أنور قرقاش.. غطاء مفضوح للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات
يمثل المسئول الإماراتي سيء السمعة أنور قرقاش غطاء مفضوحا للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات وتبريريها عبر ترأسه ما تسمى “اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان” الحكومية.
وبعد نحو شهرين ونصف من تشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، لم يتجرأ قرقاش ولو في مناسبة واحدة بالحديث عن عذابات معتقلي الرأي والمعارضين في سجون النظام الإماراتي.
بل إنه منذ تشكيل اللجنة المذكورة صعد النظام الإماراتي انتهاكاته بإدراج معارضين على قائمة المنظمات الإرهابية، والتضييق على معتقلي الرأي والمعارضين وزيادة معاناتهم فضلا عن الانتقام من عوائلهم وممارسة العقاب الجماعي بحقهم.
على العكس من ذلك تحول قرقاش على مدار سنوات مسئولياته الحكومية إلى بوق مكشوف للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان وتبريرها بما في ذلك الدفاع عن حروب أبوظبي الخارجية وما ترتكبه من جرائم.
من ذلك دفاع قرقاش عن تدخل بلاده في الملفات الإقليمية والمشاركة في حرب اليمن والتدخل العدواني في ليبيا وعدد من البلدان الأخرى بزعم أنها تأتي في إطار “المسؤولية” تجاه الاستقرار في المنطقة.
كما تصدى قرقاش مرارا للتحريض على الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لدى إصدارها تقارير تندد فيها بانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات وما تمارسه من جرائم داخل الدولة وخارجها.
ولطالما برر قرقاش ما تقوم به سلطات بلاده، بضرورة حماية “الأمن القومي” لمواجهة مخاطر “عدم الاستقرار الإقليمي” ومحاربة أولئك الذين يعارضون “جدول الأعمال التقدمي لحقوق الإنسان” المعتمد من قبل دولة الإمارات تحت مزاعم التسامح.
وبالإضافة إلى ذلك، حاول قرقاش التغطية على إقرار الإمارات قانون مكافحة “جرائم الإنترنت” رغم ما يتضمنه من قيود صارمة على حرية الرأي والتعبير، زاعما أن القانون المذكور “لا يعاقب سوى مروجي المعلومات “الكاذبة”.
كما لجأ قرقاش إلى التغطية على انتهاكات الإمارات في التحريض على وسائل الإعلام ومنها قناة الجزيرة الفضائية واستهدافها الصحفيين بالتجسس والقرصنة بزعم أن تلك المنابر تمارس التحريض على أبوظبي.
ويتذكر الجميع هجوم قرقاش الشهير في العام 2017 على زيد رعد الحسين، المفوض السامي السابق للأمم المتحدة لحقوق الانسان، وديفيد كاي المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، على خلفية إدانتهما مطالبات دول الحصار لقطر بإغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية.
وفي حينه زعم قرقاش أن حماية خرية التعبير “ليست مطلقة وهناك قيود على هذا الحق”، ومحاولة ربط الشبكة الإعلامية ب”معاداة السامية” من خلال إذاعتها لمواعظ وخطب الداعية الشهير يوسف القرضاوي.
من هو أنور قرقاش؟
انضم قرقاش إلى الحكومة الاتحادية في الإمارات عام 2006 كوزير للدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي، كما تم تعيينه في فبراير 2008 كوزير للدولة للشؤون الخارجية ووزيراً للدولة لشؤون المجلس الوطني، وفي فبراير 2016 وضمن التشكيل الوزاري الجديد، تم تعيينه كوزير دولة للشؤون الخارجية.
وقبل أشهر تم تنحية قرقاش من منصبه على خلفية تصاعد فضائحه ومواقفه الساقطة، وتم تعيينه مستشارا دبلوماسيا لرئيس الإمارات المجاز مرضيا خليفة بن زايد إلى جانب رئاسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
ويعرف عن قرقاش سجله المشين، بما يشمل اتهامات اختلاس مالي عن طريق تسهيله عقود لشركة أجنبية ودعم التحايل لإبرام صفقات تجارية مع إيران وتجاوز العقوبات الدولية المفروضة عليها.
فضلا عن ذلك أوكلت لقرقاش منذ سنوات مهمة الإشراف على تمويل الجماعات الإرهابية في الصومال والقرن الإفريقي وبلدان أخرى مثل سوريا ومناطق نزاعات إقليمية.
وحسب وثائق نشرها موقع ويكليكس العالمي قبل أعوام ورد اسم قرقاش كأحد داعمي بعض الفصائل المصلحة الصغيرة التي أنشأت حديثاً في الصومال وجيبوتي.
وحسب الموقع فأن قرقاش يقود دبلوماسية السيطرة على موانئ البحر الأحمر والقرن الإفريقي من خلال التهديد باستخدام جماعات إرهابية.
لجنة شكلية لحجب الانتهاكات لا معالجتها
يجمع مراقبون على أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الإمارات لا تمثل سوى لجنة شكلية لحجب الانتهاكات في الدولة لا معالجتها.
ويبرز في هذا الصدد الفشل المزمن للجنة في تعديل أي من قوانين تقييد الحريات العامة في الإمارات أو تقليص صلاحيات جهاز أمن الدولة سيء السمعة أو حتى تنظيم زيارات لسجون الإمارات بما تتضمنه من انتهاكات جسيمة.
وأبرزت الحملة الدولية للحريات في دولة الإمارات (ICFUAE) وهي منظمة حقوقية مقرها بريطانيا، سجل حقوق الإنسان السيء في الإمارات تعقيبا على إعلان أبوظبي إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
وقالت الحملة الدولية في بيان صحفي إن خطوة الإمارات جاءت فيما لا يزال أكثر من 200 سجين سياسي محتجزين في سجون الإمارات بسبب نشاطهم السلمي والشرعي في مجال حقوق الإنسان.
ونبهت إلى أنه في حالات عديدة، قامت حكومة الإمارات بتعذيب المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء في الحجز وحرمت مواطنيهم من الحق في محاكمة سريعة والوصول إلى محام أثناء التحقيقات الرسمية.
وأكدت الحملة الدولية أن حكومة الإمارات تقيد بشدة حرية التعبير وحرية الصحافة، وتخضع وسائل الإعلام المحلية للرقابة لتجنب انتقاد الحكومة أو المسؤولين الحكوميين أو العائلات المالكة، كما يتم تقييد حرية تكوين الجمعيات وحرية الدين.
ويلاحظ أن الخطوة المعلنة من النظام الإماراتي استثنت من عملها الملف الأبرز في الدولة المتعلق بسجن عشرات الأكاديميين ونشطاء حقوق الإنسان منذ سنوات طويلة بسبب مطالبهم بالإصلاح.
ويشمل ذلك معتقلي الرأي الذين أنهو محكومياتهم، وترفض السلطات الإفراج عنهم بالإضافة إلى قضية الانتهاكات القانونية بحقهم وحق ذويهم مثل سحب الجنسية والمنع من السفر.
من جهته قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” إن الإعلان عن إنشاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الإمارات يستهدف التغطية على الانتهاكات.
وذكر المركز أن الحديث عن لجان حقوق الإنسان التابعة للحكومة ليس وَلِيد اللحظة “فمع استمرار تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن منظمات دولية مستقلة يتضح مدى قتامة حقوق الإنسان في الإمارات ومدى سوء تعامل أجهزة الأمن مع الناشطين الحقوقيين”.
وأبرز المركز أنه في كل مرة يتردد الحديث من المسؤولين عن تأثير هذه التقارير على صورة الدولة في الخارج دون الأخذ بالاعتبار ضرورة معالجة ملف حقوق الإنسان بشكل كامل حفاظاً على العلاقة الودية بين الشعب وقيادة الدولة.
“لكنه في كل مرة يعود أكثر سوءاً بتشكيل لجان الهدف منها التواصل مع تلك المنظمات والهيئات لتحسين الصورة الأكثر سوءاً عن البلاد”.
وأكد مركز الدراسات أن تشكيل الهيئات الوطنية المتعلقة بملف حقوق الإنسان في الإمارات لا يعني أنه سيصبح أفضل “بل يؤكد أن الفشل الذريع للمسؤولين في تحسين الصورة عن ذلك الملف”.
وأكد المركز أنه من الصعب –وربما من المستحيل- تغيير الحقائق، ومواجهة سجل الإمارات الأسود بالرشاوى والدبلوماسية السياسية وذلك لردع التحركات الجادة في مجلس حقوق الإنسان لسحب عضوية الإمارات لعدم التزامها بالتوصيات المطروحة.
وأكد مركز الدراسات أن السلطات بحاجة إلى أكثر من مجرد الإعلان عن تشكيل هيئة أو لجنة وطنية لحقوق الإنسان تفتقر إلى المبادئ بل إنها بحاجة إلى استعادة ثقة المواطنين بأي هيئة معلنة للدفاع عنهم وعن حقوقهم.
وأشار إلى أن مواطني الإمرات –باختلاف مناطقهم وخلفياتهم- يعتقدون بما لا يدعو مجالاً للشك أن مثل هذه الهيئات واللجان تعني المزيد من مصادرة حقوقهم الأساسية وستصبح أداة جديدة لجهاز الأمن –إلى جانب أدوات أخرى- لتحسين السمعة، وليس الدفاع عن الإماراتيين.