موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تزوير الأدلة يكشف الدور المشين للنيابة العامة في الإمارات لعقاب المعارضين

250

كشف تسريب مرافعة قدمها معتقل رأي في سجون الإمارات قبل سنوات، عن الدور المشين للنيابة العامة في الإمارات لعقاب المعارضين عبر تزوير الأدلة.

ونشر مركز مناصرة معتقلي الإمارات تفاصيل المرافعة التي وصفها بالتاريخية للقاضي المعتقل محمد العبدولي قاضي ورئيس الدائرة الجزائية في محكمة استئناف أبوظبي، أمام المحكمة الاتحادية في الإمارات.

وقال المركز إن مرافعة العبدولي، التي قدمها للمحكمة خلال محاكمته كأحد أفراد مجموعة (الإمارات 94)، إحدى المرافعات التاريخية التي لا ينبغى أن تُكتب ولا أن تُروى، ولكنها يجب أن تُرى وتُسمع، فبعض البيان إنما يكون فى الإلقاء.

ورغم أن تلك المرافعة كانت الأولى في حياة العبدولي، فهو القاضي الذي اعتاد أن يستمع لمرافعات الأطراف الأخرى لا أن يلقيها، إلا أنها كانت مما يمكن اعتباره جزء من الأدب القضائي الرفيع، متسلسلة في أفكارها، حسنة في الأداء وسلامة العرض، بليغة وموجزة في مضمونها من غير تكرار أو كلام زائد.

ففي مرافعته الشفهية، التي مزج فيها بين القانون وفكرته، والدليل وحجته، حرّك العبدولي مشاعر الحضور، وامتلك قلوبهم، وأظهر زيف وكذب الاتهامات بالحجة والبرهان، كاشفاً حقيقة ما يجري، معلناً أن الحقائق لا يمكن تزييفها، وأن الشمس لا تغطى بغربال.

بدأ العبدولي مرافعته بتلاوة الآية القرآنية: ”ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله“، ثم أتبعها بنص المادة 94 من الدستور التي تنص على أن: “العدل أساس الملك”، مشيراً إلى أهمية العدل، وأن عدل ساعة يُعادل عبادة 60 عاماً.

بعدها انطلق العبدولي مترافعاً بإنكار التهمة قائلاً: أنكر التهمة، ولا أنتمي لأي تنظيم وأنكر علمي بأن “دعوة الإصلاح” تهدف إلى الاستيلاء على الحكم، عقيدتي أن الله ربي، والإسلام ديني ومحمد نبيي ورسولي وهذا فخري، والإمارات وطني وأصحاب السمو وعلى رأسهم خليفة هم حكام الدولة وأدين لهم بالولاء، طاعة لله، لا عقيدة لي سوى ذلك.

ولامس القاضي العبدولي قلوب المستمعين حين سرد جزء من سيرته الذاتية والطريقة التي انضم فيها للسلك القضائي: أقف لأدافع عن نفسي هنا، وأنا منذ 25 سنة قاضٍ وحاصل على تقدير امتياز 6 سنوات متتالية. انتسابي للمهنة كان بأمر من حاكم الفجيرة وليس سعيا مني، حيث كنت مدرساً، وبناء على طلبه تركت التدريس، وعملت في القضاء، وبأمر منه ترأست لجنة الزكاة، وأنا في العمل الخيري.

ثم بدأ بتفنيد الأدلة والطعن بها، لتتساقط واحدة تلو الأخرى، حيث قال: أدفع بالطعن في قائمة أدلة الثبوت، بما ورد فيها عن تحقيقاتي والمتهمين، فالدليل إن وصل إليه الشك سقط كدليل. وذكر المادة 216-218 من قانون العقوبات، وقال: وأدلة الثبوت أطلب الطعن فيها.

وبدأ العبدولي بعدها في كشف زيف هذه الأدلة، موضحاً أنهم كتبوا في محضر التحقيق: ”أقرَّ المتهم أنه ضمن أعضاء التنظيم”، والجواب: أنني أنكر وإنما كنت أحضر برامج “جمعية الإصلاح”، سئلت: ما علاقتك بـ”دعوة الإصلاح”، وأجبت: حسبما قررت، ولكن النيابة أوردت: أنني أقررت بالموارد المالية، وأنا لا أعلم سوى بالرسوم التي أدفعها للأنشطة.

وحسب مرافعة العبدولي، فإن النيابة خالفت قانون السلطة القضائية ومناهضة التعذيب، إذ مورست عليّ انتهاكات، والقضاة لا سلطان عليهم إلا ضمائرهم والقانون، ويجب محاكمتهم سرًا، إلا أن ما تم معي مخالف، فمن الرابعة عصرا حتى الواحدة ونصف ليلًا على هذ الحال.

وتابع العبدولي: هذا تشويه لسمعة القضاء قبل تشويه سمعتنا، الانتهاكات استمرت ضدي، وحتى الأمس جاء المحامي بمذكرة لم أستلمها إلى اليوم، وهنا قاطعه القاضي الذي بدا منزعجاً من الحقائق التي يسردها العبدولي قائلاً: “كيف لم تستلم، النيابة ذهبت وتأكدت، ورغم  أن العبدولي أراد الرد لكن القاضي لم يترك له مجالا لذلك.

ثم أكمل العبدولي: مخالفة القوانين ذات الصلة بالمتهمين، وضعي في سجن مجهول، أنا الآن مع متهمين بالمخدرات سبق أن حكم عليهم بالمؤبد. وُضعت في زنزانة ضيقة دون تهوية، أو نافذة، تحت رقابة بالتصوير، معصوب العينين في كل تنقلاتي.

وتابع “هذه الانتهاكات مخالفة للقانون وقعت تحت سمع وبصر النيابة، وأخبرتها بذلك، وأحملها مسؤولية الإساءة للسلطة القضائية. وعليه فالتحقيقات كلها باطلة، ولا يمكن أن تستمد بها كدليل”.

ثم سرد العبدولي الثغرات القانونية التي شابت التحقيق، حين أشار إلى أن شهادة الشهود خلت من دليل على أنه قام بالاستضافة أو العضوية للتنظيم، وأنها كانت شهادة عامة، شاملة مجملة، دون دليل، باستنتاج واختلاق والدليل يجب أن يكون واضح الدلالة، قاطعاً للشك.

وأشار العبدولي أن الاتهامات المسندة إليه، اعتمدت على أقوال “المتهمين” أحمد غيث وسالم ساحوه وأحمد الطابور، وهذا لا قيمة له، لعدة أسباب:

فالنيابة استخدمت مصطلحات مثل (تنظيم، هيكل) وهي مصطلحات تم استخدامها ولا يجرمها القانون، كما أنها اعتمدت على تعميم التهمة رغم أنها شخصية، مضيفاً أن الدولة تتكون من سبع إمارات ولكل واحدة كيان مستقل فأي حكم تعنيه النيابة، أبوظبي أم عجمان أم الاتحاد، هذه الجريمة مستحيلة الوقوع أصلا.

وختم العبدولي مرافعته التاريخية بالقول: أحتفظ بحقي في مخاصمة النيابة العامة، ومحو عبارات النيابة في المرافعة التي تسيء للقضاء قبل المتهمين (سرطانية، أوكار وغيرها)، طالباً من القاضي إثبات طلب دعوى التزوير وإعلان براءته.