، المسؤول في مركز حرق الجثث في موقع صحراوي بعيد عن المناطق السكنية في جنوب دبي، “العالم كله تغيّر. لم يعد يأتي أحد، ولا أحد يلمس شيئا، ولا أحد يقول وداعا”.

وكثير من ضحايا الفيروس في الإمارات هم من العمّال المغتربين الباحثين عن لقمة عيشهم بعيدا عن بلدانهم وبينها الهند، وباكستان، وبنغلادش، والفيليبين والنبيال.

وقبل ساعات من حرق جثة المواطن الهندي الذي كان في الخمسين من عمره ويهو شريك تجاري في شركة سياحية في دبي، واجهت جثة اختصاصية تجميل فيليبينية المصير ذاته في الموقع نفسه.

وحملت شهادتا وفاتهما عبارة مشتركة هي “التهاب رئوي جرّاء فيروس كورونا” كسبب للوفاة.

وعادة تُسلّم العلبة الفضية التي تُشترى من سلسلة متاجر محلية كبرى ويوضع فيها الرماد، إلى قريب أو شخص مسؤول عن مصالح الضحايا إذا تواجد في بلد الوفاة، أو تُرسل إلى السفارة.

ويقول سوريش غالاني، مسؤول آخر في موقع حرق الجثث الذي يضمّ معبدا هندوسيا، إنّ الضحايا “عمّال ومعظمهم لا أقرباء لهم هنا. يأتي أحيانا زملاء لهم” يعملون لصالح الشركة ذاتها لأخذ العلبة.

في هذه الأثناء، تجري الإمارات عمليات فحص من فيروس كورونا للعمال الأجانب وسط ظروف تعسفية غير ملائمة.

ويمتد طابور عبر الطريق أمام قسم الطوارئ بأحد مستشفيات أبوظبي حيث ينتظر مئات معظمهم من العمال المهاجرين محدودي الدخل، كل منهم على مسافة مترين من الآخر، لإجراء فحوص الفيروس.

والاختبار مجاني في الإمارات بالنسبة لمن ظهرت عليه أعراض معينة أو كان صاحب سفريات متكررة أو خالط حالة تأكد إصابتها بفيروس كورونا. وبخلاف ذلك، تبلغ تكلفة الفحص حوالي 370 درهما (100 دولار).

وأمام المستشفى في أبوظبي، حيث تتجاوز الحرارة 35 درجة مئوية، يعاني العمال الأجانب الأمرين من أجل الفحوصات اللازمة.

وقال أطباء إن الارتفاع الحاد في عدد الإصابات اليومية الجديدة هذا الشهر مرتبط بانتشار العدوى داخل مناطق مكتظة تعيش بها العمالة محدودة الدخل.