موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

جديد عار التطبيع الإماراتي: تسويق عروض سياحية مشتركة مع إسرائيل

249

في سابقة تعد الأولى من نوعها لدولة عربية وإسلامية، أقدمت الإمارات على تسويق عروض سياحية مشتركة مع إسرائيل في تكريس لعار التطبيع الذي يتبناه النظام الحاكم في أبوظبي.

وأفادت وسائل إعلام عبرية، ببدء إسرائيل والإمارات تسويق عروض سياحية مشتركة للجهتين بتنسيق بين وزارتي السياحة الإسرائيلية والإماراتية للرحلات التي تشمل كلا البلدين.

وأوردت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أنه في المرحلة الأولى يتم تسويق عروض سياحة مشتركة، حوالي 12 يوماً، لقطاع السياحة في أمريكا الشمالية، وحوالي 10 وكلاء سفر كبار (من أكبر الوكلاء) سيطرحون العروض في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضحت الهيئة أن أكبر المستفيدين من هذه المبادرة “هي شركة الطيران الإسرائيلية إلعال”، التي ستقوم بتسيير القسم الأكبر من هذه الرحلات إلى كل من الإمارات وإسرائيل.

وصرح وزير السياحة الإسرائيلي يوآل رزبوزوف، بأن الإمارات “تتعاون معنا لبناء خطط كثيرة تزيد من مدخولات خزينة الدولة وتقوم بتحريك الاقتصاد عموما والعمل لما هو أفضل لمواطني إسرائيل”.

وتشير إحصاءات دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي إلى أن إسرائيل كانت واحدة من أكبر 20 سوقاً للسياحة في دبي خلال عام 2021.

وبعد مرور عامين على عار التطبيع العلني للعلاقات بين الإمارات وإسرائيل تراجعت فيها أبوظبي عن استراتيجية مؤسسيها في دعم القضية الفلسطينية والانحياز إلى ما ادعاه قادة الإمارات حينها أنها لخدمة القضية الفلسطينية.

وأبرز المركز الخليجي للتفكير في دراسة أنه في الخامس عشر من سبتمبر2020 وقعت الإدارة الأمريكية اتفاقية ابراهام بين إسرائيل من جانب والإمارات والبحرين من جانب آخر.

وقال مركز إن هذه الاتفاقية التي أثارت ومازالت الكثير من الجدل حول جدواها للإمارات والدول العربية، ونصبت الإمارات من نفسها قائدة قطار التطبيع في المنطقة فحفزت المغرب ودفعت السودان وتحاول جذب السعودية كذلك.

وأضاف أنه بعد مرور عامين تقريباً من تلك الاتفاقية التي استطاعت إسرائيل أن تحقق من خلالها الكثير من الأهداف والإنجازات.

في حين أنها لم تضف الكثير للإمارات سوى بعض المصالح الاقتصادية، وللمفارقة إن من أهم الأسباب التي دفعت الإمارات للتطبيع مع إسرائيل أن تكون ذا حظوة لدى الإدارة الأمريكية في الحصول على المزيد من صفقات الأسلحة وخاصة طائرات f35 فلم يتحقق هذا الهدف بل شهدت علاقة الإمارات بالإدارة الأمريكية خلال العامين الماضيين حالة من التوتر نتيجة لعوامل كثيرة.

ومن المفارقات كذلك أن تأتي الذكرى عقب هجوم إسرائيلي متكرر على غزة أسفر عما يقرب من خمسين شهيداً وكذلك الاقتحامات المتوالية للمسجد الأقصى والتي تعاملت معها الإمارات بشكل فاتر للغاية لتسقط الدعاوي الإماراتية أن التطبيع لمصلحة القضية الفلسطينية.

ومن المؤكد أن الدولتين حققتا بعض الإنجازات خاصة على الجانب الاقتصادي فبلغ حجم التجارة بين الدولتين 2.5 مليار دولار في أقل من عامين كما تم توقيع 65 صفقة ومذكرة تفاهم حتى الآن.

كذلك شهدت العلاقات تطوراً في الجانبين السياسي والأمني، وفي المقابل توجد بعض الإخفاقات أهمها عدم الوصول لرؤية موحدة في مواجهة الخطر الإيراني، وكذلك تراجع القبول الشعبي الإماراتي لاتفاقية التطبيع.

مسارات التطبيع

يٌعد الاقتصاد مدخلاً أساسياً في محطات الوصول إلى اتفاقية إبراهيم بين الدولتين لذا شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين إسرائيل والإمارات الزخم الأكبر بين الدول التي تسعى إلى التطبيع مع إسرائيل.

وحتى قبل إبرام الاتفاقيات، كانت التجارة بين إسرائيل ودول الخليج، بما فيها الإمارات، تقدَّر بنحو مليار دولار سنوياً، غير أن التجارة الثنائية بين الإمارات وإسرائيل ناهزت وحدها المليار دولار في نهاية عام 2021، دون أن تشمل السياحة والاستثمار.

فبعد فترة وجيزة من إبرام الاتفاقيات، أعلنت الإمارات عن خطط لاستثمار 10 مليارات دولار في إسرائيل.

ونقلت وكالة رويترز عن وزير الاقتصاد الإماراتي عبدالله بن طوق المري قوله إن الإمارات تهدف إلى أن ترفع قيمة النشاط الاقتصادي مع إسرائيل لأكثر من تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة.

كما أنشأت أبوظبي مكتباً في “تل أبيب” لاستثمار 10 مليارات دولار في مختلف جوانب الاقتصاد الإسرائيلي ومن المتوقع أن يوفر الموقع الجغرافي للإمارات فرصاً كبيرة للبضائع الإسرائيلية، فضلاً عن أنها تمثل نحو 1.5٪ من التجارة العالمية، و2.4٪ من تجارة الناقلات العالمية.

وقال وزير التجارة الخارجية الإماراتي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 27 مايو إن “التجارة بين الإمارات وإسرائيل بلغت 2.5 مليار دولار في أقل من عامين من العلاقات الرسمية”.

وأضاف الوزير الإماراتي أنه تم توقيع 65 صفقة ومذكرة تفاهم بين الإمارات وإسرائيل حتى الآن، مضيفًا أن “أكثر من 1000 شركة إسرائيلية على وشك إقامة وجود تجاري في بلادنا هذا العام”.

وكشفت صحيفة “غلوبس” (globes) الإسرائيلية استنادا لمصادر مقربة أن أبو ظبي ستستثمر 10 مليارات دولار في الشركات الإسرائيلية.

وأشارت إلى أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد قرر إلغاء تجميد هذا الاستثمار عقب زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لبلاده.

وفي 31 مايو أبرمت الإمارات وإسرائيل اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بهدف توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية وتحفيز التجارة البينية غير النفطية وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.

وقال عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد الإماراتي: “إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وإسرائيل ستخلق نموذجاً جديداً للتعاون البناء بين دول المنطقة، من منطلق أن بناء اقتصادات مرنة ومستدامة النمو “.

وكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عما اتفق عليه مع رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، في قمة شرم الشيخ، قائلا: “اتفقت مع الشيخ محمد بن زايد قبل شهرين في قمة شرم الشيخ على أن ننجز، ما يستغرق عادة 5 سنوات، في غضون أسابيع قليلة، وقد وجهنا فرقنا بالعمل بالسرعة القصوى وهذا ما حدث بالضبط”.

إن السرعة التي تبلورت بها هذه الصفقات أقل من عامين على إقامة العلاقات الرسمية بين إسرائيل والإمارات – تسلط الضوء على الاستعداد الذي تقبل به إسرائيل الآن من قبل بعض القادة العرب بعد سنوات من العزلة الدبلوماسية، ومدى إصرار الإمارات على إنجاح هذه الخطوة.

المسار السياسي

بالرغم من أن سلسلة اتفاق إبراهيم هي أحدث اتفاقيات التطبيع التي انطلقت منذ عام 1979 إلا أنها الأكثر تسارعاً ربما لاختلاف الأهداف فاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وكذلك الأردن كانت ثمار حروب طويلة مازالت تداعياتها حاضرة.

بينما اتفاقيات إبراهيم هي اتفاقيات مصالح بصورة أكبر وهذا يفسر حجم الإنجازات المتسارعة منذ توقيع الاتفاقيات في سبتمبر2020 .

قد أفادت اتفاقات إبراهيم إسرائيل بشكل كبير، فقد خلقت زخماً واحياء جديد لاتفاقيات التطبيع التي بالرغم من مرور ما يزيد عن أربعين عاماً على انطلاقها إلا أنها لم تُحدث شرخ في المجتمعات العربية والإسلامية كما أحدثته اتفاقية إبراهيم.

فخطورة ما تم هو دمج إسرائيل بشكل كامل في المنطقة العربية وبناء حالة مجتمعية تُرحب وتشجع على تطبيع العلاقات مع إسرائيل وفي المقابل تهميش تام للقضية الفلسطينية، ليس مع المقاومة فقط بل ومع السلطة الفلسطينية التي لديها اتفاقيات مع إسرائيل بل وبناء أجيال جديدة تدعم الاحتلال وترى أحقيته في تواجده في الأراضي الفلسطينية.

وقد استثمرت إسرائيل جملة من المتغيرات للتقارب مع بعض الدول العربية، الخليجية، خصوصًا في مواجهة إيران أبرزها: ما يلي:

أولًا، تزايد الحديث عن تراجع الاهتمام الأميركي بمنطقة الخليج والشرق الأوسط، وتوجّه الولايات المتحدة إلى الانسحاب التدريجي منها، في مقابل زيادة تركيزها على الصين، ومنطقة جنوب شرق آسيا.

ثانيًا، اقتراب العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول “5+1″، بما يترتب عليه من رفعٍ للعقوبات عن إيران، وهو ما يساهم في زيادة نفوذها ودورها في المنطقة، وزيادة قوتها أيضًا، خصوصا مع اقترابها من التحول إلى دولة “عتبة نووية”.

ثالثًا، تستغل إسرائيل تصاعد الهجمات التي يشنها حلفاء إيران، وخصوصا الحوثيين، على منشآت ومواقع استراتيجية في السعودية والإمارات؛ لدفع هذه الدول إلى الاقتراب من الموقف الإسرائيلي، وتشكيل تحالف معها ضد إيران.

لذا سعت إسرائيل إلى توثيق علاقتها مع المطبعين الجدد من خلال إدماجهم في المزيد من اللقاءات والاجتماعات التنسيقية لرسم مستقبل المنطقة فقامت بعقد بعض الاجتماعات والتحالفات لرسم المنطقة وفق مصالحها ورؤاها الاستراتيجية وكان من هذه اللقاءات:

1- اجتماع النقب

عقد وزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ومصر والمغرب والإمارات والبحرين اجتماعًا في كيبوتس “سديه بوكير” في النقب، يومَي 27 – 28 مارس 2021.

وقد جاءت الدعوة لعقد الاجتماع من وزير خارجية إسرائيل، يئير لبيد، بهدف إنشاء تحالف إسرائيلي – عربي برعاية أميركية، لمواجهة مشروع إيران النووي وسياساتها الإقليمية. وتهدف هذه الخطوة، بوضوح، إلى تحويل الصراع الرئيسي في المنطقة من الصراع بين العرب وإسرائيل إلى صراع بين العرب وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى.

ولم تحقق إسرائيل هدفها الرئيسي من اجتماع النقب، المتمثل في توسيع تحالفها مع الإمارات والبحرين (والمغرب، على نحو جزئي) ليشمل مصر أيضًا، نتيجة تحفّظ مصر عن تلك “الفكرة”. وعلى الرغم من ذلك، فإنها اعتبرت أن مجرّد عقد الاجتماع يمثّل إنجازًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا كبيرًا بالنسبة إليها.

2- تحالف I2U2 وتعميق التعاون الاستراتيجي

في أكتوبر 2021، وافق وزراء خارجية الهند وإسرائيل والإمارات والولايات المتحدة على تشكيل كتلة غير رسمية جديدة لتوسيع التعاون التجاري والسياسي في الشرق الأوسط وآسيا.

وذلك بعد عام من توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيات إبراهيم، وفي يوليو 2022، عقد قادة مجموعة I2U2 الجديدة (الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة) ، قمتهم الافتتاحية عبر الإنترنت.

فصعود الكتلة الهندية الإبراهيمية يعزز تدريجياً إنشاء نظام غرب آسيا “إقامة توازن القوى ضد القوى المستقلة الديناميكية في المنطقة، إيران وتركيا، مع ربط هذه الكتلة الناشئة بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادي وتقديم السند الأمريكي لتلك المنظومة الآسيوية.

3- المسار الأمني

في ظل التشابكات المتعددة للسياسة الإماراتية في الفترة الأخيرة وازدياد الهواجس والمتطلبات الأمنية هدفت الإمارات من تطبيع علاقتها إلى الاستفادة من التفوق التكنولوجي والأمني الإسرائيلي.

فسعت أبوظبي في ظل هاجسها الأمني المرتبط بالمخاوف الإيرانية لحيازة أسلحة بمليارات الدولارات، والبحث عن بدائل أمنية لتعويض الانسحاب الأمريكي من المنطقة.

ووفق وسائل إعلامية تعاونت الإمارات مع بعض الشركات الإسرائيلية قبل التطبيع ومنها شركة “البيت” للصناعات العسكرية الإسرائيلية، كما أن شركة NSO الموجودة في مدينة هرتسيليا باعت أبو ظبي منظومة بيغاسوس للتنصت على الهواتف المحمولة، بهدف اختراق هواتف معارضيها السياسيين، شركة أخرى باعت أبو ظبي وسائل استخبارية هي Verint التي تنتج معدات للتنصت والتجسس.

وزار رئيس الموساد الإسرائيلي السابق، يوسي كوهين، الإمارات، في 18 أغسطس 2020، والتقى في أثناء زيارته مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، وناقشا “آفاق التعاون في المجالات الأمنية”. وفي مارس 2021، وقّعت مجموعة التكنولوجيا المتقدّمة في قطاع الدفاع بالإمارات (إيدج)، مذكّرة تفاهم مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية.

وذلك لتطوير الإنتاج الأمني والعسكري المشترك بين البلدين، وبناء نظام متقدّم للدفاع ضد الطائرات من دون طيار.

وفي نوفمبر 2021 زار رئيس قسم تصدير الأسلحة في وزارة الدفاع الإسرائيلي، يئير كولاس، معرض دبي الدولي للطيران، بصحبة سبع شركات أمنية وعسكرية وسيبرانية إسرائيلية؛ لتعزيز الإنتاج الأمني والعسكري المشترك بين البلدين، وتصميم وتصنيع سفنٍ غير مأهولة، تكون قادرةً على تنفيذ هجمات مضادّة للغواصات.

وفي 18 نوفمبر 2021، وقّعت مجموعة “إيدج” لصناعات الدفاع المملوكة للإمارات، وشركة “آي. إيه.آي” الإسرائيلية لصناعة الطيران، اتفاقاً لتصميم سفن عسكرية وتجارية غير مأهولة، وكانت شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية للأسلحة المتطورة، قد أعلنت فتح فرع لها في دولة الإمارات.

وكشفت وثيقة رسمية إسرائيلية أن اتفاق تل أبيب وأبوظبي على التطبيع يمهد لتكثيف التعاون العسكري بينهما في البحر الأحمر، وفق وسائل إعلام عبرية، وقالت هيئة البث الرسمية إن وثيقة صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تحدد مجالات التعاون المحتمل مع الإمارات.

وبحسب الوثيقة، فإن التعاون في مجال الأمن يتصدر قائمة مجالات التعاون المحتملة بين البلدين، فضلا عن تكثيف التعاون بشأن أمن البحر الأحمر، وفي الوقت نفسه، تسعى شركات الأسلحة الإسرائيلية جاهدة لزيادة صادراتها الدفاعية إلى دول الخليج.

وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن الإمارات طلبت من إسرائيل تزويدها بمنظومة “القبة الحديدية” التي تستخدم في اعتراض الصواريخ قصيرة المدى.

لكن إسرائيل رفضت كما أعلنت شركة “ألبيت” الإسرائيلية للأسلحة المتطورة، أنها ستوفر لسلاح الجو الإماراتي أنظمة دفاع تعمل بالليزر والأشعة تحت الحمراء.

كما تناولت تقارير إعلامية واستخباراتية أن هناك تعاون أمني على نطاق واسع بين الدولتين في انشاء قاعدة استخباراتية مشتركة في جزيرة سقطرى اليمنية فقد ذكر موقع “جي فوروم” للجالية اليهودية الناطقة بالفرنسية أن الإمارات وإسرائيل تخططان لإنشاء قاعدة تجسس في جزيرة سقطرى اليمنية في موقع استراتيجي في بحر العرب على بعد 350 كيلومتراً جنوب اليمن.

وأكد موقع “إنتليجينس اون لابن” الاستخباري الفرنسي في تقرير له في الـ 9 من سبتمبر 2020 وصول ضباط المخابرات الإماراتيين والإسرائيليين إلى جزيرة سقطرى، نهاية أغسطس 2020، وأوضح أن المجلس الانتقالي الجنوبي “تعرض لضغوط من الإمارات للموافقة على إنشاء قاعدة استخبارات إماراتية إسرائيلية”.

الحديث عن عزم أبوظبي وتل أبيب إنشاء قاعدة عسكرية استخباراتية في سقطرى ذكرها موقع “ساوث فرونت” South Front الأمريكي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية، في تقرير سابق له، مستندًا إلى مصادر خاصة نقل عنها زيارة ضباط إسرائيليين وإماراتيين مؤخرًا للجزيرة وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية.

كما عقدت الدولتان العديد من المناورات العسكرية المشتركة آخرها ما ذكره موقع “إسرائيل دفينيس”، المُختّص بالشؤون العسكريّة، أنّ سلاح البحريّة الإسرائيليّة يشارك مجددا بمناورةٍ بحريّةٍ كبرى بقيادة الأسطول الخامس الأمريكيّ وبمشاركة أساطيل حربية من 60 دولة، بينها السعودية وسلطنة عمان والإمارات والبحرين وينظر إلى مشاركة الجيش الإسرائيلي في هذه المناورات بالبحر الأحمر وتوسيع نطاقها، كما وكيفا، ضمن الحراك الذي انخرطت فيه تل أبيب بقوة ضد إيران في المنطقة.

وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) أن شركات دفاعية إسرائيلية وإماراتية وقعت صفقة لتطوير طائرات من دون طيار بشكل مشترك، مصممة لمكافحة التهديدات في البحر.

4- مسار توسيع دائرة التطبيع

انتهجت الامارات وسائل عدة لضم دول جديدة لقطار التطبيع لبيان صحة موقفها السياسي وأن هذا الدور يساعدها في إقناع واشنطن بمنحها دورا مميزا بالمنطقة، وترسيخها في عقول حكام العرب أن إسرائيل دولة قوية لا أحد يقوى على مقاطعتها، وأن استقرار الأنظمة العربية ونيل رضا البيت الأبيض لن يتم بدون موافقة تل أبيب.

لذا سعت الإمارات لتوسيع دائرة التطبيع فنظمت أبوظبي في فبراير2020 لقاءً جمع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتيبي الأوغندية، وأكد مسؤول عسكري سوداني رفيع المستوى، لوكالة “أسوشييتد برس”، أنّ هذا اللقاء رتّبته دولة الإمارات.

ويبدو أن السعودية تسير على نفس النهج فثمة مؤشرات عدة تكشف عن قرب توقيع اتفاق التطبيع بين إسرائيل والرياض.

ففي 24 مايو الماضي، قال وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان، إن “الرؤية السعودية تقول إن التطبيع سيحصل في نهاية المطاف”. وأضاف فرحان “التطبيع سيجلب فوائد جمة للجميع، لكننا لن نستطيع أن نحصد تلك الفوائد بدون أن نذكر القضية الفلسطينية.

ووفقًا لتقارير إسرائيلية، أجرى ولي العهد محمد بن سلمان والزعيم الإسرائيلي السابق نتنياهو بالفعل عدة محادثات غير رسمية في السنوات الأخيرة. لذلك، يعتقد المحلل أنه في المستقبل سيكون هناك أيضًا “تعاون في المجال العسكري أو الاقتصادي أو في مجال الطاقة”.

ومؤخراً أعلنت شركة طيران “العال” الإسرائيلية، الخميس، عن تلقيها موافقة لتحليق طائراتها في الأجواء السعودية، متوقعة في الوقت ذاته الحصول على موافقة للتحليق بالأجواء العمانية خلال أيام”.

إسرائيل تسعى لتسويق نفسها إقليمياً مستغلة في ذلك الثغرات الأمنية التي سيخلفها الانسحاب الأمريكي فتحاول أن تطرح نفسها كبديل أمني خاصة مع حلفائها مثل الإمارات، فالمدخل الأمني مدخل مهم للتطبيع خاصة في دول الخليج التي تعاني من مخاوف أمنية عديدة.

ثانياً:- الإخفاقات

بالرغم من النجاحات والإنجازات التي حققتها العلاقات بين الدولتين إلا أنهما أخفقاً في بعض الملفات منها:-

1- وقف الاستيطان

قبيل الإعلان عن اتفاق التطبيع بين الدولتين أعلنت الإمارات أنها اتفقت مع إسرائيل على تعليق ضم مناطق بالضفة الغربية المحتلة، وقالت الإمارات والبحرين في تصريحات مختلفة، إن قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل جاء لـ”الحفاظ على فرص حل الدولتين”.

وفي أغسطس 2020 كتب ولي عهد أبوظبي “حينها” بن زايد على تويتر “في اتصالي الهاتفي مع الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، تم الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. كما اتفقت الإمارات وإسرائيل على وضع خارطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك وصولا إلى علاقات ثنائية””.

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر “نسعى اليوم أن يكون تجميد إسرائيل ضم الأراضي الفلسطينية فرصة جديدة لإحياء السلام”.

ولكن على أرض الواقع كان السياق مختلف فاستمرت إسرائيل في انشاء المستوطنات، كما أن الهدف الفلسطيني المتمثل في إقامة دولة مستقلة بات أكثر بُعدًا.

فبحسب حركة السلام الآن الإسرائيلية، وهي جماعة مناهضة للاستيطان، أعطى مجلس التخطيط الأعلى الإسرائيلي في مايو 2022 موافقته النهائية لبناء 2791 وحدة سكنية بينما حصل 1636 وحدة أخرى على الموافقة المبدئية في العام السابق، حصلت 3000 وحدة استيطانية أخرى في الضفة الغربية.

ويعيش في الضفة الغربية نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي.

وللمفارقة كان الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للاتفاقات العام الماضي بحضور ست وزراء خارجية وبرعاية أمريكية، على أرض متنازع عليها في النقب، وبعد مرور عامين من التطبيع، أصبح وضع الفلسطينيين أسوأ مما كان عليه قبل 15 سبتمبر 2020.

تواصل إسرائيل قتل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وهدم منازلهم وفرض قيود خانقة تشبه نظام الفصل العنصري عليهم.

2- المسار المجتمعي: – ترحيب رسمي وتردد شعبي

نجحت إسرائيل “نسبياً” في تحقيق بعض الانتشار داخل المجتمعات العربية وخاصة الخليجية التي كانت عصية على قبول التطبيع وتُعد الإمارات إحدى تلك الدول التي فتحت أبوابها على مصراعيها أمام الإسرائيليين وسعت بشكل كبير على إنشاء حالة مجتمعية مرحبة بالوجود الإسرائيلي عقب الاتفاقيات المختلفة والتبادل الثقافي والسياحي.

كشفت القناة “12”، العبرية أن نحو ألف إسرائيلي انتقلوا للعيش في دبي بالإمارات العربية المتحدة خلال العام الماضي من بين حوالي 4 آلاف يهودي يعيشون حاليا في الإمارة الخليجية.

وبحسب ما أوردته القناة فإنه “منذ توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، وقع الإسرائيليون في حب الإمارات وخاصة دبي، ونقل عدد غير قليل منهم حياتهم إليها ويعملون في السياحة والمطاعم والعقارات وأيضًا في أشياء أقل “.

وفي أكتوبر2021 كشف وزير السياحة لدى الاحتلال الإسرائيلي يوئيل رازفوزوف، أن حوالي 250 ألف إسرائيلي زاروا الإمارات خلال العام الماضي.

وأكد الإسرائيليون الذين زاروا دبي، أنهم لم يجدوا صدامًا ثقافيًا على عكس الذي وجدوه في أي دولة عربية أخرى “.

وبالرغم من تعاطي العديد من رموز النظام الإماراتي بالترحيب بالإسرائيليين إلا أنه مع الاعتداءات والتجاوزات المستمرة من قبل إسرائيل ضد الفلسطينيين والمسجد الأقصى بدأت تتحول بعض تلك الأصوات الداعمة لعملية التطبيع منتقدة المواقف الإسرائيلية وإن كانت بصوت خافت.

حيث دعا نائب رئيس شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، الدول العربية التي تقيم علاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى إعادة تقييم موقفها من جديد، معتبراً أن “أفعال تل أبيب الشنيعة ستوسع قاعدة الجهاد بين المسلمين”.

وقال خلفان، في سلسلة تغريدات بحسابه على “تويتر”: “دعوتي من القلب لكل الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل أن تجتمع لتقييم الموقف من جديد.. على إسرائيل أن تكون جادة في السلام والاحترام وإلا فلا”.

وأضاف: “نؤيد أن تكون لنا علاقات مع إسرائيل ولكن نرفض رفضاً باتاً أن تستمر هذه العلاقة، مع نكران إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته”.

وشدد على “ضرورة أن لا تتاجر إسرائيل بعلاقات التعاون معها من أجل حرمان الفلسطينيين من قيام دولتهم”.

من جانبه، اعتبر الأكاديمي عبد الخالق عبد الله، أن قضية فلسطين قضية “عادلة، ومن حق الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل ما أوتي من قوة”.

وفي منشور آخر له، أشار إلى قضية اعتداء الشرطة الإسرائيلية على سائحَين إماراتيين في “تل أبيب”، مهاجماً بقوله: “السائح الإماراتي العاقل لا يزور أرضاً فلسطينية مسروقة ليعرّض نفسه لمواقف حاطَّة بالكرامة حتى بحجة زيارة القدس”.

بل وبات هناك بعض الأصوات داخل بيت الحكم في الإمارات تنتقد المواقف الإسرائيلية مثل الأميرة هند بنت فيصل القاسمي التي هاجمت إسرائيل في محطات عديدة خاصة عقب الهجوم الأخير على غزة.

وكذلك تشير بعض استطلاعات الرأي عن نظرة غير إيجابية لاتفاقيات إبراهيم، فيُظهر استطلاع “معهد واشنطن” الذي يعود إلى شهر مارس 2022 أن أكثر من ثلثَي المواطنين في البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات ينظرون إلى “اتفاقيات إبراهيم” بشكل غير إيجابي بعد أقل من عامين.

فعند استطلاع الآراء للمرة الأولى في نوفمبر 2020، انقسمت فعليًا المواقف في الإمارات والبحرين بين النظرة الإيجابية أو السلبية إلى الاتفاقية، وبمعزلٍ عن مواطني الدول الموقِّعة، أيّد 40 في المئة من السعوديين والقطريين الاتفاقيات آنذاك.

أما الآن، فتتراوح نسبة الذين ينظرون إلى الاتفاق بشكل إيجابي بين 19 في المئة و25 في المئة في السعودية والبحرين والإمارات.

كما أوردت صحيفة ” هآرتس” الإسرائيلية في تقرير لها ماقاله “جوشوا كرازنا”، زميل البحث في مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة تل أبيب، أن العلاقات مع إسرائيل قد لا تكون مرغوبة شعبياً كما يشاع فمن بين أمور أخرى، يشير إلى مدى سخط المسلمين بسبب ممارسات إسرائيل في جبل الهيكل والمسجد الأقصى.

3- التحالف الإقليمي لمواجهة إيران

تشترك الدولتان في مخاوفهما من إيران فيمثل التنسيق في مواجهة إيران أحد الأهداف الرئيسية للعلاقات بينهما، خاصة مع بدء خطوات التقارب بين الإمارات وإيران.

ولطالما نظرت الإمارات إلى الهيمنة الإقليمية الإيرانية على أنها واحدة من أكبر التهديدات لأمنها الوطني.

كما أن أبوظبي قلقة بشكل خاص من احتمال وجود إيران مسلحة نووياً في ظل سياسية التوسع الإقليمي التي تنتهجها إيران.

وحاولت إسرائيل مراراً جذب الإمارات إلى صفها في مواجهة إيران، فقد أثير إعلامياً أن الإمارات رفضت عرضاً إسرائيليا خلال لقاء بينت مع بن زايد في أبوظبي في 13ديسمبر 2021، بالانضمام إلى حلفها ضد إيران.

كما فشل الرئيس بايدن خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط في  الفترة من 13 إلى 16 يوليو الجاري بمشاركة قمة دول مجلس التعاون الخليجي في جدة، بمشاركة قادة مصر والأردن والعراق التزام الولايات المتحدة بتسريع العمل الجاري مع حلفائها وشركائها في الشرق الأوسط لدمج وتعزيز التعاون الأمني على وجه الخصوص وبناء منظومة جوية مشتركة.

وفي المقابل بادرت الإمارات قبل القمة بالإعلان عن تفكيرها في إعادة سفيرها لطهران فدعا المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش إلى التعاون الاقتصادي الإقليمي كوسيلة لتخفيف التوترات السياسية.

وقال قرقاش: “نحن الآن نفكر بالفعل في إرسال سفير إلى إيران”. “العقد المقبل لا يمكن أن يكون مثل العقد الماضي، إنه عقد يجب أن يكون فيه “خفض التصعيد” الكلمة الأساسية “.

مازالت البيئة الإقليمية غير مهيئة بالكامل للتطبيع الكامل مع إسرائيل ومواجهة إيران، فموقف الكويت واضح ويرفض التطبيع مع إسرائيل، أما بالنسبة إلى قطر وسلطنة عُمان.

فيصعب تصوّر أن تنخرطا في مشروع ينطوي على عداء مباشر لإيران، نظراً إلى العلاقات الجيّدة التي تجمع البلدين بإيران.

وربما إعلان الإمارات عن نية إعادة سفيرها إلى طهران قبل عقد قمة بايدن بيوم واحد تؤكد هذه المخاوف.

4- صفقات منقوصة

بالرغم من التعاون الأمني بين الدولتين إلا أنه ووفقاً لموقع “وول ستريت جورنال ” لا يزال من غير الواضح ما إذا كان اتفاق بشأن تركيب دفاعات جوية إسرائيلية في الإمارات أصبح قريبا، كما أنه ليس من المتوقع أن تعرض إسرائيل على الإمارات جوهرة تاج دفاعاتها الجوية المتمثلة في نظام القبة الحديدية.

ووفقاً للصحيفة قال يوئيل جوزانسكي العضو السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وزميل الأبحاث الحالي في معهد دراسات الأمن القومي، إن الإمارات سبق أن طلبت دعم دفاع جوي لكن طلباتها قوبلت بالرفض.

ونقلت الصحيفة عن جوزانسكي أن إسرائيل رفضت الطلب الإماراتي من قبل، وأضاف جوزانسكي أنه من غير المرجح أن تزود إسرائيل الدولة الخليجية بنظام القبة الحديدية، لكنها يمكن أن تقدم مكونات مثل الرادار.

بينما أفادت أخبار القناة 13 الإسرائيلية ، أن مباحثات جارية لبيع عدد من أنظمة الأسلحة للإمارات، تدير أبو ظبي حاليًا نظام دفاع صاروخي كوري جنوبي، ومع ذلك، وفقًا لأخبار القناة 12، لم تتخذ إسرائيل قرارًا بعد بشأن بيع نظام القبة الحديدية إلى الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية.

كما واجهتهما بعض العقبات مثل رفض وزارة حماية البيئة الإسرائيليةُ منحها تصاريح لمشروع مشترك مع الإمارات يقضي بضخ النفط من الخليج إلى أوروبا مباشرة عبر ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر، مشيرةً إلى مخاوف بشأن التسرُّبات المُحتمَلة.

وفقاً لما أوردته صحيفة Times of Israel الإسرائيلية، 4 نوفمبر 2021. ، وكان العقد من شأنه أن يزيد بشكلٍ كبير من كمية النفط التي تُضَخُّ عبر محطاتٍ في إيلات وعسقلان.

ثالثاً: – المسارات المستقبلية

المسار الأول: تعاون متزايد وتجاهل الموقف الشعبي

من المتوقع أن تستمر الدولتان في تطوير علاقتهما وزيادة التعاون بينهما وتجاوز بعض العقبات بالاضافة إلى التنسيق الأمني والاستخباراتي في ملفات عدة.

ولكنها في المقابل – وفقاً لتقدير الموقف وهو المرجح-  ستظل هناك ملفات عالقة بين الدولتين على رأسها التعاون في تحالف معلن لمواجهة إيران ولكن ربما سيكون هناك تعاون استخباراتي سري في هذا الملف وكذلك ستتجاهل الإمارات تراجع القبول والترحيب الشعبي ويرجح هذا السيناريو عدة نقاط أهما:

تبدو المتغيرات الإقليمية المترتبة على التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي لن تتوقف عند حد معين عبر إمكانية عقد تحالفات مستقبلية، وتغيير سياسات دول الخليج ، بل سوف يمتد إلى ما هو أعمق من ذلك في ضوء امكانية زيادة عدد الدول التي تلحق بالإمارات في عملية التطبيع مع إسرائيل.

حاجة الدولتان إلى إنجاح نموذج التطبيع وربما يفسر هذا التسارع الكبير في بناء وتطوير العلاقات وتجاوز العديد من العقبات

زيادة العوائد النفطية إثر الحرب الأوكرانية والتي تمنح الامارات المزيد من الفرص الاستثمارية خاصة مع حليفتها الجديدة

المتطلبات الأمنية الإماراتية المتزايدة سيزيد حاجتها إلى زيادة التعاون مع إسرائيل للاستفادة من قدراتها العسكرية والاستخبارية.

الإمارات لها أولوياتها الخاصة ومخططاتها الإقليمية التي ربما تفوق الانضمام إلى معسكر أو آخر ووفقًا لها، فإن طريقة تحقيق أهدافها ليس فقط من خلال العلاقة مع تل أبيب، ولكن أيضًا في طهران على وجه التحديد، لأنها مهددة من قبل إيران وقريبة جدًا منها

قدرة حكام الامارات على تجاهل تراجع الترحيب الشعبي بالتطبيع وضبط أي ردود شعبية في ظل سيطرة القبضة الأمنية والقوانين المكبلة للحريات.

المسار الثاني: تعاون محدود وانتهاء نشوة البدايات

يتوقع هذا المسار أن المتغيرات الإقليمية ستجعل الإمارات تعيد النظر في تطوير علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل في ظل التهديدات المتكررة من ميلشيا الحوثي وإيران.

وكذلك انتهاء نشوة البدايات في ظل عدم تحقيق بعض أهدافها وكذلك ارتفاع بعض الأصوات الرافضة لاستمرار التطبيع في ظل تراجع عملية السلام واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية ويرجح هذا السيناريو عدة نقاط منها:

إدراك القيادة الإماراتية أن وقوفها المعلن إلى جانب إسرائيل في عدائها لإيران سيكون له انعكاسات سلبية على أبوظبي فهذا سيضع الإمارات تحت طائلة النيران الإيرانية.

بالرغم من بعض الإنجازات المتحققة من تطوير علاقتها مع إسرائيل إلا أنه واقعياً فإن حجم الاستفادة الإماراتية من هذه العلاقة محدودة مقارنة بالاستفادة الإسرائيلية.

فلم تحصل أبوظبي على طائرات F35 الأمريكية التي كانت سبباً من أسباب التطبيع وكذلك مازال هناك تردد إسرائيلي بخصوص منح أبوظبي منظومة الدفاع الجوية.

حرص الإمارات على تهدئة الأجواء الإقليمية حرصاً على اقتصادها القائم على الاستقرار الأمني بشكل كبير.

الخاتمة

مع مرور عامين على اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية بين البلدين، يمكن القول إن اتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقيات أبراهام تعتبر أخطر اتفاقيات التطبيع على الاطلاق لأنها تهدف وبصورة مباشرة دمج إسرائيل في المجتمعات العربية والإسلامية وتجاهل القضية الفلسطينية في مقابل بعض المصالح الضيقة للأنظمة الحاكمة في المنطقة.

وبالرغم من قفز التجارة بين إسرائيل والإمارات بنسبة 511٪ في عام 2021، إلا أن التطبيع  يشهد تراجعاً في مدى القبول الشعبي لها، في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين.

من المتوقع أن تستمر الدولتان في تطوير علاقتهما وزيادة التعاون بينهما وتجاوز بعض العقبات بالاضافة إلى التنسيق الأمني والاستخباراتي في ملفات عدة، ولكنها في المقابل – وفقاً لتقدير الموقف وهو المرجح-  ستظل هناك ملفات عالقة بين الدولتين على رأسها التعاون في تحالف معلن لمواجهة إيران، وكذلك بعض صفقات الأسلحة.

ولكن في النهاية ستعمل الامارات على استمرار مسلسل التطبيع  وإبراز الجوانب الناجحة منه في ظل تهميش القضية الفلسطينية لصالح الانتشار الإسرائيلي في المنطقة.