موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

وثائق تفضح النيابة العامة في الإمارات بالتستر على انتهاكات التعذيب

253

كشف مركز مناصرة معتقلي الإمارات عن وثائق تفضح دور النيابة العامة في الإمارات بالتستر على انتهاكات التعذيب والاعتقال التعسفي.

وقال المركز إن قصة معتقل الرأي في الإمارات الدكتور أحمد الزعابي تعد إحدى القصص “المضحكة المبكية”، لوصفها واقع “الكوميديا السوداء” التي يعيشها معتقلو الرأي في سجون أبوظبي.

وذكر المركز أن حكاية الزعابي لا يمكن توصيفها إلا بأنها طرفة من الخيال، لكن حقيقة أن هذه القصة حصلت في الواقع تنقلها إلى خانة المبكيات التي توضح الواقع الأسود الذي أصبحت عليه الإمارات اليوم.

التفاصيل المأساوية بدأت في 26 مارس 2012، عندما اعتقله عناصر من جهاز أمن الدولة بتهمة “تزوير جواز السفر”، حيث فوجئ الزعابي الأستاذ في جامعة الشارقة، والذي كان يعمل كقاض سابق ومدير التفتيش القضائي في أبوظبي بأنه متهم بانتحال صفة قاضٍ وتزوير جواز السفر لأنه لم يقم بتحديث بيانات الجواز ويغير المهنة إلى صفة “قاض سابق”.

وبناء على هذه التهمة، قام أمن الدولة باحتجاز الزعابي، لـ4 أشهر في مكان مجهول، ومنعه من التواصل مع أهله أو الاتصال بمحاميه.

ورغم أن المحكمة أصدرت حكماً بالإفراج عنه بكفالة لكن أمن الدولة رفض تنفيذ الحكم، واستمرت المحاكمة الهزلية التي حُرم الزعابي حضور جميع جلساتها.

ولم يسمح له إلا في جلسة النطق بالحكم، حيث حكمت المحكمة عليه بالسجن 6 أشهر مع مصادرة جواز سفره وتغريمه 500 درهم بتهمة انتحال صفة قاضٍ.

لكن قصة الزعابي الذي يعد أحد أبرز الباحثين القانونيين والشرعيين في الإمارات، لم تتوقف عند اتهامه بتزوير جواز السفر والسجن.

بل شهدت فصولاً جديدة أكثر مأساوية حين قررت السلطات عدم الإفراج عنه وتحويله للتحقيق في قضية أخرى بتهمة “التآمر لقلب نظام الحكم والانتماء إلى تنظيم سري غير مشروع” في القضية المعروفة باسم “الإمارات 94”.

بقي الزعابي في مكان غير معلوم لأسرته أو محاميه طيلة فترة الاحتجاز والتي قضاها في الحبس الانفرادي دون سرير، حيث تعرض القاضي المعروف بدماثة خلقه لأبشع أنواع التعذيب مثل خلع أظافره، والضرب الشديد الذي تسبب له بمجموعة من الإصابات.

بما في ذلك تورم القدمين وكدمات في أنحاء متفرقة من جسده، وفي بعض الأحيان يتبول دماً لشدة التعذيب، ومع ذلك مُنع من العلاج الطبي.

ورغم أن نيابة أمن الدولة شاهدت آثار التعذيب الواضحة وسألته عن أسباب الإصابات الظاهرة على جسده، وأخبرها أنها كانت نتيجة اعتداء محققي أمن الدولة معه، وطلب تحويله إلى الطب الشرعي لإثبات التعذيب وتحديد أسبابه، إلا أن النيابة رفضت طلبه.

وكتبت النيابة ملحوظة في أسفل محضر التحقيق تم إرسالها لجهاز أمن الدولة: “بمناظرة المتهم الماثل أمامنا خارجياً لم يشاهد سوى لون أخضر بأظافر الرجل اليمنى وبعض البقع البنية على سطح الجلد للرجل اليمنى، لم نشأ (نرد) تحديد سبب لون الأظافر والبقع”.

وهو ما يعني أن نيابة أمن الدولة بدل بتحويلها الزعابي إلى الطب الشرعي، قامت بإبلاغ جهاز أمن الدولة بملاحظتها بوجود آثار تعذيب عليه بهدف التستر على جريمة تعذيبه، وأنها لا تريد فتح التحقيق من أجل معرفة هذه الأسباب.

مهزلة محاكمة الزعابي لم تتوقف عند تعذيبه لانتزاع اعترافات منه، بل إن النيابة قامت أيضاً بتزوير محضر المضبوطات (الأحراز) لإضافة دليل مزور من أجل إدانته.

ففي 27 مارس 2012 بعد اعتقال الزعابي بيومين، قامت قوة مؤلفة من 6 أفراد شرطة بتفتيش سيارته وضبط الموجودات فيها، وقد تم تحرير محضر بجميع ما تم ضبطه وإرساله للنيابة العامة.

لكن المفاجأة أن النيابة قدمت في 3 مايو 2012 ضبط الموجودات إلى المحكمة، وأضافت عليه دليلاً جديدا، وهو قرص تخزين خارجي (USB) تم استخدامه كدليل ضد الزعابي خلال المحاكمة، علماً أن هذا القرص لم يكن ضمن المضبوطات التي تم تقديمها في 27 مارس.

في 2 يوليو 2013، حكمت المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي على الدكتور أحمد الزعابي، بالسجن 10 سنوات مع 3 إضافية للمراقبة بتهمة “الانتماء إلى تنظيم سري غير مشروع” في القضية المعروفة بـ(الإمارات 94)، إثر محاكمة هزلية افتقرت لأدنى معايير العدالة، وتضمنت تعذيبه وتزوير الأدلة ضده.

في 26 مارس القادم يكون الزعابي، أستاذ القانون والشريعة، قد أمضى 10 سنوات كاملة في السجون الإماراتية، ومازال من غير الواضح حتى اللحظة إن كان سيخرج من السجن أم لا، حيث مازالت السلطات تحتجز العديد من معتقلي الرأي رغم انتهاء الأحكام الصادرة ضدهم.

كانت الجريمة الوحيدة التي ارتكبها الزعابي أنه وقّع على عريضة الثالث من مارس، المطالبة بمنح الإماراتيين حقهم بالتصويت وإنشاء نظام ديمقراطي يحكمه القانون.

لكنه لم يعلم أنه يعيش في ظل نظام لا يعرف عن القانون سوى أنه طريقة لفبركة الاتهامات والزج بأصحاب الرأي في السجون.

الزعابي، القاضي السابق الذي كان معروفاً بعدله واستقامته ونزاهته، وأستاذ القانون والشريعة الخلوق الذي كان يعطي طلابه دروساً عن عدالة القانون ومقاصد الشريعة، وجد نفسه فجأة متهماً بالتزوير والتآمر لقلب نظام الحكم، وضحية لأبشع أنواع التعذيب، ومحكوماً بالسجن لعشر سنوات كاملة، فقط لأنه عبر عن رأيه.

تبوَّل دماً، وخُلعت أظافره، وملأت جسده كدمات من مختلف الألوان نتيجة الضرب المستمر، فقط لأنه طالب أن يسود القانون في مكان تسوده شريعة الغاب، ومازال محتجزاً في ظروف غير إنسانية، ممنوعاً من أبسط حقوقه لأنه أراد للشعب أن يحكم نفسه لا أن يتحكم به بعض المزورين.

والزعابي هو كلمة الحق في وجه سلطان جائر، هو القاضي العادل الذي لم يرتض أن يسود الظلم، وهو صاحب الرأي الشجاع حين صمت الجميع، وهو أحد قصصنا “المضحكة المبكية” التي تروي فداحة الظلم الذي يعيشه الإماراتيون في أقبية المخابرات المظلمة التي تتستر خلف الأبراج المتلألأة.