تسود حالة غضب وغليان في العاصمة الإماراتية أبوظبي مع تقهقر ميليشياتها في السودان ممثلة بالهزائم المتتالية لقوات الدعم السريع أحدثها خسارة النفوذ في الخرطوم.
وبعد عامين من الحرب الأهلية الممولة عسكريا وماليا وإعلاميا من الإمارات، استعادت القوات السودانية القصر الرئاسي في الخرطوم، بعد طرد خصمها من قوات الدعم السريع.
وأكد وزير الإعلام السوداني والناطق باسم الجيش أن القصر، وهو رمز للسلطة في السودان منذ قرنين، عاد إلى سيطرة الحكومة. وكتب الوزير خالد علي العيسر على وسائل التواصل الاجتماعي: “اليوم عاد العلم، وعاد القصر، وستستمر المسيرة حتى يتحقق النصر الكامل.”
واستعادة القصر كانت انتصارًا رمزيًا كبيرًا للجيش السوداني، الذي خسر معظم أجزاء الخرطوم لصالح قوات الدعم السريع في الأيام الأولى للحرب في أبريل 2023، مما أجبر قواته على التمركز في قواعد متفرقة داخل المدينة.
كما عززت هذه الخطوة حملة الجيش لطرد الميليشيات بالكامل من الخرطوم، بعد ستة أشهر من الهجوم المضاد الواسع النطاق الذي قلب موازين الحرب لصالح الجيش في النصف الشرقي من السودان.
وبعد أن أحكم الجيش السوداني قبضته على القصر الجمهوري، عمّت حالة من الغليان داخل القصر الحاكم في أبوظبي، بحسب مصادر إماراتية مطلعة.
وذكرت المصادر أن اجتماعا طارئا عقد في الساعات الأخيرة بين الرئيس الإماراتي محمد بن زايد ومستشاره الخاص محمد دحلان – مهندس ملف السودان وصلة الوصل مع الدعم السريع – لكن اللقاء لم يكن عاديًا.
إذ بحسب المصادر خرج دحلان من الاجتماع أسود الوجه، غاضبًا، بعد أن تعرض لتوبيخ حاد من بن زايد شخصيًا ووُصف أداءه في السودان بـ”الفشل الذريع”، لا سيما مع انكشاف عمق التورط الإماراتي وفقدان السيطرة الإعلامية.
في المقابل أصدر محمد بن زايد تعليمات فورية لإعادة التعاقد مع شركة اللوبي الكندية Dickens & Madson، التي سبق أن استخدمتها الإمارات عام 2019 لتلميع صورة ميليشيات الدعم السريع والدفاع عنها في مواجهة هزائمها المتتالية وفضح ما ترتكبه من جرائم حرب.
وتتضمن تعليمات محمد بن زايد تشويه رواية الجيش السوداني في الإعلام الغربي وتصوير ما يحدث على أنه “نزاع داخلي معقّد” بلا طرف خارجي.
إلى جانب العمل على تحسين صورة الإمارات دبلوماسيًا عبر حملات علاقات عامة تُبرزها كوسيط “إنساني” في السودان، وتركز على دورها في إرسال مساعدات.
يضاف إلى ذلك ترتيب مقابلات ومقالات دعائية في الصحف الغربية الكبرى لنفي أي دور إماراتي في دعم ميليشيا الدعم السريع، والاستدلال بأن السودان منقسمة أصلا من وقت طويل وأن الخلاف هو خلاف أهلي داخلي لا صلة للإمارات ببدئه ولا دعمه.
كما بدأ النظام الإماراتي حملات ضغط مسبقة لحماية مصالح بن زايد من العقوبات الدولية عبر الضغط في كواليس الكونغرس ودوائر صنع القرار في الاتحاد الأوروبي والإعلام الغربي.